\r\n ولكن ذكريات الكرملين غير الطيبة لاتزال حية في الذاكرة. هذا يعني أن امامك مسارا آخر جديدا ومكلفا وشائكا يتجه غربا عبر جورجيا ليصب في خزانات المستهلكين الغربيين.أذربيجان بلد يبلغ تعداد سكانه ثمانية ملايين وهو يقع على بحر قزوين وله تطلعاتها الغربية. \r\n \r\n في السابق كانت اميركا اقوى دولة في العالم وكانت روسيا في التعسينيات دولة ضعيفة هذا شجع اذربيجان على بناء خط لنقل مليون برميل من البترول يوميا بطول ألف ميل وبكلفة أربعة مليارات دولار. \r\n \r\n بداية هذا الخط هي باكو ويمر عبر تبليسي في جورجيا ليصل في النهاية إلى ميناء جيهان التركي على سواحل البحر الأبيض المتوسط. ويعرف هذا الخط باسم بي. تي. سي وهو خط الانابيب الوحيد الذي ينطلق من احدى الجمهوريات السوفياتية السابقة ولا يمر في روسيا أي لا تسيطر عليه موسكو. \r\n \r\n وتدعم اذربيجان كذلك خط الانابيب المعروف باسم باكو - تبليسي - ارزوروم وهو خاص بنقل الغاز ويسير في شرق تركيا وترغب الولاياتالمتحدة في ان يستمر في سيره إلى ان يصل النمسا، ويعرف هذا المشروع باسم نابوكو، ويأمل الغرب في ان ينقذ هذا الخط الدول الاوروبية من عبودية الطاقة هذا المشروع بدأ يترنح بعد الضربة الروسية لجورجيا وما اثارته من رودو افعال في المنطقة حيث بدأت مصالح الغرب في تلك المنطقة في التساقط.قبل أيام قام نائب الرئيس الاميركي بزيارة كارثية إلى اذربيجان وقد وجه رئيس اذربيجان علييف عدة ضربات تحت الحزام لتشيني. احدى تلك الضربات كانت الاتصال بالرئيس الروسي ميدفيديف بمجرد ان غادر تشيني قاعة الاجتماعات. \r\n \r\n بعدها لم يظهر تشيني في المأدبة التي اقيمت علي شرفه.من هذا كله نفهم ان اذربيجان بدأت تتراجع عن مشروع نابوكو مما يعني انها لن تزود هذا الخط بالغاز.السبب بسيط وهو ان علييف لا يريد ان يواجه مصير جورجيا. فاذربيجان مثلها مثل جورجيا ليست عضوا في الناتو وقد توقفت المحادثات التي كانت تجريها مع الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n علاقات اذربيجان مع الاتحاد الاوروبي ساكنة ولم ينفع الغرب سكوته عن تزوير الانتخابات في باكو والزج باعضاء المعارضة في السجون. كانت روسيا قد بدأت بفرك اذن علييف كتهديد خفي له من خلال تحريكها لاحدى الاقليات العرقية المعروفة باسم لزكين تقيم في المنطقة الحدودية بين روسيا واذربيجان. \r\n \r\n فهم علييف اشارات موسكو وادرك مغزاها جيدا مما دفعه ليكون «لطيفا للغاية» في تعامله مع غاز بروم الروسية العملاقة. وقد عرضت هذه الشركة الروسية شراء صادرات اذربيجان بالكامل من الغاز الطبيعي وبالاسعار العالمية. \r\n \r\n غير بعيد من هنا وعلى الجهة الاخرى من بحر قزوين وقعت قزاخستان وازبكستان على مشروع جديد للغاز يمر عبر روسيا. هذا المشروع وجه ضربة جديدة لطموح الغرب في توفير كمية كافية من الغاز من آسيا الوسطى لشحنه عبر خط نابوكو الذي يواجه منافسة شديدة من قبل مشروع تدعمه روسيا ويمر عبر البحر الأسود. \r\n \r\n الأمور تزداد سوءا بالنسبة للغرب حتى تركيا التي تشكل احدى اعمدة الأمن الغربي في المنطقة بدأت تتراجع فالكرملين يبدى الكثير من الود في التعامل مع تركيا في الوقت الذي لا تلقى انقرة من الغرب سوى البرود.رؤية تركيا لاقليم كردي شبه مستقل في شمال العراق تثير القشعريرة في أوصالها مما بعث البرودة في العلاقات التركية الغربية. \r\n \r\n إيران هي احدى الدول المستفيدة من هزيمة جورجيا فإذا أغلقت الطرق الغربية فإنه لن يعود أمام دول آسيا الوسطى سوى التعامل إما مع حكام طهران أو مع ضباط الاستخبارات في موسكو وكلا الأمرين شديد المرارة بالنسبة للغرب واذا اصبحت امدادات الطاقة المتجهة الى أوروبا تحت رحمة روسيا فإن الأمن البريطاني لن يكون في حال جيدة . \r\n \r\n الطريف في الأمر أنك تجد بعض الاطراف في الغرب تدعو للوقوف في وجه روسيا وهذا امر مثير للضحك لأن الكرملين هو اكبر زبون للغرب في مجال تصدير الطاقة وسترتجف أوروبا كثيرا دون الغاز الروسي.استهان الغرب كثيرا بروسيا ولكنه استفاق فجأة بعد أن بدأ ضباط ال «كي.جي.بي» في التحرك رافضين الاذلال الغربي لبلادهم ومظهرين قدرا كبيرا من التحدي ليرسل ذلك للغرب رسالة واضحة بأن موسكو تعني ما تقول. \r\n \r\n الدول الأوروبية ليست على قلب رجل واحد في موقفها من روسيا فدولتان مثل ألمانيا وايطاليا تضعان علاقاتهما وروابطهما الاقتصادية مع روسيا فوق مصالح حلفائهما في شرق أوروبا وآسيا الوسطى. أميركا الآن منشغلة بحربين في العراق وافغانستان لن تخوض حروب أوروبا بدلا عنها بل سيتوجب على أوروبا أن تعالج مشاكلها بنفسها. \r\n \r\n روسيا تدرك ذلك جيدا وهذا يعني المضي قدما في طريق التحدي الجديد الذي اختارته وسيكون الشتاء القادم شتاء طويلا بالنسبة للغرب.