اتجهت العديد من البنوك العاملة بالسوق المصرية إلي التوسع وبشكل كبير خلال الفترة الأخيرة ليس فقط علي صعيد قطاع التجزئة المصرفية بل علي صعيد تمويل القروض المشتركة حسب الصيغة الإسلامية، وتتنوع الخدمات التي تبحث البنوك العاملة بالسوق تقديمها من خلال طرح منتجات مصرفية متطابقة مع الشريعة الإسلامية، إضافة إلي صناديق استثمار إسلامية، ولعل آخر هذه الصناديق صندوقين لبنكي الشركة المصرفية والبركة. وأرجع المصرفيون توسع البنوك في القطاع بشكل كبير إلي انخفاض مخاطرها واستجابة لمتطلبات العملاء الذين يقبلون عليها بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، فيعتزم البنك الأهلي المصري أكبر البنوك العاملة بالسوق المصري التوسع في تقديم الصيرفة الإسلامية، من خلال التوسع في تقديم الخدمات المصرفية عبر فروعة المنتشرة في أنحاء الجمهورية في الوقت الذي يمتلك البنك فرعين للمعاملات الإسلامية. أما بنك مصر فيعتزم إضافة 38 فرعا إلي شبكة الفروع التي تقدم الخدمات المصرفية خلال العام المقبل، فضلا عن التوسع في تقديم الخدمات المصرفية المطابقة للشريعة الإسلامية، سواء علي صعيد خدمات التجزئة الإسلامية أو تمويل الشركات عبر الصيغ الإسلامية، ويأتي ذلك في الوقت الذي ضم فيه بنك التنمية والائتمان الزراعي 17 فرعا للمعاملات الإسلامية ويعتزم البنك زيادة هذه الفروع إلي نحو 25 فرعا، كما يتوسع البنك في تقديم خدمات تجزئة مصرفية مطابقة للشريعة الإسلامية. وأوضح المصرفيون أن الصيرفة الإسلامية تحظى باهتمام كبير على المستوى المحلي والدولي، خاصة بعد أن أكدت تداعيات الأزمة المالية العالمية أن القطاعات المصرفية وغير المصرفية التي تتعامل بنظام المطابق للشريعة الإسلامية كانت بعيدة كل البعد عن التدعيات السلبية للأزمة الاقتصادية، متوقعين زيادة نسبة هذا النوع من النشاط المصرفي خلال الفترة المقبلة، رغم ان استحواذه علي نسبة لا تتعدي ال 6% من حجم النشاط المصرفي حالياً. قال محفوظ محمد، مسئول العمليات المصرفية ببنك فيصل الإسلامي، إن القطاع المصرفي المصري شهد أقبالا كبيرا علي تدشين إدارات جديدة بالبنوك التقليدية؛ لإطلاق منتجات مطابقة للشريعة الإسلامية، مع تزايد الإقبال من قبل العملاء علي التعامل من خلال هذه المنتجات. وعلي صعيد القروض المشتركة المطابقة للشريعة الإسلامية، يتوقع محفوظ محمد توسع البنوك التقليدية والإسلامية علي السواء في تقديم هذه النوعية من القروض، مؤكدا أن هذه النوعية من القروض هي الأكثر أمانا خلال هذه الفترة في ظل تردي والوضع واستمرار التدعيات السلبية لثورة 25 يناير علي الاقتصاد. توقعت الخبيرة المصرفية بسنت فهمي، مستشار بنك البركة أن تشهد الفترة المقبلة اتجاها كبيرا من قبل المصارف المصرية إلي التعامل من خلال الصيرفة الإسلامية؛ لتلبية متطلبات شريحة من العملاء يزيد حجمها باستمرار. وأضافت أن أهمية هذا النوع من النشاط يأتي من اعتماده علي استثمار البنوك للفائض المتواجد لديها في استثمارات حقيقية وليست في استثمارات ورقية، مما يقلل من المخاطر. وتتفق "فهمي" مع الرأي السابق في أن القروض المشتركة، المطابقة للشريعة الإسلامية هي الأكثر أمانا بالنسبة للبنوك المصرية، مشيرة إلي أن التعامل بالصيغة الإسلامية أثبت أنه أكثر أمانا بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية بشكل عام والبنوك والمصارف بشكل خاص مع انهيار كبري البنوك العالمية وعدم تأثر المؤسسات والبنوك التي تتعامل بالصيغة الإسلامية. وتتوقع "فهمي" أن ترتفع البنوك التي تشارك في القروض الكبيرة التي يتم منحها حسب الصيغة الإسلامية سواء كان من البنوك الاسلامية أو البنوك التقليدية. وأوضحت أن نسبة الصيرفة الإسلامية بالقطاع المصرفي المصري حتي الآن لا تتجاوز نحو 6% من إجمالي نشاط القطاع، في حين توقعت لها أن تزيد هذه النسبة خلال الفترة المقبلة، مضيفة أن البنوك التجارية القائمة حالياً اتجهت للاهتمام بالصيرفة الإسلامية وطرحت منتجات تناسب هذه الفئة من العملاء. أكد مجدي عبد الفتاح، الخبير المصرفي أن التوجه للصيرفة الإسلامية مرتبط بقلة مخاطر الاستثمارات التي تلتزم بها البنوك الإسلامية، ومستندة لدراسات السوق التي تؤكد احتياج المجتمع للاقتصاد الإسلامى، الذى يراعى القواعد الشرعية فى تعاملاته ويلبى احتياجات المجتمع من المنتجات الإسلامية. دعا "عبد الفتاح" البنك المركزى لتأسيس هيئة مختصة؛ للرقابة على المعاملات الإسلامية مثل دول الخليج، لافتاً لافتقاد قانون البنك المركزى للبنود المنظمة للتعاملات الإسلامية، رغم ازدياد التعاملات الإسلامية فى السوق المصرفي المصري. قال خميس منطاوي، مدير الإدارة العامة للاستعلام ببنك عودة، إن بنك عودة أقبل علي هذه النوعية من القروض؛ لثقة البنك في أهمية هذه النوعية من القروض وكونها أكثر أمانا ومتوقعا أن يتوسع البنك بها خلال الفترة المقبلة. وذكر "منطاوي" أن اتجاه القطاع المصرفي بالعالم إلي المعاملات الإسلامية جاء خلال العشر سنوات الماضية؛ استجابة إلي مطالب العملاء، مؤكداً أن البنوك الإسلامية كانت الأقل تأثراً بأحداث الأزمة المالية العالمية عام 2008، نتيجة ابتعادها عن الاستثمار فيما يعرف "بالأموال الساخنة"، إضافة إلي التزامها بضوابط وقواعد حجمت من تأثيرات الأزمة علي تلك البنوك. وأوضح أن حصة الصيرفة الإسلامية بالقطاع المصرفي المصري لا يمكن تقديرها إلا في ضوء حصر إجمالي تعاملات القطاع بأكمله، إضافة إلي حصر الخدمات الإسلامية المقدمة من قبل المصارف الإسلامية أو التجارية التي تقدم الخدمة الإسلامية وحساب نسبتها من الإجمالي، متوقعاً أن تتجه هذا النسبة إلي الزيادة، خاصة خلال الفترة المقبلة مع اهتمام البنوك للدخول في هذا النوع من النشاط المصرفي.