«مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    العجالي قائم ب 190 جنيها.. أسعار الأضاحي 2025 في أسواق الشرقية    رابطة مستأجري الإيجار القديم: لا نتفاوض في مدد 5 أو 7 سنوات.. ومتمسكون بحكم الدستورية    48.8 مليار جنيه مكاسب سوقية للبورصة المصرية خلال أسبوع ومؤشر EGX30 يرتفع 2.26%    ترامب يأمر البنتاجون بوقف التنسيق مع إسرائيل بشأن "ضرب إيران"    ترامب: ماسك شخص رائع وسيبقى دائما معنا لمساعدتنا    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    رابط نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 الترم الثاني بالاسم في محافظة الفيوم    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    أيام مفترجة، ريهام سعيد تعلن الصلح مع طبيب التجميل نادر صعب بعد اتهامه بتشويه وجهها (فيديو)    إسرائيل تقصف مجددا أهدافا لحزب الله في لبنان    «قرار الأهلي».. رد مفاجئ من سيد عبدالحفيظ على مزاعم بيع زيزو    إمام عاشور يوجه رسالة ل حسام حسن    "قبل ريفيرو".. ماذا قدم المدربين الإسبان مع النادي الأهلي؟    هيشتغل إلى 2.30 صباحا، تعديل تشغيل قطار العاصمة الكهربائي اليوم بسبب حفل ضخم بالنهر الأخضر    كان نايم.. مصرع شاب دهسًا بسيارة والده في العاشر من رمضان    إنييستا: إنريكي موهوب.. وإنتر يمتلك لاعبين كبار    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مصرع تلميذ صعقاً بالكهرباء أثناء تشغيله التليفزيون بمنزله في سوهاج    بعد إمام عاشور.. (3) لاعبين ينتظرون عفو حسام حسن    الحوثيون يعلنون مهاجمة مطار بن جوريون وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي    «بنتلي» تشوق لنسخة جديدة من بنتايجا عالية الأداء مع وضع الانجراف    عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد الانخفاض    أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    20 صورة ومعلومة عن الفنانة هايدي رفعت بعد خطوبتها    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب باكستان    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟    بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    مصرع شخص وإصابة آخرين فى حادث تصادم بالحوامدية    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    عضو مجلس الأهلي: كنت أثق في اللاعبين للتتويج بالدوري    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل الجماعة الإسلامية في مصر بعد 30 يونيو
نشر في البديل يوم 24 - 12 - 2013

تمثل الجماعة الإسلامية حالة فريدة في أوساط الحركات الإسلامية المصرية من حيث أفكارها، وتحولاتها، وتحالفاتها. فقد استطاعت مع مطلع الثمانينيات من القرن الماضي أن تؤسس لنفسها وجودًا قويًّا على الساحة، وتصبح واحدة من أكبر التيارات الدينية في مصر، إلى أن جاءت المواجهات بينها وبين الحكومة المصرية في بداية التسعينيات، حيث مارست الجماعة العنف لسنوات طويلة، وقادت موجة الإرهاب في مصر طيلة عقد كامل من خلال عمليات كبيرة وضخمة نفذت أثناءها اغتيالات لعدد من الشخصيات السياسية والأمنية، وكانت أول من أسس لفكرة ضرب الاقتصاد المصري عن طريق استهداف السياحة والبنوك، والتخطيط في ذلك الوقت للاعتداء على قناة السويس (الفكرة التي تسعى لتطبيقها بعض التنظيمات الجهادية الآن)، ثم جاءت ذروة تصعيد الجماعة عندما قامت بمحاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في عام 1995، واختتمت الجماعة أكبر عملياتها الإرهابية بمذبحة الأقصر في عام 1997.
وقد ردت الحكومة المصرية بعمليات كبيرة وواسعة أدت إلى مقتل عدد من أفراد الجماعة الإسلامية، ودخول جميع أعضائها السجون المصرية إلا النزر اليسير، حيث انتهى تواجد الجماعة على الساحة نهائيًّا، حيث جاءت المراجعات الفكرية التي قام بها القادة التاريخيون للجماعة وأيدها كل أفرا د الجماعة الإسلامية بلا استثناء بعد فترة طويلة من الحوارات والنقاشات التي دارات داخل السجون المصرية منذ عام 2002 وحتى عام 2005.
وفي هذا السياق، أصدرت الجماعة أربعة كتب رئيسية تؤسس لفكرة المراجعات، أشرف على صياغتها كبار قادة الجماعة من سجونهم، هي: (مبادرة وقف العنف)، و(تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء)، و(النصح والتبيين في تصحيح مفاهيم المحتسبين)، و(حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين)، ثم توالت الإصدرات لتصل إلى 25 كتابًا، وبعدها بدأت السلطات في الإفراج عن أعضاء الجماعة الإسلامية الذين بلغ عددهم داخل السجون ما يزيد عن 12000 معتقل تم الإفراج عنهم جميعًا، إضافة إلى كل القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية.
الجماعة الإسلامية والطريق إلى ثورة 25 يناير
بعد أن قامت الجماعة بمراجعاتها الفكرية، وخرج أفرادها وقادتها من السجون، وعادوا للحياة مرة أخرى؛ حرصت الجماعة منذ ذلك الوقت على التأكيد على العمل السلمي، وأنه لا عودة للعنف تحت أي ظرف من الظروف، وصبت معظم بيانات الجماعة في تلك الفترة في اتجاه تأييد الحكومة المصرية، ومهاجمة مخالفيها، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي كانت الجماعة الإسلامية تطالبها بعمل مراجعات فكرية مثلها، حتى إن الكثيرين في ذلك الوقت كانوا يرون أن الجماعة الإسلامية أصبحت مخلب قط للحكومة المصرية في مواجهة التيارات الإسلامية بصفة عامة، والإخوان المسلمين بصفة خاصة.
وعند بداية التظاهرات المؤيدة لثورة 25 يناير 2011 كانت الجماعة الإسلامية معارضة لمثل هذه التظاهرات؛ إذ كانت تراها نوعًا من الخروج على الحاكم، وأنها لن تؤدي إلا إلى جلب المفاسد، فأصدرت الجماعة أوامر مشددة لأفرادها بعدم المشاركة في هذه التظاهرات، وكل من شارك في هذه التظاهرات من أبناء الجماعة فإنه شارك بصفة شخصية، لكن بعد اتساع نطاق التظاهرات بدأ بعض قادة الجماعة يشاركون فيها، ويحرصون على الظهور في بعض وسائل الإعلام، وحينما نجحت الثورة المصرية ركبت الجماعة الإسلامية بمعظم قادتها وأفرادها موجة الثورة، حتى إن تصريحات بعض قادة الجماعة الإسلامية حملت مغزى أن الجماعة هي المفجر الحقيقي للثورة، لأنها أول من عارض نظام مبارك، ووقفت في وجهه، وحاولت إسقاطه عبر الوسائل الدعوية والكفاح المسلح.
الجماعة الإسلامية والتحالف مع الإخوان المسلمين
ومنذ تصدر الإسلاميون المشهد السياسي في مصر بعد نجاح ثورة 25 يناير، ووصول الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، تمكنت جماعة الإخوان من إقامة شبكة من التحالفات النادرة التي لم تشهدها الحركة الإسلامية من قبل طوال تاريخها، وهو التحالف مع الجماعة الإسلامية وبقايا تنظيم الجهاد والجبهة الشرعية للحقوق والإصلاح والجبهة السلفية، وهو التحالف الذي أطلق عليه لاحقًا بعد عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو الماضي "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، والذي يمكن اعتباره نوعًا مما يمكن أن يطلق عليه "التحالفات فوق الأيديولوجية"، فهذه التيارات السابقة -وعلى رأسها الجماعة الإسلامية التي تحالفت مع جماعة الإخوان المسلمين- بينها وبين الأخيرة عداء فكري شديد كان يمنعها قبل ثورة يناير حتى من الصلاة خلف أئمة الإخوان المسلمين في الأعياد، أو حتى الاجتماع معًا في المناسبات، أو التعاون معها في مجالي الدعوة والعمل الخدمي.
ولذا فإن هذا التحالف فوق الأيديولوجي هو من ذاك النوع الذي يُبنى على تحقيق المصلحة، وتجاوز الثوابت الفكرية التي تمنع الالتقاء أو التحالف بين هذه التيارات؛ حيث يوجد في الحركة الإسلامية ما يعرف باختلاف التضاد واختلاف التنوع، النوع الأول يمنع الالتقاء أو التحالف أو حتى التعاون بين بعض التيارات الإسلامية، بينما النوع الثاني لا يمنع ذلك كله ويسمح به، علمًا بأن الاختلافات بين التيارات المتحالفة كلها تعتبر من قبيل خلافات التضاد وليست التنوع، لأنها خلافات مبنية بشكل أساسي على أسس ومبادئ فكرية وعقائدية، لكن من أجل تحقيق المصالح تم القفز من قبل هذه التيارات على العقيدة والفكر، ولذلك فهي تدخل في خانة "التحالفات فوق الأيديولوجية".
وبناء على هذا التحالف المصلحي صارت الجماعة الإسلامية المساند الأقوى لجماعة الإخوان المسلمين، والمدافع عن سياساتها وتوجهاتها، حيث حشدت الجماعة في سبيل ذلك كل إمكاناتها وكوادرها، خاصة في صعيد مصر، حتى أصبح موقف الجماعة الداعم للإخوان على طول الخط مثيرًا للغرابة والجدل حتى من القوى الإسلامية التي كانت ترى أن الجماعة تساند الإخوان بطريقة فجة بلغت في كثير من المواقف أن الجماعة تقاتل نيابة عن الإخوان المسلمين؛ مما جعل البعض يتحدث عن أن الدعم المالي الذي قدمته جماعة الإخوان لبعض قادة الجماعة الإسلامية هو السبب في هذا الدعم المطلق الذي كان يثير أحيانًا استغراب الكثير من أفراد الجماعة وكوادرها في المحافظات.
الجماعة الإسلامية وثورة 30 يونيو
تَوَثَّق تحالف الجماعة الإسلامية/الإخوان المسلمين بشكل أكبر مع وصول الدكتور محمد مرسي إلى رئاسة مصر؛ إذ أضحت الجماعة أكبر داعم ومساند للإخوان، وأكثر التيارات الإسلامية -المتحالفة مع الإخوان- مشاركة في الاعتصامات التي قامت بها جماعة الإخوان المسلمين بعد إسقاط الرئيس مرسي في ثورة 30 يونيو، فقد قامت الجماعة بحشد أكبر قدر ممكن من أبنائها ومؤيديها من عدة محافظات، خاصة من صعيد مصر، من أجل المشاركة في الاعتصامات، لكن وجود خلافات بين قادة الجماعة حول المناصرة الدائمة للإخوان -حتى بعد سقوط مرسي- قد حالت دون تمكن الجماعة من حشد كل أنصارها للمشاركة في الاعتصامات، خاصة أن العديد من أفراد الجماعة رفضوا المشاركة خشية حدوث اشتباكات وسقوط ضحايا، لذلك اضطرت الجماعة إلى الاستعانة بالبسطاء من المتدينين من أبناء القرى في صعيد مصر، إضافة إلى أنصارها المتواجدين في القاهرة الكبرى وبعض محافظات الدلتا.
وعقب فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة، وفشل تظاهرات الإخوان وحلفائهم التي أصبح عدد المشاركين فيها يتناقص يومًا بعد يوم إثر الضربات الأمنية المؤلمة التي وجهها الأمن لجماعة الإخوان المسلمين، والتي أصابت التنظيم بما يشبه الشلل؛ أضحت الجماعة الإسلامية تعيش حالة من القلق بعد أن أدركت أنها أمام مأزق حقيقي، حيث إن تحالفها مع جماعة الإخوان، الذي ظنت أنه سيكون سلم الصعود للحصول على مكاسب سياسية ومالية ضخمة؛ تحول بعد ثورة 30 يونيو 2013 إلى طوق ثقيل معلق في رقبتها لا تعرف كيف تتخلص منه، خاصة أن قادة الجماعة الذين ارتدوا عن المراجعات الفكرية ينتظرون بين الحين والآخر أن يلقوا نفس مصير قادة الإخوان الموجودين في السجون حاليًّا.
من جانب آخر بدأت تتعالى أصوات داخل الجماعة بأن القادة الحاليين هم من أدخل الجماعة في هذا النفق المظلم مجددًا، ولم يستمعوا لنصيحة ناجح إبراهيم، وكرم زهدي؛ مما أدى إلى حدوث خلافات في صفوف الجماعة، وإن لم تكن طافية على السطح، مما يهدد بانفراط عقد الجماعة الإسلامية التي لا يتجاوز عدد أعضائها التنظيميين الحاليين ثلاثة آلاف فرد على أقصى تقدير، كما أن معظم أفراد الجماعة وقادتها يطاردهم الآن شبح السجون التي ظلوا فيها لسنوات عديدة.
وأمام هذه التحولات يسعى قادة الجماعة للخروج من هذه الأزمة عن طريق الابتعاد عن التحالف مع الإخوان قدر المستطاع عن طريق المشاركة في المظاهرات المؤيدة للرئيس السابق على استحياء وبعدد ضئيل للغاية، مع محاولة التواجد الإعلامي عن طريق إصدار مبادرات لا قيمة لها سوى البحث عن التواجد على الساحة.
أسباب تحول الجماعة الإسلامية
مما لا شك فيه أن المواقف السابقة للجماعة الإسلامية منذ ثورة 25 يناير، خصوصًا تغييرها للتوجه السلمي الذي رسمته لنفسها بعد المراجعات الفكرية وظلت عليه حتى الثورة إلى أن تحالفت مع جماعة الإخوان المسلمين؛ إنما تعكس تغيرًا واضحًا في نهج الجماعة، بداية من خطابها المتشدد الذي يحض على العنف خاصة خطابات قادة الجماعة في رابعة العدوية والنهضة، ومن قبلها التظاهرات المليونية المختلفة، مرورًا بمشاركة أعضاء الجماعة في الاعتصامات والمظاهرات المؤيدة للإخوان والتي شهدت أعمال عنف واضحة، وانتهاءً بقيام عناصر الجماعة بالمظاهرات التي تساند الإخوان بعد سقوط مرسي التي شهد بعضها أعمال عنف أيضًا خاصة ضد الأقباط في صعيد مصر (طبقًا لما ذكره موقع حزب الحرية والعدالة تعليقًا على الاعتداء على الأقباط والكنائس، فإن جماعة الإخوان لا علاقة لها بهذا الأمر، وأن من قام بذلك هم أبناء الجماعة الإسلامية).
ويمكن حصر أبرز الأسباب التي دفعت الجماعة الإسلامية إلى تحولاتها الغريبة والمريبة في نفس الوقت، والتي جعلتها تسير باتجاه التطرف والعنف، فيما يلي:
- الرغبة الجارفة لدى قادة الجماعة في الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والمادية في أقل وقت ممكن، وذلك لن يتحقق إلا عبر التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين التي تجلس في سدة الحكم، ومساندتها بكل قوة، حيث إن ذلك سوف يدفع الإخوان إلى تقديم جزء كبير من الكعكة السياسية إلى قادة الجماعة الإسلامية، وهنا يجب التأكيد على أن المكاسب للقادة فقط، وليست لجميع أبناء الجماعة، وهذا ما يبرر الدفاع المستميت من قادة الجماعة عن الإخوان وسياساتهم الخاطئة على مدار عام كامل.
- حالة الارتداد الفكري التي أصابت الجماعة الإسلامية في أعقاب ثورة 25 يناير، والتي تتمثل في تراجع عدد كبير من قادة الجماعة عن كثير من "الأسس الفكرية الجديدة" التي أعلنت في المراجعات الفكرية، والتي تبعد الجماعة نهائيًّا عن العنف، مثل حرمة حمل السلاح، وحرمة الخروج على الحاكم.. إلخ، فقد أجاز بعض قيادات الجماعة حمل السلاح في حالة الدفاع عن النفس ضد الحاكم الجائر، وجواز الخروج عليه، كما دعا البعض الحكومة المصرية أثناء المعارك في ليبيا للسماح لشباب الجماعة بالمشاركة في القتال الدائر هناك.
- تحول الجماعة الإسلامية إلى ما يمكن تسميته ب"الطريق الثالث"، فبعد أن قامت بالمراجعات أصبحت تيارات مجهولة الهوية الفكرية، بمعنى أنها عندما قامت بتحولاتها الفكرية التي تخلت بموجبها عن أفكارها القديمة لم تؤسس لنفسها فكرًا جديدًا ترتكز عليه، وتقدمه كمنهج لها يحدد طريقها وهدفها؛ وهذا ما جعل هذه التيارات تمثل "طريقًا ثالثًا" مجهول المعالم والهوية، وغير محدد الأفكار، ومن أخطر سلبيات جماعات التيار الثالث أنها تنظيمات نفعية ومتسلقة تبحث عن المكاسب الاقتصادية والسياسية بأية وسيلة، حيث لا إطار فكريًّا يحكم حركتها، لذلك أصبحت تنتظر اللحظة المناسبة حتى تتحالف مع التيار الذي يحقق لها مكاسب سياسية واقتصادية؛ وهذا ما سهل لها التحالف مع الإخوان، بل واتجاه البعض إلى العنف مرة أخرى.
مستقبل الجماعة
من الواضح أن قادة الجماعة الإسلامية قد أدخلوا الجماعة في نفق مظلم لا يعلمون كيف سيخرجون منه، أو إلى أين سينتهى بهم، حيث بدأت الجماعة تدرك مؤخرًا خطورة الطريق الذي سارت فيه مع جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن انحرافها عن النهج الذي رسمته لنفسها بعد المراجعات الفكرية؛ لذلك فإن التحول في موقف الجماعة الإسلامية سوف يترك عددًا من التداعيات المهمة على الجماعة في الفترة المقبلة، لعل من أبرزها:
- أن هذه الأزمة التي تمر بها الجماعة سوف تطيح غالبًا بقيادات الجماعة الحالية الذين أوصلوها إلى هذا النفق المظلم؛ فالكثير من أفراد الجماعة ومن قيادات الصف الثاني والثالث يحملونهم مسئولية هذا الوضع الحرج، ويطالبون برحيلهم، خاصة أن نيران الضربات الأمنية قد طالت بعض قيادات أفراد الجماعة الإسلامية.
- إذا ما تمت الإطاحة بالقيادات التاريخية الحالية خلال الفترة المقبلة، فمن المؤكد حدوث صراعات بين قيادات الصف الثاني والثالث لتولي قيادة الجماعة، لا سيما أن القيادات التاريخية لم تسمح طوال السنوات الماضية بظهور جيل جديد من القيادات يمكنه تولي القيادة، خشية ظهور من ينافسهم على القيادة، كما أن هذه القيادات لا توجد بينها كفاءة فكرية أو تنظيمية متميزة تتمكن من حسم الصراع على القيادة.
- ويلقي تحول الجماعة الأخير بظلال من الشك على المراجعات الفكرية التي قامت بها الجماعة، والتي اعتقد كثيرون أنه لا يمكن للقادة أن يتجاوزوا هذه المراجعات بأي حال من الأحوال؛ وهو ما يجعل من الصعب قبول المجتمع أو القوى السياسية في المستقبل لأية مراجعات، سواء من الجماعة أو غيرها من التيارات الإسلامية الأخرى.
- أن الخطاب المتشدد للجماعة في الفترة الأخيرة وتحولها عن النهج السلمي الذي تعهد به قياديوها للدولة من قبل سوف يجعل الدولة تفكر كثيرًا في وضع الجماعة مستقبلا، إذ ربما يتم التعامل معها بنفس الطريقة التي يتم بها التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين؛ مما يعني أن حظر الجماعة الإسلامية وتجريم أنشطتها إذا ظلت على هذا الوضع ولم تسر في كنف خريطة الطريق هو أمر غير مستبعد على الإطلاق.
أخيرًا.. فإن الجماعة الاسلامية بسبب تحولها غير المبرر منذ ثورة 30 يونيو وخروجها عن النهج الذي رسمته لنفسها في المراجعات الفكرية، وعدم استماعها لنصيحة قادتها التاريخيين الذين أسسوا لفكر المراجعات، ونظّروا له، من أمثال: ناجح إبراهيم، وكرم زهدى؛ ربما تكون قد وضعت مستقبلها أمام ريح عاتية، حيث يبدو في الأفق أن الأسوأ بالنسبة للجماعة الإسلامية لم يأتِ بعد، وهذا ما يستشعره معظم أفراد الجماعة الإسلامية، ما يجعلهم يعيشون الآن حالة من الإحباط والارتباك لأنهم يشعرون أنهم يسيرون إلى المجهول بسبب قيادات لم تدرك حقيقة الصراع، ولم تتمكن من قراءة المشهد السياسي بطريقة صحيحة.
علي بكر
المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية
الجماعة الإسلامية ، الإخوان ، 30 يونيو
تاتات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.