لم يكن ما نشرته صحف الأمس حول نتائج الانتخابات ومدى التخبط الذي ظهر جليا في مانشيتات الصحف إلا مؤشر على مدى التخبط الذي وصلنا إليه في ظل غياب معلومات موثقة حتى ولو كانت في حدث معلن وفضائحه بادية للعيان كالانتخابات ..فبعيد عن الانتخابات ومؤشرات تزويرها وهي بادية لكل ذي بصر مهما حاول المزورون تجميل ما فعلوا ..وبعيدا عن أن ما حدث في الانتخابات لم يكن جديدا على النظام في مصر فهو لم يثبت عليه يوما فعل النزاهة .. وبعيدا عن الشرعية المفقودة والتي لم تكن بحاجة لانتخابات بها هذا الكم من البلطجة والعنف والتزوير لإثبات غيابها فهي من الأساس ليست موجودة..وبعيدا عن البلطجة الأمنية الفجة وهي أيضا ليست بغريبة على داخلية السحل وانتهاك أعراض البنات والتعذيب بالوكالة وتلفيق التهم وقتل الأبرياء ..بعيد عن كل ذلك فإن تغطية الصحف للنتائج جاءت لتؤكد حاجتنا – إن لم نمتلك القدرة حاليا للتخلص من هذا النظام – ففي أقل التقديرات حاجتنا لمعلومات تمكننا من فضح هذا النظام وتعريته ..وحاجتنا لقانون لتداول المعلومات يمكن الصحافة من إتاحة المعلومات للجميع كخطوة أولى على طريق كشف انتهاكات النظام وفساده.. ويتيح لها التحول من صحافة صراخ إلى صحافة معلومات قادرة على التصدي للهجمات ضدها .. فما زالت الصحافة المصرية رغم ما ساهمت به بعضها من كشف لقضايا الفساد تغزل برجل حمار..فضلا عن أن غياب المعلومة يفتح الباب أمام أصحاب المصالح داخل الصحافة والمتواطئون مع النظام لإخفاء حقائق أكثر بدعوى غياب الأدلة أو الخوف من الحملة الحكومية ضد الصحف .. وهو ما يمكن فضحه في حالة ظهور صحيفة واحدة لا تحلم بغير الصحافة والحقيقة وهو ما نحاول فعله في البديل ولو أخفقنا حينا أو أعجزتنا الإمكانيات أحيانا .. ولعل قراءة بسيطة لعناوين الجرائد الصادرة صباح أمس ستكشف الكم هائل من التخبط وتضارب المعلومات رغم إعلان النتائج بشكل رسمي من قبل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات .. وتؤكد في نفس الوقت كلامي السابق .. فطبقا للأهرام فإن الوطني فاز ب 217 مقعدا بينما يدخل الإعادة ب 377 مرشحا..و يرى الأهرام المسائي الصادر عن نفس المؤسسة أن الوطني فاز ب 161 مقعدا ويخوض الإعادة على244 أخرى ب 292 مرشحا..بفارق 46 مقعد فوز للوطني في الأهرام ..وأيضا بزيادة 85 في دوائر الإعادة ..التخبط أمتد لباقي الجرائد فبينما قالت الأخبار أن الوطني فاز ب 209 مقعد وينافس على 275 مقعد في الإعادة..كشفت المساء أنه حصد 195 مقعدا فقط وينافس على 245 مقعد في الإعادة..أما دستور الدقي فتوقفت بمقاعد الوطني عند 160 مقعدا مشيرة أنه ضمن 189 مقعدا إضافيا في الإعادة ..بينما امتنعت باقي الجرائد عن الإدلاء بدلوها في المزاد الانتخابي ليعلن الوفد أنه يلجأ لرئيس الجمهورية تاني – في تجاهل تام لأن المسئول الأول عن كل ما يحدث هو الرئيس نفسه – أما روزاليوسف فلم تنشر النتائج واكتفت بمانشيت ” تأخر القضاة فتأخر إعلان النتائج ..وكشفت الشروق عن زلزال انتخابي في صفوف المعارضة .. وحسمت المصري نتائج الوطني لتشير أنه فاز ب 207 مقعد بينما يدخل الإعادة على ب 397 نائبا من 568 نائبا يدخلون الإعادة.. وهكذا فان القارئ تاه في غابة من الأرقام لا يعلم أحد أيها الصحيح..وزادها حالة التخبط التي سرت في الدوائر بعد إعلان أكثر من نتيجة في الدائرة الواحدة.. وهو بدلا من أن يكشف للناس تخبط هذا النظام فإنه ربما يدعم لدى البعض النظرة السلبية للصحف على طريقة “يا عم دا كلام جرايد” وهي الحجة التي تستخدمها الحكومة عندما تريد النيل من الصحافة أو فرض المزيد من القوانين لتكميم الأفواه بدعوى حماية المجتمع منها. حالة التخبط امتدت لتشمل نتائج المعارضة والإخوان والتي غاب ذكرها عن أغلب الصحف القومية رغم محدودية عدد المقاعد التي فازت بها أو تدخل الإعادة عليها ..فكشف الأهرام أن الوفد فاز بمقعدين بينما يدخل الإعادة على 9 مقاعد أما الأهرام المسائي فقالت أن الوفد سيدخل الإعادة على 10 مقاعد..ووافقتها المصري اليوم في العدد ..وأخرجت الأخبار نفسها من مزاد الوفد واكتفت بالإشارة إن المعارضة تخوض الإعادة على 17 مقعدا.. ووقفت المساء بالرقم عند 9 مقاعد ولم تشر الدستور إلا لفوز الوفد بمقعدين وخرجت من دائرة التخبط..وتكرر الأمر مع بقية الأحزاب فبينما أجمعت الصحف على عدد الفائزين منهم بواقع مقعد للتجمع ومقعد للغد والعدالة والإخوان لم ينجح أحد..تكرر التخبط والتضارب في عدد الداخلين منهم للإعادة فبينما أشارت الأهرام المسائي والمساء أن التجمع يدخل الإعادة على 3 مقاعد فإن الأهرام والمصري اليوم رفعتها ل 6 مقاعد.. وجاءت الأهالي التي تصادف صدورها اليوم لتحسم النتيجة لصالح المصري والأهرام مشيرة في مانشيت على 8 أعمدة باللون الأحمر لفوز التجمع بمقعد ودخول 6 مرشحين له قوائم الإعادة.. ومن الأحزاب للمستقلين زادت حدة التضارب فبينما رأت الأهرام أن 3 مستقلين فقط هم الذين فازوا من الجولة الأولى قالت المصري والأخبار أنهم 7 بينما تجاهلت الأهرام المسائي في صفحتها الأولى الرقم..وهو ما فعلته الدستور أيضا.. أما المساء فكشفت أن الذين نجحوا من المستقلين 6 فقط.. أما الداخلون للإعادة من المستقلين فهم حسب الأهرام 140 مستقلا بالإضافة على 27 للمحظورة – يقصد الاخوان المسلمين – وهم حسب الأخبار 166 بإضافة مقاعد “المحظورة” والتي تجاهلت الأخبار ذكرها من الأساس بفارق واحد في المجموع لصالح الأهرام ..أما المصري فأشار إلى أن هناك 172 مستقلا يدخلون الإعادة بفارق 6 مقاعد عن الأخبار و5 عن الأهرام..بينما لم يشر الأهرام المسائي لعدد المستقلين الذين يدخلون الإعادة من قريب أو بعيد آما المساء فقالت أن المستقلين يدخلون الإعادة على 139 مقعدا بينما حققوا الفوز في 6 مقاعد..واكتفت بقية الجرائد بسرد أرقام اللجنة العليا للانتخابات دون تحديد أرقام .. حد فاهم حاجة بقي أن كل هذا الكم من المعلومات المتضاربة جاء في حادثة واحدة معلنة للجميع وهو ما قد يدفع البعض لتحميل الصحافة مسئوليته – وهو صحيح في جانب منه – لكن الحقيقة الثابتة أيضا أن الحكومة كانت حريصة على تغييب المعلومة لاستخدامها وقت الحاجة إليها في ضم المستقلين أو التشكيك في ما تنشره الصحف خاصة وأن إجراء بسيط كان ممكن أن يحل هذه المشكلة وهو أن تقوم لجنة الانتخابات المفترض أن لديها قاعدة بأسماء المرشحين وانتماءاتهم الحزبية بإعلانها طبقا لهذه الانتماءات وساعتها ربما ما كنا سنجد كل هذا الكم من التخبط ..الثابت في تعامل صحف الأمس مع النتائج أن أحدا لم ينجح حتى الحكومة التي أرادات تغييب الحقيقة فانقلبت الدنيا على رأسها في المساء بإعلان الانسحابات من الانتخابات .. وموعدنا مع انتخابات أخرى نتمنى أن تكون أكثر نزاهة وأقل عنفا وتزويرا لكن هذا لن يحدث بالأماني ولكن له طرق أخرى مجالها في مقالات قادمة . مواضيع ذات صلة 1. نتائج الانتخابات: الوطني فاز ب 217 مقعد في الأهرام و 160 في المسائي و 209 في الأخبار و 195 في المساء و160 في الدستور و 207 في المصري اليوم وفي مجلس الشعب الحدق يفهم 2. خالد البلشي : لهذا كان لابد أن نعود 3. خالد البلشي : يوسف أيها الصديق 4. خالد البلشي: هل يموت الذي كان يحيا كأن الحياة أبد؟ 5. المعارضة تخرج من سباق الانتخابات في البحيرة خالية الوفاض .. والقضاء الإداري تنظر وقف الانتخابات غدا