هذا هو بعض تعليق طارق الزمر، عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، علي جمعة تصحيح المسار، وما حدث بها، كما نشرته جريدة الشروق يوم 11 سبتمبر: (لم تكن جمعة لتصحيح المسار بل كانت لتبديده. واصفا حسابات القوي السياسية التي دعت للتظاهرة بأنها كانت ضعيفة للغاية. وخاطب الزمر القوي السياسية قائلا: علي من لا يستطيع أن يسيطر علي الشارع ألا يدعو لتظاهرات وعليه أن يعتزل السياسة. موضحا أن الجماعة رفضت المشاركة لأنها توقعت خروج البعض عن النص وحدوث انفلات( أعتقد أنه من الواجب تصحيح بعض “المعلومات/العبارات”، التي وردت علي لسان طارق الزمر: أولا، من الممكن أن يعتزل الأشخاص السياسة، إلا أنه لا يمكن أن تعتزل “القوي السياسية” السياسة. لأن القوي السياسية يا “شيخ طارق”، مثلما تعلم، هي تعبير عن قطاعات مجتمعية ذات مصالح ما، وتحمل أيدولوجيا ومصالح هذه القطاعات المجتمعية. بالتالي فليس من الطبيعي أن تعتزل القطاعات المجتمعية أي شئ، فهي تنجب ممثليها، علي هيئة قوي سياسية، فلانية وعلانية، سواء اعتزل السياسة أم لم يعتزل الأشخاص، كأشخاص. ثانيا، فيما يخص معلومة طارق الزمر حول أسباب عدم مشاركة الجماعة الإسلامية، في الجمعة المشار إليها. لا يبدو أن ما أورده حول التزام الجماعة بالسلمية ورفضها للانفلات، هو السبب الحقيقي. بل يبدو لي، والله أعلم، أن السبب يكمن في انشغال تياره بالوقوف علي عتبة المجلس العسكري، انتظارا لشئ ما. ولأن مطالب هذه الجمعة لا تعني الجماعة أصلا. ولن أكرر ما كتبته من قبل حول كارثة أن تكون ضحية سابقة للمحاكمات العسكرية، ولا تحتج لتفعيلها ضد مواطنين آخرين. ناهيك عن بقية مطالب الجمعة المعنية. أصارح القارئ بأنني أتفق مع جوهر حديث الشيخ طارق، في مسألة محددة، هي أنه ينبغي محاسبة أي قيادة سياسية أو أي طرف حين يخطئ، وأن يتعرض للانتقاد. وهنا تأتي المشكلة... من حقي، ومن حق أي مواطن مصري شارك في هذه الثورة، أو حتي لم يشارك، أن ينتقد أي جهة أو أي نوع من أنواع الأداءات والمواقف. لكن أحد شروط أن تمارس هذا الانتقاد، ألا تكون يداك ملوثتين بالدم. ويد طارق الزمر، وإبن عمه عبود الزمر، وبعض قيادات الجماعات الإسلامية، كما نعلم جميعا، ملوثة بالدم. هل علينا أن نقبل بأن يعطينا القاتل، الآن، دروسا حول الحكمة وعدم الانفلات. ربما يمكنه إعطاء الدروس حول السيطرة علي الشارع، مثلما جاء في نص كلامه... لكنها ستكون حول السيطرة علي الشارع عبر الإرهاب، لخبرتهم به. سينتقدني البعض قائلين: (يا باسل خليك ديبلوماسي، مفيش داعي للهجة دي، وأنك تسميهم قتلة). هذا الانتقاد تحديدا، لا أستطيع قبوله. فالقتل جريمة اعترفوا بها، وحوكموا علي بعض جوانبها، لكنهم لم يعتذروا علانية لضحاياهم، وللمجتمع بأكمله، لممارستها سابقا. وقد أتي الوقت الذي يمارسون فيه السياسة وكأن شيئا لم يكن، ويطالبون الآخرين باعتزال السياسة!!! لم تتورط القوي الأخري، التي يتحدثون عنها، في العنف والجريمة، ليس لها ملفات دموية، وعليها الآن أن تتنافس في انتخابات “نزيهة” مع قتلة سابقين!!! منافسة ستتم بناءا علي قواعد ديمقراطية ما، لم تعلن الجماعة الإسلامية، في أي وقت، التزامها بهذه القواعد، ولم تعلن نقدها الذاتي علي ممارستها السابقة!!! سيحيلونك علي المراجعات الشهيرة، لا تنفع، لأنها لم تتضمن اعتذارا واضحا عن العنف، وتضمنت كلاما عاما حول عدم جدواه. دون نسيان إن هذه المراجعات قد تمت تحت ضغط أمن الدولة، بالسجون. كيف إذا تقبل دخول عبود الزمر وطارق الزمر، وغيرهما، لعبة سياسية “ديمقراطية”، بينما لم يراجعوا ماض أسود، شاركوا في صنعه بجرائم؟ كيف تستطيع الالتزام بالديبلوماسية، ونحن لسنا في مرحلة النزاع حول كرسي برلماني أو تفصيلة في برنامج؟ نحن في مرحلة النزاع بين طرفين، أحدهما، رغم الاختلافات بين العناصر التي تكونه، يريد بناء وطن عادل لكل أبنائه. أما الطرف الآخر، رغم الاختلافات بين عناصره، يريد هدم ما تبقي لنا من وطن. هذا الخلاف فيما أعتقد، لا يتطلب الديبلوماسية. نفس يوم الخبر المنشور، تنازع القيادي الإخواني “أبو بركة” مع الصحفي عمرو خفاجي، في برنامجه التلفزيوني. قال عمرو خفاجي أن الإخوان رفضوا المشاركة في مسيرات يوم 25 يناير. فرد عليه أبو بركة، قائلا: (الإخوان هم القوي السياسية الأولي اللي أعلنت مشاركتها في 25 يناير، وده كان في بيان صادر يوم 19 يناير... وقطع لسان اللي يقول غير كده)!!! بيان يوم 19 يناير؟ أين هو؟ وقطع لسان اللي يقول غير كدة؟ عزيزي المواطن الذي لم يرتكب جرائم: من المحتمل أن يحكمك، إن جرت الانتخابات، وأتمني أن تجري في أسرع وقت، هذه النماذج... قاتل سابق، وقائد سياسي يهدد علانية بقطع لسان من يختلف معه، أو يشكك في معلوماته، أو من يقول الحقيقة... أهلا وسهلا بالانتخابات. لكن لماذا لا تضغط، يا مواطن، لوضع ميثاق ديمقراطي واضح ومحدد، توقع عليه كل القوي السياسية التي تود المشاركة في الانتخابات، ويمنع من المشاركة من يرفض التوقيع؟ أن تصمت أنت أو يصمت أصحاب العنف ويعتزلوا السياسة؟ أم علينا أن نقول لك كل ثورة وإنت طيب، كل ثورة وإحنا دايما فرحانين؟ باسل رمسيس [email protected]