«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة البحث عن حضانة..
نشر في المصريون يوم 14 - 04 - 2013

500 ألف مولود "مبتسر" سنويًا بسبب الفقر وسوء التغذية فى مصر
طلعت: التلقيح الصناعى وأمراض القلب والسكر والعدوى أسباب تفاقم الأزمة وتكلفة الحضانة 100 ألف جنيه
غنام: مصر تحتاج إلى 30 مليار جنيه للقضاء على أزمة الأطفال المبتسرين
ونبدأ فى هذا العدد برحلة البحث عن حضانة، لنفتح ملف الأطفال المبسترين فى مصر ويقدر عددهم بنحو 500 ألف طفل، والذين يحتاجون إلى 30 مليار جنيه تقريبًا لحل أزمتهم ونبدأ من مستشفى الجلاء للولادة، لنتعرف من المرضى أنفسهم على حجم الأزمة الحقيقة.
لحظات الفرح والقلق
كانت علامات الحزن والقلق تكسو وجوه الآباء والأمهات بقسم الحضانات داخل أكبر المستشفيات الحكومية للولادة، فلم تقف آثار الفقر وقلة الحيلة عند حد الولادة المبكرة التى تلتهم الأهالى قلقًا على صغيرها، بل إن نقص الحضانات وارتفاع تكلفتها زاد كل ذلك ليبدل فرحة الأم والأب بمولودهما إلى قلق وخوف من الوصول إلى موت المولود أو السجن لعدم القدرة على دفع تكلفة استخدام الحضانة.
كانت السيدة الأربعينية (سماح رمضان) تعيش لحظات بين الفرح والقلق، بعدما أخبرها الأطباء أن طفلها (سيف الإسلام) أصبح قادرا على الخروج من الحضانة والتعايش طبيعيًا،إلا أنها كانت تحمل هما آخر وهو كيف يمكنها دفع "الفاتورة".
وقالت سماح ل"المصريون" إنها قد تضطر إلى الدخول إلى السجن حتى لا تفقد طفلها الذى رزقت به أخيرًا بعد معاناة استمرت 23 سنة من الانتظار، فقد أفقدها النقص فى الحضانات وارتفاع تكلفتها خمسة أطفال عقب ولادتهم بسبب إصابتها بالضغط المرتفع وتسمم الحمل اللذين يؤديان دائمًا إلى إنجابها أطفال ناقصى نمو ومبتسرين، حتى اضطر زوجها إلى تطليقها لينجب وتزوجت هى من عجوز أنجبت منه طفلها الذى خرج من الحضانة لتوه وعليها أن تسدد قيمة فاتورة باهظة قد تسجن وتحرم منه إن عجزت عنها.
فى عنبر الولادة، كانت السيدة "ماجدة" بنت المنوفية قد جاءت خصيصًا إلى القاهرة لتحقق حلم الأمومة وخاصة بعد أن فقدت طفلتها الأولى بسبب الفشل بإيجاد "حضانة" واحدة فى مستشفيات المنوفية، وقالت إنها فى الثلاث مرات السابقة كانت تلهث خلف حضانة بمجرد أن يخبرها طبيبها المعالج على أن المؤشرات الأولية تؤكد أن جنينها سوف يحتاج إلى حضانة، وفى رحلة البحث عن حضانة فى كل ولادة كانت تواجهها حالات من الابتزاز من الممرضين والعاملين، إلا أن الفقر وقلة الحيلة كان دائما ما يقفا أمامها حائلاً، فكانت عندما تذهب إلى المستشفيات الحكومية تجد طابورا طويلا من الانتظار، وعندما تتنقل بين المستشفيات الخاصة تجد نفسها غير قادرة على نفقاتها، وبالتالى فقد اعتادت أن تعيش لحظات بين اليأس والرجاء، وهذه المرة حالفها الحظ أن وجدت "حضانة" وضعت فيها مولودها، وهى لا تعلم هل ستتحمل تكاليف الأيام التى سيحتاجها وليدها "علي"، فكل يوم يحتاج إلى 30 جنيهًا، وزوجها رجل يعمل باليومية.
تلك النماذج المؤلمة ليست الوحيدة التى تعاني، داخل مستشفى من أكبر المستشفيات المتخصصة فى الولادة فى الشرق الأوسط، ويخدم القاهرة والقليوبية والجيزة ويستقبل شهريًا ما بين 1200 و 2100 حالة ولادة، ولا يوجد به سوى 20 "حضانة" فقط.
الكارثة الحقيقية أن الإحصاءات العالمية للأطفال المبتسرين أو غير مكتملى النمو تصل نسبتهم إلى 10% من المواليد، أى حوالى 15 مليون طفل، بينما فى مصر تتضاعف النسبة لتصل إلى 21% أى حوالى 500 ألف طفل سنويًا، نتيجة الفقر وسوء تغذية الأمهات، ومع قلة الحضانات المخصصة نجد أنها لا تخدم سوى 40% فقط من الأطفال المبتسرين.
ضحايا الأطفال
قالت الدكتورة شرين أمين رئيس قسم الحضانات أنهم لا يستقبلون حالات ولدت خارج المستشفى، لأن المستشفى يعجز عن استيعاب الحالات التى تولد داخلها، وأضافت أن الإشكالية فى العجز فى عدد الحضانات وفى عدد القوة البشرية التى تعمل فيها خاصة فى مجال التمريض، مشيرة إلى أن عدد الأطباء أكبر من عدد الممرضين، وهذا ما يجعل بعض الحضانات لا تستقبل الأطفال لأنه لا يوجد ممرضة تقف على الحضانة، الأمر الذى يجعل الأطباء يقومون بعمل الممرضين.
وقام الدكتور مصطفى الفقى بشرح طريقة عمل حضانة كاملة، يتصل بها وحدة تحكم فى الحرارة، بالإضافة إلى إنها تتحكم فى تعديل زاوية الطفل من بين 30 درجة وحتى 45 درجة، وهذه الزاوية تختلف أثناء الرضاعة عن الزاوية التى يحتاجها الطفل أثناء وضعه على بعض الأجهزة.
وأشار الفقى، إلى جهاز أسفل الحضانة يقوم برفعها أو بخفضها، مبينا وجود جهاز أكسجين بلنتر أو خلاط الأكسجين، ووظيفته ضخ الأكسجين من 21% إلى 100%، وهذا الجهاز يوجد به مؤشر من صفر وحتى 100%، يخرج من خلاط الأكسجين وصلتان، الأولى تصل إلى مخرج الأكسجين والثانية تصل إلى مخرج الهواء، ويتصلا معا إلى الجهاز الذى يخلط النسبة التى يحتاجها الطفل من الأكسجين فى الهواء.
وأضاف الفقى، أن أسفل الخلاط يوجد به وحدة توضع فيها مياه دافئة حتى يخرج الأكسجين دافئ لقلب الطفل، مشيرًا إلى ثلاثة مخارج فى الحضانة، الأول مخرج الأكسجين والثانى مخرج للهواء والثالث الشفاط الذى يشفط من الطفل أى إفرازات ابتلعها الطفل، أما مخرج الأكسجين فيركب عليه جهاز الفيوميتر ووظيفته توصيل الأكسجين من المخرج إلى الطفل داخل الحضانة.
الأكسجين الذى يخرج من المخرج تتراوح سرعته من واحد وحتى 15، ويمكن تقليل السرعة أو زيادتها من خلال البلف الموجود بالجهاز، أما عن الطريقة التى يمكن للأكسجين أن يصل بها إلى الطفل داخل الحضانة قال "مصطفى" إنها مقتصرة على ثلاث طرق أولها توصيل الأكسجين إلى أنفه مباشرة من خلال بروز أنفي، ثانيها وضع الأكسجين على جهاز الهيدبوكس حتى يحصل على درجة أكسجين أعلى، ثالثا أن يوضع الأكسجين على مهبل بحيث يخرج الأكسجين فى قلب الحضانة، موضحًا أنه فى هذه الحالة يتم توصيل الأكسجين بنسبة تتراوح بين 30 و 45% بدلا من 21%.
وتناول ملف الطفل من أسفل الحضانة وفتحه ثم قال إن الطفل الذى يوجد بداخل الحضانة موجود منذ سبعة أيام، مضيفًا أنه كان مكتملا النمو وقت ولادته فكان وزنه 4800 جرام، إلا إنه تعرض أثناء الولادة لصعوبة فى التنفس من الدرجة الثالثة، فدخل إلى الاستقبال ومنها إلى الحضانة، وأرجع السبب فى هذه الحالة إلى أن الأم كانت تعانى من مرض السكر.
وأوضح الفقى، أن الطفل فى البداية لا يحصل على أى نوع من الغذاء سوى المحاليل والسوائل التى تصل له عن طريق "كانولا طرفية" فى يده أو قدمه، حتى يكون الطفل مهيأ لاستقبال الرضاعة، وتبدأ الرضاعة من خلال 2سم فى الرضعة الواحدة على مدار 6 أو 8 رضعات فى اليوم، وتزداد الرضعات تدريجية حتى تصل إلى الكمية المتوازنة والمتساوية لحجم الطفل والعمر الرحمي.
وتصل الأدوية لهذا الطفل من كل المنافذ بالإضافة إلى المضادات الحيوية والمحاليل، وكان يحصل فى اليومين الأولين على فيتامين كاف لسيولة الدم، أما باقى الأدوية فيحصل عليها حتى تخرج نتيجة مزرعة البكتيريا وتكون نتائج التحاليل جيدة.
الطفل المبستر
وقد أكد الدكتور محمد طلعت خشبة أستاذ طب الأطفال بكلية الطب جامعة المنصورة أن متوسط فترة الحمل الطبيعية هى 40 أسبوعا، والطفل المبتسر هو الطفل الذى يولد عن فترة حمل أقل من 37 أسبوعا، وبالتالى يقل وزنه عن 2500 جم، موضحًا أنه كلما ولد الطفل مبكرا كلما ازدادت المشاكل التى تواجه الطفل نظرا لعدم استكمال أجهزته، مشيرا إلى أن هناك ثلاثة أسباب تؤدى إلى ولادة الأطفال المبتسرين، أولها أن بعض الأمهات تواجه سوء التغذية أو تتعرض لبعض العيوب فى الكلى والقلب، بالإضافة إلى أن المشاكل الصحية للأم يمكنها أن تؤدى إلى ولادة طفل مبتسر، مثل النزيف أو تسمم الحمل أو انتقال عدوى للأم أثناء فترة الحمل، أيضا ولادة التوائم الناتجة عن التلقيح أو أطفال الأنابيب يمكنها أن تؤدى إلى ولادة طفل مبتسر.
وأشار طلعت، إلى أن المشكلة التى تواجه الأطفال المبتسرين فى مصر ليست فى عدد الحضانات ولكن فى الأجهزة التكنولوجية المرتفعة التكاليف مثل أجهزة التنفس الصناعى وأجهزة المراقبة، لافتًا إلى أن هذه الأجهزة يوجد بها قصور أكثر وهى الأهم، لأن الحضانة مجرد جهاز يوفر مكان مشابه من رحم الأم فى درجة الحرارة، أما أجهزة التنفس الصناعى وأجهزة المراقبة فتكلفتها مرتفعة ولا يمكن ان تتحملها وزارة الصحة بامكانياتها المتواضعة، خاصة أن الطفل فى العناية المركزة يكلف فى اليوم الواحد ما يقرب من ألف جنيه.
وقال طلعت، إن ميزانية وزارة الصحة إلى الآن تبلغ 18% من الناتج القومي، الأمر الذى يجعل قطاع الصحة فى حاجة إلى مساعدات المجتمع المدنى والقطاع الخاص والجمعيات المختلفة لتحسين كل الخدمات الصحية فى مصر وليس الحضانات فقط.
فى حين يرى الدكتور عصام توفيق مدير مستشفى الجلاء التعليمى أن زيادة عدد الأطفال المبتسرين تعنى زيادة فى الأعداد المطلقة وليست فى النسبة بسبب زيادة السكان وبالتالى زيادة المواليد، ولكن النسبة فى كل الحالات تكون 10% من إجمالى نسبة المواليد، مشيرًا إلى أن الأطفال المبتسرين يولدون فى عمر حمل ما بين 28 أسبوعا و 36 أسبوعا، مبينا إنه لا يمكن مقارنة نسبة الوفيات فى الأطفال المبتسرين حاليا عن السابق، لأنه فى السابق كانت الأمهات تلد أطفالهن فى بيوتهن، الأمر الذى يجعل الأطفال تموت دون معرفة وزارة الصحة لذلك.
وأضاف توفيق، أن هناك أسبابًا كثيرة لولادة الأطفال المبتسرة منها أن نسبة كبيرة من الأمهات عاملة وتبذل مجهودا كبيرا فى عملها، مؤكدا أن زيادة النشاط للمرأة الحامل أحد الأسباب التى تؤدى إلى ولادة مبكرة، بالإضافة إلى الثقافة الخاطئة التى تجعل الأمهات تتسبب فى دخول بعض أنواع الميكروبات داخل المهبل، الأمر الذى يؤدى إلى حدوث ثقب فى جدار الكيس الذى يحيط بالجنين، وبالتالى يحدث نزيفا مائيا يؤدى إلى ولادة مبكرة، إلى جانب وجود عيوب خلقية فى الرحم وبعض الأورام الليفية.
وشدد توفيق، على أن الزواج المبكر جدًا أو المتأخر يسبب فى زيادة معدل الولادة المبكرة، وقسم عمر الزواج إلى ثلاثة شرائح سنية، الشريحة الأولى ما قبل العشرين والشريحة الثانية وهى ما بين العشرين والثلاثين والشريحة الثالثة وهى الشريحة التى تتعدى سن الثلاثين، مؤكدًا أن الشريحة الثالثة هى التى تزيد فيها معدلات الولادات المبكرة.
وأكد أن الطفل يحتاج إلى التواجد فى الحضانة حتى يكتمل نموه، وتختلف الفترة التى يحتاجها الطفل المبتسر من عدة أيام إلى أسابيع، خاصة أن الطفل المبتسر يكون عادة عرضة للأمراض وخاصة الالتهابات الرئوية، الأمر الذى يمكن أن يطول فترة وجوده داخل الحضانة، وبعض الحالات تحتاج إلى الدخول داخل الحضانة لساعات، إذا كان الطفل مكتملا النمو ولكنه يعانى من صعوبة فى التنفس.
وأشار توفيق، إلى أن مستشفى الجلاء يوجد بها 45 حضانة، ولكن لا تعمل كلها فى وقت واحد، فبعضها يدخل التعقيم بعد كل طفل وبعضها يكون فى الصيانة الدورية، مؤكدًا أن عدم الصيانة وعدم التعقيم يؤديا إلى اختناق الأطفال أو نقل العدوى من طفل إلى آخر، موضحًا أن عملية تشغيل الحضانات من الصعوبة لأنها تحتاج إلى عمالة مدربة جيدة وتحتاج إلى عدد كبير من الممرضين، بالإضافة إلى الأدوية، مؤكدًا أن الحضانة مكلفة جدا ويصل تكليف ليلة واحدة للطفل أكثر من ألف جنيه، وتضم هذه التكلفة الأدوية، خاصة أن هناك إحدى الحقن التى يبلغ سعرها ألف جنيه وهى ضرورية لتنشيط الرئة.
وأكد توفيق، أن الحضانة العادية تتكلف 50 ألف جنيه أما إذا كان يصل بالحضانة جهاز التنفس الصناعى فإن الحضانة تتكلف 100 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست فى ثمن الحضانة ولكن فى الصيانة والتعقيم المتكرر الذى يجعل من العمر الافتراضى للجهاز لا يزيد على أربع سنوات، لافتًا إلى أن كل خمس حضانات تحتاج إلى ثلاث ممرضات على مدار اليوم، وهذا المجال به عجز فى مستشفيات مصر كلها.
تكاليف الحضانة
أما الدكتور علاء غنام مدير برنامج الحق فى الصحة، فأوضح أن الإشكالية التى تواجه الأطفال المبتسرين فى مصر هو أن عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى حضانات أكبر بكثير من عدد الحضانات الموجودة فى مستشفيات القطاع الحكومي، مبينا أن الأزمة يجب أن تنظر لها وزارة الصحة وكل القطاع الأهلى وأن يكون بينهما تنسيق وتشابك، بحيث تضع الوزارة والمؤسسات الخاصة شبكة خاصة بموجبها يتم التعرف على الأماكن الموجود بها حضانات، وبالتالى يمكن إنقاذ الطفل المبتسر قبل موته، مطالبًا وزارة الصحة بتقديم كل التسهيلات للقطاع الأهلى حتى يمكنه تقديم المساعدة لحل هذه الإشكالية.
وقال غنام، إن منظمة الصحة العالمية قسمت الدول إلى 3 شرائح فيما يخص نسبة الأطفال المبتسرين الذين يحتاجون إلى حضانات، ففى الدول المتقدمة لا تزيد النسبة فيها عن 1% من إجمالى المواليد، أما الدول المتوسطة فتصل إلى 10% من المواليد، بينما الدول الفقيرة جدًا فتصل إلى 25% من المواليد، موضحًا فى الوقت نفسه أن النسبة فى مصر وصلت إلى 21% أى 500 ألف طفل لا يتم توفير سوى 40% فقط من الحضانات بينما يحتاج قطاع الصحة إلى 30 مليار جنيه لتوفير بقية الحضانات.
وأكد غنام، أن البيئة والتغذية السيئة للأمهات وضعف صحتهم وعدم التثقيف وسوء رعاية الحوامل هو الأسباب الرئيسية لولادة أطفال مبتسرين، مضيفا أن أزمة الأطفال المبتسرين ترتفع فى الأرياف نظرًا لعدم التثقيف، مبينًا أن الوسائل الصحية متوفرة بشكل أكثر فى الحضر عن الريف، خاصة أن حالة التثقيف قبل الزواج تكاد تكون منعدمة فى الريف.
وأشار غنام، إلى أن الأطفال المبتسرين قد يفقدون حياتهم داخل رحم أمهاتهم وقد يموتون بعد الولادة بأسبوعين، الأمر الذى جعله يؤكد أن الشهر الأول هو الفيصل فى حياة الطفل، موضحًا أنه يجب توافر الحضانات فى هذه الفترة من حياة الأطفال المبتسرين حتى نوفر لهم الحق فى الحياة، قائلا إن هذا الأمر هو الذى جعل أهالى الصعيد يشتهرون بتأييد أطفالهم بعد أسبوعين من الولادة حتى يطمئنوا إلى أن الطفل سوف يظل على قيد الحياة.
وأوضح غنام، أن قانون التأمين الصحى يؤكد أن الأطفال المبتسرين يعالجون على نفقة الدولة، ولا يتكلف الوالدين بأى شيء، مشددًا على أن الحضانات مجرد وسيلة إنقاذ، وبالتالى فهو يرى أن رعاية الحوامل أهم حتى يقل عدد المبتسرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.