قصة شاب هز عرش آشور .. الشاب الثائر يستكمل مسيرة طهارقة ويحرر الصعيد بجيش الفلاحين .. بسماتيك يخلط نسبه بنسب طهارقة وتانوت آمون ويعلن توحيد مصر من طيبة .. في الأزمنة المتأخرة من العصر المصري القديم وبالتحديد في زمان الأسرة الخامسة والعشرين كانت قوة آشور بلغت ذروتها في الشرق ووصلت جيوش آشور الى سواحل فلسطينوسوريا وبدأت تشكل تهديدا مباشرا لمصر .. في هذه الآونة يذكر التاريخ قصة فرعون مصر الأسود "طهارقة" الذي أسس جيشا مصريا موحدا عظيما ولبى نداء أورشاليم التي ثارت ضد حكم الأشوريين واستطاع هزيمة الأشوريين في ملحمة بطولية استعادت مصر على أثرها مكانتها وسيطرتها على عمقها الاستراتيجي في الشام .. هذه الفرعون الذي ذكر اسمه في التوراة صراحة باسم حامي أورشاليم من الأشوريين ظل خالدا في التراث النوبي إلى يومنا ولا يعلم عنه شبابنا شيئا إلا فيما ندر .. لم يهدأ غرور الآشوريين وأرسل الملك سنحاريب جيشا جرارا لغزو مصر التي باتت عائقا أمام توسعات امبراطوريته انهزم الجيش أول مرة وعاد خائبا ولكنه انتصر في المرة الثانية ودخل مصر وفر طهارقة جنوبا حتى مات .. عين الأشوريين نخاو حاكما على الدلتا باسمهم وفرضوا الجزية على صعيد مصر .. ولكن الشاب تانوت آمون الشهير باسمه الملكي " بكا ري " استكمل مسيرة خاله طهارقة .. وكون جيشا مصريا في صعيد مصر من المصريين والنوبيين والسودانيين وبدأ ينطلق في لحمة بطولية قوامها الفلاحين .. في ثورة شعبية عارمة ومسلحة ضد الأشورين وضد الحكام الذين يوالونهم ويسلمون لهم خيرات البلاد استطاع بجيش الفلاحين أن يدخل طيبة ويضمها إلى ملكه وأكمل زحفه حتى استطاع تحرير الصعيد كله من قبضة الأشورين وعملائهم .. وصل جيشه إلى منف وحررها .. كان قد اعتلى عرش آشور الملك "آشور بانيبال" .. وما أن علم أن ذلك الشاب هزم جيش الأشوريين وبدأ يصل لمشارف الدلتا حتى أرسل لقواعده العسكرية في سوريا للتحرك جنوبا ووصل الدعم الأشوري الذي اكتسح الديار المصرية محرقا كل ما يقابله من معالم للحياة .. ودخلت جيوش آشور قلب الصعيد حتى وصلت طيبة وطاردت تانوت آمون الذي استطاع جنوده تهريبه إلى النوبة حيث قضى أياما ثم مات .. لم يحدثنا أحد عن تانوت آمون لا في مدارسنا ولا في إعلامنا رغم حاجة كل شاب مصري لمعرفة هكذا بطولات .. صحيح أن تانوت أمون هزم ومات وحيدا في النوبة بعد قصة كفاح طويلة إلا ان ثورته أشعلت الأمل في نفوس المصريين حتى أن الدلتا التي كانت قد استسلمت تماما قبل تانوت آمون وانتهت فيها روح الثورة اشتعلت من جديد بعد هزيمته وخرج منها الأمير المقاوم بسماتيك الذي استكمل مسيرة طهارقة و تانوت آمون واستطاع توحيد مصر قاطبة وطرد الأشوريين بالكامل وإعادة الإمبراطورية المصرية لمجدها وعزتها ليصبح فرعون مصر مؤسس الأسرة 26 .. هذا الثلاثي" طهارقة – تانوت آمون – بسماتيك " كان ومازال رمزا لحقيقة الهوية المصرية النابعة من أقصى الجنوب في بلاد النوبة والممتدة لحفظ أمن مصر حتى حدود سوريا الشمالية .. هذه الثلاثي الذي أوضح في تاريخ مصر أن روح المقاومة ان زرعت جنوبا تحصد شمالا وإن انطفت شمالا تشتعل جنوبا في تناغم موسيقي تغيب عنه أي روح عصبية او جاهلية.. جيش لا تعلم فيه النوبي من السوداني من المصري كله يسمة الجيش المصري .. حين يروي التاريخ كيف أن النوبيين احتفلوا بقدوم بسماتيك المقاوم إلى طيبة وهو الذي حقق ما كان يطمح إليه تانوت آمون وهو الذي أرسل ابنته نيتوكريس لتصبح ابنة بالتبني لابنة طهارقة في إعلان عن التوحد ..سلم النوبيين له طيبة واعتبروه فرعونا لكافة أنحاء مصر الكبرى .. طهارقة كان الملك الشيب الكبير في السن الذي قاوم للحظة الأخيرة وتانوت آمون الشاب الثائر الرافض للظلم الذي مات من اجل ثورته .. وبسماتيك القائد العسكري الذي حصد ثمار الثورة وحقق ما طمح له المصريين عبر سنين ..