فتح الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات الجيزة أمس ببراءة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني من تهمة الكسب غير المشروع الباب حول تقييم أدائه خلال توليه منصب وزير الثقافة لأكثر من 23 عامًا. فبغض النظر عن تهم الفساد التي حوكم فيها "حسني"، اختلف المثقفون حول أدائه الوزاري، حيث رآه المعارضون مفسدًا لأجيال من المثقفين بتدجينهم وإغوائهم بالمال؛ لشراء سكوتهم عن فساد النظام الحاكم، بالإضافة لتحويله الثقافة إلى سلعة وترف لا يستطيع الحصول عليها إلا الأغنياء؛ مما أدى لتجريف الثقافة المصرية. بينما يرى الجانب المؤيد أنه كان سدًّا منيعًا أمام تطرُّف التيار الإسلامي المعادي لحرية الفكر والإبداع، وكان ينتصر لحرية الإبداع أمام ما وصفوه بالهجمة الظلامية. يقول صلاح الراوي رئيس أمانة صندوق اتحاد الكتاب: "إن براءة فاروق حسني تدخل ضمن حالة البراءة العامة التي تمر بها البلاد"، مؤكدًا أن مصر تشهد حالة من التواطؤ العام على حساب الثورة، ساخرًا من عدم حصول الرئيس المخلوع على براءة حتى الآن، مؤكدًا أن شدة فساد النظام السابق أدت إلى تغييب الحقائق. وفضل الراوي عدم التعليق على الحكم الصادر بتبرئة فاروق حسني من تهمة الكسب غير المشروع، مؤكدًا أن تهمته التي لا تغتفر إفساد لأجيال ومثقفين دخلوا حظيرة الدولة وتحولوا إلى "بوق" للنظام، وبالتالي ساهم هؤلاء المثقفون في إفساد النظام. "سعيد بأن القضاء المصري برأ فاروق حسني من تهمة الكسب غير المشروع"، بهذه العبارة بدأ الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي حديثه، والذي أكد على ثقته بنزاهة حكم القضاء، مؤكدًا أن حسني صديق شخصي له، قائلاً: "بعد أن برأه القضاء يبقى الحكم على إدارته للحركة الثقافية المصرية من خلال منصبه في الوزارة"، مشيرًا إلى أن هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية، ولكن الإيجابيات أكثر من السلبيات؛ لأن السلبيات معظمها تعبر عن قضايا موروثة لم يخترعها حسني، ولكن لا يعني ذلك انتفاء التهمة عنه؛ لأنه مسئول عن جزء منها، وكان عليه أن يصحح بعد أن بقي في منصبه لمدة طويلة". وقال الشاعر عبد المنعم رمضان: "إن حسني تولى وزارة الثقافة في أواخر الثمانينيات، وفي هذا التوقيت كان الاتحاد السوفييتي يتفكك وينهار والنظام العراقي ينهار بغزو الكويت وينهار معه أيضًا ياسر عرفات، وبعد انتهاء هذه الأنظمة شعر اليسار التقليدي البيروقراطي باليتم؛ لأنه كان يشعر بأبوة هذه الأنظمة، وفي هذه الفترة قرر حسني أن يقوم بإغواء هذا اليسار اليتيم بأن يكون نظام حسني مبارك أبًا له، وطلب من النظام مبلغًا من المال يستطيع أن يشتري به المثقفين؛ ليدخلهم لحظيرة النظام السياسي، ولذلك نجد أنه في زمن حسني مبارك لم يسجن المثقفون في المعتقلات، بل سجنوا بالمصالح والمال والجوائز والمطابع"، معتبرًا أن فترة فاروق حسني هي فترة الرشاوى للمثقفين وتحويلهم لأن يكونوا جمهورية "نعم" للنظام. أما الشاعر شعبان يوسف فيرى أن حسني لم يكن فاسدًا أو مفسدًا، ولكنه رجل الإنجازات في وزارة الثقافة على مدار تاريخها، مؤكدًا أنه لم يستطع أحد أن يدير وزارة الثقافة كما أدارها، وأنه سيأتي يوم على المثقفين يتمنون فيه عودته للوزارة مرة أخرى في ظل الهجمة الظلامية على حرية الفكر والإبداع من جانب التيارات الإسلامية، مؤكدًا أن حسني هو من جعل المجلس الأعلي للثقافة المصرية وجهة للثقافة المصرية لا يأتي إليه العرب فقط بل مثقفو العالم كله، بالإضافة إلى خوضه معارك ضارية ضد الإسلام السياسي، الذي حاول توريطه كثيرًا في تهم ليس له علاقة بها. كما أشاد يوسف بموقف حسني من رواية "وليمة لأعشاب البحر" لحيدر حيدر، حيث تعرضت الرواية لهجمة شرسة من المتشددين والمتطرفين، ولكنه وقف مع حرية المبدع. أما الشاعر ماجد يوسف فيرى أن فاروق حسني ساهم في تكريس المفهوم السلعي للثقافة، ولم يعمم الخدمة الثقافية لجميع الشعب المصري، بل اقتصرت الثقافة علي الجوانب الاحتفالية والمهرجانات فقط، وتابع قائلاً: "أتذكر أنه في زمن عبد الناصر كان يصدر كتاب ب 6 قروش كل 6 ساعات، أما في عهد حسني فقد ارتفع سعر الكتاب؛ ومن ثم اقتصرت الثقافة على الأغنياء فقط". وعن علاقة المثقفين بفاروق حسني فيرى يوسف أن الكثير من المثقفين باعوا أنفسهم في زمنه مقابل المال وطبع الكتب والسفريات والحصول على المناصب في المجلات والصحف. أخبار مصر – ثقافة - البديل Comment *