سيف الجزيري يقترب من الرحيل عن الزمالك    في مواجهة الرسوم الأمريكية.. رئيس وزراء الهند يدعو إلى "الاكتفاء الذاتي"    ليفربول وسيتي يسابقان الزمن.. 10 صفقات على وشك الحسم في الدوري الإنجليزي    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    أزمة سد النهضة وحرب غزة تتصدران رسائل الرئيس السيسي الأسبوعية    دعم محلي وخارجي يدفع الجنيه المصري لأعلى مستوى في 12 شهراً    محافظ الدقهلية يتفقد عمل المخابز في المنصورة وشربين    الإسماعيلية تواصل تطوير البنية التحتية للطرق لخدمة المواطنين    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    مديرية الزراعة بسوهاج تتلقى طلبات المباني على الأرض الزراعية بدائرة المحافظة    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% خلال الربع الثاني من 2025    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2025-2026    بالإنفوجراف.. طريقة التقديم على الإسكان البديل عن الإيجارات القديمة    انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد المرابعين بكفر الشيخ    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات المفاجئة في باكستان والهند إلى أكثر من 200 قتيل    ترامب يؤيد دخول الصحفيين إلى قطاع غزة    المتحدث العسري باسم القوات المسلحة يكشف الجهود المصرية في إدخال المساعدات إلى غزة    مالي تعلن إحباط محاولة انقلاب وتوقيف متورطين بينهم مواطن فرنسي    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة وسط الأهالي    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    القبض على تيك توكر جديدة لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة    برفقتهم 11 طفلا.. «مافيا التسول» في قبضة الأمن    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    مصرع شخص وإصابة 20 آخرون بحادث تصادم بطريق مطروح الإسكندرية    بدعم ومساندة وزير الثقافة.. مهرجان القلعة 33 على شاشة الحياة    سلاف فواخرجي تشيد ببيان فناني مصر ضد التصريحات بشأن ما يسمى إسرائيل الكبرى    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    الصور الاولى من كواليس فيلم سفاح التجمع ل أحمد الفيشاوي    117 مليون مشاهدة وتوب 7 على "يوتيوب"..نجاح كبير ل "ملكة جمال الكون"    رانيا فريد شوقي تحتفل بعيد ميلاد الفنانة هدى سلطان    تضم 17 مؤشرًا، الصحة تطلق منظومة متطورة لقياس الأداء وتعزيز جودة الخدمات    نائب وزير الصحة يتفقد المنشآت الطبية بمحافظة المنيا ويحدد مهلة 45 يوما لمعالجة السلبيا    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    الكوكي: طوينا صفحة الطلائع.. ونحذر من الاسترخاء بعد الانتصارات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    شريف العريان: نسير بخطوات ثابتة نحو قمة العالم استعدادًا لأولمبياد 2028    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    8 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. إبراهيم علوش: تركيا و«داعش» ورقصة الغاز الطبيعي
نشر في البديل يوم 15 - 10 - 2014

ليس أبو عمر الشيشاني القائد العسكري العام ل«داعش» وللهجوم «الداعشي» على عين العرب، في الواقع، شيشانياً، إلاّ من جهة الأم، أما من جهة الأب، فإنه: 1 – جورجيّ، 2 – مسيحيّ أرثوذكسيّ، واسمه الحقيقي طرخان باتريشفيلي. كما أنه كان، بصفته الجورجية تحديداً، رقيباً في الجيش الجورجي في وحدة استخبارية، وشارك في الحرب الروسية-الجورجية في صيف عام 2008 كجاسوس مكلّف باستطلاع مواقع طوابير الدبابات الروسية وإرسال إحداثياتها لوحدات المدفعية الجورجية، بحسب مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 تناولت سيرة وشخصية السيد طرخان باتريشفيلي بعدما لمع نجمه في قيادة الهجوم على مطار منغ العسكري في حلب قبلها بأشهر.
الإسلام، طبعاً، يجب ما قبله، واعتناق أي دين خيار شخصي في النهاية، مع أنه ليس واضحاً متى وكيف تحوّل السيد طرخان باتريشفيلي للإسلام. كذلك يجب أن نحترم رغبة المرء في تغيير اسمه كما يشاء لو تساءلنا مثلاً لماذا لم يتبنّ باتريشفيلي لقب «أبو عمر الجورجي»، بما أنه ولد في جورجيا من أبٍ جورجي! أما المشاركة بصفة استخبارية في حرب ضد روسيا، فيما كان ديفيد خزرشفيلي، وزير الدفاع الجورجي آنذاك، يحمل الجنسية «الإسرائيلية»، وفيما كان الكيان الصهيوني يقف بقوة مع جورجيا ضد روسيا، فمسألة مختلفة تماماً لا بد من التوقف عندها، خاصة أن السيد طرخان باتريشفيلي ما برح يفاخر بدوره في تلك الحرب كما تنقل عنه بعض المواقع التكفيرية.
الأغرب هي اللحظة التي تحوّل فيها باتريشفيلي إلى تكفيري في السجن بعد الحكم عليه بثلاث سنوات في بلده جورجيا بتهمة شراء السلاح وتخزينه، ليطلق سراحه بصورة غير مفهومة بعد ستة عشر شهراً فقط في بداية عام 2012، وليتجه إلى مصر ردحاً من الزمن، حيث التقى شخصيات إسلاموية وخليجية وتركية مختلفة أقنعته بالتوجه إلى سورية بدلاً من القوقاز لقتال الروس كما كان يأمل، بعدما تم إقناعه بأنّ حزب البعث في سورية حليفٌ لروسيا و«كافر» مثلها وقتاله مثل قتالها، لتنتهي به الحال في سورية في مارس/آذار 2012 على رأس «لواء المهاجرين» المكوّن من عناصر أجنبية. هنا يصبح السؤال أيضاً: كيف أصبح الرقيب فجأةً قائد لواء، أو حتى قائد كتيبة؟! وكيف تأهل لمثل هذا الدور وهو قابعٌ في السجن؟!
العبرة هي أن السيد طرخان باتريشفيلي الجورجي، وغيره من عشرات آلاف العناصر الإرهابية التكفيرية الأجنبية، لم تهبط على سورية من السماء إنما تم استقطابها عبر شبكة إسلاموية-خليجية، كما تم تأطيرها وإمرارها إلى سورية والعراق في تركيا وعبرها على مدى سنوات، وها هم الآن على أبواب عين العرب وبلدات الأنبار والحسكة وريف حلب، وعلى أبواب بغداد وغيرها. وإذا كانت سيرة باتريشفيلي تكشف عمق الصلة بين الحرب على روسيا في جورجيا والحرب على سورية، فإن أحد أبعاد تلك الصلة هو تركيا العدو التقليدي لروسيا، والمستعمر التاريخي للعرب عامة وللهلال الخصيب خاصة، على مدى قرون.
إذا كانت استعادة روسيا لشبه جزيرة القرم تهدد النفوذ التركي في محيط البحر الأسود بشكلٍ مباشر من الشمال، فإن استعادة روسيا لأبخازيا المطلة على البحر الأسود من جورجيا عام 2008 طوّقت النفوذ التركي من الشرق. والمسألة لا تتصل بالأوزان النسبية للدول في الحقل الجغرافي-السياسي فحسب، بل بخط أنبوب الغاز «نابوكو» الذي كان يفترض أن يبدأ من بحر قزوين عبر جورجيا، وفي خط آخر من العراق، ليتصل الخطان في تركيا ثم للنمسا عبر خط غازي يقارب طوله أربعة آلاف كيلومتر، أغلبها في تركيا، في محاولة لتحرير أوروبا الغربية من الاعتماد على الغاز الروسي، وبالتالي محاولة تحجيم روسيا سياسياً واقتصادياً. فمحور المعركة يبقى: من سيسيطر على المناطق التي تقع فيها منابع ومسارات خط «نابوكو» الغازي الذي يمثل مشروعاً استراتيجياً يمس توازنات القوى الدولية؟ وأي الخطين الغازيين سيفرض نفسه، خط «نابوكو» برعاية تركية أم خط «المسار الجنوبي» الروسي المنافس الذي يفترض أن ينقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود وبعض بلدان أوروبا الشرقية إلى النمسا؟
الصراع الدولي والإقليمي على أشدّه، وتركيا وروسيا قطبا نقيضٍ فيه، وخط «المسار الجنوبي» الروسي الذي بدأ تشييده في نهاية عام 2012 كان مجبراً على المرور في المياه التركية في البحر الأسود إذ كانت أوكرانيا تعوق مروره عبر مياهها. أما بعد سيطرة روسيا على القرم، فإن ذلك لم يعد مشكلة، أي أن السيطرة على القرم لا تهمش تركيا غازياً فحسب، بل تفتح خطاً أقصر ل«المسار الجنوبي»، ما يفسر ضرورة إشعال معركة أوكرانيا بالنسبة إلى الغرب، ولماذا يعض بوتين على القرم بالنواجذ فيما يطالب بحكم ذاتي فقط للمناطق الروسية في أوكرانيا.
تركيا التي ترفض السماح للأكراد أن يرسلوا التعزيزات لإنقاذ عين العرب من الحملة «الداعشية» التي يقودها طرخان باتريشفيلي الجورجي لا تكتفي بذلك، بل تستمر بالمتاجرة وشراء النفط من «داعش»، فحزب العمال الكردستاني أو الاتحاد الديموقراطي الكردي التابع له قوة غير مضمونة أيديولوجياً بسبب توجهها اليساري، وغير مضمونة سياسياً بسبب اعتبارها أقرب مما يجب إلى الدولة السورية. والمطلوب هو إما أن يطالب الأكراد السوريون بالحكم التركي أو أن تفرش «داعش» بحراً من دمائهم فوق مناطقهم حتى يصبح «إنقاذهم» من قبل تركيا «مطلباً دولياً».
من الواضح أن «داعش» وأخواتها كانت حتى اللحظة أداة للسياسة الخارجية التركية، ومنه وعد السيد طرخان باتريشفيلي الجورجي بالعودة مع زملائه ل«الجهاد» ضد روسيا إذا بقوا أحياء، كما يظهر أحد فيديواتهم على موقع «يوتيوب». وإذا كانت الأحزاب الانفصالية الكردية المستفيد الأول من تفكك الدولة العراقية، فإن لتركيا حسبة مختلفة مع حزب العمال الكردستاني يفرضها تأمين خط «نابوكو».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.