فى 18 مارس 2011 وفى منطقة درعا بالذات بدأت احتجاجات أسمتها وسائل الأعلام الوهابية والغربية –فى نفس واحد– ثورة، فجأة تم قتل ال"ثوار"، بأسلحة مجهولة، وتبادل "النظام" و"المعارضة" الاتهامات، ورفعت يافطات القصاص على خلفية "الدماء المسالة". فشلت المحاولة البائسة لتحويل "رائد الكراد" إلى أيقونة، أول ضحية يتم الإعلان عن اسمها، فاستمرت دماء السوريين تسيل لتصبح سوريا أمثولة وعبرة لكل من يرفض توقيع اتفاقية سلام مذلة مع الكيان الصهيونى. فشل استنساخ النموذج المصرى هناك، فنظام الأسد أقوى من أن ينهار فى 18 يومًا، كما فشل استساخ النموذج الليبى، حيث سوريا دولة كبيرة بجيش مرهوب الجانب، وعلاقات دولية وإقليمية شديدة التشابك، فلم تتمكن القوات الأمبريالية وذراعها الناتو من التدخل العسكرى المباشر وقتل الأسد، فلم يبق إلا الاستنزاف . فى حال حذف اسم "سوريا "من السيناريو السابق، يمكن وضع اسم أوكرانيا، فنزويلا، أو أي دولة أخرى مارقة. التفتيت هو جوهر اللعبة، يوجد "معارضة" و"نظام"، ولكن لا توجد دولة، يتم اختصار الدول بأسماء ميادين: التحرير أو الاستقلال لا يهم، لا بد أن يتساقط الشهداء لخلق الأيقونة حيث يصبح لا مجال للتصالح، فدماء الشهداء "لا تصالح"، القناصة يعتلون أسطح البنايات الشاهقة التى تحيط الميدان/الدولة وهم الطرف الثالث المعروف والمسكوت عنه، هم قناصة أجهزة المخابرات الغربية، فى أوكرانيا وفى فنزويلا وجد الطب الشرعى أن نوعية الأسلحة القاتلة المستخدمة فى قتل المتظاهرين هى نفسها المستخدمة فى قتل "الثوار". هنا تظهر الولاياتالمتحدة للوقوف إلى جانب الديمقراطيين وعشاق الحرية، وهنا أيضا تكمن المفارقة: الديمقراطيون فى سوريا هم الجماعات التكفيرية المدعومين من الأنظمة الوهابية التى لم تعرف شيئا أسمه انتخابات من الأساس. الديمقراطيون فى "أوكرانيا" هم مجموعات من النازيين المدعومين من مجموعات من تتار الإرهابيين الذين قاموا بفقء عيون الشرطة والتمثيل بجثثهم بخبرتهم المدعومة من ميادين الصراع السورية. الديمقراطيون فى فنزويلا هم مجموعات من اليساريين التروتسكيين المثقفين من الشرائح العليا للطبقات الوسطى فما فوق. هى الديمقراطية الأمريكية الإمبريالية إذا، التى تبرع فى تجميع الأضداد ليس على طريقة الدياليكتيك، ولكن على طريقة "برنار هنرى ليفى" القاسم المشترك الأعظم فى صناعة الأيقونات الثورية المكذوبة.