يبدو أننا أصبحنا نعيش فى دوامة من حرب القوانين التى تخرج بين عشية وضحاها ،ولانفهم اسباب الهجوم والرفض ،وماهى الاسباب التى يستند اليها الفريق المؤيد والآخر المعارض ،وأخر صيحات هذه القرارات المتربطة بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية هو ماقررته المحكمة الدستورية العليا، السبت الماضي، بإلزام المشرّع (مجلس الشورى) بالسماح لرجال الشرطة والجيش بالتصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة وهو ما أثار جدلا قانونيا بين مختلف القوى السياسية والشارع المصري . ومن ثم كان لابد ان ترصد "البديل" وبموضوعية عن دستورية هذه القرارت ومدى قانونيتها ،وكيفية تنظيم عملية تصويت لرجال الشرطة والجيش ،وخطورة دخولهم الى عالم السياسة ،وهل سيؤثر ذلك على تماسك مؤسساتهم . قال الدكتور جمال جبريل أستاذ القانون الدستورى بجامعة حلوان وعضو الهيئة الإستشارية القانونية لرئيس الجمهورية :" والله العظيم لا أعرف كيف قررت المحكمة الدستورية العليا إعطاء الحق لأفراد الجيش والشرطة ، حيث أن الدستور المصرى أعطى الحق للمشرع فى تشكيل قانون الإنتخاب". وأضاف جبريل: "القانون العام يقتضى منع أفراد الجيش والشرطة من الإدلاء بصوتهم فى الإنتخابات ، خاصة أن الإدلاء بأصواتهم إنتهى العمل به فى عام 1967 ، بعدما كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يستخدمه فى توجيه الإنتخابات وإستخدام هذه الكتلة لصالح مرشحين بعينهم" . وتابع: "وفى الحقيقة أنه فى ظل الصراع السياسى الحاد فى المجتمع المصرى ، سيؤدى الى انقسامات شديدة داخل الجيش المصرى ، ويقوم كل حزب سياسى باستخدام أعوانه داخل الجيش ، لدرجة تصل الى تدمير الجيش المصرى ، وسيؤدى الى إحداث خلل جسيم بالمؤسسة العسكرية". وأكد جبريل أن تنفيذ القرار "كارثه" فى حد ذاته ، كما أنه قرار لا يستند الى الدستور المصرى ، حيث أنه استند الى حق العمل وتحدث عن المساواة المطلقة ، فى حين المساواة المطلقة لا تجوز فى مثل هذه الحالة ، فمثلا لا يمكن تعيين طلاب الدبلومات فى مناصب وكلاء النيابة ، لكن هناك مساواة قانونية وهى لو طبقت لتم منع أفراد الجيش والشرطة من التصويت . وأبدى جبريل رفضه إقرار القانون ويتضمن المادة الخاصة بتصويت أفراد الجيش والشرطة ، معتبرا كل من يشارك فى إصدارة ، شريكا فى تدمير المؤسسة العسكرية ومن ثم الدولة ، قائلا: "لوكان الأمر بيدى لمنعت إقراره " . اما الدكتور رافت فودة استاذ القانون الدستورى جامعة القاهرة فيقول " الدستور هو الذى يعطى الحقوق وهو الذى يحرم من هذه الحقوق ،وما على المشرع سوى احترام رغبة الدستور والنزول بها الى ارض الواقع ،والمادة "55" التى استندت عليها المحكمة الدستورية العليا من بين مواد الدستور اعطت الحق لكل مواطن مصرى فى ممارسة حقوقه السياسية ،ولم تات بقيود ولا استبعاد فئة معينة اى كانت هذه الفئة" . وتابع فودة " بناء على هذه المادة وجب انصياع المشرع العادى لأمر المشرع الدستورى والنزول عليه دون تفصيل او مفاصلة ،وما اتخذته المحكمة الدستورية العليا من قرارات بشأن تعديل قانون الانتخابات لمجلس النواب لم تأت من عندها بجديد ،وانما اكتشفت اصحاب الحقوق فى المادة "55" ،حيث وجد ان مجلس الشورى قد أجار على اصحاب هذه الحقوق باستبعاد رجال الشرطة ،وهذا مالايملكه المشرع العادى". وأضاف أن المحكمة نطقت بحكم الدستوروانزلته على نصوص مجلس الشورى الخاصة بقانون مباشرة الحقوق السياسية الذى يتم اعداده الان،فاخذت منه مايتوافق ويتفق مع الدستور،واستبعدت منه ما يتعارض مع صحيح الدستور . وأكد فودة أن أى تخوفات تثار حول فكرة ادخال الجيش فى السياسة ،فكل هذه النتائج تتوقف على الدور الذى يقوم به المشرع العادى ،فهو الذى ينظم كيفية ادلاء افراد الجيش والشرطة بأصواتهم والقيام بممارسة حقوقهم السياسية ،ولكنه لايملك على الاطلاق أن يحرمهم من هذه الحقوق السياسية. وأضاف أن ادلاء افراد الجيش والشرطة باصواتهم ليس بجديدة ،فهو اسلوب متبع فى كل الدول التى تنتهج النظام الديمقراطى الحر ،في المانيا وفرنسا وانجلترا ،اسرائيل ،ماعدا الدول العربية . وبسؤاله لماذا لم يتم تطبيقها فى الفترات الماضية ،أوضح أن هذه المادة كانت موجودة بالفعل قبل ذلك، ولكن لم يطعن عليها بالدستورية،اى لم تأخذ فرصتها بالحكم بالطعن عليها ،ولكن بنص الدستور الجديد فيما يختص بالرقابة السابقة ،ومن ثم قالت المحكمة ما اختمر فى عقيدتها ،ونطقت بصريح نص الدستور . وأكد فودة انه لا يملك احدا أن يعتدى على الدستور ،فالمحكمة له بالمرصاد والشعب خلفها ،ولنا استدعاء لمجلس الشعب المنحل اسوة حسنة بذلك . اما عن كيفية تنظيم المشرع والضوابط التى يجب أن يضعها ،فقال كل الامر مطروح للمشرع ،وكل ماهو محذور عليه ،الا يقيد او يضع الخناق عليهم وله كل السلطة فى اعطائهم الحق فى التصويت والترشيح والاستفتاء ،وفى حال رغبة أحد ضباط الجيش أو الشرطة فى ترشيح نفسه للانتخابات البرلمانية، فتكون أحد قواعد التنظيم هو أن يستقيل من منصبه والا يجمع بين الوظيفيتن فى وقت واحد . بينما يختلف معه الدكتور رمضان بطيخ عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، مؤكدا أن ظروف المرحلة الانتقالية الحالية لاتسمح بمثل هذه القرارات ،بل ستورط الجيش فى غمار المعارك السياسية والحزبية ،فيوجد الان أكثر من 70 حزبا سياسيا سوف يتمزق الجيش بينهم . وأضاف بطيخ "اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى سوف تبحث قرارات المحكمة الدستورية العليا ،ثم تقوم باعداد تقرير وترفعه لرئاسة المجلس ،بالاضافة الى انه سنجرى اتصالات مع القوات المسلحة والشرطة لبحث كيفية التعاون فيما بين الشورى وبينهم فى استحداث الاليات المناسبة لتصويتهم ،ومااذا كان هناك نص يسمح لافراد الشرطة والجيش بالتصويت ام لا". جمال جبريل : غير دستورى وسيؤدى الى تدمير الجيش رافت فودة: ارجع الحقوق المهدرة لرجال الشرطة والجيش بموجب المادة "55" رمضان بطيخ :تصويت الجيش فى الانتخابات سيورطهم فى معارك سياسية