قامت السلطة الفلسطينية اليوم بتقديم طلب رسمي لسلطات الاحتلال الإسرائيلي لمراجعة اتفاقية باريس وذلك على خلفية الإحداث التي تشهدها الضفة الغربية منذ الأسبوع الماضي، حيث شهدت مدن الضفة مظاهرات واعتصامات وإضرابات في قطاعات الخدمات الحيوية احتجاجا على غلاء المعيشة وعلى رأسها ارتفاع أسعار الوقود، فيما طالب المتظاهرون بإقالة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، باعتباره المسئول الأول في الحكومة التي أدت سياستها الاقتصادية إلى حدوث الأزمة، وذلك عن طريق اتفاقية باريس التي وقعتها عام1994، والتي تنص على فرض ضرائب من جانب إسرائيل على واردات الوقود والمحروقات القادمة عن طريق إسرائيل إلى مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني. وبخلاف الوقود الذي تسبب ارتفاع أسعاره في اندلاع الأحداث في الضفة، فأن هناك مواد وبنود في الاتفاقية خاصة بمسألة تحصيل الضرائب وحركة المعاملات المصرفية، والعمل وحركة البضائع، مما أدى في نهاية الأمر إلى ربط سلة أسعار السلع الأساسية في الضفة بأسعارها في إسرائيل مع فارق الضرائب على الدخل، حيث يفرض بنفس النسبة على فلسطيني الضفة مثلما يفرض على الإسرائيلي رغم فارق مستوى الدخل بين الاثنين. بالإضافة إلى ذلك تقوم إسرائيل بتحصيل الضرائب عن السلع والوردات والصادرات من مناطق الحكم الذاتي نيابة عن السلطة، والتي تتقاعس إسرائيل بذرائع شتى لعدم نقلها إلى السلطة الفلسطينية، وهي التي تشكل حوالي ثلثي ميزانية السلطة. كما تعاني السلطة الفلسطينية من عجز في ميزانيتها، التي تعتمد في معظمها على ما تقدمه الدول المانحة، فأصبحت السلطة تدفع سنويا ما قيمته150مليون دولار كرواتب للموظفين، وهو ما كان يغطى في السابق بأموال الدول المانحة، ليبلغ عجز الميزانية في فلسطين حوالي مليار دولا، وذلك حسب وزير العمل في حكومة فياض أحمد مجدلاني، الذي رأى أن الأزمة الحالية ناتجة بشكل كبير عن عدم التزام الدول المانحة بما تدفعه سنويا للسلطة، لاعتبارات وصفها بالسياسية، وذلك في تصريحات لوكالة الأنباء الصينية. من جانبه, رأي المحلل الاقتصادي الفلسطيني عادل سمارة في حوار له على فضائية القدس أن الحكومة الحالية تتحمل تبعات الأزمة، وذلك لأنها تعمل وفق نصائح البنك الدولي، وتجاهلت إقامة مؤسسات إنتاجية، بخلاف ما سببته الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، والتي في حالة الضفة تكون مضاعفة لارتباط السلطة باتفاقية باريس التي لا تتغير إلا بموافقة الطرفين، محملا فياض المسئولية عن الأزمة المعيشية في الضفة قائلا: "فياض يتحمل مسؤولية إخلاصه للبنك الدولي وسياساته، لكنه لم يقم بجلب الفقر وتقويض قطاعات الإنتاج وإنما واصل السياسة التي أدت لذلك". ولم تخل الأزمة الأخيرة من التلاسن بين مسئولين في فتح وحماس، حيث اعتبر المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري، أن محاولات فياض اتهام حماس بأنها أحد أسباب الأزمة الاقتصادية في الضفة هي محاولات "واهية تأتي بعد تبديد الأموال وإنفاقها في مشاريع شكلية لا تعود بأية فائدة على المواطن الفلسطيني". وعلى الرغم من عدم حدوث مظاهرات أو اعتصامات في غزة، لا يعني هذا ذلك وجود أزمة معيشية في القطاع وسط عجز من حكومة حماس على إيجاد حل لها، إلا تشديد القبضة الأمنية لها، التي لم تمنع مواطن فلسطيني على إحراق نفسه نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في القطاع التي يزيدها الحصار الإسرائيلي. وبحسب تقرير وكالة الأونروا فإن سقف دخل الفرد في غزة تدنى إلى 100دولار، وهو ما يعد حد الفقر المتعارف عليه عالمياً، وبالإضافة إلى تقرير أعدته لجنة برئاسة مفوض الأممالمتحدة للشئون الإنسانية في فلسطين ماكسويل جرينلند جاء فيه أن ضروريات الحياة في غزة من مياه شرب وكهرباء تدنى لمستويات غير إنسانية، مضيفاً أن بخلاف الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه القطاع، فإن تدهور كبير يوجد في مستوى الخدمات الإنسانية، فعلى سبيل المثال يوجد طبيب واحد لكل100 مواطن، بخلاف وجود نقص في مصادر مياه الشرب النظيفة والطاقة، مما يجعل غزة مرشحة لأن تشهد احتجاجات مماثلة لما حدث في الضفة. Comment *