كشفت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية الثلاثاء الماضي، أن شرطة الاحتلال أطلقت مؤخراً "وحدة مستعربين سرية جديدة" بين عرب 1948، داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لبناء بنية تحتية استخباراتية تمكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من التعامل مع العرب داخل الخط الأخضر، ونسبت الصحيفة إلى المفتش العام للشرطة الجنرال دودي كوهين قوله: "إننا نعاني من نقص في المعلومات، لذا تواجهنا صعوبات جمة في العمل داخل المناطق ذات الأغلبية العربية، مثل مدينة أم الفحم، أو حي الجواريش في الرملة"، مضيفاً أن الوحدة الجديدة آخذة في التوسع للتغلب على نقص المعلومات. وتعود بداية ظهور وحدات المستعربين إلى الثلاثينيات من القرن الماضي، حينما قامت عصابات «الهاجاناه» الإرهابية اليهودية بتشكيل وحدة من أعضائها للقيام بمهامٍ استخباراتية، وتنفيذ عمليات تصفيةٍ جسدية، وتشريد الفلسطينيين وتهجيرهم، ثم انقطع استخدام «المستعربين» خلال ال4 سنوات الأولى بعد قيام دولة العدو الغاصب على أرض فلسطين عام 1948، إلى أن تجددت في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً عند انطلاق الانتفاضة الأولى في الضفة وغزة عام 1987، ولكن بصفة رسمية مؤسساتية، حيث أصبح المستعربون تحت إدارة وتوجيه جيش العدو، ويعمل أفراد هذه الوحدات متنكرين باللباس الفلسطيني، ويعيشون حياة مزدوجة، الحياة «الإسرائيلية اليهودية» الطبيعية لهم، وحياتهم الأخرى كمستعربين، ويتم تجهيزهم على ارتداء اللباس الفلسطيني والتدريب على اللغة واللهجات والشعارات والأناشيد والعادات والتقاليد الفلسطينية، كي يتسنى لهم الانخراط في البيئة والمجتمع الفلسطيني، دون أن يتمكن هؤلاء المواطنون من تشخيصهم وإحباط مهماتهم . وفي السنوات الأخيرة بدأت تظهر بعض المعلومات مع تطور أساليب المقاومة والأمن الوقائي تفيد بوجود وحدة مستعربين تُسمى «شمشون» تعمل في محيط قطاع غزة، وأخرى تُدعى "دفدفان" و "كرز" في الضفة الغربية، بالإضافة إلى ثالثة تسمى "يمام" وهي تابعة لما يُسمى بحرس الحدود، وهي الوحدة الخاصة لمكافحة العمليات «الإرهابيّة» حسب تصنيف مؤسسات العدو، وكان دور «مستعرفيم» قد برز بشكل لافت خلال الانتفاضات الفلسطينية المتلاحقة، حيث نفذت العديد من عمليات الاختطاف والاغتيال للعشرات من كوادر وقيادات الفصائل الفلسطينية بكل أطيافها، ولا تتوافر أرقامٌ دقيقة حول ضحايا هذه الوحدات، لكن بحسب كتاب «المستعربون فرق الموت الإسرائيلية» لمؤلفه غسان دوعر فقد اغتال أفراد تلك الوحدات 422 فلسطينياً ما بين عامي 1988 و2004، وكانت أجرأ عمليّة للمقاومة الفلسطينيّة هي تصفية الجنرال إيلي أبرام، الذي أسس الوحدة، حيث تمّ القضاء عليه في معركة شرسة بين المقاومين الفلسطينيين والمستعربين في مخيم جنين في أغسطس 1994. وقد كان لهذا الحدث تداعيات سلبيّة جدًا على كيان العدو ومؤسساته الأمنية. ويظهر بشكل كبير وجود المستعربين داخل سجون العدو، فثمة وحدة تُسمى «متسادا» تابعة ل«مصلحة السجون الإسرائيليّة» مهمتها الأصلية هي السيطرة على أي محتجز داخل السجون التي يقبع فيها أسرى فلسطينيون، وقمع أي اضطرابات معقدة من جانب الأسرى، إلا أن هذه الوحدة تنفذ أحياناً مهمات خارج السجون، كما أنّ أفرادها يدخلون السجون كمعتقلين ويحاولون استدراج «المشبوهين» الفلسطينيين والحصول على معلومات تورطهم في التهم المنسوبة إليهم، وهم يُسمون ب«العصافير». ووفق تقارير العدو الأمنية والصحفية، واستناداً إلى المشاهدات والقرائن على الأرض الفلسطينية، فإن أهم مهمات وأهداف الوحدات الخاصة تتكثف ب«العمل في قلب التجمعات الفلسطينية ولأغراض لا تتوفر في العادة للوحدات النظامية العادية، وتتركز أهدافها على تشخيص واعتقال المطلوبين من قيادات وكوادر المقاومة أو تصفيتهم، وكذلك جمع المعلومات تحت غطاء من السرية المطلقة، وإثارة الفتنة والبلبلة والتشكيك داخل المجتمع والتنظيمات الفلسطينية»، وكما جاء في المصادر العسكرية للعدو، فقد أقيمت الوحدات الخاصة المستعربة «دوبدوبان» و«شمشون» بعد اندلاع الانتفاضة الأولى بأشهر قليلة، عندما تبين لجيش العدو أن الوحدات العسكرية النظامية عاجزة عن مواجهة نشاطات اللجان الشعبية ومجموعات المطاردين، وفي أعقاب تصاعد فعاليات الانتفاضة الفلسطينية، وخاصة العمليات المسلحة، قررت حكومة العدو زيادة عدد أفراد الوحدات الخاصة، وتوسيع نطاق انتشارها، وقد تعزز هذا التوجه بشكل خاص في عهد ايهود باراك كرئيس للأركان، الذي عمل على دمج وجمع وحدات الاستخبارات ووحدات الكوماندوز الميدانية في الوحدات الخاصة، وتعتبر هذه الوحدات حسب إعترافات قيادات العدو الأمنية والعسكرية «رأس حربة الجيش الإسرائيلي في مواجهة الانتفاضة الساخنة»، ولذلك عمد جيش العدو طيلة سنوات الانتفاضات الممتالية إلى «إقامة المزيد والمزيد من الوحدات الخاصة في المناطق الفلسطينية، وعمل باستمرار على توسيعها وتعزيزها بصورة كبيرة، وأخذ ينشر المزيد والمزيد من الوحدات المتنكرة بهدف إطلاق النار على راشقي الحجارة وتصفية كوادر الانتفاضة والمقاومة». وقامت الوحدات الخاصة المستعربة بتنفيذ الإعدامات الميدانية ضد الفلسطينيين بدلاً من اعتقالهم، والسجل الدامي لعمليات الاغتيالات والتصفيات الميدانية التي نفذتها الوحدات الخاصة المستعربة المعروفة بفرق الموت والإعدام الميداني، مليء بآلاف الممارسات والمفارقات الإجرامية وعمليات الاغتيال والتصفية الدموية الميدانية بدم بارد، وان كانت المصادر الفلسطينية وغيرها قد رصدت ووثقت مئات عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين، فإنها لم تشمل بالتأكيد كافة جرائم تلك الوحدات. تستخدم وحدات المُستعربين علامات خاصة في أحذيتهم من أجل ان يتعرفوا على بعضهم البعض أثناء تنفيذ المهمات الخاصة، وكي يضمنوا عدم اصابتهم باطلاقات الشرطة او الجيش وفقاً لما يعرف ب«النيران الصديقة»، وقد تكون هذه العلامات عبارة عن شرائح الكترونية يجري من خلالها التعرف على مكان المُستعرب في حال فقدان الاتصال به، وفي حال عدم استخدام هذه الشفرات في الأحذية فيعني أنهم أستخدموا شفرات أخرى في مُهمتهم على سبيل المثال ارتداء بنطالونات متشابهة أو أغطية للوجه وقبعات متماثلة وغيرها من الشفرات، وهي طُرق تستخدمها بعض اجهزة الشرطة السرية الغربية ومنها الشرطة الكندية. كما تضم هذه الوحدات عناصر وأفراداً فلسطينيين يعملون كعملاء مع العدو، لذا نجد كثيراً من هؤلاء عندما تحضر الكاميرات يقومون بوضع قناع أو ستار من شأنه إخفاء الوجه خوفاً من التعرف عليه وكشفه أمام الكاميرات، وقد ذكرت مصادر العدو أن قوات المستعربين تتلقى تدريبات ودروع لها علاقة بعمليات الخطف والاغتيال ويتدربون جيداً على عادات وتقاليد الناس أو المكان الذي ينوون النزول إليه لتنفيذ عمل إجرامي فيه، وحسب المصادر والمعلومات فإن قوات من جيش العدو تقوم بمساندة المستعربين على مسافة قريبة من مسرح العملية للتدخل في حال اقتضت الضرورة حيث تكون قوات من الجيش بلباسها العسكري ولكن داخل سيارات شبيهة بسيارات الأجرة المزودة بلوحات تسجيل فلسطينية. وتعتبر وحدة المستعربين المعروفة ب "دفدفان" أول الوحدات الخاصة التي عملت في الأراضي الفلسطينية أثناء انتفاضة الأقصى، وعناصر هذه المجموعة تنشط وسط التجمعات السكانية الفلسطينية، لذا من الضروري أن يكونوا من ذوي الملامح الشرقية بحيث لا يثيروا حولهم الشكوك عندما يقومون بعمليات التنكر أثناء توجههم لتنفيذ المهام الموكلة لهم، ومن أجل هذا تستعين هذه الوحدة بخبراء في عمليات المكياج والتخفي للعمل على مدار الساعة مع عناصر هذه المجموعة، ويحرص عناصر الوحدة بشكل خاص على التنكر في زي تجار خضار فلسطينيين يرتدون الزي الشعبي الفلسطيني، ويتنقلون في سيارات مرسيدس " كابينه " وهي السيارة التي يستخدمها التجار الفلسطينيون. كما تعمل هذه الوحدة في الضفة الغربية بشكل خاص. ولا يقتصر عناصر "دفدفان " على جنود الجيش، بل ان شرطة " حرس الحدود " تساهم في مد هذه الوحدة بكثير من العناصر. وقد اغتالت وحدة «دفدفان» مدير جهاز المخابرات الفلسطينية العامة في مدينة حلول العقيد خالد ابو خيران (35 سنة) ومساعده أحمد سمارة (27 سنة)، حيث ذكرت مصادر فلسطينية ان جنود وحدة المستعربين التابعة لقيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال تسللوا الى البلدة في تمام الساعة الثالثة فجراً، حيث أحاطوا بأحد البيوت في المدينة كان يمكث فيه أبو خيران وسمارة، ونجح الاثنان في البداية في التسلل من البيت وحاولا الهرب في سيارة أحدهما التي كانت متوقفة بالقرب من البيت، لكن جنود الوحدات الخاصة اكتشفوهما وأطلقوا عليهما النار عن قرب، الأمر الذي أدى الى مقتل أبو خيران على الفور وإصابة سمارة، وقال شهود عيان أن الجنود سحلوا سمارة وهو جريح وقامت دبابة فيما بعد بدهسه. عمليات خطف قادة سياسين في الخامس عشر من ابريل 2002 حصل "الشاباك" على معلومة فحواها أن القائد الفتحاوى مروان البرغوثي متواجد في بيت صديق له فى رام الله، وكان البرغوثي الذي نجا قبل ذلك بنحو ستة أشهر من محاولة اغتيال، أكبر مطلوب أثناء عملية "السور الواقي"، وقد حاصر جنود من وحدة "دوخيفات" منطقة اختباء البرغوثي، واستُدعيت وحدة "دفدفان" الى المكان لتنفيذ الاعتقال، مع أن رئيس الاركان شاؤول موفاز يعرف جيداً أن هناك خلاف في القيادة العسكرية والسياسية يتعلق بالحِكمة من اعتقال البرغوثي، فقد عبر رئيس "أمان" عاموس مالكا ورئيس لواء البحث يوسي كوبرفاسر أكثر من مرة عن شكوك تتصل بصحة فعل ذلك، وعرف موفاز أيضاً أن وزير الجيش بنيامين بن اليعيزر ليس راضياً عن الفعل، لأن البرغوثي سيكون زعيماً فلسطينياً، وخشى من أن يُقتل في أثناء العملية ويتحول إلى رمز، ولم يُعلِم بن اليعيزر عندما جاءت المعلومة عن مكان وجود قائد التنظيم ، وأبلغه عن العملية بعد أن كان جنود "دفدفان" في ذروة الحصار فقط وفى النهاية تم اعتقال القائد الأسير مروان البرغوثى / أبو القسام على يد قائد فرقة الضفة العميد اسحق غرشون، ويقبع حالياً فى سجن هداريم ومحكوم بالمؤبد مدى الحياة. كما نفذت عناصر "دفدفان" أيضاً معظم عمليات التصفية التي تمت بواسطة إطلاق النار على المستهدفين للتصفية من كوادر الانتفاضة الفلسطينية، كما قاموا بعمليات اختطاف المطلوبين الفلسطينيين لأجهزة الأمن الصهيونية، إلا أن وحدات المقاومة استطاعت الثأر لدماء آلاف الشهداء عبر تصفية مؤسس هذه الوحدة وقائدها الجنرال إيلي أبرام. . الوحدة شمشون بدأت وحدة شمشون العمل في بداية عام 1988، وتلقت الدعم والمساندة من قبل الهيئات العسكرية، وقد حظيت بعلاقة خاصة مع القيادة الجنوبية في الجيش اضافة الى قيادة غزة، فقائد المنطقة الجنوبية في تلك الفترة ماتان فلنائي دخل مرة مستعربا مع اثنين آخرين الى مخيم جباليا، وفي شهر 6/1994 اخليت قاعدة شمشون من غزة الى كيسوفيم، وذلك بعد تنفيذ خطة السلام في ذلك الوقت، وكانت الوحدة قد تم الاعلان عن كشفها للمرة الاولى بتاريخ 21/6/1991 عندما نشرت القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي عنها، وكذلك عن وحدة دوفدوفان في الضفة الغربية، وقد ارسل الى وحدة شمشون ضباط محترفون من وحدات مختلفة في الجيش الاسرائيلي بغرض التدريب، وبعضهم كان في سلاح المظليين، او سييرت متكال مثل الضابط ازولاي الذي سقط بعدها في لبنان خلال عمله مع وحدة اجوز الخاصة، وفي عام 1992 عندما اصيبت الوحدة ببعض الخسائر البشرية، ادخلت تعديلات على منهاج التدريب لوحدة شمشون.و في شهر5/1996 وصل فلنائي وكان في حينها نائب رئيس هيئة الاركان الى قاعدة شمشون في كيسوفيم واعلن عن حلها. يقول فلنائي: قلت لهم: " جئت غاضباً معكم على قرار نائب رئيس هيئة الاركان الذي بنى الوحدة وقرر الآن حلها، لكن هذا هو القرار الصائب ". ويضيف فلنائي " نقلنا جزءاً من أعضاء الوحدة الى وحدة دفدفان في الضفة الغربية لتعزيزها، وقسماً الى وحدة أجوز العاملة على الحدود اللبنانية ". Comment *