ألمح الرئيس الأمريكي جورج بوش الإثنين أن روسيا تسعى على ما يبدو إلى الإطاحة بالحكومة الجورجية، وذلك في تحذير شديد اللهجة لموسكو، معتبرا أن ما تقوم به "يهدد علاقاتها مع أوروبا والولاياتالمتحدة." وقال بوش إن روسيا اجتاحت بلدا مستقلا مجاورا وتهدد حكومة منتخبة ديمقراطيا من قبل شعبها، إن مثل هذا العمل غير مقبول في القرن ال21، ملمحا أن موسكو تسعى على ما يبدو إلى الإطاحة بالحكومة الجورجية. وأضاف بوش في تصريح أدلى به في حديقة الورود بالبيت الأبيض فور عودته من الصين "يبدو أن أعمالا تجري للإطاحة بالحكومة الجورجية المنتخبة شرعيا. وأوضح أن "هذه الأعمال تهدد العلاقات مع الولاياتالمتحدة وأوروبا" الأمر الذي اعتبر تحذيرا شديد اللهجة تجاه موسكو منذ بدء النزاع بين جورجيا وروسيا. وأكد أن "هذه الأعمال تتعارض مع الضمانات التي حصلنا عليها من قبل موسكو بأن أهدافها محددة بالعودة إلى الوضع الذي كان سائدا" في جمهورية أوسيتيا الجنوبية في السادس من آب/أغسطس أي قبل بدء المواجهات. وأضاف "يجب أن تغير الحكومة الروسية سياستها التي يبدو أنها تتبعها وأن تقبل عرض السلام من قبل جورجيا كخطوة أولى نحو حل هذه النزاع." وأشار أن "الأعمال التي قامت بها روسيا هذا الأسبوع تكشف عن مسائل خطيرة حول نواياها تجاه جورجيا والمنطقة" موضحا أن هذه الأعمال "تضر كثيرا بصورة روسيا في العالم ". وقال الرئيس الاميركي أيضا "آن الأوان كي تحترم روسيا تعهداتها وأن تعمل لإنهاء الأزمة." وحتى الآن لم يشأ البنتاجون أن يؤكد احتلال الجيش الروسي لمناطق جورجية أخرى غير أوسيتيا الجنوبية. وقال المتحدث باسم البنتاجون بريان ويتمان بعد أن أدلى بوش بتصريحه إن "التقييم ما زال جاريا." وقد انسحبت القوات الروسية من مدينة سيناكي الجورجية الإثنين بعدما "أزالت" تهديدا بقصف أوسيتيا الجنوبية، حسبما ذكر بيان لوزارة الدفاع الروسية. كانت القوات الروسية قد تقدمت إلى سيناكي الواقعة على مسافة 40 كيلومترا من أبخازيا وهي منطقة انفصالية أخرى في جورجيا فيما بدا أنه فتح لجبهة ثانية ضد القوات الجورجية لكن مسئولين روس قالوا إنه ليست لديهم نية لاحتلال أرض خارج أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. فى الوقت نفسه رفض نائب رئيس الوزراء الروسي سيرجي إيفانونف وقفا لإطلاق النار مع جورجيا، وقال "على تبيليسي أن تتفاوض على إنهاء القتال مباشرة فى المناطق الانفصالية". وأوضح إيفانوف أنه فى البداية نحتاج إلى اتفاق مكتوب بين جورجيا من جانب وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا من جانب آخر بأنهم لن يستخدموا السلاح فى المستقبل مطلقاً. وأعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الإثنين أن العملية العسكرية في أوسيتيا الجنوبية أوشكت على الانتهاء. من جهته نفي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن تكون بلاده قد اشترطت الإطاحة بالرئيس الجورجي قبل بدء أي محادثات بشأن أوسيتيا الجنوبية. فيما قالت مصادر عسكرية "إن موسكو فقدت طائرتين عسكريتين أخريين في المعارك، مما يرفع خسائرها إلى أربع طائرات"، لكن الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي أعلن أن ما بين 80 و90 طائرة عسكرية روسية أسقطت وأن مئات الجنود الروس قتلوا في النزاع المسلح بين موسكو وتبيليسي. ونفت موسكو تصريحات ساكاشفيلي ، وقالت "إن خسائرها تقتصر على 18 قتيلا و52 مصابا وأربع طائرات في المعارك". وقال الكرملين في وقت سابق "إن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف يقترح إرسال بعثة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أوسيتيا الجنوبية". على الجانب الآخر، قال الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي الإثنين "إنه يؤيد خطة اقترحت في محادثات مع مبعوث أوروبي تدعو للعودة إلى أوضاع ما قبل الصراع في أوسيتيا الجنوبية وتشكيل قوة مشتركة لحفظ السلام وقيام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمراقبة الوضع". وأضاف ساكاشفيلي للصحفيين بعد محادثات مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر "وقعنا خطة تقر بالعودة إلى الوضع الذي كان قائما" قبل الأحداث الأخيرة. واتهم ساكاشفيلي روسيا بأنها تريد أن تغير حكومته وأن تسيطر على ممرات الطاقة عبر القوقاز، حيث يقوم خط أنابيب رئيسي يمر عبر جورجيا بنقل النفط من أسيا إلى الغرب. واشنطن تتهم روسيا بالتخطيط من جهة أخرى اتهمت واشنطنروسيا بالتخطيط المسبق لغزو جورجيا، وقال مات بريزا نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للصحفيين بعد وصوله إلى تبيليسي الإثنين إن روسيا أعدت للغزو سلفا. وأضاف مات في المطار "سمعنا تصريحات تقول إن القوات الروسية التي دخلت أبخازيا قبل شهرين لإصلاح السكك الحديدية كانت هناك في مهمة إنسانية." وأضاف "الآن نعرف الحقيقة وهي أن هذه القوات كانت هناك لإعادة بناء السكك الحديدية للسماح بنقل الذخائر وغيرها من الإمدادات العسكرية لمساعدة غزو روسي." كان مكتب ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي قد أعلن أن تشيني اتصل بالرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي ليعرب له عن تضامن الولاياتالمتحدة في الصراع مع روسيا. وأبلغ تشيني ساكاشفيلي في اتصال هاتفي أن" العدوان الروسي يجب ألا يمر دون رد وأن استمراره ستكون له عواقب وخيمة على علاقاتها مع الولاياتالمتحدة بالإضافة إلى المجتمع الدولي". فى المقابل قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين "إن الغرب -وخاصة الولاياتالمتحدة- مخطيء في اعتباره المعتدي الحقيقي الضحية في صراع بلاده مع جورجيا بشأن منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية". وأكد بوتين قائلا "إن واشنطن تساعد في إعادة القوات الجورجية للوطن من العراق" ، وتابع أيضا "أن روسيا ستصل بمهمة حفظ السلام التي تقوم بها في أوسيتيا الجنوبية إلى نهاية منطقية". كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد أبلغ رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أثناء حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في بكين أن الهجوم الروسي في جورجيا غير مقبول كما عبر بوضوح عن وقوف الولاياتالمتحدة إلى جانب حليفها الجورجي. وفي لندن أدان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الهجمات العسكرية الروسية على جورجيا قائلا "إن القصف الأخير أدى إلى اتساع القتال إلى ما وراء أوسيتيا الجنوبية". وحث روسيا على قبول عرض بوقف إطلاق النار تقدمت به الحكومة الجورجية والذي وصفه بأنه "محل ترحيب كبير". من جهة أخرى حث وزارء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى روسيا على قبول وقف فوري لإطلاق النار دعت إليه جورجيا، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية. (وكالات)