تحويل كلية التكنولوجيا والتعليم جامعة حلوان إلى جامعة تكنولوجية دولية.. تفاصيل    احتفالات شهر الحضارة المصرية بكندا.. وزيرة الهجرة تبحث مشاركة الوزارة في يوليو المقبل -تفاصيل    مزايا تأمينية وحوافز شهرية.. فرص عمل جديدة بإحدى الشركات في الجيزة    بعد خسارته 30 جنيها.. ماذا حدث لسعر الذهب بمنتصف تعاملات اليوم؟    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    وزيرة التعاون تبحث التعاون المشترك مع الجانب البريطاني لتمويل برنامج سياسات التنمية    «القومي للبحوث» يصدر تقريرا عن شروط الأضحية وكيفية الفحص اللازم لها    إسكان النواب: يجب حل مشكلات الصرف الصحي بعد مخصصاتها الضخمة بالموازنة الجديدة    أردوغان يصف نتنياهو ب مصاص الدماء    السيسي: العمليات في رفح خطيرة على المستوى الإنساني والأمني والسياسي    ذخائر الاحتلال تفضح الولايات المتحدة.. والبيت الأبيض: دعمنا لإسرائيل مستمر ولم نرهم يقتحمون رفح    كوريا الجنوبية تتهم جارتها الشمالية بإرسال بالونات تحتوي على قاذورات وفضلات عبر حدودها    "هقول كلام يزعل".. شوبير يكشف مفاجأة بشأن رحيل حارس الأهلي    "خطأ جسيم".. تعليق ناري من عبدالملك على طلب نادي بيراميدز بشأن عبدالله السعيد    "يرمي الكرة في ملعب ريال مدريد".. باريس يحتجز مستحقات مبابي    دياب: نحتاج 4 مواسم لضبط مواعيد الدوري المصري مع العالم    رابط نتيجة المرحلة الابتدائية في السويس    تأجيل محاكمة المتهمين بالتزوير في محررات رسمية    33 ألف جنيه فقط تفصل فيلم شقو عن كسر أرقام الحريفة    رئيس جامعة سوهاج يهنئ الدكتور محمد هندي لحصوله على جائزة الدولة التشجيعية    شعبة الأدوية توضح أسباب نقص أدوية الحساسية والإسهال وموعد زيادة الأسعار    لماذا أسلم البروفيسور آرثر أليسون؟    كريم فؤاد: كورونا سبب انضمامي للنادي الأهلي.. وهذه نصيحة معلول لي    حريق يتسبب في تفحم محتويات شقة سكنية في منطقة الحوامدية    محافظ الدقهلية يشهد استلام مليون و250 الف ذريعة سمكية من اسماك البلطي    لصرف معاشات شهر يونيو| بنك ناصر الاجتماعي يفتح أبوابه "استثنائيًا" السبت المقبل    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    مصرع شخص إثر حادث انقلاب موتوسيكل في الشرقية    "تعليم الجيزة" يكرم أعضاء المتابعة الفنية والتوجيهات وأعضاء القوافل المركزية    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحانات الدبلومات الفنية 2024    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    جيش مصر قادر    سؤال برلماني بشأن آلية الدولة لحل أزمة نقص الدواء    وزير الإسكان يبحث وضع خطة عاجلة لتعظيم دور الهيئة العامة للتنمية السياحية    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    اليوم.. انطلاق أول أفواج حج الجمعيات الأهلية    كأس مصر، موعد مباراة الجيش وبورفؤاد والقناة الناقلة    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 جنود وإصابة 10 في معارك رفح    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    السبت | «متحف الحضارة» يحتفي برحلة العائلة المقدسة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    إدعى إصدار شهادات مُعتمدة.. «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا في الإسكندرية    ورش تدريب على ضوابط ترخيص البيوت الصغيرة لرعاية الأطفال في الدقهلية    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسامة كمال : هويدي وهيكل .. الصورة والأصل
نشر في البديل يوم 18 - 06 - 2011


لم أستطع يوماً أن أفصل بين الأستاذ وتلميذه ، بين محمد حسنين هيكل وفهمي هويدى ، بدايةً من الصورة التي تعتلى مقالات الاثنين ، والتي يتشابهان فيها في هيئة الوجه ، ولمعة العينين ، وهدوء الابتسامة ، وانتهاءً بالدور الذي اختاره الاثنان في الحياة المصرية .. بدأ الأستاذ حياته صحفياً واعداً ، وتحول بذكائه وألمعيته إلى عرّاب النظام المصري ، أو بمعنى آخر إلى السنيد الفكري والروحي للنظام ، طوال فترة جمال عبد الناصر ( 1954- 1970 ) ، والجزء الأول من فترة سلفه محمد أنور السادات ( 1970- 1974 ) .. ولم يتخل هيكل أبداً عن دوره كعرّاب تاريخي للدولة المصرية ، حتى بعد أن فقد دوره كشريك أصيل في صنع الحدث ، إلى شريك مخالف للرئيسين السادات ومبارك .. ولم يكن هيكل مجرد صحفي أو جورنالجى كما يحب أن يلقبه الناس ، بل كان حالة صحفية وفكرية ، تسربت إلى داخل كل تلاميذه بدرجات متفاوتة ، وأخذ منها فهمي هويدى جرعته كاملة ، لأنه قضى ثمانية عشرة عاماً بين جنبات الأهرام وتحت مظلته ( 1958 – 1976 ) ، وهى فترة ( هيكلية ) بإمتياز ، إن جاز لنا التعبير ، سواء في لمعان هيكل داخل المشهد المصري ، أو في انحساره عنه .. وبالطبع اقترب هويدى من هيكل بحكم العمل بمؤسسة صحفية واحدة ، وبحكم أن هيكل كان المثال والرمز لكل من عمل بمهنة الصحافة ، وعرف بلاطها ، واقترب من عوالمها .. وعلى المستوى المهني ، هويدى مثل أستاذه تدرج في مدارج العمل الصحفي حتى صار سكرتيراً لتحرير جريدة الأهرام العريقة ، قبل أن يغادر المحروسة إلى بلاد النفط ، وتحديداً إلى الكويت عام 1976 ، ويصير مديراً لتحرير مجلة العربي الشهيرة ، في فترة من أزهى فتراتها ، إبان رئاسة تحرير الصحفي الرائع والراحل ، أحمد بهاء الدين لصفحاتها .. وفى إنتقالات هويدى العديدة لم تغب صورة هيكل عن مخيلته ، واختار أن يكون – عرّاباً – مثل أستاذه .. لكن الزمن غير الزمن ، والأحداث غير الأحداث ، ومراكز الثقل السياسي والاقتصادي غير ما كانت عليه في فترة مجد الأستاذ ، فمن ثورات التحرر الوطني في الخمسينات والستينات ، التي كانت مصر بقعة من بقاعها الأساسية ، إلى زمن النفط العربي وتصاعد مد الجماعات الإسلامية ، وتراجع المد القومي والعروبي والاشتراكي ، ومن زمن ثنائي القطبية ، إلى زمن القطب الأوحد ، ومن زمن – العرّاب – الواحد، إلى زمن متعدد – العرّابين – .. واختار هويدى عن وعى أن يكون عرّابا للجماعات المتأسلمة ، ومن خلفها مراكز ثقلها في الجزيرة العربية ، وإيران ، وأخيراً تركيا ، مدعياً مثل أستاذه أنه صحفي في الأساس ، وله مساحة من الإستقلال الفكري ، تجعله ينظر للأمور بموضوعية المفكر ، لا بإنحيازات المنتمى ... وكما كان أستاذه منحازاً للفترة التي شهدت مجده ، إنحاز هو الآخر لمراكز الثقل الجديدة ، ودافع عنها بوعي وحنكة ودراية العرًاب ، لا بعقيدة وإخلاص المنتمى .. والعرّاب لا يعنيه سوى الدفاع عن فصيلته وعشيرته ، لأنه أصبح جزءاً منها ، وصارت جزءاً منه ، ينال مجده من سطوعها ، وتنال مصداقيتها من دفاعه المستميت عنها .. ويختلف هويدى عن أي عرّاب لجماعات الإسلام السياسي ، لأنه يمتلك بلاغة الحجة وسحر البيان ، ولديه نفس أدوات خصومه الفكريين في التحليل وإستخلاص النتائج ، وتفنيد الأحداث بما يؤكد وجهة نظره ، حتى وإن كانت دلائل الأمور أبعد ما تكون عنها .. وكل تلك المقومات انتقلت إليه من أستاذه هيكل ، الذي فاق مجايليه وأقرانه ، سواء في لغته المضيئة الناصعة ، التي تتلامس في مواضع عدة مع لغة الأدب وشفافيته ، أو في تحليلاته الناعمة التي تعرف طريقها جيداً إلى هدفها وقارئها ، وكأنها ( القوى الناعمة ) التي ينفذ منها هيكل إلى العقول .. هويدى صورة أخرى من هيكل ، الفارق الوحيد بينهما فارقاً زمنياً ، وليس فارقاً فكرياً ، فالأستاذ لم يدافع إلا عن الفترة التي شهدت مجده ، متغافلاً عن ما شابها من ديكتاتورية ، ولم يتخل عن دوره إلا بعد أن أبعدوه قسراً عن مقود سيارته المفضلة ، سيارة الأب الروحي ، بعد أن ساءت العلاقة بينه وبين السادات ، ولم يكن غريباً على تلميذه أن يفضل نفس السيارة ، ويقوم بنفس الدور ، لكن على طريق آخر وبوسائل أخرى .. ورغم غرامي بمقالات الاثنين : الأستاذ والتلميذ ، ومتابعتي الحميمة لهما ، إلا أنني سأظل منحازا لمدرسة الراحل المرموق ، أحمد بهاء الدين ( 1927 – 1996 ) ، الذي حافظ على مسافة بينه وبين السلطة المصرية ، أهلته أن يرى الواقع المصري بتجرد وواقعية ، ولم يكن منتمى إلا لأرضه وبني وطنه ، وهو نفس الدور والطريق الذي يسير عليه الآن الكاتب الرائع سلامة أحمد سلامة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.