«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو والصور.. 93 عامًا على ثورة 1919 والشعب المصري ما زال يحلم بالكرامة
كان الصانع يكد لأجل المالك الأجنبي والفلاح يزرع ليأكل البريطانيون
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 03 - 2012

في مثل هذا اليوم التاسع من مارس عام 1919 اندلعت ثورة شارك فيها الشعب المصري بكل أطيافه ومختلف اتجاهاته، مسلميه ومسيحييه شبابه وشيوخه ونسائه، ثورة تشابهت إلى حد كبير مع ثورة يناير المجيدة، لكن الأولى انطلقت لتعبر عن رفض الإصرار البريطاني على استمرار الحماية على الدولة المصرية، تلك الحماية التي أعلنتها بريطانيا عام 1914 مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، بينما نادت ثورة 2011 بأبسط الحقوق التي من الممكن أن يطالب بها شعب "عيش – حرية - عدالة اجتماعية".

* المشهد الأول من الثورة

كان عدد سكان مصر في عام 1919 اثني عشر مليون نسمة، يشمل هذا التعداد المصريين والأجانب المقيمين من شتى الأجناس ومن اليونان واليهود، وكان المصري يعمل لدى الأجنبي بنظام السخرة، يكاد لا يملك شيئا، إذا وقعت مخاصمة بينه وبين الأجنبي فالحق دائمًا مع الأجنبي، والذل والسجن للمصري، العمال يعملون لأجل المالك الأجنبي، والفلاح يزرع ليأكل البريطانيون، حاول المصريون البحث عن كرامتهم واستقلالهم مرارًا ولكن كان الجزاء هو الإعدام لكل من يشارك في الحراك المطالب بجلاء القوات البريطانية والكف عن إذلال المصريين، إلى أن ظهر الزعيم سعد زغلول والذي علا نجمه كرجل وطني ناهض الإنجليز وطالب بطردهم، ولم يخش سطوتهم وسطوة المندوب السامي، ولم تستطع قوات الاحتلال البريطاني آنذاك بتصفيته نظرًا لتأييد المصريين له والطلاب والأزهر والكنيسة، والتفاف الجميع حوله.

وكان من أسباب قيام ثورة 1919 رفض المعتمد البريطاني سفر سعد زغلول إلى لندن عام 1918 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ثم كان أن أُلقي القبض على سعد زغلول وزملائه حمد الباسل وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي وإسماعيل صدقي، في اليوم الذي يسبق قيام الثورة بيوم، أي يوم 8 مارس، ثم نفاهم إلى جزيرة مالطا.

* اليوم الثاني: الثورة تعمّ أرجاء مصر

وفي اليوم التالي للقبض على سعد زغلول وأعضاء الوفد، أشعل طلبة الجامعة في القاهرة شرارة المظاهرات، وفي غضون يومين امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر الشريف، ثم بعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت في جميع الأنحاء من قرى ومدن مصر، ففي القاهرة قام عمال الترام بإضراب مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وتخفيف لائحة الجزاءات والحصول على مكافأة نهاية الخدمة وغيرها من المطالب، وفشلت محاولات السلطات الاستعانة بعمال سابقين لتشغيل الخدمة، وتم شلّ حركة الترام شللا كاملا.


وانطلقت المسيرات من الكنائس المصرية ومن الأزهر الشريف والتقت في الميادين لتطالب باستقلال مصر، وساد الشعار الشهير "يحيا الهلال مع الصليب"، والذي كان صدمة للقوات البريطانية التي كانت تراهن على فرقة المصريين وإشاعة الفتنة بين طوائفهم، والتهب الموقف بعد سقوط بعض القساوسة الذين كانوا في مقدمة المسيرة بنيران الجنود الإنجليز فازداد الموقف اشتعالا ونادى أئمة المساجد الأهالي للخروج، فخرج الشباب الذين دافعوا عن المسيرات بدمائهم، وأسقطوا بعض الجنود قتلى، وخرج نساء مصر يساندن أبنائهن وأزواجهن، في ملحمة أثبتت عظمة المرأة المصرية في تاريخ مصر الحديث، ولم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان في الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقامت الجماهير بالاعتداء على بعض المحلات التجارية وممتلكات الأجانب وتدمير مركبات الترام.


* عمال مصر ينتفضون

ثم انتقلت الثورة إلى فئة العمال حيث تلا ذلك إضراب عمال السكك الحديدية، والذي جاء عقب قيام السلطات البريطانية بإلحاق بعض الجنود للتدريب بورش العنابر في بولاق ليحلوا محل العمال المصريين في حالة إضرابهم، مما عجّل بقرار العمال بالمشاركة في الأحداث، ولم يكتف هؤلاء بإعلان الإضراب، بل قاموا بإتلاف محولات حركة القطارات وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية -التي أخذها عنهم الفلاحون وأصبحت أهم أسلحة الثورة.

وكذلك أضرب عمال البريد والكهرباء والجمارك، تلا ذلك إضراب عمال المطابع وعمال الفنارات والورش الحكومية ومصلحة الجمارك بالأسكندرية، وكان ملحوظا الارتباط الوثيق بين مشاركة العمال في الحركة وبين المطالب النقابية في العديد من حالات الإضراب، وهو ما حدث على سبيل المثال في حالة إضراب عمال ترام الأسكندرية ومصلحة الجمارك والبريد، حيث سبق الإضراب رفع هؤلاء العمال مطالب بزيادة الأجور وتحسين شروط العمل.



* الرد البريطاني

وكان رد فعل القوات البريطانية عنيفا إلى الحد الذي يمكن فيه القول بأن ما قامت به هذه القوات وأعوانها من الشرطة ضد المصريين خلال الثورة كان من أفظع أعمال العنف الذي لاقاها المصريون في التاريخ الحديث، فمنذ الأيام الأولى كانت القوات البريطانية هي أول من أوقع الشهداء بين صفوف الطلبة أثناء المظاهرات السلمية في بداية الثورة، وعقب انتشار قطع خطوط السكك الحديدية، أصدرت السلطات بيانات تهدد بإعدام كل من يساهم في ذلك، وبحرق القرى المجاورة للخطوط التي يتم قطعها، وتم تشكيل العديد من المحاكم العسكرية لمحاكمة المشاركين في الثورة.

ولم تتردد قوات الأمن في حصد الأرواح بشكل لم يختلف أحيانًا عن المذابح، كما حدث في الفيوم عندما تم قتل أربعمائة من البدو في يوم واحد على أيدي القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية المغلوبة على أمرها آنذاك، ولم تتردد القوات البريطانية في تنفيذ تهديداتها ضد القرى، كما حدث في قرى العزيزية والبدرشين والشباك وغيرها، حيث أُحرقت هذه القرى ونُهبت ممتلكات الفلاحين، وتم قتل وجلد الفلاحين واغتصاب عدد من النساء.


* الإفراج عن "رأس الثورة"

وأمام مقاومة المصريين وإصرارهم على الثورة لم تجد بريطانيا حلا أمامها إلا الإفراج عن سعد زغلول، وفي إبريل 1919 أفرج عن زعماء الوفد المصري وسمح لهم بالسفر إلى باريس لعرض مطالب مصر أمام مؤتمر الصلح.

* المقاومة هي الحل

وذهب الوفد إلى فرنسا لحضور المؤتمر الذي اعترفت الأطراف المسيطرة عليه -وأهمها الولايات المتحدة ممثلة في الرئيس ويلسون- بالحماية البريطانية على مصر، مما كان بمثابة ضربة كبرى للإخلال بالتفاوض، إلا أن ذلك لم يثن الوفد عن الاستمرار في المفاوضات التي وصفت ب"العقيمة" لسنوات طويلة.

وعاد الوفد إلى مصر وقد خيبت الدول الأوروبية آماله فى رفع الحماية، إلا أن سعد زغلول نادى بضرورة مواصلة الثورة والكفاح حتى تنال مصر استقلالها، فقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض على سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه مرة أخرى إلى جزيرة سيشل بالمحيط الهندي، فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة ولكنها فشلت.

وأمام المقاطعة التى بدأها المصريون لكل المنتجات والشركات والبنوك الإنجليزية وتهديد مصالح بريطانيا الاقتصادية رضخت الدولة العظمى في ذلك الوقت لمطالب المصريين وأفرجت عن سعد زغلول ورفعت الحماية عن مصر عام 1922 واستقلت مصر وكانت ثورة 1919 بداية لكل الثورات والأفكار الثورية في معظم دول العالم الواقعة تحت الاستعمار.


* عين على الثورة

ثورة 19 علامة بارزة ليس فقط في تاريخ النضال الوطني المصري بل في تاريخ الثورات الشعبية عمومًا، أظهرت معدن الشعب المصري الطيب والحضاري والمتماسك، ورفضه للتشرذم والطائفية، ولم يكن تأثير تلك الثورة ممتدًا على مجمل الحياة السياسية والحزبية المصرية وحسب، بل امتد تأثيرها إلى خارج مصر وفاق تأثيرها ما خلفته الثورة العرابية.

فعلى الرغم من أن نفي سعد زغلول كان بمثابة الفتيل الذي أشعل نيران الثورة فإن الشعب المصري كان قد وصل إلى درجة من الغليان امتدت أسبابها إلى ما قبل ذلك الحدث بسنوات، فعقب اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، تم وضع مصر تحت الحماية البريطانية، وظلت كذلك طوال سنوات الحرب التي انتهت في نوفمبر عام 1918؛ أُرغم فقراء مصر خلالها على تقديم العديد من التضحيات المادية والبشرية، كما مثّل اضطراب وتفكك النظام الأوروبي نتيجة الحرب، إضافة إلى ما ارتبط بهذا من تفاقم القهر والاستغلال لشعوب المستعمرات، وقيام الثورة الروسية وما طرحته من إمكانية قلب الأنظمة السائدة، دوافع لتطور الحركات الوطنية في كثير من المستعمرات، ومن ثم فقد اندلعت ثورة 1919 في ظل موجة من الحركات الوطنية شملت الهند والصين وأيرلندا وبعض مناطق أمريكا اللاتينية.

* ثورة الجماهير

واتسمت ثورة 1919 بكونها ثورة شعبية عبرت –كثورة يناير- عن الجماهير العريضة في البلاد، وأيضًا عن موجة غضب اجتاحت الشعوب المستعمرة والمقهورة، الأمر الذي جعلها ترتبط بميلاد الحركات والتنظيمات المعبرة عنها، وكانت الأحزاب تجسيدًا لهذه التنظيمات، كذلك فقد انتهت ثورة 1919 بإلغاء الحماية البريطانية على مصر، وإصدار تصريح 28 فبراير 1922 الذي اعترفت فيه بريطانيا باستقلال مصر من الناحية القانونية الأقرب منها إلى الشكلية، وصدور دستور عام 1923.

* من هو سعد زغلول

ولد سعد زغلول عام 1860 في قرية أبيانه وكانت حينئذ تابعة لمديرية الغربية وهى الآن تابعة لمحافظة كفر الشيخ، وكان والده الشيخ إبراهيم زغلول رئيس مشيخة القرية أي عمدتها، وبدأ تعليمه في الكتاب حيث تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم.


اعتُبر زغلول واحدًا من زعماء مصر وقائد ثورة 1919، حظي بشعبية لم يحظ بها زعيم مصري من قبله، حتى لقب بزعيم الأمة، حتى أطلق المصريون على بيته "بيت الأمة" وعلى زوجته صفية "أم المصريين".

وفى عام 1870 عندما عين أخوه الشناوي أفندي رئيسا لمجلس دسوق، التحق سعد زغلول بالجامع الدسوقي لكى يتم تجويد القرآن، وفي عام 1873 وفد إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر حيث تأثر بالمفكر الإسلامي الكبير السيد جمال الدين الأفغاني فقد طبعه على حرية التفكير والبحث والتجريد والإصلاح، كما يرجع إليه الفضل في تجويد لغته العربية، ومن ثم اتجه سعد زغلول إلى الخطابة والكتابة، كذلك تتلمذ على يد المصلح الديني الكبير الشيخ محمد عبده، وقد نشأت بينهما علاقة تفوق علاقة الابن بوالده فشب بين يديه كاتبا خطيبا، أديبا سياسيا وطنيًا.

عمل سعد فى "الوقائع المصرية" حيث كان ينقد أحكام المجالس الملغاة ويلخصها ويعقب عليها، ورأت وزارة البارودي ضرورة نقله إلى وظيفة معاون بنظارة الداخلية، ومن هنا تفتحت أمامه أبواب الدفاع القانوني والدراسة القانونية، وأبواب الدفاع السياسي والأعمال السياسية، ولم يلبث على الاشتغال بها حتى ظهرت كفاءته ومن ثم تم نقله إلى وظيفة ناظر قلم الدعاوى بمديرية الجيزة.

وفي ظل الاستعمار الإنجليزي، شارك في الثورة العرابية وحرر مقالات، حض فيها على الثورة ودعا للتصدي لسلطة الخديوي توفيق التي كانت منحازة إلى الإنجليز ضد الوطن، وعليه فقد وظيفته.


ثم عمل بالمحاماة مع صديق يدعى حسين صقر، غير أن المحاماة لم تكن مهنة محترمة في ذلك الحين، فكان العمل بالمحاماة شبهة ومهانة، بل كان لا ينبغي لقاض أن يجالس محاميًا، ولكن سعد استطاع أن يرتفع بمهنة المحاماة حتى علا شأنها وأصبح فيها من هم أصحاب ذمة وشرف، ولا سيما انتخب قضاة من المحامين، وكان أول محام يدخل الهيئة القضائية، ويذكر أنه حجر الزاوية في إنشاء نقابة المحامين عندما كان ناظرًا للحقانية، وهو الذي أنشأ قانون المحاماة رقم 26 لسنة 1912.

تزوج من السيدة صفية ابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء وقتها، ولم يرزق بأي أبناء طوال حياته.


* "كفاحه"

عند قيام الثورة العرابية اشترك فيها سعد زغلول وتسبب ذلك في فصله من عمله واشتغاله بالمحاماة، وكان يؤمن بأهمية العلم والتعليم وشارك في الدعوة إلى إنشاء الجامعة المصرية، وعين وزيرًا للمعارف (التربية والتعليم حاليًا) وجعل اللغة العربية -بدلا من اللغة الإنجليزية- لغة التعليم، ثم صار بعد ذلك وزيرًا للحقانية (العدل حاليًا)، شكل الوفد المصري الذي تولى زعامة الحركة الوطنية للمطالبة بجلاء قوات الاحتلال البريطاني واستقلال مصر.

* فصل السودان عن مصر

بعد عودة زعيم الأمة من المنفى قام بتأسيس حزب الوفد المصري، ودخل الانتخابات البرلمانية عام 1923م ونجح فيها حزب الوفد باكتساح، وتولى سعد رئاسة الوزراء من عام 1923م واستمر حتى عام 1924م حيث تمت حادثة اغتيال السير "لي ستاك" قائد الجيش المصري وحاكم السودان، والتي اتخذتها سلطات الاحتلال البريطاني ذريعة للضغط على الحكومة المصرية، حيث وجه اللورد "اللنبي" إنذارًا لوزارة سعد زغلول يطالب فيه بأن تقدم الحكومة المصرية اعتذارًا عن هذه الجريمة، وتقديم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب، وتقديم تعويض مقداره نصف مليون جنيه إسترليني للحكومة البريطانية، وأن تسحب الحكومة القوات المصرية من السودان، وأن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة بالقطن في السودان لصالح بريطانيا العظمى.

كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر، وافق سعد زغلول على النقاط الثلاثة الأولى ورفض الرابعة، فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته، وقام الملك فؤاد بتكليف زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان، ولكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء، فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الأسكندرية في ظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م، وتم قبول استقالته في 24 نوفمبر سنة 1924، وبعدها اعتزل الحياة السياسية حتى وفاته عام 1927م بعد رحلة من الكفاح.

* وفاة "زعيم الأمة"

وتوالت أدوار سعد في الحياة السياسية المصرية، وتعمقت زعامته للشعب المصري رغم تعرضه لمحاولة اغتيال من منافسيه، وتوفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927 وكان يوم وفاته يوما مشهودًا، وبني له ضريح سمي "ضريح سعد"، كما أقامت له الحكومة تمثالين أحدهما في القاهرة والآخر في الأسكندرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.