من علي منبر الأممالمتحدة، أعرب الرئيس الأمريكي جورج بوش من جديد هذا الأسبوع عن تأييده لنشر الديمقراطية في العالم قائلاً "من بيروت إلي بغداد، يختار الناس الحرية". غير أنه في الوقت الذي كان يتحدث فيه، كانت الدبابات تجوب شوارع بانكوك بعد أن أسقط انقلاب عسكري زعيم تايلاند المنتخب، الذي كان لحظتها في نيويورك من أجل المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. لم يأت بوش علي ذكر الأحداث الدرامية يوم الثلاثاء الماضي، وغادر نيويورك اليوم التالي من دون الالتقاء مع رئيس الوزراء المخلوع، ولا حتي تقديم أي دعم عمومي لمن كان يعد ذات مرة حليفاً قوياً للولايات المتحدة. أما المتحدث باسم الرئيس، فقد قدم لاحقاً رداً معتدلاً، وفقط بعد أن سأله أحد الصحفيين، حيث أعرب عن "خيبة أمل" البيت الأبيض إزاء الانقلاب. الواقع أن ظرفية خطاب بوش حول الديمقراطية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطياً تعكس التعقيدات والتناقضات التي تقوم عليها "أجندة الحرية" التي يتبناها. ففي وقت يركز فيه بوش اهتمامه علي الشرق الأوسط، يبدو أن حالة الديمقراطية في أماكن أخري من العالم لا تتصدر قائمة أولوياته. ففي حالة تايلاند، يعد الوضع معقداً في ظل عدم الارتياح الأمريكي المتزايد تجاه رئيس الوزراء المخلوع "تاكسين شيناواترا". وفي هذا الإطار، يقول "توماس كاروذارز"، رئيس "مشروع الديمقراطية" بمؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي"، "ما يميز أجندة الحرية التي يدافع عنها الرئيس هو كونها انتقائية"، مضيفاً "إننا نولي اهتماماً كبيراً بالديمقراطية في أفغانستان والعراق، أما تايلاند فهي ببساطة ليست جزءا من القصة". والواقع أن تايلاند ليست المثال الوحيد، ذلك أن بوش يؤيد بقوة الجنرال برويز مشرف، الرئيس الباكستاني الذي وصل إلي السلطة إثر انقلاب عسكري؛ وقد التقي به في البيت الأبيض هذا الأسبوع. ومن المرتقب أن يستقبل بوش كذلك رئيس كازخستان نور سلطان نزارباييف نهاية الأسبوع المقبل بالرغم من مضايقة هذا الأخير لأحزاب المعارضة والصحف وحقوق الإنسان في هذه الجمهورية الغنية بالنفط الواقعة وسط آسيا. وعلي غرار ذلك، تبنت الإدارة زعماء أوتوقراطيين في أماكن أخري مثل أذرببجان وإثيوبيا؛ وخففت انتقاداتها لسياسات مناقضة للديمقراطية في روسيا والصين..