السبت الماضي وفى آخر قراراتها طالبت المحكمة الدستورية العليا ، مجلس الشورى - البديل الحالي لمجلس الشعب المنحل بقرار الدستورية العليا فى يونيو 2012- بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لينص على أحقية أفراد القوات المسلحة والشرطة في التصويت في الانتخابات العامة. ويرى أسامة كامل، خبير النظم الانتخابية أن من حق أفراد الجيش والشرطة التصويت في العملية الانتخابية كأي مواطن مصري له حقوق سياسية، خاصة وأن دول كثيرة في العالم يشارك فيها العسكريون في الانتخابات، تطبيقا لمبدأ المواطنة وأشهر هذه الدول " الولاياتالمتحدة – فرنسا- العراق – فلسطين". ويشرح كامل الطريقة التي يمكن لأفراد الجيش والشرطة التصويت قائلا : " قوات الأمن والجيش هي المسئولة عن ضمان سرية أصوات الجنود ، ويصوت الأفراد بشكل مبكر، تقريبا قبل الانتخابات بأسبوع كامل ، ويذهب الجنود والأفراد والضباط، كل منهم إلى لجنته العامة المسجل بها ويقوم بالتصويت داخل الصناديق التي تظل مغلقة حتى ينتهي المدنيين من التصويت". ويؤكد كامل أنه بعيدا عن التخوفات من حدوث انقسامات داخل المؤسسات العسكرية ، فإن الأفراد جميعهم لهم انتماءات أو ميول لتيارات سياسية، و لكن الجديد أنهم سيترجمون آرائهم داخل الصندوق. وفى السياق ذاته ، يرى محمد العجاتي، المدير التنفيذي لمنتدى البدائل العربي للدراسات، أن قرار المحكمة الدستورية "سليم" ، حيث أن الدستور المصري قد نص على أن "المشاركة السياسية حق واجب للجميع"، ولكن لابد أن تراعى الآلية التي سيتم بها ذلك، من خلال تخصيص مرحلة مختلفة عن المدنيين، وفي خارج الثكنات العسكرية داخل اللجنة التي ينتمي إليها الفرد في قريته أو مدينته، لافتا إلى أن جنود المارينز الأمريكي يصوتون إلكترونيا من أعلى السفن الحربية.. وشدد العجاتى على ضرورة إصدار قانون هام للمارسة السياسية ، يحرم انضمام أفراد الجيش والشرطة إلى الأحزاب السياسية أو الترويج لها ، ويحتوى على أعلى درجات العقوبة لمن يخالف ذلك. من جهته قال الدكتور خليل مرعي، خبير الشئون البرلمانية ، أن القرار سيساعد في تكثيف الصراع بين المؤسسات الدستورية في الدولة خصوصا بين مجلس الشورى والمحكمة الدستورية العليا،مشيرا إلى أن الأخيرة لم تأخذ في حسبانها تقارير المشاركة وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر عام 1956 والذي يستبعد أفراد الجيش والشرطة من الحق في الانتخاب أو الترشيح. وأشار مرعي إلى أن القرار يطالب بوضع نص يكون للجيش والشرطة حق الانتخاب وهو ما سيترتب عليه حقهم في الترشح أثناء فترة عملهم. بالإضافة إلى فتح الباب للقضاة ليطالبوا بنفس المطلب خلال فترة عملهم ، بعد أن كان من شروط الترشح هو تقديم الاستقالة لتأكيد مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ عدم تدخل الجيش والقضاء في السياسة. وأوضح خليل أن بعض الدول تسمح بمثل هذه المسألة ، لكن المرحلة التي تمر بها مصر من سيولة شديدة في العمل السياسي ينبغي الحذر. وطالب خليل المحكمة الدستورية العليا بأن تتريث في إصدار مثل هذه القرارات ، في الوقت الذي يطالب به البعض مجلس الشورى بعد الاصطدام والتشبث باصداره ، وقال أن هذه القرار سيكون سببا في عدم اكتمال مؤسسات الدولة وربما سيؤجل تشكيل مجلس النواب القادم إلى مدة كبيرة. يقول الدكتور وحيد عبد المجيد، أستاذ العلوم السياسية إن المادة "55" من الدستور تنص على أن لكل مواطن الحق في الانتخاب والترشح و إبداء الرأي في الاستفتاءات ، وهي من النصوص القليلة الجيدة في دستور 2012 ،والتي نجت من مقصلة جماعة الإخوان المسلمين بعد أن "سلقوا" الدستور وأخرجوا مواد غاية في السوء. واضاف أن ماصدر من قرارات المحكمة الدستورية العليا بخصوص السماح لأفراد الشرطة والجيش بالتصويت فى الانتخابات ، لم تأت بشئ من عندها ،ولكن بناء على التغيير الجوهر الذي حدث في النص الدستوري لعام 2012 ،والمختلف عن دستور 1971 حيث كان نص المادة 55 مطاط ، أما الدستور الحالي فيمنع أي حاكم أو سلطة مهما كان جبروتها أن تمنع أي مصري من ممارسة حقه في الانتخاب. واستغرب عبد المجيد ممن يعترضون على قرار الدستورية رغم أنهم أنفسهم هم من صاغ الدستور ووافق عليه، مشيرا إلى أن كل تخوفاتهم بتوريط الجيش في المعارك السياسية ماهو إلا درب من الأوهام ويعبر عن موقف سلبي تجاهه. وأشار عبد المجيد أن كل النظم الديمقراطية في العالم تعطي هذا الحق لعسكرييها ، حتى أن مصر قبل الخمسينيات كانت تسمح بذلك. واختلف معه الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلًا: "إن توريط الجيش والشرطة في عملية التصويت على انتخابات مجلس النواب سيؤدى إلى تحزيبهما،بالإضافة إلى عدم منطقية الفصل بين مهامهم في الإشراف على المقار وتأمينها وبين قيامهم بدورهم كمواطنين مستقلين يقوموا بالتصويت" . وتساءل "كيف نضمن عدم تكرار ظاهرة التصويت الجماعي؟"، معتبرًا أن "المؤسسات الأمنية تضم أعدادًا كبيرة من العاملين بها ،فضلا عن الهرمية في الرتب والمناصب، ومن ثم سيصبح الباب مفتوحا أمام توجيهات الجهات العليا بالتصويت لصالح مرشح بعينه". وأوضح أن "الأوضاع السياسية في مصر لا تحتمل اتخاذ مثل هذه القرارات"، وانتقد "من يتشدق بإعطاء الدول الغربية حق التصويت لأفراد الشرطة والجيش"، قائلًا: "القياس مختلف لأنها ديمقراطيات مستقرة في مقابل ديمقراطية وليدة غير مستقرة تعاني صراعات بين القوى السياسية باستمرار". أسامه كامل : حق يحتاج إلى تنظيم قانوني محمد العجاتى : قرار سليم ولن يؤثر على المؤسسة العسكرية خليل مرعى : يكثف من صراع المؤسسات في مصر عمرو هاشم ربيع : سيؤدى إلى تحزيب الجيش والشرطة وحيد عبد المجيد : من يرفضون التصويت هم من صاغوا الدستور