تركت الثورة الفرنسية أثرًا عميقًا في كتاباته، سواء الأدبية منها أو الفلسفية، التي وضعها باشتراك مع زملائه. فريدرش هولدرلين، الشاعر الألماني الذي تمر اليوم ذكرى وفاته، ولد في 20 مارس 1770، بمدينة صغيرة اسمها (لاوفن) تقع على ضفاف نهر النيكار، تلقى تعليمًا دينيًا في مدارس دينية ولاثنية متعددة. في سنة 1788 التحق بمعهد مدينة توبنغن الديني لدراسة علم اللاهوت تحقيقًا لرغبة أمه المتدينة، كان يلجأ إلى عالم الآداب هروبًا من المحيط العام في المعهد الذي كانت تسوده وتحكمه قواعد وعادات صارمة ومتشددة. بدلاً من أن يعمل كواعظ ديني، أراد هولدرلين أن يكسب قوته كمدرس خاص، في سنة 1796 عمل في منزل المصرفي ياكوب جونتارد في مدينة فرانكفورت، حيث وقع في حب أم تلاميذه زوزيت جونتارد، التي جسدها في شخصية ديوتيما في روايته "هيبريون" في ما بعد. أثرت الأوضاع السياسية المضطربة في إنتاجه الأدبي بشكلٍ مثمر، فما بين عامي 1797 و1799 ظهر الجزء الأول من رواية هيبريون، واشتغل على مسرحيته موت إمبيدوقلس التي ظهرت على خشبة المسرح ما بين 1798 و1800. أصيب بانهيار عصبي بعد تلقيه خبر وفاة زوزيت، وتم تشخيص حالته المرضية من كونها مرض عقلي،عاش إلى حين وفاته في بيت نجار كان قد تكفل برعايته وخصص له مكان على نهر النيكار أطلق عليه صومعة هولدرين، وتوفي 7 مايو 1843 في توبينجن. في ذكرى وفاته ننشر قصيدته «منتصف العمر» بترجمة بهجت عباس: «بكمثرى صفراءَ وملأى من أوراد برّيّةٍ تتدلّى الضَفَّةُ على البحيرة، يا بُجَعاً لطافاً، وسكارى من قُبَلٍ غَطِّسْنَ الرأسَ منكنَّ في الماء المقدَّس القَراح. وا ألمي، أين سأجدُ الأزهارَ، عندما يكون شتاءٌ، وشعاعَ الشمس، وظلالَ الأرض؟ تنتصب الجدران خرساءَ وباردةً، في الريح يقعقع ديك الرياح.