نعم هي ورطة التاريخ.. وربما عُقدة العُقد في مسارة الهادر في عالمنا العربي.. فهو وللحق لم يعرف صمودا اسطوريا لذكرى ميلاد تعاقبت عليها العقود ولم يطويها النسيان، مثلما كان الحال مع ذكرى ميلاد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقتها وفي مثل يوم أمس من كل عام تتفجر تظاهرات الاشتياق لساعة الأمجاد العربية، حين اعلن قدر العالم ضبط دقات ساعته على ميلاد زعامة ناصرية استثنائية من طراز رفيع، وانطلقت مواكب الكرامة فرحًة مبشرة مستبشرة بمولد رمز نضالي عالمي، وبعث قائد نصبته حركة التاريخ وتفاعلاته زعيما أبديًا خالدا على القلوب رغم حيل التشويه الممنهج، ورخيص الاعيب المغرضين. انتصف شهر يناير أمس معلنا بالذكرى ال96 لميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فلم يسرق مشهد استفتاء الدستور الكاميرات من تلك المناسبة الخالدة، بل تلاقيا بشكل اسطوري يفوق كل خيال، وكأن ما بين الماضي والحاضر والمستقبل عقد أبدي كتبته القلوب في حب جمال وذكراه، تتجدد وتجدد نفسها بوميض الخلود في كل منعطف فارق، مذكرة ببشارات ذلك الانقلاب في احداثيات التحرر والنضال ضد الامبريالية في العالم الثالث، ونذير الشؤم لقوى الاستعمار والهيمنة العالمية بأن زلزالا قادما بقوة 1952 ريختر، مزلزلا عروشها، وكاسرا أنوفها، ومعيدا اكتشاف قدرات الشعوب المستضعفة على المبادرة والتغيير والاعجاز حد الابهار. تسمر التاريخ لسنين في مكانه عند انتصاف يناير 1918، وأخرجت المصادفات لسانها لحركته التي بدا أنها تجري وقوفا، فقد تلاقت الارواح على القيمة والفكرة والمعني، وهفت روح ابو خالد الطاهرة في ذكرى ميلاده، مترقبة بامتنان لتصويت المصريين بالأيدي بعد الاقدام ل30 يونيو، ومتطلعة بتقدير الوفي للاوفياء احتفاء الجماهير العربية بذكراه الخالدة، وقد قر عينها ببوح الصديق الكاتب الصحفي اللبناني المخضرم زهير ماجد بأنه مصري أكثر من المصريين في حب جمال، حتى أن كرات دمه الحمراء تحمل المليارات من صور الزعيم الراحل، بل وتتحمل استقبال مليارت أخرى طالما في العروق دم يسري سريان الزيت بالزيتون حبًا لجمال.. ولا "بديل" لجمال. طوفان من المشاعر المفعمة بالاشتياق والامتنان والفقدان تسد مجاري التاريخ السحيق، لتتلاقى الرسائل والاقدار ، وتستلهم مقاربة الكلمة والذكري تجربة عظيمة، تصحح كراسة اجابات الواقع، وتغسل بدروسها ذنوب عقودًا سوداء، اعتزلت خلالها مصر ذاتها وهويتها وعروبتها، وانكفأت على نفسها، جالسة في مقاعد المتفرجين المتحسرين على مسلسل ضياع أمتها وشعبها العربي. هو يوم مخاض سنوي تكتشف فيه مصر نفسها وذاتها في زعيم مازال القدر يبحث له عن "بديل" أو "شبيه"، وإلى هذه الغاية تتلاقى مرامي الابصار بمصر جديدة وزعيم جديد يعيد مصر الى مكانها الطبيعي قبلة الانظار وعنوانا أوحد لشموخ أمتها. علاء حموده [email protected]