استعرضت وزارة المالية الموقف الاقتصادي للبلاد، خلال بيان الإعداد المالي لموازنة العام المالي المقبل 2013/2014، لافتة إلي ان حجم العجز الفعلي بالموازنة الحالية بلغ 167مليار جنيه وبنسبة 11% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما سجل الدين المحلي 1.3تريليون جنيه وبنسبة بلغت 85% من الناتج المحلي وبما يساوي 25% وبقيمة 104مليار جنيه من جملة المصروفات التي بلغت 533.2مليار جنيه بموازنة 2012/2013 الحالية. وبررت الوزارة الأزمة الاقتصادية بأن الحكومة قد ورثت تركة ثقيلة من الأعباء والمديونيات لدي الهيئات الاقتصادية قدرت بنسبة 141مليار جنيه، وموزعة بين اتحاد الاذاعة والتلفزيون و هيئة البترول، إلي جانب تراجع الاحتياطي النقدي لنحو15مليار دولار خلال يونيو الماضي من إجمالي 36مليار دولار خلال ديسمبر2010، مشيرة إلي أن الاقتصاد المصري تراجع بشكل ملحوظ وبنسبة2% خلال العامين الماضيين بسبب ارتفاع معدلات البطالة إلي 13% بنهاية ديسمبر الماضي، وهو ما سبب موجة من الاضرابات والاعتصامات المتكررة، بالإضافة إلي انخفاض أداء القطاعات الاقتصادية كقطاع الصناعات التحويلية بنسبة 0.2% والبناء بنسبة 3.5% والسياحة بنسبة 1.8%، بسبب حالة الاضطراب السياسي والأمني للبلاد خلال عامي 2011و2012. وتسببت حالة الاضطراب السياسي بشكل رئيسي في تراجع ميزان المدفوعات التجارية بنحو 32مليار دولار وبمعدل زيادة بلغت 5مليار دولار بالموازنة الماضية، وارتفاع حجم الصادرات بالنقد الأجنبي بنسبة 7.3% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، خاصة في شراء المواد البترولية بمعدل زيادة قدره 2.4% عن العام المالي السابق، فالبرغم من ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العامين الماضيين بنحو 9.5إلي 17.8مليار دولار، إلا أن الميزان الجاري تضاعف خلال العام المالي الجاري مسجلًا 8مليار دولار مقابل 4.3مليار دولار خلال العام 2010. وأدى تراجع السيولة الرأسمالية إلي الاعتماد علي الأنشطة التمويلية من القطاع الخاص من خلال سحب رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي لدي البنك المركزي، والذي تناقص بنحو50% رغم حصول مصر علي مساعدات اقتصادية بقيمة 9مليار دولار خلال مارس الماضي، وهو ما يعني رفع جملة استخدامات النقد الأجنبي إلي 30مليار دولار وهو ما انعكس علي زيادة أسعار صرف الدولار والعملات الأجنبية الأخري في مواجهة العملة الوطنية "الجنيه". وتسبب تراجع أداء القطاع الخاص عقب الثورة مقابل تزايد حجم الانفاق الحكومي بشكل ملاحظ في بندي الأجور والتعويضات للعاملين بالدولة، مع وجود توقعات بتحقيق معدل نمو تراكمي يتجاوز73% خلال الثلاث سنوات المقبلة والتي ستنتهي آخر يونيو المقبل، وزيادة المعاشات والتي بلغت نحو 29مليار خلال يناير2011، وهو ما ساهم في الحفاظ علي دخول نحو 15مليون موظف وصاحب معاش بالفعل، ليرفع حجم الانفاق الاستهلاكي خلال العام المالي الجاري. وبحسب ما سبق فإن هناك توقعات بزيادة العجز خلال موازنة العام 2013/2014 القادمة ما بين 200 حتي205مليار جنيه وبما يمثل 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يفوق كل معايير دوام المحافظة علي إطار الاقتصاد الكلي للدولة إلي جانب التوقعات بزيادة حجم الدين المحلي للبلاد لتصبح 1.6تريليون جنيه بنهاية العام الحالي وبما يشكل 89% من الناتج المحلي. كما قامت الخزانة العامة للدولة بتعويض فجوتها التمويلية من القطاع المصرفي خاصة البنك المركزي والبنوك التجارية الأخري من خلال "مزاحمة"الودائع والمدخرات والاستحواذ عليها مما تسبب في زيادة فوائد الدين المحلي إلي 147مليار جنيه مقابل 72مليار جنيه خلال العام المالي2009/2010وبنسبة زيادة بلغت 104% خلال الأعوام 2010و2011و2012، وهو ما سيؤثر بالسبل علي الأعوام المقبلة، إلي جانب عدم قدرة البنك المركزي، علي توفير تمويلات مباشرة للخزانة العام مما رفع حجم الإخطار التضخمية خلال 3سنوات ماضية بالنسبة للائتمان الممنوح للحكومة وخروج استثمارات أجنبية من الاقتصاد المحلي رغم وجود سيولة نقدية أبقته في الحدود الآمنة. وعلي نفس السياق أزداد معدل الانفاق الحكومي علي المصروفات والتي لا تسهم في زيادة معدل الطاقة الإنتاجية وتقليص حجم الانفاق الاستثماري بنوعيه العام، والخاص نظرًا لزيادة نفقات الأجور والدعم، بالإضافة إلي استمرار الازمة الاقتصادية وانخفاض تدفقات النقد الأجنبي الموجهة لشراء احتياجات مدخلات الإنتاج المستوردة بسبب تقلص حجم الاقتراض المحلي لتمويل الاستثمارات. وأمام تلك الأزمة كان هناك عدة تحديات رئيسية في إعداد مشروع الموازنة الجديدة2013/2014 عبر خطط صغيرة ومتوسطة الأجل أبرزها العمل بشكل سريع لإعادة تشغيل عجلة الإنتاج والنشاط الاقتصادي بما يرفع معدلات النمو، إلي جانب العمل علي خفض عجز الموازنة العامة بشكل تدريجي بما يحقق توازنًا في تمويل احتياجات القطاعات الاقتصادية الأخري مع الحفاظ علي البعد الاجتماعي ومراعاة عدالة توزيع نتائج النمو الاقتصادي، وتوزيع الأعباء المصاحبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي علي فئات المجتمع وفقًا لدخولهم.