شيخ الأزهر يبحث مع وزير التعليم العالي التشادي تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    حماة الوطن بالإسماعيلية ينظم مؤتمرًا جماهيريًا لدعم مرشحيه في انتخابات النواب    تراجع سعر صرف الدولار في البنوك المصرية (آخر تحديث)    أهالي قرية ببني سويف يطالبون بتعزيز من «الإسكان» قبل غرق منازلهم في الصرف الصحي    حياة كريمة: محافظ سوهاج يتفقد أعمال رصف طريق بناويط جهينة بطول 9 كيلومترات    وزير الخارجية السوري: زيارتي للصين خطوة مهمة لدفع مسار الشراكة بين البلدين    بعد الحكم بإعدامها.. ما هو أول رد فعل من رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة؟    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    مقتل 18 شخصا جراء الانهيارات الأرضية في إندونيسيا    رينارد يستبعد عبد الله الحمدان من قائمة مباراة الجزائر    الزمالك يستعيد آدم كايد قبل مواجهة زيسكو في الكونفدرالية    الزمالك يشكر كل من قدم العزاء في رحيل محمد صبري    من هو إبراهيما كاظم موهبة الأهلي بعدما سجل ثنائية فى الزمالك بدوري الجمهورية ؟    ضبط سائق نقل يسير برعونة على أحد الطرق السريعة بالشرقية    الأرصاد الجوية : تغيرات مفاجئة فى درجات الحرارة والقاهرة تصل ل30 درجة    الداخلية تضبط قائدي سيارتين بتهمة مخالفة الاتجاه بمصر الجديدة    المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية في التحقيقات : صليت العصر وروحت أقتله    الأجهزة الأمنية تضبط السائق المتسبب فى وفاة 3 طلاب بأسيوط    المركز الثقافي الإسباني يستضيف مهرجان شعر البحر المتوسط    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    رئيس دار الأوبرا المصرية يزور الموسيقار عمر خيرت فى المستشفى    محافظ القليوبية يتفقد التجهيزات النهائية لمستشفى طوخ المركزي    الجيش الملكي المغربي يعلن نقل مباراته أمام الأهلي بدوري الأبطال    مدبولي: تيسيرات لإجراءات دخول السائحين عبر تطبيق منظومة التأشيرة الإلكترونية    ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 30.2 مليار دولار خلال 9 أشهر    موعد التصويت بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    بطولة منة شلبي وإياد نصار.. الحب والحرب مسلسل تدور أحداثه خلال الحرب على غزة في رمضان 2026    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره السوداني    توفير 4202 فرصة عمل جديدة للخريجين ب 14 محافظة    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    صفقة حامد حمدان تحدد مصير سيف فاروق جعفر فى نادى الزمالك    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    اليوم .. سعر الدولار يواصل انخفاضه فى البنوك    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    مقتل عناصر عصابة شديدة الخطورة وإصابة ضابط بعد تبادل لإطلاق النار    ضوابط استخدام وسائل الإعلام الحكومية في الدعاية الانتخابية وفق القانون    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد التابعي أمير الصحافة المصرية في الخمسينات
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 01 - 2011

هو بحق أمير الصحافة المصرية‏..‏ وشاهد علي فترة مؤثرة في تاريخ مصر‏..‏ قال عنه تلميذه مصطفي أمين‏:‏ اكانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع‏,‏ وكلما سقط علي الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرارب‏..‏ انه الاستاذ محمد التابعي أمير الصحافة المصرية وأحد روادها الأفذاذ‏..‏ صحفي نظيف‏..‏ يتحقق من معلوماته قبل نشرها‏..‏ يحصل علي الأخبار من مصادرها مهما كانت‏..‏ أسلوبه ساخرا عندما يهاجم‏.‏ لكنه في نفس الوقت رشيقا مهذبا‏..‏ صاحب مدرسة خاصة في الكتابة الصحفية‏..‏ تلاميذه كثيرون‏..‏ والأوفياء له أقل‏..‏ في مرحلة ما كانت الصحافة المصرية كلها وكأنها تكتب بقلم التابعي وأسلوبه‏..‏ من مدرسته تخرج كثيرون من أساتذة المهنة وعمالقها‏:‏ مصطفي وعلي أمين وإحسان عبدالقدوس وكامل الشناوي وموسي صبري وصبري أبو المجد وأنيس منصور ولمعي المطيعي وإبراهيم الورداني وأحمد رجب وعباس الطرابيلي ومحمد حسنين هيكل الذي يقول عنه‏:‏ اكانت تجربة العمل مع الأستاذ التابعي ممتعة وأشهد أنني تعلمت منه الكثير ولقد وجدتني شديد الإعجاب بأسلوبه الحلو وفي البداية رحت أقلدهب‏..‏ واذا كانت الصحافة قد أطلقوا عليها صاحبة الجلالة فالتابعي هو صاحب الجلالة كما يقول موسي صبري‏..‏ أسس التابعي مجلة آخر ساعة الشهيرة عام‏1934‏ وشارك في تأسيس جريدة المصري مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت كما كان محمد التابعي هو الصحفي المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام‏..1937‏ وفي قمة مجده في أوائل الخمسينيات كان التابعي يحصل علي أعلي راتب صحفي في مصر وهو‏7‏ آلاف جنيه‏.‏
وفي هذا الحوار تتذكر معنا السيدة شريفة التابعي بعضا من ذكرياتها عن أبيها الأستاذ محمد التابعي
‏‏ سألتها في البداية‏..‏ الكثيرون من أبناء هذا الجيل لا يعرفون من هو محمد التابعي؟
جذور عائلة محمد التابعي من مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية وإن كانت ولادته تمت بمحافظة بورسعيد حيث كانت تصطاف أسرته‏.‏ وقد أسمته والدته علي إسم الشيخ محمد التابعي تيمنا به حيث أنه أول ولد في العائلة بعد ثلاث شقيقات يكبرنه سنا‏.‏ ومحمد التابعي هو اسمه المركب و محمد وهبة هو اسم والده‏.‏ ولد محمد التابعي‏18‏ مايو‏1896‏ وقد إختلفت الأقوال حول سنة الميلاد حيث أن شهادة الميلاد الرسمية لدي العائلة تاريخ الميلاد بها‏.1903‏
وكان التابعي شديد الشقاوة و هو طفل‏.‏و قد تعرف بأحد أصدقاء عمره في المدرسة السعيدية وهو الكاتب الكبير فكري أباظة‏,‏ كما كان الأول علي دفعته من كلية الحقوق من جامعة القاهرة‏,‏ ولكن دراسته الجامعية كانت من المنزل لمرض والدته في ذلك الوقت‏.‏
أما عن تعرفه بالسيدة هدي حسن قرني والتي أصبحت فيما بعد زوجته وحملت إسم هدي التابعي‏,‏ فقد كانت من المعجبات بكتاباته ومن قرائه وإتصلت به يوما ما لمناقشته حول كتابه أسمهان تروي قصتها‏,‏ ثم توطدت علاقتهما أكثر من خلال لقاءات عائلية بالإسكندرية خلال فصل الصيف وتم زواجهما وإنجاب الابن الأكبر محمد التابعي محمد التابعي عام‏1952(‏ والذي توفي في إبريل‏2001)..‏ وشريفة التابعي عام‏.1956‏
‏‏ بعد‏23‏ عاما علي رحيله‏..‏ كيف تري شريفة التابعي والدها ؟
كان التابعي زوجا مثاليا وأبا رائعا شديد الحنو والكرم والضعف أمام أبنائه‏,‏ وكان صبورا جدا مع أولاده فلا يسخر من شيء يقال أو رأي طفولي أو ساذج بل يأخذه بمأخذ الجد ثم يشرح لنا وجهة نظره بطريقة لا تقلل من شأن ما قلناه أبدا‏.‏ وقد تأثر كثيرا لمرض شقيقي في صباه وبالتالي أثر ذلك علي مزاجه ورغبته في الكتابة منذ منتصف الستينات‏..‏ وإن كان إستمر في الكتابة حتي عام‏1971‏ وكانت من أخر مقالاته عن الرئيس السادات
‏..‏ تعلمت من والدي الكثير من الإيجابيات أهمها الإعتزاز بالنفس والكرم والموضوعية والصراحة المطلقة في الحق‏.‏ وكان يصاحبني كصديق وليس فقط كوالد وأتذكر في بعض الأحيان كنت أسافر معه وحدنا لقضاء بعض الأيام بالإسكندرية‏,‏ كما أخذت عنه عشقه للسينما وأتذكر أنه كان لزاما علي الذهاب للسينما علي الأقل مرة في الأسبوع و بدأ في إصطحابي معه منذ سن المراهقة‏.‏ تعلمت منه أيضا أهمية إحترام الآخر وحب السفر والتعرف علي الثقافات المختلفة‏,‏ وأهمية تعلم لغات مختلفة‏,‏ والتواصل مع الأصدقاء الأجانب والتعرف علي عقلية الأعداء أيضا والرد عليهم‏.‏
وتستطرد شريفة‏:‏ كما أنه كان شديد السخرية و المزاح مع من حوله‏.‏ ومن أكثر ما بهرني في شخصيته العلاقات الإنسانية المتعددة والحميمة التي تميز بها‏,‏ فكانت صداقات حقيقية وليست علاقات مصالح كما نري في حالات أخري كثيرة‏,‏ وكانت لديه المقدرة أن يحتفظ بالأصدقاء حتي لو كتب منتقدا لهم أو مخالفا لهم في الرأي كما حدث كثيرا مع كلا من صديقيه الحميمين يوسف وهبي ومحمد عبد الوهاب‏,‏ فالصداقة شيء والعمل شئ آخر‏.‏
‏‏ ماهي قصة حندس في اهرام العشرينيات؟
بدأ محمد التابعي عام‏1924‏ بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام بعد أن اتفق مع صاحبها علي أن يكتب لها مقالات في النقد المسرحي‏,‏ وإختار لها إسما مستعارا هو حندس‏(‏ وتعني الظلام الدامس‏)‏ حيث كان يخشي المسئولية لأنه كان موظفا بسكرتارية مجلس النواب وكانت أولي مقالاته النقدية عن مسرحية غادة الكاميليا التي قدمها مسرح رمسيس في العشرينيات‏,‏ وانتقد فيها بعنف الفنان يوسف وهبي‏.‏ وشجعه نشر مقالاته في االأهرامب علي أن يكتب مقالات أخري نقدية في عدة صحف مثل أبو الهول‏,‏ والسياسة والنظام بجانب الأهرام والاجيبشيان ميل وبنفس الإسم المستعار‏:‏ حندس‏.‏ وأعجب يوسف وهبي بهذه المقالات‏,‏ وكان ينتظرها بالرغم من انها كانت تهاجمه‏,‏ ووصف التابعي بأنه يسقيه السم في برشامة‏..‏
‏‏ كيف تفسرين أسلوب محمد التابعي في الكتابة ؟
تأثر التابعي بكثرة قراءاته الغربية والعربية علي السواء لكل كتاب ذلك الوقت‏..‏ ومن المعروف أنه بين الحين والأخر تظهر في كل مجال أدبي وفني وغيرها من المجالات مدرسة جديدة‏,‏ ويعد التابعي مؤسس لغة الكتابة الصحفية المصرية الحديثة والأب الشرعي لها بعد أن غير تماما من أسلوبها من لغة السجع والكلمات الثقيلة إلي اللغة المبسطة التي نشعر فيها بأنك تستمع لدردشة راقية‏,‏ فكانت لغة سلسة وسهلة ومثقفة في ذات الوقت وتهتم كثيرا باللغة العربية الصحيحة ولكن بأسلوب يفهمه الأمير والغفير علي السواء‏.‏ كما كان أول من طور في الصحافة فأدخل فيها المقال والقصة الخبرية‏.‏
وإذا كان قد تأثر التابعي بشيء فإنه قد تأثر بفن الكاريكاتير السياسي والذي كان منتشرا بالدول الغربية‏,‏ وأدخله في الصحافة المصرية من خلال الثنائية التي كونها مع فنان الكاريكاتير الأرمني الكبير صاروخان‏.‏
وكان التابعي شديد السخرية ذو أسلوب لاذع ومن نماذج الألقاب التي كان يمنحها لكبار الساسة ما يأتي‏:‏ مصطفي النحاس باشا رئيس الوزراء‏(‏ حامل عمامة التقي والورع‏),‏ إسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء‏(‏ حامل كليشيه الابتسامات الصناعية‏),‏ عبدالفتاح يحيي باشا رئيس الوزراء‏(‏ وزير الدوخة و الأسبرين‏),‏ محمد محمود باشا رئيس الوزراء‏(‏ صاحب اليد الخشبية‏),‏ توفيق نسيم باشا رئيس الوزراء‏(‏ رئيس حكومة هوبنار‏)‏ وهو اسم الفتاة النمساوية التي أراد أن يتزوجها وهو فوق السبعين‏,‏ حلمي عيسي باشا رئيس حزب الاتحاد‏(‏ وزير التقاليد وقطع العيش‏),‏ احمد خشبة باشا وزير العدل‏(‏ وزير الحلاوة الطحينية‏)..(‏ رب المقالب و المثالب‏)‏ الخ الخ‏!!..‏ و كثيرون لا يعرفون أن التابعي برع في مجال أدب الرحلات وكتب عدة كتب في هذا المجال مثل حكايات من الشرق والغرب ورسائل وأسرار‏..‏ بأسلوب سلس وشيق يجعل القاريء يشعر بأنه في وسط المكان والحدث‏,‏ كما أن كثيرين لا يعلمون أن التابعي قد كتب للسينما المصرية عدة أفلام معروفة‏.‏
‏‏ هل أعطت الصحافة لمحمد التابعي كما أعطاها ؟
بسرعة وكعارفة بقيمة محمد التابعي أقول لك لا‏..‏ فالتابعي أعطي الصحافة عمره وخلاصة فكره و مبادئه‏,‏ وكان يرهق نفسه جدا بدقته الشديدة في تقصي الأخبار فلا ينشرها إلا بعد بحث وتحري دقيقين بل قد يسافر أحيانا للتأكد من صحة خبر سمعه وبهذا كون صورة محترمة عن دور الصحفي والأولوية التي يجب أن يعطيها لمصداقية الخبر الذي ينشره‏.‏
كما سعي لتكوين أول نقابة للصحفيين وكان من أعضائها المؤسسين عام‏1941‏ حيث صدر قرار وزاري في مارس سنة‏1941,‏ بتشكيل مجلس مؤقت لادارة النقابة برئاسة محمود أبو الفتح وعضوية الأساتذة ابراهيم عبد القادر المازني وجبرائيل تقلا وفارس نمر ومحمد التابعي وعبد القادر حمزة وادجار جلاد وحافظ محمود ومحمد خالد ومصطفي امين وفكري أباظة وخليل ثابت‏.‏س
أما عما قدمته الصحافة للتابعي‏..‏ فمن العدل أن نذكر أنها أعطته حب الناس الكبير حيث تعرفوا علي شخصية التابعي ووثقوا فيها تماما‏,‏ بحيث إذا كان كاتب الخبر هو التابعي فيعني هذا أن الخبر موثوق منه تماما‏,‏ فهو مصدر ثقة و دقة‏,‏ كما أنها قدمت له شهرة بلا حدود فأصبح أشهر و أهم كتاب عصره حتي أن أنيس منصور في تقديمه لكتاب بقلم محمود صلاح عن التابعي بإسم زمن أوراق أمير الصحافةس عام‏2000‏ كتب يقولس ماذا حدث في مصر من خمسين عاما‏.‏أهم ما في هذه المذكرات‏:‏ التابعي نفسه‏.‏ فهو الخبر ومصدر الخبر‏,‏ وهو الذي ينشر الخبر‏,‏ ويلاحقه‏,‏ ويعلق عليه‏.‏ فقد كان التابعي أقوي من أي خبر‏.‏
‏‏ الشق الثاني للسؤال قد يدور حول تكريمه‏:‏ فقد تم تكريمه من كل من الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات‏,‏ كما تم تكريمه في المملكة المغربية من نقابة الموسيقيين المغاربة في مارس عام‏2010‏ وينتابني شعور بالأسي والحزن أن ذلك لم يتم في بلده ولا من خلال نقابة الصحفيين المصرية‏.,‏ التي لم تقم بتكريمه حتي اليوم‏..‏ بل علي العكس‏,‏ قد قيل لي من إحدي الصحفيات‏(‏ ولا أجزم بصحة المعلومة بل أسوقها كما قيلت لي‏)‏ إنه تم إزالة صورة كبيرة له بإحدي قاعات النقابة بناء علي تعليمات أحد النقباء السابقين‏.‏
بالإضافة الي أن بعض تلاميذه لم يعترفوا بجميله عليهم كما يجب‏,‏ وقد ذكر هذا الكلام الكاتب الكبير حسنين هيكل في مقدمة كتبها للطبعة الأخيرة من كتاب التابعي من أسرار الساسة و السياسة قدم فيها ااعتذارا للتابعي‏(‏ بالرغم من أنه لم يخطئ في حقه علي العكس دائم الوفاء لذكراه‏)‏ عن ا درجة من النسيان لاسمه وقيمته لحقت ذاكرة أجيال جديدة من القراء اويعود بالذنب إلي اطراف من تلاميذ التابعي ظلمت الرجل ولم يكتفوا بالصمت بل حاولوا الحصول علي دوره ومكانته‏,‏ بل وأخذوا عما كتب التابعي في مقالاتهم وكتبهم‏,‏ ونسبوه لهم رغم أن أحدا لم يشاهد أحداثه سوي محمد التابعيب
وبناء علي ذلك نشأت أجيال صحفية قد تعرف اسم محمد التابعي دون أن تعرف دوره الفعلي وتاريخه الحقيقي المؤثر في تاريخ مصر الحديث‏,‏ بل أن البعض يعتقد أن مجلة أخر ساعة والتي أنشأها التابعي‏1934‏ قد خرجت من تحت عباءة أخبار اليوم وليس العكس‏.‏ وهناك بعض الجامعات الخاصة التي تدرس مادة الصحافة علي أن تاريخ الصحافة المصرية يبدأ مع الأخوة أمين وأخبار اليوم هذا غير أن بعض الجامعات الأخري التي كان تاريخ التابعي جزءا من منهجها قد أزالت الجزء الخاص بتاريخ التابعي
‏‏ ماذا عن علاقة التابعي بالسلطة علي مر العصور ؟
من المقولات المعبرة عن أخلاقيات و موقف التابعي الثابت علي إختلاف نظم الحكم والعصور‏,‏ ما قاله عنه تلميذه مصطفي أمين اكانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع‏,‏ وكلما سقط علي الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرارب كما قيل عنه أيضا الا يحب الذين يدافع عنهم و لا يكره الذين يهاجمهم‏.‏ لا يحقد علي عدو ولايطمئن الي صديق‏,.‏ واذا هاجم أشفق علي خصمه وهو يذبحه وإذا أيد‏,‏ سخر بزعيمه و هو يؤيدهبو تلك المقولتين تعبر بحق عن شخصية التابعي في كيفية التعامل مع السلطة و المسئولين‏.‏
ومن المعروف أن التابعي كان الصحفي الوحيد الذي رافق العائلة المالكة في رحلتها لأوروبا لعدة شهور وقبل تتويج الملك فاروق رسميا‏,‏ وكان علي نفقته الشخصية كعادته حتي يضمن إستقلالية رأيه فيما يكتبه‏.‏
وبعدها هاجم الملك السابق فاروق بضراوة و هو ما زال في الحكم و قام بنشر مقال مشهور أنذاك بإسم ايحيا الظلم‏,‏ كتب فيه ايحيا ظلم كل جبار عاتية معتز بسلطانه وسطوته يدوس القوانين ولا يبالي‏..‏ نعم يحيا الظلم لأنه خير مرب للنفوس‏..‏ ونفوس المصريين تجيش اليوم بمعني واحد‏..‏ لقد صبرنا طويلا ولن نصبر بعد اليوم‏..‏ وتحملنا كثيرا ولن نتحمل بعد اليومب
وكان علي علاقة طيبة بكلا من الرئيسين الراحلين عبد الناصر والسادات وكان الرئيس السادات من قراء التابعي علي الدوام ويعود الفضل له في إعادة طبع كتاب من أسرار الساسة والسياسة مرتان في فترة السبعينات وما بعدها‏,‏ حيث كان يؤمن الرئيس السادات بأن هذا الكتاب هو أكثر تأريخ حيادي وموضوعي لمصر في فترة ما قبل الثورة‏.‏
‏‏ غراميات التابعي‏...‏ وما حقيقية قصة الحب المجهولة مع أم كلثوم؟
أعتقد أن ما يعرف بغراميات التابعي قد أخذت حجما مبالغا فيه بواسطة وسائل الإعلام المختلفة‏,‏ ليس لعدم صحتها بل لطريقة تناولها والمبالغة فيها‏,‏ حتي أن بعض الصحف الغير دقيقة في تقصي الأخبار قالت عن لساني أنني أفتخر بغراميات والدي‏!‏ لمجرد أنني لا أجد حرج في مناقشتها بموضوعية حتي نضع النقاط علي الحروف‏.‏ فمن لا يعرف شيئا عن إنجازات التابعي الصحفية يتصور أن شهرته نبعت من تلك العلاقات وليس العكس‏!‏ وإن كانت كلمة حق تقال أن ما قد أخفاه في مذكراته الشخصية تفوق كثيرا ما قد تم الإعلان عنه‏,‏ مثال علي ذلك أن التابعي عند كتابته لقصة أسمهان تروي قصتها في نهاية الخمسينات كان ذلك دفاعا عنها لعملها في مجال الجاسوسية حتي تتضح الصورة بأنها عملت لصالح وطنها وليس العكس‏.‏ و لم يذكر علي الإطلاق في كتابه أنه خطبها رسميا في أكتوبر عام‏1940‏ ولا فسخه أيضا للخطوبة برغم محاولتها العديدة للرجوع إليه‏.‏ بالرغم من أن هذا الخبر كان معلوما لكل من عاصر التابعي‏,‏ إلا أنه لم يتم نشره إلا في التسعينات عندما أذنت السيدة هدي التابعي بنشره‏.‏ وفيما يخص السيدة أم كلثوم فإن علاقتها بالتابعي إستمرت مدي الحياة‏,‏ علاقة صداقة عائلية وطيدة و قد حزن بشدة عند وفاتها‏.‏
‏‏ بماذا كان ينصح محمد التابعي الصحفيين الشبان في ذلك الوقت؟
عما يمكن أن يوجه للبراعم الصحفية الجديدة من نصائح قال التابعي‏:‏ اأن يدرس كل واحد منهم نفسه وميوله الحقيقية ويحاول أن يزن كفايته وإستعداده لآن الصحافة إستعداد وموهبة قبل أن تكون دراسة وليست الصحافة مجرد كتابة مقالات‏,‏ فالصحفي الموهوب يستطيع من غير أن يكون قد درس فنون الصحافة‏,‏ أن يخلق من الحبة اقبة كما يقولون‏,‏ ومن الخبر الصغير خبرا مثيرا‏,‏ بينما يموت أكبر وأهم خبر علي قلم ليس لديه الموهبة الصحفية‏,‏ وقد عرفت في عملي الصحفي فعلا صحفيين أغفل عن ذكر أسمائهم يقصون عليك الخبر الذي سمعوه فتجده خبرا هاما حقيقة ومثيرا و لكن إذا جلسوا الي المكتب ليكتبوه تخاذل الخبر ومات علي الورقب‏.‏ كما نصحهم بأهمية االاسم النظيفب والذي هو رأس مال الصحفي الجاد‏.‏
‏‏ هل استمر تلاميذ التابعي علي دربه؟
من المتعارف عليه أن تلامذة التابعي الرئيسيين هم أربعة‏(‏ وإن كان آخرون كثيرون تأثروا بالتابعي‏),‏ وهم الأخوة مصطفي وعلي أمين في مجال الصحافة‏,‏ وإحسان عبد القدوس في مجال الأدب والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في مجال السياسة‏..‏ ولكل منهم مكانته في قلب وعقل استاذهم‏,‏ فكان إحسان عبد القدوس بمثابة االابن الروحيب له كما كانت تقول لي والدتي ومن المعروف أن زواج إحسان عبد القدوس قد تم بمنزل التابعي‏.‏
وبالنسبة لعلي أمين والذي توفي مبكرا إلا أنه من الملاحظ في بعض كتاباته التأثر بأسلوب التابعي الذي يجمع بين الطرافة والسخرية اللاذعة في آن واحد‏.‏ أما مصطفي أمين‏,‏ فأعتقد أنه بالرغم من تأثره كثيرا بأستاذه خاصة في مجال أهمية المقالة الخبرية‏,‏ كما أنه طور كثيرا من التقنيات المستخدمة في الصحافة من خلال أخبار اليوم‏,‏ إلا أنه اتجه أكثر إلي ما يعرف بإسم اصحافة الإثارةب وهو ما لم يتبعه التابعي‏,‏ وقد اندهشت كثيرا مؤخرا إلي أن البعض ينسب صحافة الإثارة إلي محمد التابعي وهذا غير صحيح‏.‏ أما الأستاذ هيكل فمن المعروف عنه دقته وأنه يدلل علي كل ما يتحدث عنه من خلال مصادر ومستندات و كان التابعي يهتم كثيرا بتقصي الأخبار وتحري دقتها‏.‏ وأحب أن أوجه تحية وتقدير للأستاذ هيكل لوفائه وإخلاصه الدائم لذكري التابعي‏.‏ وكذلك للكاتب الساخر الكبير أحمد رجب و الذي يظل من الأوفياء بشدة لذكري واسم التابعي والذي أشعر أحيانا بروح التابعي في بعض كتاباته الساخرة‏,‏ واللذان لم يتوقفا أبدا عن السؤال عن عائلة التابعي بعد وفاته‏.‏
وأحب أن أضيف أنني آخذ علي بعض تلاميذه مثل الصحفيين الكبار مصطفي أمين وأنيس منصور و بالرغم من تقديري الشديد لكليهما التركيز الدائم في أغلب مقالاتهما علي اغراميات التابعيب أكثر كثيرا من دور التابعي المؤثر في الصحافة المصرية‏.‏
‏‏ لو كان التابعي بيننا الآن ماذا كان سيكتب عن حالنا في هذه الايام؟
أتصور أنه كان سيحزن و يأسف جدا علي ما آل إليه حالنا عموما و خاصة حال الصحافة الأن لأنها مرأة المجتمع و التي تختلف كثيرا عما كانت عليه من قبل في عصرها الذهبي أيام أمير الصحافة و لأعاد ما قاله عام‏1963‏ والذي نقله عنه الصحفي الكبير صلاح منتصر اكان أحد الزملاء قد قال عني منذ نحو‏15‏ عاما انني أكتب لأعيش‏,‏ و لم يكن ما قله الزميل صحيحا يومئذ فقد كنت أعيش لأكتب‏,‏ و أعلن ما هو حق و صدق أو ما أعتقد أنه حق و صدق‏..‏ و لكنني كما قال الزميل منذ نحو‏15‏ عاما أصبحت الآن أكتب لأعيش لانني تعبت‏,‏ تعبت جدا و أود أن استريحب‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.