أثارت المادة 174 في الدستور حالة من الجدل في الفترة الماضية داخل لجنة الخمسين، لمحاولة منع مثول المدنيين أمام القضاء العسكري. وجاء نص المادة كالتالي «القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشراً علي ثكنات القوات المسلحة أو منشأتها العسكرية أو معسكراتها أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة، أو معدتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشراً علي ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم وما يكلفون به من أعمال وطنية، ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري، وأعضاء القضاء العسكري مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية». وقال خبراء بالمؤسسة العسكرية – طلبوا عدم ذكر أسمائهم – ل«البديل» الخميس، إن القوات المسلحة لا تسعى للحصول على مميزات لا تستحقها أو في غير سياقها القانوني، كما إنها ترفض أن تكون أداة قمع مسلطة على رقاب أبناء شعبها وهو ما أثبتته بالدليل القاطع عندما أصر ممثلها في لجنة دستور 2012، على رفض إعطاء رئيس الجمهورية سلطة إحالة المدنيين للقضاء العسكري. كما رفض الخبراء تخصيص دوائر قضائية عسكرية استثنائية لمحاكمة رموز نظامي «حسنى مبارك أو محمد مرسى» حتى تتجنب إرساء مبدأ المحاكم الاستثنائية العسكرية للمدنيين في غير دوائر الاختصاص الطبيعية. وأكد الخبراء، أن إحالة المدنيين للقضاء العسكري لم يأت بشكل مطلق بل حددته مواد الدستور لمن يقومون باستهداف المنشآت أو الوثائق أو الأفراد العسكريين وبما يحفظ أمن وسلامة القوات المسلحة، وهذا يقع في "قاعدة الاختصاص" للقضاء العسكري، وكما هو متعارف عليه وأجمع عليه فقهاء الدستور والقانونيين والحقوقيين، وتوافق عليها نسبة تفوق ال70 % من أعضاء لجنة الخمسين لصياغة التعديلات الدستورية. وتابع الخبراء: «يتضح من نص المادة أن المستهدف منها هو تحصين منشآت وأفراد القوات المسلحة من أي اعتداءات خاصة في ظل الظروف الأمنية المتردية التي تمر بها البلاد، وبالتالي فإنه من المفترض ألا تسبب هذه المادة إزعاجاً إلا لمن ينوى استهداف القوات المسلحة من الجماعات الإرهابية ومنتهجي العنف وعليه يجب أن تدعم هذه المادة من كل مصري غيور على جيشه وساعي لغد أفضل لوطنه». وأشاروا إلى أن إحالة المدنيين للقضاء العسكري في حال اعتداؤهم على منشآت وأفراد ووثائق القوات المسلحة أمر متعارف عليه في كافة دول العالم، بل ويُترك للمشرع تحديد هذه الحالات دون تقييده بمادة دستورية وهو ما يعنى أن تحديد حالات الإحالة للقضاء العسكري في الدستور هي قمة الحرية والحفاظ على حريات المواطن، ولعل أبرز الدساتير التي تتيح للمشرع تحديد حالات الإحالة للمحاكمة العسكرية للمدنيين الدستورين البريطاني والفرنسي – على حد قولهم. وأضافوا: «القضاء العسكري مستقل يتبع الإطار العام للإجراءات القانونية القضائية دون تبعية أو انحياز، ويسمح للمتهم فيه بتوكيل محامى والإطلاع على التحقيقات وتقديم الالتماسات، كما أن أعضاء هيئته من خريجي كليات الحقوق وتنطبق عليهم نفس قواعد التأهيل الوظيفي، التي تنطبق على أقرانهم من الهيئات القضائية المدنية» . واختتموا حديثهم قائلين إن التحقيقات في الجرائم التي تستهدف القوات المسلحة تحتاج إلى سرية شديدة لما قد تحتويه هذه التحقيقات من خطط للعمليات أو معلومات لا يُسمح بتداولها خارج القوات المسلحة، كما أن هذه الجرائم تحتاج إلى عدالة ناجزه وسريعة لما لها من ضرر بالغ على الأمن القومي، وبالتالي فإننا نحتاج إلى القضاء العسكري للفصل والبت في مثل هذه الأمور.