يدرك العالم أجمع ربما قبل أن ندرك نحن ، أن المصريين شعبا وجيشا قد فجّروا مفاجأة استراتيجية عظمى ، تنصب نتائجها كالشلالات الهادرة في مجرى التاريخ ، كواحدة من ظواهر صناعة التحولات الكبرى ، التي ستغطي تفاعلاتها العميقة تضاريس زمن طويل قادم ، وبيئة دولية ممتدة واسعة . بل إن طاقة التغيير الهائلة التي أنتجتها ومن ثم فعل التأثير الواسع المترتب عليها ، لا يقل قيمة وعائدا في منظور التحولات الاستراتيجية الكبرى ، عن أي من المبارزات التاريخية والحروب الكونية ، التي تعد على أصابع اليد الواحدة ، فوق مجرى التاريخ الإنساني ، وإذا كان الأمر في حدوده الوطنية ، يبدو ضربا من المعجزات على غرار انتصار أكتوبر العظيم ، فهو ليس معجزة القوة بالدرجة الأولى ، ولكنه معجزة الحضارة في الحالتين ، ومعجزة الإرادة مرة باسم إرادة القتال ، ومرة باسم إرادة التغيير ، وكلتاهما من منجم إنساني واحد ، وحتى في إطار هذه الحدود الوطنية الخالصة ، فإن المقاربة بين انتصار أكتوبر وانتصار ثورة 30 يونيو ، قد تطرح من بعض الزوايا تماثلا مذهلا ، فقد تبادل الجيش الوطني والشعب العظيم المواقع ، مرة هنا ، ومرة هناك ، فإذا كانت جبهة المواجهة المباشرة في حرب أكتوبر هي القوات المسلحة ، بينما كان الشعب عمقا حيا وسندا صلبا ، فقد شكل الشعب في هذه المرة جبهة المواجهة المباشرة ، بينما جاء دور الجيش عمقا حيا وسندا صلبا لها ، فنتائج حرب أكتوبر هي محصلة انتصار الشعب بالجيش ، ونتائج ثورة 30 يونيو هي محصلة انتصار الجيش بالشعب ، وفي الحالتين فإنه انتصارهما معا ، وفي الحالتين فإن الوشائج والصلات ممتدة بينهما ، كأنهار المياه الجوفية في عمق التربة الوطنية . ▲▲▲ من هذا المنظور الواسع ينبغي النظر إلى ما حدث يوم 30 يونيو ، والأيام التالية عليه ، وجسور الأيام الممتدة أمامه في مرمى البصر ، وفي هذا المنظور الواسع ينبغي قراءة وتفسير المواقف المحيطة بالمشهد ، وتلك التي تلقي في جوانبه ما بوسعها من إرهاب وقتل وتفجير : أولا : لقد أنجز المصريون شعبا وجيشا عملا هائلا بكافة المقاييس الحضارية والتاريخية والاستراتيجية ، ولقد خرج العمل والفعل إلى حيز الوجود ، وليس بمقدور أحد مهما كان ، أو قوة مهما بلغت ، أن توقف نتائجه ، أو تدفعه دفعا إلى الوراء ، فقد خرجت الرصاصة من فوهة البندقية ، وإذا كان على المصريين جميعا أن يتمسكوا بإنجازهم ، وأن يقوموا بحمايته ، فإن عليهم في الوقت ذاته ألا يسمحوا لأحد بأن يفسد فرحتهم ، وزهوهم ، وصمودهم الصلب ، وصعودهم الغالب ، إن الروح المعنوية الهائلة التي ترفرف في فضاء مصر كأنها نسر يغطي بأجنحته سمواتها العالية ، عليها أن تظل في مكانها كما هي في قلوبهم ، دائمة الإشراق كأنها شمس منتصف النهار ، لا تطفئها بعض الغيوم العابرة السوداء ، ولا تغطيها بعض عواصف الأتربة والغبار . ثانيا : إن أسوأ ما يمكن أن تقع فيه الرؤية المصرية من خطأ في مواجهة سهام الاتهامات المسمومة الكاذبة ، التي تنهال عليها من ترسانة الإعلام الأمريكي خاصة ، والغربي عامة ، وكذلك من أفواه الإدارة الأمريكية ، أن تتمحور جهودها نحو صياغة موقف دفاعي عن نفسها فتتوافق ضمنيا مع محاولات دفعها إلى الجلوس فوق مقعد المتهم ، فليس ثمة اتهام واحد معلق فوق رأس مصر ، أو فوق رأس جيشها ، فالرد المصري في كل الحالات لا ينبغي أن يكون دفاعا في مواجهة هجوم ، وإنما ردا على هجوم بهجوم مضاد ، يوضح الأدوار والأطماع ، ويفضح جيوش الخداع والتضليل ، فليس هناك في زوايا المشهد كله ، ما يبدو ملتبسا أو غامضا ، إلا إذا كان المطلوب ساعتها من الجيش المصري بعقيدته الوطنية الخالصة ، أن يواصل الجلوس هادئا يفرك أصابعه على الجانب الآخر من التل ، مكتفيا برؤية سيوف الجماعة والمتحالفين معها ، وهي تلغ كالفئران في برك دماء ملايين المصريين الغاضبين السلميين المسالمين ، نساءا وشيوخا وشبابا . ثالثا : عند النظر في تحول موقف الجيش نحو الانحياز العملي لمطالب عشرات الملايين من المصريين الذين شكلوا طبقة حية غطت شوارع القاهرة والمحافظات ، وتمدد نبضها حتى شقوق الحواري الخلفية ، ومداخل القرى المنسية ، ينبغي التوقف أمام العناصر التالية : 1. إن هذه الملايين المسالمة السلمية ، قد مثلت كتلتها البشرية البدن المصري كاملا ، وأنها في الوقت نفسه من منظور الرؤية المباشرة ، كانت واقعة تحت تهديد مباشر لإزاحتها حيث كانت ، باستخدام القوة الغاشمة ، فإذا كانت المعلومات حول ذلك قد توفرت على جانب ، فقد كان الإحساس بها غريزيا متوفر في الشارع ، وهذا ما جعل نداءه يخرج قويا عاليا لا يطلب غير الحماية ، ولم يكن بمقدور الجيش وهو يسمع نداء الاستغاثة وطلب الحماية ، ويرى بعينيه نذير التهديد والخطر ، أن يصم أذنيه ويغلق عينيه . 2. إن الحفاظ على تماسك ووحدة بنية الجيش المصري ذاته ، كان من بين العوامل الأساسية في اتخاذ قرار الانحياز إلى الشعب ، على نحو عملي في تلك الظروف الضاغطة ، فبنية الجيش المصري في ذاتها مرآة عاكسة لبنية الشعب المصري ، فهي تمثل خريطة مصر الجغرافية دون استبعاد ، وخريطتها الاجتماعية والاقتصادية دون انحياز ، وخريطتها الفكرية والعقائدية دون تمييز ، وهو بالتالي قوام جيش منتخب انتخابا طبيعيا بمعيار واحد هو العدل في ضريبة الدم ، وهو أمر قد لا يفهمه الجنرالات الأمريكيون ، باعتبار أن الجيش الأمريكي يمثل بنية متطوعة بالأجر على نحو كامل ، ولذلك عندما اتسعت قاعدة العزوف عن التطوع في أعقاب الخسائر التي لحقت بالجيش الأمريكي في معارك العراق وأفغانستان ، اتخذت هيئة الأركان الأمريكية مجتمعة قرارا لتوسيع قاعدة التطوع بالسماح للشواذ والمثليين الجنسيين بالانخراط في صفوف الجيش بعد أكثر من ثلاثة عقود من المنع القاطع . 3. لقد لعب عنصر القيادة دورا كبيرا في دفع الأمور في اتجاهها المرجو ، سواء أكنا نتحدث عن القيادة على رأس السلطة السياسية يف ذلك التوقيت ، متمثلة في الدكتور محمد مرسي ، أو القيادة العسكرية متمثلة في الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، وللتوضيح فقط وإجلاء أهمية عنصر القيادة ، الذي لا ننظر غالبا إليه بما يستحقه من اهتمام ، في دولة مركزية الطابع تاريخيا كمصر ، فقد أجرى فقهاء الاستراتيجية الفرنسيين دراسة تفصيلية للمعارك التي قادها الجيش الفرنسي وعلى رأسه نابليون بونابارت ، في إطار مقارنة لمعارك مماثلة كانت تتمتع بقيادة مختلفة ، ثم خلصوا غلى نتيجة محددة هي أن وجود نابليون بونابارت على رأس الجيش في أي من هذه المعارك شكل وزنا إضافيا لقوة الجيش يساوي إضافة 40 ألف جندي إلى قواته الضاربة ، ولما كان تعداد الجيوش في هذه المعارك يتراوح بين 100 ألف إلى 150 ألف جندي ، فمعنى ذلك أن القيادة تشكل من 25% إلى 40% من قوة الجيش ، أو من قدرة المؤسسة ، وأن هذه النسبة قد تكون بالإضافة أو الحذف ، وإذا كانت قيادة السلطة السابقة قد واصلت داخل حدود مغلقة تماما مباراتها الصفرية الضيقة الأفق ، فقد كان من حسن طالع مصر أن توفرت لجيشها قيادة نافذة الرؤية استراتيجيا ، ولكنها في الوقت نفسه تكاد أن تكون تمثيلا حيا لمقولة أفلاطون الخالدة : " إن الحكمة السياسية هي أم الحكمة العسكرية " رابعا : لا مراء عندي أن الشرطة المصرية لم تعد كما يقال إلى حضن الشعب ، فالمعنى الأكثر عمقا لحضور الشرطة في المشهد الراهن أنها عادت إلى حضن تاريخها الوطني ، الذي أرض ممتدة بلا فواصل ، لقد ولد الجيش والشرطة مرتين في وعاء تاريخي واحد ، مرة عندما ابتنت مصر أول أمة وأول دولة في التاريخ ، ورأت في الأمن الداخلي والأمن الخارجي وحدة واحدة لا تنفصل ، ومرة أخرى مع المشروع القومي لمحمد علي ، حيث لم يكن ثمة تمييز بين الجيش والشرطة إلا في حدود المهمة المباشرة الذي ينتقل القادة والأفراد بين أمن الداخل وحروب الخارج في إطارها ، ولم يحدث الفصل بينهما إلا مع تقرير ( دوفرين ) الذي أوصى بفصل الشرطة عن الجيش مبررا ذلك بالعمل على منع سريان الروح الوطنية من الجيش إلى الشرطة ، ومع ذلك فقد ظلت الروح الوطنية متأججة في قلب الشرطة على امتداد معارك مصر الكبرى وحتى العبور العظيم ، وفي قلب المحنة الأخيرة على امتداد عام مفعم بالتحديات كان طبيعيا أن تصعد عصارة الوطنية المصرية إلى شجرة الشرطة ، فتطرد عتمة عابرة إلى حيث أرادت أن تصطف مجددا ، إلى جوار شعبها تحت شمس الحرية . خامسا : لقد تعرضت في الأسابيع الماضية مرارا بنوعين من الأصوات التي حاولت أن تحقن الرأي العام المصري بقناعة قالت أنها تخلقت في دائرة الإدارة الأمريكية ، وكنت أراها كاذبة ، كان الصنف الأول يقتصر على صوت واحد هو صوت الدكتور سعد الدين إبراهيم ، الذي أخذ يوزع بإسراف شديد خطابا متكررا على وسائل الإعلام المختلفة يؤكد فيه أن الإدارة الأمريكية قد أدركت عقم تجربة الإخوان ، وأنها جاهزة بحكم نزوعها الديمقراطي إلى الاعتراف بإزاحتهم عندما تخرج جموع المصريين لطلب ذلك ، وكان الصنف الثاني لمجموعة من أصوات المرتحلين بين مصر وأمريكا ، من بعض السياسيين والإعلاميين ، والذين ما انفكوا في أعقاب كل ندوة أو لقاء في واشنطن أن يعيدوا على مسامعنا أن الأجهزة الأمريكية من البنتاجون إلى المخابرات المركزية غاضبة من سلوك الإخوان ، وشبه رافضة لبقائهم ، وأن الإدارة الأمريكية تعيد قراءة مشهد وجودهم على رأس السلطة في مصر بشكل نقدي ، ولم يكن في ذلك كله شئ من الحقيقة وإنما ظلا لتكنولوجيا صناعة الوهم ، غير أن الأمر لا يعنيني الآن إلا في حدود الأصوات ذاتها التي تبشرنا الآن بأن أمريكا سرعان ما تعود إلى سيرتها الأولى مع مصر ، لأن مصالحها في مصر أكبر من تتجاهلها أو تتجاوزها ، والأمر عندي ليس بسيطا ، وليس مؤقتا ، على هذا النحو ، كما أنه ليس متصلا بالمادة 61 من القانون الأمريكي الذي يحتم إيقاف المعونة في حالة انقلاب الجيش وانقضاضه على السلطة ، وإذا كانت أقمار التجسس الأمريكية المسلطة على الفضاء المصري تستطيع أن تبث لهذه الإدارة صورا تتضمن أرقام السيارات العابرة فوق الجسور في القاهرة وكافة المدن المصرية ، فإن التعلل بعد التحقق من طبيعة ما حدث في مصر ، وهو ثورة شعبية بكل المقاييس الإنسانية والتاريخية ، هو محض افتراء ، على غرار التعلل بصندوق الديمقراطية المغلق ، في مواجهة صندوق الشعب المفتوح من كافة جوانبه ، بل إن التعلل بالنزوع الأمريكي إلى الديمقراطية لا يخرج عن التوصيف السابق ، فبمقدورنا أن نقدم قائمة طويلة بأعمال العنف والانقلابات العسكرية التي دبرتها ومولتها كافة الإدارات الأمريكية السابقة ، مما يقطع بأن حديث الديمقراطية وحقوق الإنسان هو بدوره جزء أصيل في لعبة الخداع الاستراتيجي . لذلك فإن أولئك الذين ينفون أو يقللون من التأثيرات المحتملة ، التي يمكن أن تسعى إلى إحداثها الاستراتيجيات الغربية المضادة لهذا النهوض المصري ، لا يقدرون حجم الخسائر التي لحقت بقلب الاستراتيجية الكونية للولايات المتحدة والغرب ، ولا يقدرون حجم التكلفة الباهظة التي دفعتها أمريكا ، لتثبيت هذه الاستراتيجية وتفعيلها وصيانة أدواتها ، ولذلك أيضا فإن جانبا من المفاجأة الاستراتيجية العظمى التي صاغها الشعب والجيش المصريين ، أنها في لحظة اتسمت بالشجاعة والمبادءة والحسم داست على قلب هذه الاستراتيجية وهشمت قاعدتها الاساسية في مصر ، كأنها مسطح من الزجاج ، ولم يكن الرئيس بوتين باسلا أو كريما وهو يقف ليحيي الشعب المصري الذي ألقى دروسه على مسامع الجميع ، أو وهو يعرض عليه ما يشاء من مساعدات ، فالواقع أنه كان يرى بعيدا من فوق شرفة عالية طبيعة الفعل الهائل الذي صنعه الشعب المصري وجيشه وحجم تأثيره الغالب ، الذي تتصل أمواجه الدافقة ، ودواماته العاصفة إلى ما وراء البحار والمحيطات . ▲▲▲ تبدو دائرة العثمانيين الجدد في تركيا هي الأكثر وضوحا في توترها وعصبيتها وانشدادها ، ولا تثريب عليها فلن تذرو رياح الثورة المصرية أحلام الإمبراطورية ، وما تحسبه ميراثها ومتاعها في الإقليم فحسب ، ولكنها ستمارس بشكل جانبي وعلى نحو تلقائي ضغطا شديدا على مركز هذه الدائرة ، ومن حيث أرادت تركيا وحزبها الحاكم في الأصح ، المساهمة في إعادة تشكيل البيئة الداخلية المصرية ، في إطار طموح قاهر لتمدد نفوذها شرقي البحر المتوسط ، فإن المتغيرات المستجدة في البيئة الداخلية المصرية ، ستكون مؤهلة بإشعاعها المجرد للمساهمة في إعادة تشكيل البيئة الداخلية لتركيا ، ومع أن السيد أوباما بدا اقل توترا لكنه أختار أكثر من مرة ، ان يعبر عن قلقه العميق تجاه ما يحدث في مصر ، خاصة بعد أن اكتملت دائرة التغيير ،وقد انتقلت كلماته بحروفها ، وجرت على لسان الأمي العام لحلف الأطلنطي ، ثم انتقلت بدلالاتها وجرت على لسان الجنرال " مارتن ديمبسي " رئيس قيادة الأركان الأمريكية المشتركة ، ثم كان خبز القلق عند الأول والأخير مغموسا في طبق المساعدات الأمريكية ، ولا أعرف ما إذا كان قد مر في مخيلة السيد أوباما وهو يهدئ من قلقه العميق ، صور الدم الذي يمارس الإخوان سفكه في شوارع مصر ، ولكنني أحسب أن الجنرال ديمبسي استعاد وهو يعبر عن قلقه العميق ، حديثا تليفزيونيا أجراه في مارس من العام الماضي ، كان حرصه بالغا خلاله علة أن يقدم شرحا أكثر تفصيلا للمرحلة الأولى في خطوط الاستراتيجية الأمريكية على المستوى الإقليمي ، وإذا لم يكن قد استعاده فبمقدورنا أن نستعيده بكلماته على النحو التالي : 1. ستصبح مصر أكثر أهمية للإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد سقوط بشار ، وتشكيل حكومة سنية في سوريا . 2. سيكون ذلك اكتمال قوس سني ، يقف في مواجهة العالم الشيعي بقيادة إيران . 3. سيتكون هذا القوس من سوريا - مصر - ليبيا - تونس - المغرب . 4. سيكون هذا القوس مدعوما من دول الخليج ، رغم حساسيتها لجماعة الإخوان المسلمين . قبلها بشهر واحد كان " هينري كيسنجر " صاحب نظرية ( لا عولمة دون عسكرة ) والتي مثلت جانبا من الأساس الفكري لتحولات الاستراتيجية الأمريكية في القرن الجديد يحدد لصحيفة " ديلي سكيب " الخطوط الأساسية لتحول أكثر جدة وحدة ووضوحا ، يتلخص في ضرورة السيطرة على سبع دول في الشرق الأوسط ، نظرا لأهميتها الاستراتيجية ، وأن ذلك يعني أن نصف الشرق الأوسط سيكون لإسرائيل ، كما يعني أنه لم تتبقى إلا خطوة واحدة لضرب إيران ، وأنه عندما تستيقظ روسيا والصين من غفوتيهما سيكون الانفجار والحرب الكبرى ، لقد تمت التغطية على كلام كيسنجر بعد ذلك بالقول أنه كلام ساخر لصحيفة ساخرة ، وكان من الواجب أن يضاف غلى ذلك القول ، أنه ليس موجها إلى جمهور عربي ، يبدو أكثر سخرية . ▲▲▲ بصدد الفتنة الإخوانية المسلحة ، التي تتحرك بالحديد والنار في جنبات مصر وشوارعها مستهدفة ملأ بركة واسعة بدم المصريين ينبغي أن يكون واضحا أن القصد على غير ما يشاع ليس هو استعادة ملك هوى ، فقد تهشم العرش شظايا ، كما أن القصد على غير ما يقال ليس تحسين شروط التفاوض لتجنب أحكام قضائية مستحقة بالسجن على الرؤوس ، أو بالعزل على غيرهم ، فسفك مزيد من الدماء يثقل العقوبات ولا يفك أغلالها ، وإنما القصد واقع بالاتفاق في سعي أمريكي لاستعادة السيطرة باستخدام القوة ، إذا نجحت فتنة الدم والذبح ، في أن تفسح مساحة تقفز عليها الاحذية الأمريكية الثقيلة . تم النشر بالتعاون مع مركز يافا للدراسات والأبحاث القاهرة