تحمله بين يديك وسط صراخه الذى لا يعرف غيره للتعبير عن ما يحتاجه ربما تكن من الألم، أو عن غضبه واستيائه لما وصلت له الأحوال الصحية بمصر، مئات الأطفال عمرهم بضعة ساعات وتكون شهادة ميلادهم هي نفسها شهادة وفاتهم والسبب "حضانة". وبحسب موقع وزارة الصحة، كشفت إحدى الإحصائيات أن عدد المواليد في مصر عام 2010 وصل إلى مليونين و382 ألف مولود، 10% منهم (أي 238200 مولود) يحتاجون إلى حضانات فور ولادتهم. ونشرت إحدى الجمعيات الشرعية، دراسة تمت فى أواخر العام الماضي أن إجمالي عدد الحضانات المتوافرة في المستشفيات الجامعية والطب العلاجي وهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية، وأمانة المراكز الطبية المتخصصة والتأمين الصحي والمؤسسة العلاجية يبلغ 3689 حضانة فقط, وتخدم الحضانة الواحدة 30 طفلا سنويا، بإجمالى111 ألفا، ما يعنى أن هناك أكثر من 127 ألف طفل ليس لهم مكان في الحضانات الحكومية ويتعرضون للموت سنويا بسبب النقص الشديد في حضانات الأطفال المبتسرين. وبحساب عدد الحضانات التابعة لمستشفيات وزارة الصحة والجامعية والخاصة أكدت الجمعية وجود عجز يقرب من 3500 حضانة وفقا لعدد المواليد، وفي حال استبعادنا المستشفيات الخاصة فإن العجز سيصل إلى 6 آلاف حضانة. وقال اسلام الشاعر، والدة أحدي الاطفال المبتسرين، بالجيزة: "ولدت ابنتي بعد 7 سنوات من معاناتي في الإنجاب واضطررت بعد ولادتها لوضعها في حضانة وكانت صدمة بالنسبة لي عندما علمت بان جميع الأماكن محجوزة, واكتشفت بعدها أنها أزمة واجهت العديد من الأصدقاء والأقارب لي. وتستكمل حديثها ل" البديل" قائلة: بعد انتهاء معاناتى ليكون لدي مولودا يشعرنى بأمومتى أبدأ في مواجهة صراعا آخر ليعيش طفلي بصحة جيدة و كدت افقده, والكارثة غياب أي مسئول نتقدم له بشكوى بعد معاناة ألاف, فمن يمتلك المال يستطيع وضع ابنه في حضانة بمستشفى خاصة ومن لا يقدر فالموت في انتظار وليده حيث يصل سعر الحضانة بالمستشفي الخاص إلى 500 جنيه وبعض المستشفيات الأخرى قد تصل إلى 1000 في الليلة الواحدة. من جانبها طالبت لجنة الصحة والسكان والبيئة بمجلس الشورى في الأسبوع الماضي بوضع إستراتيجية عاجلة لعلاج مشكلة الحضانات في مصر، من خلال تبني خطوات عملية لإصلاح منظومة الصيانة والتمريض الخاصة بهذه المشكلة. وأكد مقرروا اللجنة إن العجز يصل إلى 3300حضانة, وأن المشكلة تفاقمت في مصر بشكل واضح ، بسبب نقص الأطباء والتمريض، وذلك ما جعل نسبة وفيات الأطفال مرتفعة في مصر, حيث يولد280 ألف مبتسر سنويا يتوفي منهم100 ألف تقريبا. وهو ما أكده الدكتور سيد اليمانى، أخصائي طب الأطفال ل"البديل" والذي أوضح أن المشكلة ليست في عدد الحضانات ولكن المشكلة الحقيقة في من يدير هذه الحضانات كتمريض وأطباء، فهناك عجز بالفريق الطبي, خاصة أن التعامل مع الحضانات يحتاج لتخصص وبعد الدراسة والتدريب على الأجهزة يتم إعارته للخارج نظرا للمقابل المادي الأعلى و الخبراء يؤكدون أن الأعداد بمصر إلى حد ما قريبة من المعدلات العالمية, ووزارة الصحة تؤكد على انه سيتم مضاعفة الأعداد خلال ثلاث سنوات, ويضيف اليماني إن أكثر الأطفال احتياجا للحضانات هم المبتسرين والغير مكتملي النمو آو من بهم عيوب خلقية أو بإصابته بالصفرة. ومؤخرا أصبحت أزمة التيار الكهربائي من المعوقات التي تواجه الحضانات الخاصة بالأطفال المبتسرين وحديثي الولادة بعدة مستشفيات منها سيدي سالم بكفر الشيخ وسادت حالة من الذعر الشديد بين أهالي الأطفال خوفا على حياتهم, وتجمهر أهالي الأطفال أمام الحضانات، محاولين إخراج أطفالهم منها, ورغم تصريحات وزارة الصحة باستعدادها التام بمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء والتي نوهت عنها وزارة الكهرباء خاصة للحضانات وأجهزة الغسيل الكلوي بالمستشفيات إلا أنها كانت تصريحات وردية تطلق في الهواء. من جانبنا حاولت " البديل" الاتصال بمسئولي هذا الملف بوزارة الصحة إلا أن الدكتورة "عبلة مسلم" ممثلة الإدارة العامة للمستشفيات والمشرف علي الحضانات رفضت الرد أو التعقيب على هذه الأزمة بشكل عام والإدلاء بأي معلومات أو معرفة الأسباب الحقيقة وراء الأزمة ودور الوزارة للتصدي لها بحجة الخوف من رؤسائها وان ليس أمامها جهاز الكمبيوتر والذي به المعلومات.