أصاب الصراع في جورجيا المستثمرين في المنطقة التي تجذبهم اليها مواردها من الطاقة وخطوط أنابيب النفط والغاز الحيوية التي تنقل الامدادات الى الغرب بالقلق لكن قرار الرئيس الروسى ديميترى ميدفيديف بوقف العمليات العسكرية لقواته فى جورجيا فتح باب الأمل لعودة الأوضاع إلى سابق عهدها فهل يغير المستثمرون خططهم بشأن هذه المنطقة؟ فعلى وقع انفجار القنابل، خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني فيتش تصنيفها لجورجيا وسط توقعات سلبية الاسبوع الاول من اغسطس/ اب 2008 عندما شنت تبليسي هجوما لاستعادة السيطرة على اقليم اوسيتيا الجنوبية الانفصالي. واقترب القتال في جورجيا بشكل خطير من خطوط أنابيب النفط والغاز التي يغذي خطا أنابيب رئيسيان منها أوروبا بالنفط والغاز من بحر قزوين، فيما يعد ممر امدادات امنا نسبيا يمكن أوروبا من خفض اعتمادها على الطاقة الروسية. كما أغلقت شركة "بي.بي" الثلاثاء خط انابيب الغاز باكو- سوبسا الذي ينقل امدادات الى ميناء سوبسا الجورجي بسبب الصراع. وفي وقت سابق من الاسبوع الثاني من اغسطس/اب أغلق خط انابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان الذي يمر بالقرب من العاصمة الجورجية تبليسي متجها الى ميناء جيهان التركي وذلك بسبب انفجار في القطاع التركي غير مرتبط بالصراع بين روسيا وجورجيا أعلنت جماعة حزب العمال الكردستاني الانفصالية مسؤوليتها عنه. وهناك خط انابيب غاز اخر من باكو يمر عبر العاصمة الجورجية باتجاه ميناء سوخومي بمنطقة ابخازيا التي تسعى أيضا لانفصال عن جورجيا حيث أرسلت روسيا قوات الاثنين. ويزيد اغلاق خط انابيب باكو-تفليس-جيهان الضغوط على البنية التحتية للطاقة في جورجيا وتدفق النفط والغاز من بحر قزوين الى الاسواق الاوروبية. ويتفق محللون على أنه رغم أن تأثير النزاع على أسعار النفط والغاز كان محدودا، الا أن المستثمرين سيكونون أكثر قلقا بشأن الاستثمار في منطقة بحر قزوين اذ تنتابهم الشكوك في سمعتها كسبيل لخفض الاعتماد على روسيا. وقال جيفري وودراف من مؤسسة التصنيف الائتماني فيتش "مثل هذه الاوضاع تؤدي الى شعور عام بعدم الاستقرار ولذلك أعتقد أنه سيتعين على المستثمرين التفكير مليا في احتمالات استمرار المشكلات في المنطقة من الان فصاعدا. " وأضاف وودراف "قد يتساءل البعض عن حجم مخاطر النقل التي خفت او تقلصت عن طريق بناء بنية تحتية في مناطق مضطربة أخرى.. لكن من السابق لاوانه عمل هذا التقييم حتى الان." ويرى كليفورد جادي من معهد بروكينجزانه ينبغي أن يدفع الصراع الى التفكير مليا بشأن النظر الى أي منطقة كملاذ امن أو كحل سحري لامن الطاقة. لكن بعض المستثمرين يقولون ان الصراع لن يكون له تأثير على الاطلاق على الاستثمارات وان اشتباكات سابقة بين روسيا ومناطق انفصالية لم توقف الامدادات. وضرب أحدهم مثلا بالشيشان رغم أنها ليست ممرا رئيسيا لنقل الطاقة مثل جورجيا، وقال جورج نيانياس رئيس دينهولم هول كابيتال ماركتس التي تستثمر في شركات خاصة في روسيا "اذا نظرت الى الحرب الطويلة في الشيشان التي خاضتها روسيا..فستجد انه لم يكن لها أي تأثير يذكر على تصورات النمو المحلي." واضاف "وهذه كانت حربا طويلة ومريرة. لا أعتقد حقا أن هذه الحرب سيكون لها اي تأثير... سينظر المستثمرون اليها وسيفكرون فيها جيدا.. واذا رأوا أنه لا تأثير للحرب على استثماراتهم .. فلن يسحبوها." ويذكر الصراع الجورجي الدول الاوروبية التي تحصل على الطاقة من بحر قزوين بأن روسيا ستهتم دائما بالسيطرة على خطوط الانابيب التي تمر عبر الدول المجاورة لها. وقد يثير أيضا قلق كونسورتيوم نابوكو الذي يعتزم بدعم من الاتحاد الاوروبي بناء خط أنابيب جديد لنقل الغاز من بحر قزوين والشرق الاوسط بحلول عام 2013. وقال محلل لدى منظمة دعم مقرها الولاياتالمتحدة ولها مكاتب في جورجيا وروسيا ان احدى النتائج المرجحة هي تقوية عزم تلك الحكومات والشركات الساعية لتجاوز روسيا على الحصول على موارد بحر قزوين. واردف انه من المرجح أن يكون للاعمال العسكرية الروسية تأثير عميق على العلاقات بين روسيا وكل الدول السوفيتية السابقة، وخاصة أوكرانيا التي تطمح مثل جورجيا الى الانضمام لعضوية حلف شمال الاطلسي. وعلى الرغم من ذلك يتفق المحللون على أن المعارك فى جورجيا ستدفع المستثمرين -على المدى البعيد- إلى الإحجام عن الاستثمار فى حقول النفط والغاز فى بحر قزوين والتى كانت إلى وقت قريب تعتبر بدائل للنفط والغاز القادمين من الشرق الأوسط وروسيا . غير أنه لن يكون الاقتصاد الجورجى هو الخاسر الوحيد فى هذا الصراع، فروسيا أيضا تخاطر بتشويه صورتها أمام المستثمرين الأجانب، علما بأن هناك العديد من الانتقادات الموجة لموسكو بسبب قوانين الإستثمار التى تطبقها، خاصة فى مجال النفط. بالإضافة إلى مخاطرة موسكو بمستقبل علاقاتها الاقتصادية مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى، التى ستتأثر دون أدنى شك فى حالة استمرار النزاع على الرغم من امتلاك روسيا لمخزون هائل من الطاقة يحتاجه الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة. فهل ستعيد الحرب بين روسيا وجورجيا صياغة الخريطة الاقتصادية للدولتين؟ (رويترز)