مجلس الوزراء: الدولة لديها خطة لزيادة الأجور وتثبيت أسعار السلع.. والتحسن خلال عامين    رئيس الوزراء: خطة واضحة لخفض الدين الخارجي إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي    مكتبة القاهرة الكبرى تشارك في لقاء ثقافي حول تخصص المكتبات ومراكز المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي    العراق: التوسع في الرقعة الزراعية مع هطول أمطار غزيرة    باكستان: دول معادية وراء مزاعم خاطئة تربط البلاد بحادث إطلاق النار في إستراليا    متحدث اللجنة المصرية بغزة: نقلنا العائلات لمنازلهم في الجنوب مجانا ونجهز أكبر مخيم بالقطاع    بعثة منتخب مصر تصل أكادير استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية بالمغرب    استنفار كامل للأجهزة التنفيذية والأمنية بموقع انهيار عقار غرب المنيا    بصورة تجمعهما.. محمد إمام ينهي شائعات خلافه مع عمر متولي بسبب شمس الزناتي    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    يوتيوب تشتري حقوق بث حفل جوائز الأوسكار بدءا من 2029 وحتى 2033    إصابة نورهان بوعكة صحية أثناء تكريمها بالمغرب    باريس سان جيرمان يتوج بطلا لكأس إنتركونتيننتال    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    ماذا حدث داخل الشقة فجرًا؟| تفاصيل جديدة حول وفاة نيفين مندور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    31 ديسمبر النطق بالحكم فى الاستئناف على براءة المتهمين بقضية مسن السويس    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    رئيس إذاعه القرآن الكريم السابق: القرآن بأصوات المصريين هبة باقية ليوم الدين    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    حين تغرق الأحلام..!    عون: التفاوض لحماية لبنان لا للتنازل ومصلحة الوطن فوق الحسابات    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    الأهلي يحسم ملف تجديد عقود 6 لاعبين ويترقب تغييرات في قائمة الأجانب    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    إيكتيكي: أشعر بأنني في بيتي مع ليفربول والضغوط دليل النجاح    ريال مدريد يبدأ رحلة كأس ملك إسبانيا بمواجهة تالافيرا في دور ال32    مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في مباراة حاسمة بربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية 2025-2026    حقيقة إصابة محيي إسماعيل بالغيبوبة    ضبط 8 متهمين في مشاجرة دندرة بقنا    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    سعر طن حديد التسليح اليوم الأربعاء 17 ديسمبر في مصر    باكستان تمدد حظر تحليق الطائرات الهندية فى مجالها الجوى حتى 24 يناير المقبل    طوابير أمام لجان البساتين للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس النواب    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة الأزمة الاقتصادية فى مصر: إشكاليات الواقع ورؤى الحل (1 - 4)


تمهيد:
يشير الواقع المصرى على الصعيد السياسى والاقتصادى والاجتاعى لعدد كبير من القضايا التى تحتاج لمعالجة بدقة وسرعة وكفاءة، ويأتى على رأس هذه القضايا إشكاليات الأزمة الاقتصادية الأمر الذى يؤكد على ضرورة تبنى أسلوبا إداريا أو أكثر، بحيث يتحد الهدف والوسيلة عند الاستخدام، حيث يعانى الاقتصاد المصرى معوقات تنتظم فى: متاعب حقيقية وجسيمة لكنها قديمة كانت موجودة قبل الثورة، ومستمرة منذ أوائل السبعينيات يمكن إرجاعها إلي: سياسات اقتصادية غير رشيدة استمرت بلا انقطاع حتى قيام ثورة يناير 2011، ومتاعب اقتصادية نتجت عن الثورة، فمن الطبيعي أن تحدث بعض المتاعب الاقتصادية، وثمة نوع ثالث ليس قديما ولا يتصل بالثورة، وإنما حدث بعد الثورة بسبب أن الفترة الانتقالية، وعمليات التحول تم اتخاذ إجراءات وقرارات أعاقت كثيرا إدارة عمليات التنمية الاقتصادية فى مصر.
أهمية البحث:
وتتضح أهمية الدراسة الحالية من خلال أهمية موضوعها الذى تتناوله، حيث إنها تتناول الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها معظم دول العالم منذ نهايات القرن العشرين، كما أنها تستمد أهميتها من موقع مصر وأهميته فى المنطقة العربية، والإسلامية، مع الإيمان بأهميتها لما يعرف بالشرق الأوسط، وما يعانيه الاقتصاد المصرى فى ظل تحول ثورى وسياسى أدى لحدوث خلل فى إدارة الاقتصاد المصرى، الأمر الذى استرعى انتباهنا لضرورة الكشف عن إشكاليات واقع الأزمة الاقتصادية فى مصر فى ظل أوضاع داخلية وإقليمية، كرست عددا من الأمور التى ثار من أجلها الشعب وما يزال يراوح، مع التأكيد على بعض الآليات لرؤى الحل.
المشكلة البحثية:
تتباين المؤشرات الاقتصادية فى مصر إبان الفترة الانتقالية، وبعد الانتخابات الرئاسية حول حجم خسائر الاقتصاد المصري من جراء ثورة 25 يناير، وتوشك الحقيقة أن تضيع وسط ذلك الزخم، وللكشف عن الحقيقة دون المبالغة في خسائر الاقتصاد المصري بسبب ثورة يناير تؤكد أن الخطأ لم يكن خطأ الثورة ولكن خطأ الثورة المضادة التي أرهبت الناس وتسببت في عمليات القلق والاضطراب التي أدت لمعاناة الاقتصاد المصري، وبعض السياسات الخاطئة للحكومات، وضغوط الأوضاع السياسية غير المستقرة، وحجم الدين الداخلى والخارجى، والتزامات كل منهما.
وفى الواقع فإن الاقتصاد المصري لم يكن بحالة جيدة من قبل، ويكفي أن عدد سكان العشوائيات في مصر وصل إلى نسبة 20 مليون نسمة وبلغت نسبة الفقراء في مصر ما يصل إلى 40 % من السكان، وأنه وفقا للتقديرات الرسمية على اعتبار أن الخسائر تصل إلى 63 مليون جنيه يوميا، ما يعادل 37 مليار جنيه خلال شهري (25 يناير - 25 مارس)، ويمثل هذا الرقم خسارة ما يعادل 9 أيام من الدخل القومي، ولا يقاس اجتماعيا بما حققته الثورة من حرية وعدالة اجتماعية وكرامة، فالمستقبل الاقتصادي في مصر سيكون أفضل بكثير مما كان عليه في السابق، لأن الحد من الفساد سيوفر مناخاً جاذباً للاستثمارات محلية وأجنبية، كما أن الطريق نحو نهضة اقتصادية حقيقية يظهر في الاستقرار الأمني ووضع حد أدنى للأجور وإعادة هيكلة الإنفاق العام والعمل على الحد من البذخ والإسراف الحكومي ووضع ضوابط صارمة على التعامل في الأسواق.
أهداف البحث:
1- مؤشرات الأزمة الاقتصادية المصرية.
2- التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المصرية.
3- منطلقات إشكاليات أزمة الاقتصاد المصري.
4- الآثار الاقتصادية والبحوث المستقبلية.
5- كيفية إدارة الأزمة الاقتصادية المصرية.
النتائج ومناقشتها
أولاً: مؤشرات الأزمة الاقتصادية فى مصر:
أشار صندوق النقد الدولى إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وتأثيرات ثورة 25 يناير تمثل تحديات كبيرة أمام الاقتصاد المصرى، إلا أن إعادة تخطيط أجندة مصر ستمكنها من استعادة قوة اقتصادها مرة أخرى، ورغم قوة القاعدة الاقتصادية فى مصر قبل الثورة، والمتمثلة فى قوة الاحتياطى النقدى الذى ازداد بسرعة فى 2010، وقوة النظام المصرفى المصرى، إلا أن معدلات البطالة ظلت مرتفعة حيث بلغت 25% فى السنوات الأخيرة، كما زادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتفاقم الشعور بعدم المساواة فى الحصول على الفرص الاقتصادية، خاصة فى العقد الأخير.
وإبان الحقبة السابقة على الثورة تفاقم حجم الدين الحكومى، والعجز المالى، كما استمرت معدلات التضخم فى ارتفاع متجاوزة حاجز ال 10%، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما كان له أكبر
الأثر على الفقراء، كما أنه فى أعقاب ثورة 25 يناير تعرض الاقتصاد المصرى لوضع سئ، حيث إنهارت السياحة التى تمثل 11% من الناتج المحلى الإجمالي، كما اهتزت ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء فى الاقتصاد، وأغلقت البنوك والبورصة.
وتعد المظاهرات والاحتجاجات العمالية الداعية لرفع الأجور، واتجاه وزارة المالية لطرح المزيد من أذون الخزانة لسد عجز الموازنة، واضطرار الحكومة لسحب 13 مليار دولار من الاحتياطى النقدى لمواجهة المطالب المتزايدة، بالإضافة إلى انخفاض سعر صرف الجنيه بنسبة 2%، مع تدهور الحالة الأمنية بشكل كبير، من العوامل التى تؤدى لعدم عودة الاقتصاد لما كان عليه قبل الثورة بشكل أسرع.
وهذا خلال الشهور الأولى للثورة وفيما يتعلق بحركة تدفقات رأس المال، نجد أن وتيرة هذه التدفقات لا تزال بطيئة، خاصة فى ظل التدقيق فى التحويلات المتعلقة بالأشخاص قيد التحقيق الجنائى، كما أن إعادة فتح البنوك أدى لحدوث طوابير طويلة لسحب النقود فى الأسبوع الأول، كما أنه عند إعادة فتح البورصة فى 23 مارس 2011 شهدت بداية التداول انخفاضا حادا لأسعار الأسهم فى أول يومين، ثم بدأت البورصة تتعافى تدريجيا، حتى عادت معدلاتها الطبيعية.
وتوقع التقرير استمرار زيادة العجز بنسبة 2% عن المتوقع خلال السنوات المالية الحالية، لافتا إلى أن الإنفاق الإضافى على الأجور والمعاشات وصندوق التعويضات، فى ظل ضعف الإيرادات المحصلة وارتفاع أسعار الفائدة على الإقتراض الحكومى، سيضاعف من العجز، إلا إذا قامت الحكومة بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق.
وعلى المدى القصير يتوقع صندوق النقد تراجع معدلات النمو الاقتصادى إلى نسبة تتراوح ما بين 1-2% بنهاية العام المالي، نتيجة انكماش الاقتصاد بنسبة 1%، فى حين تتوقع الحكومة المصرية أن تسجل معدلات النمو نسبة تتراوح ما بين 2.5 – 3% خلال العام الحالى.
كما تتوقع التقارير حدوث ارتفاع تدريجى للاقتصاد المصرى خلال العام المالى المقبل، والمتوقع فيه أن تصل معدلات النمو إلى 4% من الناتج المحلى الإجمالى، لكن لا تزال مشكلة التضخم مستمرة مع تزايد التوقعات بارتفاعها، فى ضوء الانخفاض الحاد فى السياحة وتراجع التحويلات الخارجية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما يزيد من عجز الميزان التجارى بنسبة 3.3% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية العام المالى الحالى.
وإذا أراد الاقتصاد المصرى معاودة النمو، فإن ذلك يتوقف على عملية التحول السياسى المنظم والناجح لاستعادة الانضباط الأمنى مرة أخرى، فى ظل ارتفاع نسبة البطالة على المدى القصير بسبب الظروف الاقتصادية، خاصة مع عودة المصريين العاملين فى ليبيا بعد ثورتها، ومن المؤكد أن ميزان المدفوعات سيظل تحت ضغط فى ظل اتساع العجز فى الحساب الجاري، فى الوقت الذى سيظل فيه الاستثمار الأجنبى متوقفا فى انتظار استقرار الأوضاع السياسية.
ويتطلب تحقيق الأهداف الاجتماعية وإقرار العدالة بين المواطنين، الذى تسعى له الحكومة، الحفاظ على استقرار الاقتصاد، ومراعاة الحفاظ على العجز المالى فى مستوى يمكن السيطرة عليه، فى ضوء المطالب المتزايدة، لضمان استدامة موقف الدين العام، فى وقت تملك فيه الإمكانيات التى تؤهلها لاستعادة مكانتها الاقتصادية مرة أخري، من قوة الشباب والمكانة الجغرافية المتميزة وكبر حجم السوق.
ثانياً: التداعيات الاقتصادية والاجتماعية فى الحالة المصرية:
يعتبر العقدين الأخيرين من القرن العشرين والأول من الحادى والعشرين هي حقبة تحرير السوق والذي كانت له تأثيرات متعددة من بينها تفجر البطالة بشكل غير مسبوق كظاهرة مصاحبة للإصلاح الاقتصادي، حيث بلغ معدل البطالة 9.2 % من قوة العمل، وقدرت دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام عدد العاطلين بحوالي 1.5 مليون عاطل منهم 23.7% يحملون مؤهلات متوسطة و13.6% يحملون مؤهلات فوق المتوسطة، و13.6% يحملون مؤهلات جامعية.بينما يقدر الأستاذ عبد الخالق فاروق عدد العاطلين بما يترواح بين 5.5 مليون و6.1 مليون عاطل يمثلون ما بين 22.5% و27.5 % من قوة العمل ويقدر الأستاذ عبد الفتاح الجبالي مستشار وزير المالية عدد العاطلين بحوإلى 2 مليون عاطل وسوف نعود فى جزء تإلى للحديث بالتفصيل عن البطالة كظاهرة مصاحبة للإصلاح الاقتصادي. كما كشف تقرير أحوال المرأة المصرية الذي أصدره المجلس القومي للمرأة أن هناك 76 ألف حالة امرأة عاملة فقدت وظيفتها منذ بدأ برنامج الخصخصة مقابل 370 ألف وظيفة فقدها الرجال.
كما انتشر الفقر وسوء توزيع الدخل كمظهر مصاحب لتحرير السوق حيث بلغت معدلات الفقر التي أعلنها البنك الدولي وتقارير التنمية البشرية أن الأشخاص الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار ( 5.8 جنيه يوميا أي 174 جنيه شهرياً ) هم فقراء فقر مدقع ويقدر عددهم بنحو 2.1 مليون شخص وقد ارتفع عددهم بحوإلى 205 ألف شخص تدهورت دخولهم خلال الفترة الماضية. وبالنسبة لمن يقل دخلهم اليومي عن 2 دولار (11.6 جنيه يومياً أي 348 جنيه شهرياً ) فيقدر عددهم بنحو 35.8 مليون شخص وأنه خلال الفترة الماضية تدهورت أوضاع 7.8 مليون انخفضت دخولهم الحقيقة إلى مستوى أقل من 2 دولار يومياً.
كذلك يوجد تفاوت كبير في توزيع الدخل بين الطبقات، بما يعكس التفاوت الطبقي وسوء توزيع الدخل وتركز الثروات وانتشار الإنفاق الترفي في مواجهة انتشار الفقر، ويعد ذلك من الآثار الاقتصادية لتحرير السوق، أما على المستوى الاجتماعي فنجد لدينا تسعة ملايين غير متزوجات وفق بعض التقديرات فقد حدث غضب شديد في مصر عند إعلان التقرير الإحصائي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي كشف عن ثلاثة حقائق خطيرة بشأن تزايد نسبة العنوسة بين الشباب المصري، وارتفاع نسبة الطلاق السنوية، وتأخر سن الزواج، وقد أعلن جهاز الإحصاء من أن عدد المصريين الذين بلغوا سن الخامسة والثلاثين ولم يتزوجوا وصل إلى 8 ملايين و962 ألفًا بينهم 3 ملايين و731 ألفًا من الإناث، والباقي من الذكور، وأن عدد المطلقين والمطلقات بلغ 264 ألف حالة خلال عام واحد.
ويذكر المتخصصون فى علم النفس رقماً آخر حين قرروا أن ربع الشعب المصرى قد وقع فى فخ الإكتئاب 17.5 مليون شخص وثمة من يشير إلى وجود خمسة ملايين مكتئب، و19 مليوناً يحملون علامات الاكتئاب في مصر، وفي عام 2002، ظهرت دراسة اجتماعية عنوانها "أسباب الانتحار في مصر"، عزت الظاهرة إلى: البطالة بين الشباب، الديون، غلاء المعيشة، عدم قدرة الشباب على الزواج والتجارب العاطفية الفاشلة، وهذه هي بعض نتائج تحرير الأسواق.
ويطالب الخبراء برعاية الدولة للطبقات المتوسطة ومحاولة دعمها وعدم الضغط عليها وفتح مجالات الرزق الشريف أمام أولادها من الخريجين العاطلين وإيجاد حلول غير نمطية وغير تقليدية في مدن جديدة وفي استصلاح أراض وفي بناء مساكن سهلة وغير مكلفة وحتي في شق ترع وفتح طرق وتخصصات تصنيعية مطلوبة من عمالة المتعلمين وخريجي الجامعات، ولأن الطبقات المتوسطة أصبحت طبقات تكافح وتناضل حتي لا تهوي إلي الطبقات الدنيا أو تضطر لتنازلات لو استمرت، فلا شك أن المجتمعات ستفقد أغلي ما يبني ويحافظ علي القيم والأخلاق.
ثالثاً: منطلقات إشكاليات أزمة الاقتصاد المصرى:
في الفترة السابقة لثورة 25 يناير، كانت علامات التعافي قد بدأت في الظهور على الاقتصاد المصري من الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008؛ حيث ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 4,7 % في عام 2009/2008 إلى 5,1 % في عام 2009/ 2010 وسجل النمو 5,6 % في المتوسط خلال أول ربعين من العام المالي 2010/2011، مدفوعا بصفة رئيسية بالأداء القوي للقطاعات التالية: السياحة والتي شهدت نموا قدره 15 %، والتشييد والبناء 12,6 %، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات %10 والصناعة التحويلية 6%.
وقد أدى الاستهلاك المحلى في عام 2009/2010، والذي عادة ما يكون أقل مرونة، دور المحرك الرئيسي للنمو، حيث ساهم بنسبة بلغت 85,9 % تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي، مما دفع عجلة النمو في القطاعات المرتبطة بالطلب المحلي، في حين شهدت القطاعات التي تعتمد بصورة كبيرة على المعاملات الخارجية تحسنا، وإن كانت لم تتعافَ بصورة كاملة من آثار الأزمة العالمية، كما حققت عائدات السياحة نموا بنسبة 12 % في عام 2010/2009، 11,6 مليار دولار أمريكي، وذلك بعد أن شهدت تراجعا خلال العام السابق، ومن ناحية أخرى، اتجهت عائدات قناة السويس إلى التراجع للعام الثاني على التوالي، حيث سجلت مستوى منخفضا قدره 4,5 مليار دولار، ومن المجالات الأخرى التي تأثرت سلبا بالأزمة العالمية تحويلات العاملين في الخارج، والتي شهدت تحسنا ملموسا خلال عام 2009/2010 مسجلة زيادة قدرها 25 % أو ما يعادل 9,8 مليار دولار أمريكي، في حين استمرت التدفقات الوافدة من الاستثمار الأجنبي المباشر في التراجع حيث بلغت 6,8 مليار دولار، أي أقل بنحو 50 % عن مستواها في عام 2007/2008 قبل الأزمة العالمية.
رابعاً: الآثار الاقتصادية والتحديات المستقبلية:
أدت الآثار الناتجة عن أحداث الاضطراب فى عام 2010/2011، إلى الحد من أداء النمو خلال ما تبقى من عام 2010/2011، فقد شهدت البورصة المصرية هبوطا حادا تم على إثره إيقاف التعاملات على الأسهم بعد أن سجلت خسائر كبيرة مما أدى إلى إغلاقها بصورة كاملة في 28 يناير بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات وانخفض المؤشران الرئيسيان للبورصة EGX30 وEGX100 بنسبتي 10,5 % و 14 % على التوالي في آخر جلستي تعامل قبل الإغلاق، وقامت عدة مؤسسات للتصنيف الائتماني بخفض ترتيب مصر خلال الأيام الأولى من الاحتجاجات، حيث خفضت وكالة “موديز" لخدمات المستثمرين التصنيف الائتماني لسندات الحكومة المصرية من Ba1 إلى Ba2، في حين قامت مؤسسة “ستاندارد آند بورز" بخفض تصنيف ديون مصر طويلة الأجل بالعملة الأجنبية إلى BB، أي أقل من مستوى الاستثمار بدرجتين، بالإضافة إلى خفض ترتيب السندات طويلة وقصيرة الأجل بالعملة المحلية إلى B/BB من A-/BBB+؛ وقامت مؤسسة “فيتش" بتعديل توقعاتها بالنسبة لمصر من “مستقر" إلى “سلبي"، وقد استأنفت البورصة المصرية نشاطها في 28 مارس، إلا أن مؤشرات التعافي اتجهت إلى الإنخفاض بشكل كبير.
ومن المتوقع أن يؤثر تعطل النشاط الاقتصادي وضعف الأوضاع الأمنية واستمرار حالة عدم اليقين تأثيرا شديدا على النمو الاقتصادي خلال الموازنة الحالية، مما سيؤدي إلى خفض ملموس للتوقعات بالنسبة للنمو الاقتصادي في عام 2012/2013. وستستمر حالة عدم اليقين في التأثير على النشاط الاقتصادي الكلي خلال الفترة المتبقية من عام 2012/2013، حيث من المرجح أن يتم إرجاء تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وخطط الاستثمار الأجنبي، غير أن النمو الاقتصادي قد يعود إلى مستواه خلال العام المالي القادم 2013/2014 مع عودة الاستقرار.
هذا من ناحية السياسة المالية العامة، فقد أدت المخاوف بشأن عدم العدالة والضغوط المتزايدة التي تتعرض لها المجموعات محدودة الدخل إلى اتباع سياسات مالية توسعية خلال عام 2012/2013، وذلك للتخفيف من الآثار المترتبة على الاضطرابات الأخيرة وحالة عدم اليقين التي سادت مصر في أعقابها، ومن ثم فمن المتوقع أن يزيد العجز الكلي في الموازنة العامة خلال عام 2012/2013 مقارنة بالعجز فى الموازنات السابقة.
وفي استجابة من جانب الحكومة للاحتجاجات الفئوية، قامت بزيادة الأجور ومعاشات التقاعد بنسبة 15 % بدءا من شهر إبريل 2011، بالإضافة إلى إصدار قرار بتثبيت العاملين في جهات حكومية فورا في حالة انقضاء ثلاث سنوات أو أكثر على تعيينهم.
وفضلا عن ذلك، قد يتجاوز حجم الإنفاق على الدعم ما تم رصده مسبقا في الموازنة العامة نظرا لزيادة بنود الإنفاق وارتفاع الأسعار العالمية. حيث قُدر حجم الإنفاق على دعم المواد البترولية وحدها في عام 2009/2010 بنحو 66,5 مليار جنيه أو ما يمثل 5,5 % من الناتج المحلي الإجمالي و 18,11 % من إجمالي الإنفاق، في حين بلغ ما تم رصده لها في موازنة عامي 2010/2011 و 2011/2012 نحو 67,7 و 87,8 مليار جنيه على التوالي. ومن المتوقع ألا تمضي مصر في الخطط الحكومية المسبقة لإلغاء الدعم تدريجيا، على الأقل في ظل الحكومة الانتقالية الحالية، وحتى الانتخابات الرئاسية في أعقاب الانتخابات البرلمانية في سبتمبر 2011.
ومن المتوقع أن تستمر الزيادة في بنود الإنفاق الحكومي الرئيسية الدعم والأجور والمرتبات ومدفوعات الفوائد والتي تمثل 75 % من إجمالي الإنفاق خلال الموازنة القادمة نتيجة التدابير والالتزامات التي قطعتها الحكومة في الآونة الأخيرة. كما قد تتأثر أيضا إيرادات الضرائب بصورة سلبية والتي تمثل أكثر من 60 % من الإيرادات الحكومية نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي خلال النصف الثاني من عام 2010/2011 بفعل الأوضاع غير المستقرة وحالة عدم اليقين، ومن شأن الارتفاع الكبير في الإنفاق على كل من الدعم والأجور والمرتبات والتعويضات عن الخسائر، مع انخفاض الإيرادات الحكومية نتيجة التباطؤ الاقتصادي، أن يؤدي إلى زيادة العجز بنسبة 25 % مقارنة بالمتوقع في الموازنة العامة
وعلى صعيد السياسة النقدية، فرغم ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي، قرر البنك المركزي المصري الإبقاء على أسعار الفائدة الأساسية كما هي على الودائع لمدة ليلة واحدة 8,25 % وعلى القروض لمدة ليلة واحدة %9,75 حتى الآن، مواصلا بذلك السياسة التي اتبعها منذ عام 2010/2009. ولتجنب مخاطر المزيد من الانخفاض في قيمة العملة أكد البنك المركزي المصري على أنه يضمن كافة الودائع في النظام المصرفي. ومع استئناف البنوك عملها مرة أخرى في 6 فبراير بعد أسبوع من الإغلاق، وضع البنك المركزي المصري حدا أقصى للسحب النقدي قدره خمسين ألف جنيه يوميا؛ وذلك لتجنب الذعر الذي قد يؤثر على السيولة في الجهاز المصرفي. وفي محاولة للحيلولة دون انخفاض سعر الصرف بصورة أكبر، قام البنك المركزي بضخ 1,3 مليار دولار فضلا عن مبالغ لاحقة أخرى، ومع ذلك انخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار إلى 5,983 في 31 مارس، وهو ما يعكس استمرار انخفاض سعر صرف الجنيه المصري إلى مستوى أقل مما كان عليه قبل الأزمة ومقارنة بالمتوسط خلال الأعوام الستة الأخيرة.
كما تعاني مصر من تباطؤ النمو الاقتصادي بها، كما تشهد انخفاض في نسبة الاستثمار، وانخفاض في حركة الصادرات والواردات، وارتفاع أسعار الغذاء، كما هو موضح بالجدول (15) علاوة علي ذلك فقد شهدت مصر انخفاض هائل في عدد السائحين بنسبة 45% في منتصف عام 2011) مما كان له بالغ الأثر علي الاقتصاد المصري باعتبار أن السياحة أحد أهم الموارد الاقتصادية لديها، وبعد أن حققت الدولة جذب أعداد كبيرة من السائحين في عام 2010.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.