الوزير يعترف: الطاقة الإنتاجية أقل من متطلبات النظام الجديد اتحاد التموين: القرار صدر دون دراسة آليات التنفيذ طوابير ومشاجرات بسبب نقص السلع شهدت المجمعات الاستهلاكية ومحلات البقالة التموينية على مستوى الجمهورية تكدسًا شديدًا من المواطنين ومشاجرات دائمة للحصول على مقرراتهم التموينية التي تأخرت شهرًا تقريبًا من بداية شهر يوليو الماضي، والذي وافق شهر رمضان المبارك مع تطبيق منظومة جديدة لتوزيع السلع التموينية. يرى البعض أن المظومة الجديدة هي من نسج خيال الوزير، ووصفوا الحكومة المتمثلة في وزارة التموين بأنها وقفت على السلم، فلا هي طبقت نظامًا سليمًا يحقق حلم المواطن في الحصول على مستحقاته بكرامة كما وعدت، ولا هي أبقت على المنظومة القديمة بكل عيوبها، وحمَّلوا وزير التموين المسئولية، ووصفوا تصريحاته في الفضائيات بأنها تتحدث عن بلد آخر غير مصر. "البديل" رصدت ردود الأفعال الغاضبة؛ للوقوف على مواطن الخلل وأسباب الارتباك، كما وردت على ألسنة كل أطراف المنظومة من المواطنين والبقالين التموينيين. علامات من الحزن ظهرت على تجاعيد وجه الحاجة نادية، في العقد السادس من عمرها، بمنطقة بولاق الدكرور، وتساءلت: "يرضي مين الستات الكبيرة تقف في طابور طويل علشان تصرف التموين؟!"، واصفة الازدحام ونقص السلع التموينية "بالفوضى"، وأضافت: "التموين هو هو والوزير قال إن فيه حاجات جديدة وهي مش موجودة". بغضب شديد تقول أم محمد "بعد الوقوف لساعات طويلة في طابور ممتد لآخر الشارع بصفط اللبن، لم أحصل على مستحقاتي التموينية كاملة، ولكن حصلت على نصيبي من السكر فقط، وهو السلعة الوحيدة المتوفرة لدى معظم البقالين". وفي منطقة بولاق الدكرور الوضع أسوأ كما تقول أم دنيا، التي أشارت إلى أن السلع الموجودة رديئة جدًّا، وأسعارها أغلى من سعر السوق، مؤكدة أن الأرز الذي استلمته من التاجر من النوع القديم المليء بالسوس داخل الكيس، لذلك رفضت تسلمه وحصلت على زجاجتين من الزيت فقط؛ لأن الكميات محدودة جدًّا ولا تكفي الزحام الذي يحيط بالتاجر التمويني. بينما اعترض مجدي كامل، نقاش، بمنطقة ناهيا على تطبيق المنظومة تمامًا؛ حيث إن الأسعار لا تناسب جودة السلع المقدمة قائلاً "لم نعد نعرف كيف ندبر احتياجات البيت من الزيت والسكر والأرز بعد ما زادت أسعارها؟!". وعلى الجانب الآخر يرى شريف عبد الله، بقال تمويني، أن المنظومة الجديدة إيجابية لكنها لا تصلح للتطبيق في مصر لغياب الشفافية في توزيع السلع التموينية، حيث إن المسئول في شركات الجملة هو الذي يحدد الكميات المنصرفة للتاجر وفق أهوائه، وحسب توافر الأصناف لديه، وحسب علاقته به، لذلك تجد العديد من المسئولين في شركات الجملة يسلمون أصنافًا معينة راكدة لتاجر، بينما يسلمون أصنافًا جيدة لآخر، فالرقابة منعدمة داخل شركات الجملة. وقال محمود فهمي، بقال تمويني من المنصورة، إن الوزارة سلمت التجار بعض السلع بشكل إجباري مثل الأرز، مشيرًا إلى أن هناك بعض السلع المعرضة للتلف مثل المكرونة والأرز، لوجودها بالمخازن منذ شهور. وفي مركز ميت غمر بالدقهلية، قال حسني اللويزي، بقال تمويني، إن المتوفر لدينا 17% فقط من السلع التموينية المقرررة في المنظومة الجديدة، مضيفًا أن المواطنين تعدوا على التجار لفظيًّا بسبب نقص السلع، التي تؤكد تصريحات الوزير وصولها إلى البقالين. وأكد محمد شحاتة، عضو الشعبة العامة لبقالي التموين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن منافذ التموين تشهد مشاجرات يوميًّا بسبب وجود عجز في توريد المنتجات من وزارة التموين، موضحًا أن توريد الوزارة لم يتعدَّ ال 50 % في شهر يوليو الماضي. وأكد يحيي كساب، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالجيزة، أن نسبة عجز الوزارة في توريد البضائع الغذائية قد تعدت ال 60 % بالمحافظة. واعترف الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية بوجود أزمة كبيرة في مقررات السلع التموينية التي تصرف على بطاقات التموين، لافتًا إلى أن طاقات الإنتاج في عملية التحويل والتغيير لم تستطع أن تتماشى مع النظام الجديد. الوزير قال في تصريحات صحفية إن الأزمة شديدة في بعض المحافظات بعد أن وصلت نسبة تأخير وصول السلع التموينية للمنافذ إلى حوالي 80 في المائة. وأشار حنفي إلى أن عددًا من بقالي التموين يهددون بالامتناع عن العمل، ويسعون لإفشال المنظومة؛ لأنها لا تسمح لهم بالتلاعب في أموال الدعم، مؤكدًا أنه مستعد للتصدي لهؤلاء البقالين واتخاذ إجراءات رادعة ضدهم، إلا أنه لم يحدد موعدًا لاتخاذ تلك الإجراءات. وقال العربي أبو طالب، رئيس الاتحاد العام للتموين والتجارة الداخلية، في تصريح خاص ل "البديل"، إن فكرة منظومة التموين الجديدة باختيار المواطن من بين 20 سلعة بدلاً من 3 فقط هو شيء رائع، إلا أن القرار صدر دون دراسة وإعداد الآليات اللازمة لتنفيذه. وأوضح أبو طالب أن البقال التمويني الذي لديه مكان لعرض 3 سلع، قد لا يلائمه عرض 20 أو أكثر من السلع في الوقت الحالي. وأضاف أن المكان الذي يستخدمه البقال للسلع الجافة تختلف تجهيزاته عن المكان الذي يتعامل مع سلع غذائية حيوانية ومنتجات ألبان بمشتقاتها، سواء في العرض أو التخزين. وقال العربي إن الحقيقة التي لا بد من توضيحها أنه تم تحديد سعر كيلو اللحم المستورد بما يعادل 29 جنيهًا من قيمة الدعم النقدى المدرج على البطاقة للفرد الذي يصل إلى 15 جنيهًا، بجانب تسديد صاحب البطاقة جنيهًا نقدًا كهامش ربح للبقال التموينى؛ ولذا يصبح دعم الفردين على البطاقة مساويًا لكيلو اللحم المستورد، لافتًا إلى أن تصريح الوزير بأن الكيلو بجنيه قصد به ما يدفعه المواطن من هامش ربح للبقال، دون ربط ما ذكره بما له من دعم نقدي على البطاقة التموينية. ووصف عصام فاروق، الأمين العام للاتحاد العام للتموين بمصر، ورئيس اتحاد تموين البحيرة، المنظومة الجديدة بأنها في عقل وزير التموين فقط دون أن يلم بها البقالون التموينيون، أو قيادات الوزارة لشرحها للمواطنين، بجانب أنه لم يمهد الأرضية من خلال حوار مجتمعى مع المستهلكين، وشرح تفاصيلها بدلاً من فرضها عليهم وهم لها رافضون في كثير من سلعها. وأوضح فاروق، أن عدم اكتمال هذه السلع أدى إلى وجود متأخرات شهر يوليو مع أغسطس الجاري، مما ترتب عليه من مشاكل بين المواطنين والتجار، وكذا بين التجار وشركة الجملة، بجانب ما يعانيه مفتشو التموين من جراء القرار الصادر دون دراسة وإعداد ودون آليات مدروسة.