منذ بداية إنشاء "البديل" كجريدة يومية مستقلة، في يونيو 2007، كان موقفها الواضح هو الدفاع عن الحريات دون استثناء، ومهما اختلفنا سياسيا ومهنياً مع أصحابها.. منذ البداية دافعت "البديل" عن الإسلاميين والليبراليين واليساريين المعتقلين في سجون المخلوع. خاضت "البديل" معركة ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين قبل الثورة بخمس سنوات كاملة، ووقفت إلى جانب خيرت الشاطر وحسن مالك وغيرهم ممن صدرت ضدهم أحكام عسكرية.. وقفنا إلى جوار معتقلي الجماعة الإسلامية، وفضحنا أجهزة القمع والتعذيب.. تضامنا بشكل واضح ونشرنا عن التنظيمات الجهادية التي ذاقت التعذيب في معتقلات أمن الدولة.. ووقفنا مع أيمن نور مؤسس حزب الغد الليبرالي في محنة السجن، ومع العمال الذين تعرضوا للسحل والضرب لأنهم طالبوا بحقهم في الحياة الكريمة. ومن المحلة التي أحرقها رجال العادلي إلى الإسكندرية التي تجاوز فيها التعذيب كل تصور ومنها إلى أسوان وسوهاج وأسيوط وسيناء، تتبعنا "دولة الظلم"، وأعلنت "البديل" موقفها واضحاً برفض كافة أشكال القمع والظلم ضد أي مصري مهما كان، وآمنا بحق كل إنسان في الحرية، ودفعنا الثمن غاليا بإغلاق جريدتنا الورقية في 7 أبريل 2009.. الآن وبعد أن أذهل الشعب المصري الجميع، وقدم أكثر من 1000 شهيد، وأسقط نظاماً ظنه العالم أجمع، أقوى من الثورات والأحلام والأمل.. وبعد أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ مصر، ووصول أول رئيس مدني لحكم البلاد.. الآن وبعد أن أزاح الرئيس المنتخب حكم العسكر.. ووضع في قبضته السلطات التشريعية والتنفيذية.. الآن وبعد هذا كله، نجد صحفياً هو الزميل إسلام عفيفي، رئيس تحرير جريدة الدستور، محبوساً من أول جلسة احتياطياً بتهمة من عصر مبارك تدعى "إهانة الرئيس". أحيل الزميل إسلام عفيفي للمحاكمة بالمخالفة للقانون الذي يشترط اخطار النقابة بموعد التحقيق مع الصحفي وحضور ممثل عن نقابة الصحفيين لكافة التحقيقات مع أي صحفي فيما يتعلق بجرائم النشر.. أحيل الزميل "في غمضة عين" إلى محكمة جنايات الجيزة، التي رفضت سماع الدفاع ومن أول جلسة أمرت بالحبس الاحتياطي بحق الزميل وأجلت الدعوى. ما حدث لإسلام يذكرنا في "البديل" بوقائع ممتدة منذ 2007، حول ضرب وسحل ومحاكمة محررينا عسكرياً بعد تعذيبهم لأنهم ينقلون الحقيقة، كما حدث مع الزميلين أحمد رمضان وإسلام أبو العز في موقعة العباسية.. وكما تضامنت البديل مع الجهادي والإخواني والسلفي والليبرالي واليساري، تتضامن الآن بوضوح مع صحفي متهم بجريمة من "القرون الوسطى"، جرت إحالته للمحاكمة بشكل غير قانوني، وصدر بحقه حكم بالحبس الاحتياطي "في غمضة عين". الآن وقد أصبح الإسلاميون في الحكم، وعلى كرسي الرئاسة يجلس رجل ذاق بنفسه مرارة السجن، ويجمع الآن في يده صلاحيات التشريع والتنفيذ معاً.. الآن يجلس زميلنا في الحبس الاحتياطي، الذي جربه الرئيس الحالي، وعرف بشاعته وظلمه.. يجلس إسلام عفيفي، محبوساً على ذمة تهمة تذكرنا بعودة الخوف والقهر وتكميم الأفواة.. وبينما السلطة التشريعية في يد الرئيس، ترك "قوانين مبارك" القمعية كما هي، فلم يعدل أو يغير أو يلغي عقوبة واحدة في جرائم النشر، وهي العقوبات التي يمكن أن تزج بغالبية الصحفيين وأصحاب الرأي في السجون والمعتقلات وبأحكام قضائية أيضا.. لدينا في قوانين النشر التي لم يغيرها الرئيس المدني المنتخب تهم مثل "إهانة رئيس الجمهورية" بل و"إهانة رئيس دولة صديقة" أيضا..كل هذا ولا أحد يعرف متى يتبين الخيط الأبيض.. خيط الثورة.. من الخيط الأسود.. خيط القمع وإهانة الثورة التي نادت ب"عيش" لم نجده وحرية لا تزال غائبة وسط "رغبات التنكيل" وعدالة اجتماعية، افتتحتها الحكومة بقرض مشروط من صندوق النقد الدولي لا لحبس الصحفيين في قضايا النشر نعم لتطهير القوانين من تهم القرون الوسطى البديل دافعنا عن الإخواني والجهادي والسلفي والليبرالي واليساري والآن ندافع عن صحفي متهم بجريمة من القرون الوسطى خضنا معارك ضد المحاكمات العسكرية والتعذيب وسياسة تكميم الأفوه قبل الثورة ودفعنا الثمن بإغلاق الجريدة الرئيس جمع سلطتي التشريع والتنفيذ في يده وترك قوانين الصحافة مليئة ب"تهم مبارك" إحالة الزميل إسلام عفيفي للجنايات باطل.. والمحكمة قررت الحبس "في غمضة عين" لا أحد يعرف متى يتبين الخيط الأبيض.. خيط الثورة.. من الخيط الأسود.. خيط القمع