أعرب سياسيون عن أسفهم لاستمرار حالة الضعف التي تعيشها الأحزاب في مصر، بالإضافة إلى أنها غير متواجدة على أرض الواقع، والمشكلة الأكبر تكمن في اعتماد الأحزاب على النخبوية وليس على البرامج الحزبية، كما أن ضعفها أيضًا جاء نتيجة سيطرة الحزب الوطني خلال ثلاثين عامًا وعدم السماح بظهور أحزاب أخرى. قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، إن معظم الأحزاب المتواجدة على الساحة حاليًا ظهرت بعد ثورة 25 يناير، وأغلها لم يختبر بعد، وبعضها اختبر في الانتخابات البرلمانية السابقة، وأبلى بلاءً حسنًا، وأكثرها لم يختبر على الإطلاق، فمن ثم علينا أن نراقب أدئها خلال الانتخابات البرلمانية القادمة. وأعرب عن اعتقاده باختفاء عدد كبير من الأحزاب السياسية بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، لأن عدد الأحزاب كبير جدًا ولا تحتمل الساحة السياسية المصرية، ومعظم هذه الأحزاب يقوم على أسس شخصية وليس أسس موضوعية، بمعنى أنه لا يعبر عن برامج حقيقية ولا يعبر عن مطالب فئات اجتماعية واضحة موجودة في الواقع السياسي. وتابع «نافعة» أن معظم هذه الأحزاب نخبوية غير مرتبطة بالجماهير بشكل أو بآخر، وبالتالي علينا أن ننتظر أدائها في الانتخابات القادمة، وفي جميع الأحوال لن تبقى الخارطة السياسية على ما هي عليها الآن وستختفي الكثير من الأحزاب بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، أو خلال سنوات قليلة، وأغلب هذه الأحزاب ليس له وجود في أرض الواقع. وأشار إلى أن نجاح هذه الأحزاب تحتاج إلى مزيد من الوقت والإمكانيات، والأهم من ذلك تحتاج إلى التفاف قطاعات كبيرة من الشعب حولها، فمعظمها مازال ورقي والانتخابات البرلمانية ستكشف إذا كان لهذه الأحزاب وجود فعلي على الساحة أم لا. وأكد الدكتور أيمن عبد الوهاب، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هناك مشكلة رئيسية للأحزاب في مصر قديمًا وحديثًا أنها أحزاب تتسم بالنخبوية أكثر من قدرتها على التواصل مع شرائح المجتمع المصري ككل، وتفتقد للخطاب الواضح الذي يشير إلى تبني حقيقي في التوجهات بين الأحزاب بعضها البعض. وتابع أنها لم تلتزم مخاطبة الشرائح الجديدة من الشباب الذي تم تصنيفه على أنه قوى ثورية، كما أن الأحزاب في مصر افتقدت لفكرة العمل الجماعي، بحيث تستطيع أن تشكل تكتل حقيقي على الأرض، على الرغم أن هناك تحسن في الأداء في محاولات في مسألة بناء جبهات وتكتلات. وأكد أن الأمر سيحتاج مزيد من الجهد والإصرار في إعادة النظر في تشكيل الهياكل الداخلية وأيضًا البرامج الحزبية. وأشار في حديثه أن نجاح التجربة الانتخابية في مصر يعتمد على أسس مختلفة عن باقي دول العالم مثل؛ انتماء الشخص إلى عائلة بعينها، أو قبيلة كبيرة، لذا فإنها تتسم بفكرة الفردية أكثر منها حزبية، حيث يتم اختيار أشخاص مصنفين داخل كل حزب. وتابع «عبد الوهاب» أنه إذا تجمعت كل الأحزاب في قوائم محددة، حتى ولو تم إقرار النظام الفردي مثل؛ تكتل الجبهة، من الممكن أن يوفر قدر كبير من النجاح في الانتخابات أعلى من خوضها بشكل فردي. وأوضح الدكتور إكرام بدر الدين، رئيس قسم العلوم السياسية جامعة القاهرة، أن الأحزاب في مصر بصفة عامة ضعيفة، والسبب في ذلك أن طوال 30 عامًا لم نشهد سوى الحزب الوطني المسيطر على كل شيء، وكان يحاول إضعاف الأحزاب الأخرى، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك أحزاب أخرى لها تأثير على أرض الواقع. وتابع أنه نتيجة لهذا بعد سقوط الحزب الوطني لم نجد بديلًا سوى الإخوان، لذا نعاني الآن من نوع من التناقض بين عدد مبالغ فيه، وفي الوقت نفسه معظمها أحزاب ضعيفة. وتساءل بعد سقوط الحزب الوطني وبعد سقوط الإخوان ماهو البديل؟ فلا يمكن لحزب بمفرده أن يطرح نفسه كبديل. وأكد «بدر الدين» أن نجاح الحزب يتوقف على تواجده في الشارع واتصاله بالمواطنين، وقدرته على اجتذاب المواطنين وإقناعهم بالبرنامج، وذلك بالتوازي مع قدرته على خوض الانتخابات البرلمانية والحصول على مقاعد، والمشكلة الآن تقع في إنهناك عدد كبير من الأحزاب غير معروفة لدى الجمهور ولا تعلم أي معلومات عنها. وتساءل أيضًا لماذا لا تتحول الأحزاب التي تنتمي إلى تيار بعينه إلى تكتل من أجل تكوين قواعد جماهيرية كبيرة، فنحن لا نحتاج إلى عشرة أحزاب ذو توجه يساري، وعشرة آخرين لتيار قومي. وأضاف إذا تحالفت الأحزاب ذو التيار الواحد معًا سيجعلهم أقدر وأقوى لخوض الانتخابات البرلمانية، والحصول على الأغلبية، وهذا يؤكد فكرة الائتلافات الحزبية التي تنتمي لنفس التيار السياسي الواحد.