منذ دخلت الإذاعة المصرية فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى ككاتب للدراما الإذاعية وأنا شاهد على مراحل صعود وهبوط الأداء الاذاعى بشكل عام، والإنتاج الدرامى بشكل خاص، وبين جدران استوديوهات الدراما كنت أرى انعكاس أداء الإدارة الإذاعية الجيدة، كما كنت أعانى من الأعراض الجانبية للإدارة الفاشلة، وثمة شخصيات إذاعية لا يمكننى أن أغفل دورها أو أنسى مؤازرتها وعلى رأسهم يأتى الاذاعى القدير عبد اللطيف زيدان الذى رحل عن دنيانا جسدا لكن ماتزال سيرته وأعماله باقية وشاهدة على دوره ومكانته، وأيضا الإذاعية القديرة أمينة صبرى التى تعد فترة رئاستها لصوت العرب من أهم الفترات فى تاريخ هذه المحطة الكبيرة، ولو أننى أسهبت فى ذكر أسماء المخرجين الإذاعيين الذين أضافوا لى شخصيا فى طريقى الدرامى فلن يكفى المقام لكننى أخص بالذكر المخرجين العزيزين الراحلين عصام العراقى وجمال حماد. ومنذ ثلاث سنوات طلب منى أن أقوم بتدريس الدراما الإذاعية و كان لابد أن أعكف على إعداد منهج ملائم يعيننى على تعريف الطلبة بماهية الدراما الإذاعية وأدواتها وتقنياتها وأهم تجاربها، فوجدت تراثا زاخرا بالأعمال المهمة ولاحظت أن هذه الإبداعات الفنية كان يقف وراءها أشخاص واعين لطبيعة الإذاعة ومدركين لأهميتها تأثيرها فى وجدان الجماهير وفى تثقيفهم وتوعيتهم، وخلصت إلى أن الكوادر المخلصة العارفة بأهمية المكان الذى تديره هى التى يجب أن نعول عليها فى طريق تنميتنا لمجتمعنا ولكافة هيئاته ومؤسساته،وكنت أظن أن مثل هذه الكوادر قد ضرب الزمن عليها صفحة وغيبها بعدما شهدنا كيف يتم اختيار القيادات فى الآونة الأخيرة، وأصبح التراجع والترهل والاستسهال عناوين ثابتة فى كافة مؤسساتنا، وكم كنت احزن ويعتصرنى الألم على ذلك ، إيمانا منى بدور الإذاعة وأهميتها وأهمية الدراما الإذاعية فى تغيير الكثير من الأنماط السلوكية وفى ترسيخ العديد من القيم، لكن الله أراد أن يجدد الأمل بداخلى حين شرعنا فى الإعداد لمسلسل رمضان لهذا العام، أنا والمخرج الصديق أمجد أبو طالب، وهو مبدع من طراز خاص ومخرج إذاعي متميز ذو حس فنى غير متكرر، وكانت المفاجأة الكبيرة التى أثلجت صدرى، وصدورنا جميعا، هى وجود شخصية إذاعية محنكة وواعية بأهمية الدور الذى تلعبه الإذاعة المصرية، إنه الإذاعي المحترم ولاء عسكر . لقد أعاد ولاء عسكر الأمل إلى نفسى من جديد، حيث نشر على المكان مظلة من المحبة والإخلاص وسعى بكل ما أوتى من قوة لتذليل أية عقبات تحول دون التجويد والإبداع ،وأقسم أنه لم توفر لكل جهاز من أجهزة إعلامنا مثل هذا الرجل فإننا سنحرز تقدما وأى تقدم، إن كلمة السر فى نجاح أية مؤسسة يكمن فى تخير الكوادر المناسبة والمخلصة كما يكمن فى توافر الحب والتفانى فى العمل، وهذا ما نجح الإذاعي القدير ولاء عسكر فى تحقيقة عبر أثير راديو القاهرة الكبرى حيث وفر المناخ الملائم للعمل والإبداع، وكما درجنا على نقد المقصرين فعلينا أيضا أن نشد بقوة على أيدى المخلصين المتفانين ومنهم هذا الرجل الذى يعد نموذجا فريدا للإعلامى المصرى.. إنه ولاء عسكر.