يطمح العديد من المصريين في إعادة العلاقات المصرية الروسية التي يرون فيها أمجاد فترة الستينيات والاستقلال الناصري عن الولاياتالمتحدة، حتى أن الصحف الأمريكية أصبحت مهتمة حاليا بهذا التقارب، متخوفة من عودة العلاقات إلى طبيعتها بعد انقطاع دام أربعين عاما، ولذلك عقدت مجلة "دايلي بيست" الأمريكية اليوم، مقارنة بين الرئيس الروسي "فلادمير بوتين" ووزير الدفاع المصري "عبد الفتاح السيسي"، وقالت إن كليهما من أصول متواضعة، ويعملان لدى الأجهزة الأمنية "القمعية" لدولهم. وأضافت المجلة أن "السيسي" يشبه "بوتين" إلى حد كبير، من حيث البداية من القاع والارتفاع إلى صفوف السلطة الأمامية، كما أن القواسم المشتركة بينهما ستعطي الغرب بعض اللمحات حول حماسة "السيسي"، حال ترشحه للانتخابات الرئاسية، وكيفية إدارته لمصر بعد ثلاث سنوات من الربيع العربي، خاصة أن القاهرة بالفعل تظهر النية الجدية في التعامل وتوطيد علاقتها مع موسكو. وأوضحت أن تقارب مصر وروسيا يثير مخاوف الولاياتالمتحدة، حيث يسعى "بوتين" لإعادة بناء النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وبعد وصف الإطاحة ب "محمد مرسي" بالانقلاب، وتقليص المساعدات العسكرية، غضبت القاهرة، واتجهت إلى إعادة العلاقات مع دول الخليج وروسيا، وقد أشار رئيس الوزراء المصري "حازم الببلاوي" نوفمبر الماضي، إلى تحالف الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" مع السوفيت في فترة الستينيات. وأشارت المجلة إلى أن "السيسي" حصل على دفعة إيجابية اضافية خلال زيارته لموسكو، فقد أيد "بوتين" مساعي المشير ليصبح رئيسا لمصر، كما أن إعطائه السترة السوداء التي عليها النجمة الحمراء لها دلالة قوية على الدعم. كما بينت أن والد "السيسي" رجل متواضع وبسيط يمتلك متجرا صغيرا في القاهرة، في حين كان والد "بوتين" عاملا في مصنع لتصنيع عربات القطارات، وكليهما عاش في مجتمع منغلق وأنجذب إلى المؤسسات الأكثر نفوذا في بلادهما، وهما الجيش المصري و"الكي جي بي" جهاز الاستخبارات الروسي، حيث ارتفع كل منهما بحذر إلى سلم البيروقراطية ليحصل على منصب كبير في الأجهزة الأمنية. ولفتت إلى أن "السيسي" و"بوتين" لا يتمتعان براوبط أسرية قوية نتيجة عملهم للأجهزة الاستخباراتية والأمنية لبلادهم، حيث الولاء فقط للجيش المصري وجهاز المخابرات الروسي، فكليهما يطيع الأوامر بطريقة مطلقة وغير مشروطة. وقالت المجلة إن الترقيات التي حصل عليها كلاهما كانت أكثر من ممتازة، فرغم انهيار الاتحاد السوفيتي الذي وقف عقبة في طريق "بوتين" مما استلزم خروجه من الخدمة الفعلية للاتحاد، عائدا بنجاح منقطع النظير في "الكي جي بي"، وبذلك أصبح "بوتين" و"السيسي" نقطة تحول في التاريخ الحديث، بعد فقدان بلادهما للانتصارات والأمجاد لعدة سنوات، فوزير الدفاع المصري كان صغيرا جدا حتى يشارك في انتصار مصر في حرب 1973 ضد إسرائيل، ولكن كليهما الآن يستطيع كشف عمليات التجسس والتهديدات الداخلية على حكوماتهما. وأضافت أن كليهما صعد إلى السلطة بسلاسة وبطريقة جعلت الشعب يثق بهم، فقد دفع "بوريس يلتسن" أول رؤساء روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والدائرة المقربة منه ب" بوتين" اعتقادا بأنه موال لهم وسيخدم مصالحهم التجارية، كما تكرر نفس السيناريو مع "مرسي" عندما أصدر قراره بتعيين "عبد الفتاح السيسي" وزيرا للدفاع خلفا للمشير "محمد حسين طنطاوي" والذي كان على مقربة بالرئيس الأسبق "مبارك". لم يعلم كل من "يلتسين" و"مرسي" أن من ساعدوهما في الوصول إلى المناصب القوية، هم من أطاحوا بهما، ويرى المحللون أن "بوتين" و"السيسي" هما المنتقمان للدولة العميقة، حيث حماية الامتيازات والمصالح السياسية والتجارية للدولتين، موضحة أنه في نفس الوقت الذي كان يدرس فيه "السيسي" في كلية الجيش الأمريكي بولاية بنسلفانيا، كان "بوتن" يجري دراساته العليا في جامعة سان بطرسبرج. واختتمت "دايلي بيست" بقولها: إن "السيسي" و"بوتين" عسكريان يحملان انطباعا واحدة، وكليهما ينظر إلى العالم بنفس الطريقة، وقد شهد الغرب في الماضي كيف حكم "بوتين" روسيا خلال فترات رئاسية متتالية، وقد تكون نذيرا لما سيقوم به "السيسي" في مصر.