منذ 72 ساعة والجميع يترقب مباراة كأس السوبر بين فريقي النادي الأهلي ونادي إنبي، الذي حاول المسئولون "تحصينه" بنقله من إستاد الكلية الحربية بالقاهرة، إلى إستاد برج العرب في صحراء الإسكندرية، تجنباً ل"مواجهات" مع روابط الجماهير (الألتراس)، التي أعلنت رفضها عودة الدوري قبل القصاص ممن قتلوا 74 مشجعا، وأصابوا أكثر من 300 آخرين في مجزرة بشعة في مباراة للأهلي والمصري البورسعيدي، في فبراير الماضي. في البداية أعلنت رابطة مشجعي النادي الأهلي "التراس أهلاوي"، رفضها التام لمباراة السوبر، موجهة أصابع الاتهام إلى "تجار الرياضة" الذين حسب بيان للألتراس يضغطون لاستئناف الدوري من "أجل الإعلانات" والعوائد التي تستفيد منها مجالس إدارة النوادي، باعتبار أن بداية الدوري تعني أيضا بخلاف الكرة، بداية "موسم البزنس". لم تكن رابطة "التراس أهلاوي" وحدها في ميدان الرفض، لكن موجة الرفض العارم امتد من جماهير القلعة الحمراء، إلى غريمهم التاريخي في البطولة، حيث رفضت رابطة "وايت نايتس"، وهي تمثل القسم الأكبر والأكثر تنظيماً، من مشجعي نادي الزمالك، بدء الدوري العام، وطالبت بالقصاص لشهداء الكرة المصري، ولم تمر سوى ساعات حتى انضمت رابطة "يليو دراجونز"، التي تمثل مشجعي النادي الإسماعيلي، ثالث أكبر الأندية المصرية، إلى جماهير الأهلي والزمالك، ليعلن جمهور "الثلاثة الكبار"، رفضهم التام لاستئناف الدوري العام قبل القصاص للشهداء. وقف الجماهير، وهو "وقود الملاعب" الحقيقي في جانب، بينما وقفت أجهزة الدولة ممثلة في وزارتي الداخلية، التي يقودها اللواء أحمد جمال الدين (مساعد وزير الداخلية السابق للأمن العام إبان مجزرة بورسعيد، ومساعد العادلي لمديرية أمن أسيوط خلال الثورة)، ووزارة الرياضة، التي يقودها حاليا العامري فاروق، مرشح الحزب الوطني المنحل سابقا، الذي عينه، د. هشام قنديل، رئيس الوزراء الجديد، في منصبه، والعامري عضو بمجلس إدارة النادي الأهلي أيضا. أصرت الداخلية على المباراة، وهددت "المشاغبين"، بينما قامت وزارة الرياضة بدور "منسق السوبر"، لتضمن ضربة البداية في الدوري الممتاز، بالمقابل، دعا "ألتراس أهلاوي" للحشد والتوجه إلى استاد برج العرب، قبل أن يتراجع ويعلن عن "مخطط من الداخلية لإشعال حرب أهلية بين المشجعين وبين البدو"، بالمقابل ورغم بيان ألتراس أهلاوي، أعلنت رابطة مشجعي الأهلي في الإسكندرية "التراس ديلفيز"، عزمها المضي قدماً في الاحتجاج، ولم تمر سوى ساعة حتى أعلنت الرابط أن "الداخلية تمنع السائقين من توصيل الديفيلز" للإستاد، لكن هذا لم يثن المشجعين الغاضبين، فقرروا أن يسيروا على الأقدام مسافات تراوحت بن 40 إلى 50 كيلومتراً من الإسكندرية إلى فندق "راديسون بلو" حيث مقر إقامة لاعبي الأهلي محاولين إقناعهم بعدم لعب المباراة "على دماء الشهداء لصالح المعلنين"، حسب الألتراس، إلا أن محاولاتهم واجهت كردونات أمن مركزي، ربما لم يشاهدها أحد بهذه الكثافة سوى خلال الثورة، في المواجهة الكبرى بين الشعب والداخلية في يوم عيدها السنوي. على مستوى اللاعبين، ذهب رئيس النادي الأهلي، وكابتن هادي خشبة، ومدير أمن الإسكندرية إلى الفندق، ليقنعوا اللاعبين القلقين بضرورة "عودة الرياضة" بمباراة تحت الحصار تقام "في آخر الدنيا" بلا جمهور، خاصم المدرجات طلباً للقصاص. من بين 22 لاعباً في الأساسي والاحتياطي، لم يتخذ أي من اللاعبين موقفاً مع الجمهور سوى اللاعب محمد أبو تريكة نجم النادي الأحمر، الذي اعتذر عن المشاركة، معلناً تضامنه مع ضرورة "القصاص قبل اللعب"، بينما اتجه بقيت اللاعبين للبوابة الخلفية لفندق راديسون بلو، في حراسة مدرعات الشرطة والأمن المركزي، كي يذهبوا إلى الاستاد المحاصر، ويلعبوا مباراة بلا جمهور، بينما يجلس المشجعون على الطرقات يهتفون ضد إدارة النادي ووزارة الرياضة والداخلية. وبعيداً عن هذا وذاك وقفت رئاسة الجمهورية، بينما طالبها الكثيرون سواء من أقطاب جماعة الإخوان المسلمين مثل خيرت الشاطر، أو من خارجها مثل حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، بضرورة التدخل لإلغاء المباراة حتى تحقيق القصاص العادل ل 74 شهيداً وأكثر من 300 جنيه. وأعلنت الرئاسة على لسان المتحدث الرسمي باسمها، د. ياسر علي، أن مؤسسة الرئاسة "غير معنية بتأجيل المباراة أو إلغاءها"، تاركاً الموقف "على صفيح ساخن"، بين آلاف المتظاهرين الذين توافدوا على محيط استاد برج العرب، والداخلية التي حشدت قواتها خلف إدارتي الناديين الأهلي وإنبي. ورغم المخاوف من "مجزرة جديدة" بين المشجعين الذين تركوا "الساحرة المستديرة" ليبحثوا عن دماء زملائهم الذين قتلوا في المدرجات، وبين النوادي ووزارة الرياضة التي تصر على "ضرورة" عودة الدوري، خرج العامري فاروق ليعلن أن كافة الضغوط والمخاوف لم تنجح سوى في تأجيل "السوبر" لمدة 60 دقيقة فقط. جماهير الأهلي والزمالك والإسماعيلي خاصموا المدرجات بحثاً عن القصاص.. ووزارة الرياضة: الدوري فوق الجميع أبو تريكة يعتذر عن المباراة.. والفريق يهرب من جمهوره عبر الأبواب الخلفية ليلعب مباراة بلا مشجعين