أصبحت الجامعات المصرية مرتعا لكوادر جماعة الإخوان الإرهابية ومن يسير على دربها من جماعات تيار اليمين المتطرف، وكذلك بعض الذين يعانون من المراهقة السياسية والفكرية، والذين استطاعت الجماعة استغلال اندفاعهم وحماسهم فى خدمة أهدافها التى تسعى إليها والتى تتلخص فى إفشال السعى نحو بناء دولة مدنية عصرية حديثة. ولم يكن تركيز العنف فى جامعة القاهرة إلى الحد الذى بلغ استخدام القنابل وقتل الطلبة ورجال الأمن، إلا استمرارا للحرب الشرسة التى يشنها تيار اليمين المتطرف على بؤر التوعية والتثقيف والتى تكشف زيف بضاعتهم وسوء طويتهم، ولن ننسى ما صرح به غير واحد من دعاة السلفية الوهابية بأن جامعة القاهرة قد بنيت فى الأساس لمحاربة شرع الله وللترويج للعلمانية والفجور فى مصر؟! ومن العجيب أن يردد نفر من مريديهم هذا القول كالببغاوات دونما تمحيص أو إعطاء أنفسهم فرصة للتفكير فى منطقيته، وهذا ليس بمستغرب على هذه النماذج التى تربت على التوجية والتعبئة والتى قبلت أن تنحى عقولها جانبا وتنضم للقطيع الذى يوجه ويُقاد . ولما فشل هؤلاء فى التمكين لفصيلهم والاختراق الكامل للجامعة قرروا أن يقوضوا حركتها وذلك بإشاعة الفوضى ونصب الفخاخ لطلبتها وأساتذتها ،وكان التركيز الشديد على جامعة القاهرة لما تمثله من رمز للفكر والثقافة كونها الجامعة المصرية الأم لكافة الجامعات المصرية، بل والعربية أيضا، وذلك وفقا للشكل الحداثى للجامعة، فهذا التيار الذى يريد سجننا فى إطار من صنعه هو ويريد تسويقه لنا على أساس أنه الشكل الأمثل للحياة، ماكان ليُكشف ويتم تعريته لولا بؤر العلم والفكر التى تشكل الجامعات مكونا رئيسا فيها، والتى تحتل جامعة القاهرة موقع الصدارة من بينها، لكن علينا أيضا أن نواجه أنفسنا بأن القيادات المرتعشة التى لا ترقى لمستوى مسئولية هذه المرحلة توفر التربة الخصبة لهذا التيار كى يعيث كوادره فسادا فى الجامعة ،فعلى أى أساس لا يتم تطهير هيئات التدريس من الأعضاء المنتمين للجماعة الذين يثبت تورطهم فى العنف والحض عليه؟ وبأى مبرر منطقى يجمد النشاط الفنى والثقافى داخل الجامعة؟ وبأى منطق أيضا يتم الإصرار على عدم دخول الأمن لمواجهة هؤلاء الذين يهددون أمن وسلامة الطلبة والأساتذة؟! إن ما يحدث من طلبة الإخوان ومن يسير على هديهم، ليس تعبيرا عن رأى أو ممارسة لنشاط سياسى، لكنه إجرام ممنهج علينا مواجهته بكل قوة وحزم، وعلينا كذلك أن نفرق بين المطالبة الدائمة والحتمية بتحرير الجامعات من سطوة الأمن – والذى كان من أبرز ملامح سنوات حكم مبارك الكئيبة – وبين المناداة الآن بضرورة اضطلاع الأمن بدوره الذى يحدده الدستور والقانون، نحن نرفض سطوة الأمن على الأنشطة الجامعية، الفكرية والثقافية والسياسية، بقدر ما ندعوه للقيام بدوره فى تأمين الجامعات وحمايتها من المخربين الذين يسعون لإشعال النار فى مصر كلها، بعدما فشلوا فى اختطافها وطمس معالمها، إن تحرير الجامعات من الاحتلال الإخوانى الإرهابى هو الاختبار الأكبر للدولة المصرية، فالجامعة مصنع العقول الناقدة المفكرة المبتكرة والضمائر النابضة الحية، وهذا التيار يريدنا بلا عقل أو ضمير .