* جنود بشار يضرمون النار في حقول القمح ... ومسعف من جسر الشغور: شاهدت المئات من الجرحى وعشرات القتلى * تنامي المخاوف من اندلاع حرب أهلية في سوريا بعد أنباء عن استخدام السلاح ضد قوات بشار * أنباء عن انشقاقات في القوات بجسر الشغور التي شهدت مذبحة من حافظ الأسد عام 1980 عواصم- وكالات: قالت لجان التنسيق المحلية، إن قوات الأمن السورية قتلت 28 محتجا حين أطلقت ذخيرة حية على مظاهرة مطالبة بالديمقراطية في سوريا اليوم الجمعة. وفر أغلب سكان منطقة جسر الشغور البالغ عددهم 50 ألفا هربا من القمع، وقد وصل الآلاف منهم في الأيام الماضية إلى تركيا. وأدلى اللاجئون – الجرحى في كثير من الأحيان – بشهادات صاعقة عن الوسائل التي يقولون إن قوات الأمن تستخدمها لقمع المتظاهرين وتشمل القصف بالمروحيات وإطلاق النار على مواكب مشيعين او على مسعفين. وذكرت اللجان، في بيان لها، أن أعمال القتل حدثت في سهل حوران مهد الانتفاضة ضد حكم حزب البعث وفي دمشق ومدينة اللاذقية الساحلية وفي محافظة أدلب الشمالية الغربية وهي أحدث منطقة نشرت فيها القوات والدبابات لقمع الاحتجاجات. ومن المناطق الكردية في الشمال إلى مدينتي دير الزور والبوكمال في وسط شرق البلاد مرورا بالعاصمة دمشق، حض الناشطون المؤيدون للديمقراطية الذين دعوا لهذه التظاهرات عبر موقع فيسبوك، العشائر على الانتفاض في وجه النظام ودعوا إلى الدفاع عن مدينة جسر الشغور التي شهدت مقتل العشرات شمال غرب سوريا. وأعلن النظام أنه أمر بالبدء بعملية عسكرية في جسر الشغور بمحافظة أدلب “بناء على طلب السكان”. إلا أن شاهدا قال لوكالة فرانس برس إن القوات العسكرية تقصف القرى المحيطة بجسر الشغور لدى تقدمها نحو المدينة. وأضاف أن “الجنود أضرموا النار في حقول القمح في قرية الزيارة” التي تبعد خمسة عشر كلم جنوب شرق جسر الشغور. وقال رجل إسعاف من الهلال الأحمر السوري يبلغ من العمر 29 عاما أصيب برصاصة في الظهر في جسر الشغور ونقل الإثنين إلى أحد مستشفيات أنطاكيا جنوب تركيا، “عملي هو انتشال أقصى عدد ممكن من الجرحى ووضعهم في سيارة الإسعاف، ولم يكن لدي الوقت للنظر إلى ما يجري من حولي”. وتابع “لكنني شاهدت الكثير من الجرحى، بالمئات. وعشرات القتلى، ربما مائة”. يأتي ذلك فيما تتزايد المخاوف من احتمال انزلاق سوريا نحو حرب أهلية بعد أسبوع من إعلان الحكومة عن مقتل 120 جنديا في بلدة قريبة من الحدود التركية. وفيما أرسلت سوريا دباباتها إلى منطقة جسر الشغور التي يقطنها نحو 50 ألفا من المسلمين السنة والذين فر معظمهم لا تزال تفاصيل الواقعة غير واضحة. وفي حين اتهمت وسائل الإعلام الحكومية مسلحين مجهولين بارتكاب هذه الفعلة قال ناشطون في مجال الديمقراطية إن جنودا تمردوا بعد أن رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين العزل. وأيا كانت الحقيقة فإن الأمر يشير إما إلى تصدعات في ولاء عناصر القوى الأمنية للرئيس بشار الأسد أو بدايات تمرد داخل الجيش أو مزيج من الاثنين معا. وفي كل الأحوال فمقتل مثل هذا العدد في منطقة عرضة للتوتر بين الأغلبية السنية في سوريا والطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد تشير إلى تطور الأحداث على نحو أكثر دموية بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الاضطرابات. وقال جوشوا لانديس وهو أستاذ مشارك في دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما ومتخصص في الشئون السورية “البلاد تنزلق نحو حرب أهلية. هي خطوة نحو حرب أهلية.” وأشار إلى أن المنطقة الفقيرة المحيطة بجسر الشغور والتي تقع عند سفح “جبل العلويين” معقل هذه الأقلية المهيمنة والتي يقطنها سنة محافظون. وتابع أن هذه المنطقة “لديها تاريخ من المشاعر المناهضة للحكومات. والتيارات الإسلامية قوية جدا هناك.” وفي عام 1980 سحق الرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار تمردا سنيا في بلدة جسر الشغور التي تقع على طريق استراتيجي مهم بين حلب ثاني اكبر مدينة سورية واللاذقية المطلة على البحر الامتوسط. وبعد ذلك بعامين سحقت قوات الأسد انتفاضة مسلحة للإخوان المسلمين في حماه مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف في حدث مازال صداه يرن في آذان من تخول له نفسه تحدي حكامه. ولا يبدي كثيرون استعدادا للتحدث علنا عن حمل السلاح والبعض يرفض الكلام عن العنف الطائفي والعرقي. إلا أن العديد منهم قالوا خلال محادثات جرت هذا الأسبوع مع عدد من النشطاء إنهم يعتقدون أن بعض المعارضين للأسد يستخدمون أسلحة بالفعل ومنها أسلحة مهربة من الخارج. وقال أحد الناشطين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه “بعض الناس حملوا السلاح ضد قوات الأمن في جسر الشغور.” وأضاف “هل هناك سلاح.. حتما هناك سلاح ولكن كم هو حجمه.. هل سيكون محدودا أم سيمتد إلى مدن أخرى.. هذا هو السؤال.” وقال محلل في دمشق معبرا عن رأي أبداه العديد من المراقبين في الخارج إن الأسد وحلفاءه العلويين عازمون فيما يبدو على التمسك بالحكم مهما كان الثمن. وقال “النظام تعهد بأن يكسر البلد على رؤوس الناس.” وأضاف “هو سيدفع إلى الهاوية إلا إذا قاوم المجتمع السوري تكتيكاته التقسيمية. مصير سوريا ليس بيد النظام بل بيد أهلها.”