سرعان ما ظهر باراك أوباما بموجة تهديدات جديدة لسوريا بعد رضوخ الولاياتالمتحدة وحكومات الغرب لبعض تعابير ومعادلات الرئيس فلاديمير بوتين في صياغة البيان الختامي لقمة الثماني، وبنتيجة نقاشات صاخبة وعروض قوة روسية صارمة تناقلت تفاصيلها وسائل الإعلام البريطانية التي سربت بعضاً من وقائع النقاش بين الرئيس الروسي ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون حول السلاح و التسليح. أولاً: مرة أخرى يظهر بوضوح التصميم الاستعماري الغربي على إطالة أمد الاستنزاف في سوريا الذي كنا أشرنا إليه مراراً كاتجاه استراتيجي لتعويض الفشل في تحقيق غاية إسقاط الدولة الوطنية، وتتهاوى أوهام كثيرة حول الحلول السياسية التي تخيل البعض أنها ستنطلق بمجرد صدور بيانات أمريكية روسية لم يسلم بها الأمريكان إلا على مضض، بينما هم يجهدون بعد كل قمة أو اجتماع لتصعيد العدوان ويسعون إلى مده بزخم جديد بكامل قواهم وبالشراكة مع الحكومات الحليفة والمتورطة في الحرب على سوريا، وذلك حاصل قراءة استراتيجية أمريكية لتبعات الهزيمة وليس مجرد نتيجة لضغوط وتمنيات ومطالبات شركاء الغرب في مخطط تدمير سوريا من حكومات المنطقة وعلى رأسها إسرائيل أساساً. ثانياً: على الرغم من تهتك حلف العدوان بقواه الإقليمية وبأدواته السورية ومن أوضاعه التي لا يحسد عليها، تصمم الإدارة الأمريكية على دفع حكومات تركيا والأردن ومصر وقطر والسعودية إلى المزيد من التورط في سوريا وتحملها المزيد من التبعات والأعباء وجميع هذه الحكومات غارقة في وحول وأخطار كثيرة. من الواضح أن حلف العدوان يحضر لجولة جديدة كما فعل بعد اتفاق جنيف الأول، ويتركز التحرك الأطلسي الإسرائيلي على جبهة الأردن دون إغفال الجبهات الأخرى، بينما يسوق الأمريكان والبريطانيون سيناريوهات متعددة لعمليات خاصة ومحاولات انقلابية داخل سوريا في إطار حملة منسقة للتأثير على تماسك ومعنويات المؤسسة العسكرية والأمنية السورية التي استعصت على حلف العدوان وكان صمودها وولاؤها طيلة الفترة الماضية عنصر قوة حاسم للدولة الوطنية. ثالثاً: بقدر ما يمثل الإقرار الأمريكي بالهزيمة في سوريا انعطافاً نوعياً حاسماً في معادلات العالم والمنطقة، يستمر الرهان الأمريكي على إطالة أمد الاستنزاف، عبر اختبار جميع أوهام المخططين الغربيين حول تغيير التوازنات القاهرة الآخذة بالتراكم ومن غير إغلاق أبواب التواصل المستمر مع روسيا بوصفها القوة العظمى الصاعدة التي تتقدم معسكر القوى الجديدة المناهضة للهيمنة الأمريكية وفي قلبها سوريا إيران والمقاومة اللبنانية ومجموعة البريكس. سوف تستمر لفترة غير قصيرة رقصة أوباما كذكر البط الأفكح أو كالبطة العرجاء حسب التوصيف الأمريكي فبعد كل نقلة جديدة لصالح الدولة السورية وجيشها يتزحلق الأمريكان في بيان مشترك مع روسيا عن جذع الشجرة و ينصرفون بعد البيان لانقلاب جديد وأوباما يواصل هذا السباق مع هزيمته وقد آن لنا أن نقلع عن التوهم ولذا نراه يتحدث بكل عنجهية عن شرعية الرئيس بشار الأسد بينما تقرير المخابرات الأمريكية الذي توقع فوز الأسد بأصوات ثلاثة ارباع الناخبين عام 2014 لم يجف حبره بعد.