أمالت رأسي بيدها، وقربت أذني من شفتيها وهي تهمس بكلامها الذي بدا نفخا لا حروف فيه. - بو بو بو - مسمعتش على فكرة ! تعيد الكرة من جديد، والهواء الخارج ممن فمها إلى أذني التي بللتها شفتها، يدير رأسي، ولا أملك أن أبعدها عنها قليلا فأرتاح أو أسمع. - مسمعتش برضو ! - يوووه !! ضمت يديها الصغيرتين حول شفتيها بعد أن فقدت صبرها، وصرخت بأعلى صوتها: - بونبونااية الحضااانة. - بجد .. الأبلة بتقولك انت بونبوناية الحضانة، طب وايه السر في كدة. زمت شفتيها بابتسامة خجلة، ورفعت ذراعيها ناحية ذقنها، وهي تهز رأسها : آه ... مسمهاش أبلة على فكرة، اسمها مس رشا. كنا نسير إلى استوديو التصوير حين استوقفتني لتطلعني على سرها العظيم هذا، لأن مس رشا طلبت منهن صورا ربما لتضعها في بونبونيرة الفصل، ولم يكن عند “ندى” صورا فاستغلت زيارتها لنا لتهتف بأمها: خارجة اتصور مع عمو محمد يا ماماااا. وخرجنا. * * * - عارف الشارع دا، كنت باجي فيه المظاهرات مع بابا، أنا عارفاه. - وبابا كان بيروح المظاهرات ليه؟ - علشان ينضف الشارع. - علشان ينضف الشارع ؟ - أيوة ، هو كان بيقولي يللا ننضف البلد .. وننزل بأة ... أصلا أصلا البلد مكنتش نضيفة. - ونضفت؟ - انت مش شايف ولا إيه، أهي بقت نضيفة. مفيش ولا ورقة على الأرض. * * * عند المصور، جلسنا ننتظر فراغ قاعة التصوير من عرس فيه، كانت ردهة المحل ممتلئة بفتيات وشباب في ثياب السهرة، ورائحة عطورهن المزدحمة قد حولت المكان إلى محل ورد كبير. - عندي فستان زي دا .. ماما جابتهولي في فرح خالو حسن. خالو حسن اتعور في المظاهرات، رجله اتكسرت. - وهو بينضف البلد؟! - آه. دوت زغرودة عالية، والعروس تخرج من قاعة التصوير، فكررتها ندى بصوت خفيض، كأنها تجاوب هتافا في مظاهرة. - دي مش مظاهرة على فكرة. - عارفة .. دا فرح. هي المظاهرة أصلا شبه الفرح على فكرة. - طب يللا علشان تتصوري. أسرعت تجلس على المقعد، وتتكئ بمرفقها على مسنده المرتفع، ثانيةً ذراعها اليسرى ناحية وجهها، ممسكة بيدها اليمنى دمية وجدتها في القاعة. - في بونبوبناية تعمل كدة ؟ - هتصور معاها ! - أي حد كدة تتصوري معاه؟ - آه. التقط لها المصور صورا كثيرا حين وجدها متجاوبة معه، مرة وهي واقفة، وأخرى جالسة، وثالثة متكئة. - معلش بس مش كل الناس بيعرفوا يتصوروا . بفرح لما بلاقي حد بيعرف يتصور ، وبحب أصوره. ربنا يخليهالكو. ابتسمت أشكره، ثم قلت لها: - يللا ، عقبال ما تتصوري للانتخابات كدة. - ايه الانتخابات دي ؟ - دي علشان ننضف البلد