كانت الاحتفالية التي دعت إليها مؤسسة روز اليوسف يوم الاثنين 18 من شهر يناير الجاري بمناسبة مرور 20 عاما علي رحيل الأستاذ إحسان عبد القدوس تعبيرا عن التقدير الكبير الذي يحمله العاملون في هذه المؤسسة نحو الراحل الذي لعب دور كبيرًا في حياتنا الثقافية والأدبية والسياسية... وجعل من مؤسسة روز اليوسف ساحة لاستيعاب المواهب الصحفية التي لعبت دورًا كبيرًا في توجيه الرأي العام. وكانت ليلة الاحتفالية فرصة فريدة لاجتماع عدد كبير من الأدباء والفنانين والصحفيين كان إحسان عبد القدوس هو محور أحاديثهم في شتي المجالات التي عمل فيها وكانت له صلة بهم... والظاهرة التي أثارت التفكير هي وجود عدد كبير من الشباب وأبناء الجيل الجديد الذي لم تكن لهم به صلة شخصية وإنما تعرفوا عليه خلال انتاجه الأدبي والفني والصحفي. وهناك صفحة في تاريخ إحسان تحتاج إلي تسليط الضوء عليها... وهي علاقته مع ثورة 23 يوليو... وهو الذي كان صوتا للمعارضة في عهد النظام الملكي السابق. كان إحسان عبد القدوس أحد الذين أسهموا في إصدار مجلة التحرير أولي مجلات الثورة التي صدرت في 16 سبتمبر 1952عن طريق التشجيع والسماح لبعض العاملين في روز اليوسف بالعمل في مجلة التحرير أيضا... ومنهم الفنان الكبير حسن فؤاد، والفنان عبد الغني أبو العينين وصلاح حافظ وكتابة بعض المقالات في أعدادها الأولي. ومع ذلك ظل إحسان عبد القدوس محتفظًا بآرائه الشخصية المعبرة عن تفكيره الحر دون أن يؤثر ذلك علي علاقته الشخصية مع جمال عبد الناصر الذي كان يحمل له تقديرًا كبيرًَا. وكانت مقالات إحسان عبد القدوس في فترة العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 من المعالم البارزة للوحدة الوطنية والروح القومية ومعاداة الإمبريالية والصهيونية. ورغم عدم انتماء إحسان عبد القدوس لحزب من الأحزاب طوال حياته إلا أن جمال عبد الناصر اختاره عضوا في أول تشكيل للجنة المصرية للتضامن التي شكلت في شهر أغسطس 1957 للإعداد لأول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية الذي عقد في ديسمبر من نفس العام 1957 وانبثقت منه منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية التي مازالت تعيش في أحضان الشعب المصري حتي اليوم. تشكلت اللجنة برئاسة أنور السادات وعضوية الدكتور طه حسين وخالد محيي الدين ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وعبد القادر حاتم ومحمد حسنين هيكل ونجيب محفوظ وأحمد بهاء الدين ومحمد فهمي السيد. وفي هذا التشكيل حرص جمال عبد الناصر علي أن يكون تنظيم لجنة التضامن شاملا مختلف الاتجاهات والمدارس الفكرية، معبرا عن الوحدة الوطنية ومضت اللجنة علي هذا النهج تفتح أبوابها لكل وطني له رغبة في الانتماء والعطاء... وكان لإحسان عبد القدوس دور كبير في بناء ودعم هذه اللجنة دون أن يؤثر ذلك علي استقلاليته الواضحة في القضايا السياسية والاجتماعية ... وهو ما حرص عليه أيضا في أن تكون روز اليوسف منبرا وطنيا يضم مختلف الاتجاهات ... ويتحلي العاملون فيه بالود والتسامح كأساس للوحدة الوطنية. والاحتفالية التي أقامتها روزاليوسف تثير قضية مهمة هي ضرورة تخليد ذكري الراحلين الذين لعبوا دورا بارزا في حياتنا الوطنية والسياسية... ولعل إقامة احتفالية كل عام تضم أسماء المختارين أصحاب الفكر والرأي في تاريخ يتم الاتفاق عليه هو أمر يستحق البحث والاهتمام. والمثل الذي ضربه القائمون علي مؤسسة روزاليوسف اليوم يستحق التحية والتقدير.