تشهد علاقات دول مجلس التعاون الخليجي فى الفترة الأخيرة اضطرابات شديدة في ظل خلافات منذ ما يقارب من عام بين الامارات والسعودية والبحرين مع قطر، بعد اتهامات موجهة للأخيرة بدعم الإرهاب والتدخل فى الشئون الداخلية لهذه الدول؛ ما ترتب عليه سحب سفرائهم والتهديد بقطع العلاقات مع قطر، الأمر الذي اقلقها للغاية خوفًا على مصالحها العديدة فى هذه الدول ، فتعهدت بعدة التزامات لتلطيف العلاقات، إلا أن الرياض والمنامة ودبي لم يلاحظوا بعد أي تغير في سياسياتها ما عاد الخلاف مرة أخرى إلى نقطة الصفر، وهو ما يؤدي بالتأكيد إلى زيادة ضعف قرار المجلس وتأثيره على الوضع القائم بالخليج ومنطقة الشرق الأوسط . اثيرت هذه الخلافات مرة أخرى فى الأيام القليلة الماضية بعدما تحدثت تقارير صحفية عديدة عن نقل القمة الخليجية المقرر عقدها بالدوحة فى ديسمبر المقبل إلى الرياض الأمر الذي يهدد بغياب قطر، بالاضافة إلى تأجيل اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذي كان مقرر أن تستضيفه العاصمة القطريةالدوحة تحضيراً للقمة الخليجية، وايضًا قرار البحرينوالإمارات بعدم المشاركة في كأس العالم لكورة اليد المقرر عقده بالدوحة في فبراير المقبل. الخلافات قد تؤدي لسقوط المجلس الفشل الذي أصاب عقد الدورة ال35 من " مجلس التعاون الخليجي" ، يبدو أنه قد يشكل مرحلة جديدة لإعادة صياغة هذه المنظومة الخليجية سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، خاصة بعد كثرة الحديث عن "اتحاد خليجي" فى الفترة الأخيرة ربما يستبعد قطر كنوع من العقاب، مع بقاء «مجلس التعاون الخليجي» "واجهة غير مفعلة لحين دفنه رسميا، وهو ما أقترحه العاهل السعودي الملك «عبدالله بن عبد العزيز» في نهاية 2013، ولكن واجه مجموعة من العراقيل والرؤى المختلفة على خلفيات عدة، عارضته سلطنة عُمان وتحفظت عليه الإمارات. كثير من المحللين يرون أن الوضع القائم بين دول الخليج العربي يزيد من ضعف دور "مجلس التعاون الخليجي" (الذي تأسس في 1981) ، فالمعركة المندلعة ميدانياً وإعلامياً بين دول المجلس جديدة هذه المرة. محاولات الكويت لرأب الصدع الخليجي على الرغم من مباحثات أمير الكويت مع قادة قطروالإماراتوالبحرين في زيارته الاخيرة لعواصم هذه البلدان لرأب الصدع الخليجي وعقد القمة في ميعادها، الا أن المشكلة باتت مستعصية على الحل، بالاضافة أن المؤشرات التي خرجت من السعودية، تثبت تمسك الرياض بمطالبها لجهة «التزام قطر السياسة العامة لمجلس التعاون» ، بدورها الدوحة قبلت ببعض الضغوط، وعملت على إبعاد عدد من قادة «الإخوان» إلى تركيا، إلا أنها رفضت ما تسميه «الوصاية السعودية» على دول الخليج، وكذلك «تغيير سياساتها إزاء عدد من الدول، لا سيما "مصر وليبيا" التي تنتهج فيها سياسات تدعم جماعة الاخوان المسلمين وهو ما يرفضه المعسكر المقابل السعودية والاماراتوالبحرين المؤيد بقوة للنظام المصري. الخلاف الأكبرخارجيًا في مصر وليبيا بعيدًا عن القمة وخلافتها يتصرف الجانب السعودي ودولة الإمارات العربية المتحدة على أساس أنهما في معركة مفتوحة سياسيًا وهي الأكبر مع قطر، خاصة في مواجهات "مصروليبيا" بالاضافة إلي خلافات تتسع حول سوريا وفلسطين وتونس واليمن، وتتحدث السعودية أن قطر تريد لعب أدوار أكبر من حجمها ، وأنها تنفذ سياسات تستهدف وحدة مجلس التعاون". ثلاثة اختيارات لحل أزمة القمة المقبلة ظلت أحتمالات إلغاء القمة الخليجية الشهر المقبل في الدوحة تتصاعد بعدما وصلت وساطة أمير الكويت إلى طريق مسدود، الا أن هناك حلول شكلية للخروج من هذه الأزمة بثلاثة خيارات كما رأها مراقبون: الأول إقناع قطر بنقل القمة لدولة محايدة مثل الكويت أو دولة المقر (السعودية)، الثاني إلغاء قمة العام الحالي، وهو ما يعني تعليق الخلافات واستمرارها لا حلها، كما سيسجل كسابقة خطيرة في تاريخ «مجلس التعاون الخليجي» منذ إنشائه قبل أكثر من ثلاثين عامًا،الثالث قبول خصوم قطر بعقدها في الدوحة مع تخفيض مستوي حضورهم بحضور وزراء الخارجية أو ممثلين اقل شأنا، بهدف الحفاظ علي الشكل العام الديكوري وعدم إظهار فشل القمة، وهو ما يعني أيضا أن تكون قمة شكلية بلا قرارات فعلية أو مواقف حقيقية. مستقبل غامض للمجلس فى المستقبل القريب لو ألغيت القمة أو تأجلت أو عقدت علي مستوي منخفض ستخرج الخلافات للعلن بين دول المجلس مرة أخري، ويزيد الضغط علي قطرلتقديم تنازلات جديدة، ولكن الأمر المؤكد أن «مجلس التعاون الخليجي» يتجه لحتفه ويزداد ضعفا في ظل الأزمات والإخطار التي تحيط به من كل جانب داخليا (توترات وعنف وطائفية )، وخارجيا (تهديدات داعش والعودة العسكرية الأمريكية للعراق). يقول فى هذا السياق السفير محمد المنيسي سفير مصر السابق بقطر أن قرار مجلس التعاون الخليجي بات ليس مؤثرًا بالمرة خاصة فى قضايا منطقة الشرق الأوسط وذلك على خلفية الخلافات الخليجية مؤكدًا أنه واضح ان هناك اتفاق في وجهات النظر بين السعودية و الامارات و البحرين أن الدوحة ما زالت تدعم الجماعات المتطرفة بالمنطقة، متوقعا انه سيتم عقد القمة في السعودية بدلا من قطر. واضاف المنيسي فى تصريحات خاصة ل"البديل"أنه خلال الايام القليلة القادمة سيصدر قرار بشأن هذه القمة لتحديد المكان ، لأن الترتيبات تستدعي العديد من الألتزامات على الدولة المستضيفة، مؤكدا ان الكويت تسعى لضمان عدم الانشقاق الخطير في مجلس التعاون الخليجي خصوصا اذا انتقلت القمة من الدوحة الى الرياض سيترتب عليه تخلف قطر عن القمة. ويتطابق في الرأي السفير مصطفي عبد العزيز مدير وحدة دراسات الخليج جامعة الكويت فى تصريحاته ل"البديل" أن أي انشقاق يحدث داخل مجموعة إقليمية من شأنه أن يؤثر على قوتها وهو ما تجلى فى عدم تأثير مجلس التعاون الخليجي في قضايا منطقة الشرق الأوسط، مضيفا أن اخبار نقل القمة من قطر إلى السعودية لم يتم تأكيدها حتي الآن، مؤكدًا أن الخلاف مازال شديد لعدم تنفيذ الدوحة بالالتزامات التي تعهدتت بها، مؤكدًا أن عند التزام الدوحة بعدم دعم الجماعات المتطرفة سيحدث انفراجة فى العلاقات بمجلس التعاون الخليجي.