مرت الأيام , وانكشف الغطاء , وبرزت الضمائر المخفية والأهداف المتوارية , وتقلبت الوجوه , واتضح المناضل من المنافق , والوطني من السلطوي . لقد أتي اليوم الذي يتهم فيه الوطنيين والأبطال الذي حشدوا الشعب المصري ضد فساد وظلم ظل جاثم علي القلوب عقود طويلة بالخيانة والفساد , في حين يصبح من كانوا يقبلون أيادي وإقدام أركان النظام الفاسد الذي كان يحكمنا هم الأبطال والثوار!! . حقا لقد اختلطت الأوراق , وانقلبت الحقائق . كانت ثوره 25 يناير ثوره شعبيه حقيقية , صحي أبطالها الحقيقيون بدمائهم , وعمل أصحابها من المصرين الشرفاء علي استمرارها ونجاحها , ولكن في النهاية أصبح أعدائها هم المتصدرين المشهد يحركون الشارع المنقاد لهم بقليل من الوعي وكثير من عدم الوعي علي أمل إفشال الحلم . أصبح التعصب هو سيد الموقف , وأصبحت السياسة تمارس كما لو أنها مانش للكره فيها فائز وخاسر , في حين أن المنافسة السياسة ليس فيها خاسر , فالكل من المفترض يعمل لمصلحه الوطن , فمن نال شرف القيادة فبها ونعم , ومن لم يفز فيكفيه شرف المحاولة , ويحاول أن يعمل علي خدمه وطنه في الموقع الذي هو فيه . هذه هي حقيقة الديمقراطية المنشودة , قد تكون هذه أحلام اقرب إلي المثالية خاصة في ظل مجتمع عاش تحت حكم الفساد أكثر من ثلاث عقود مثل المجتمع المصري , هذا بخلاف مشاكل البطالة والاميه والتي تعرقل أي محاولات للنهوض الفكري والمجتمعي . من أخس الأفعال وأحقر الأعمال هو استغلال أرواح البشر ودمائهم من اجل تحقيق مأرب سياسيه وأهداف شخصيه . كان لحادث رفح الإرهابي المأساوي , وسقوط شهدائنا الإبطال من رجال القوات المسلحة وهم يتناولون وجبه الإفطار في شهر رمضان - علي أيدي جماعات إرهابيه لم يعرف هويتها حتى الآن – فرصه سانحة لذوي القلوب المريضة والعقول الرديئة لاستغلال هذا الحادث من اجل تشويه أشخاص وتمجيد آخرين ليس بغرض سوي السعي الدءوب إلي السلطة وزعامة هشة خاوية من أي نضال حقيقي . فكان لعجزهم للوصول إلي رجل الشارع البسيط , وقله حيلتهم لإقناع الغالبية بغايتهم السياسية السبب في إتباع الأسلوب السلبي والأسهل والأيسر وهو تشويه الأخر وشيطنته بغرض فقد هذا الأخر لجزء من جماهيره وإضعافه أمام الرائ العام مستغلا أحداث مأساويه أثرت في قلوب المواطنين . فحقا أنها الانتهازية السياسية !! كان لصعود الإخوان المسلمين إلي قمة المشهد السياسي بوصول الدكتور محمد مرسي إلي رئاسة الجمهورية , بمثابة الكابوس المخيف علي بعض التيارات والأشخاص , وكان لهذا الصعود دور أساسي في تحديد الوجوه وتصنيف الغايات , فاتضح من هو ينتمي للثورة بحق من من كان يستغل هذه الثورة لتحقيق إغراض أخري اتضحت الآن , ومن وقف أمام النظام السابق في ظل قوته وجبروته من من يزعم الثورية علي رغم من تاريخه المعروف والملوث بجميع أشكال النفاق والمهادنة لجميع أركان النظام السابق والذي يحاكم الآن كثير منهم بقضايا الفساد !!!. لكل ثوره مبادئها التي قامت من اجل تحقيقها , ومن ينتمي لهذه الثورة هو من يقتنع ويتبني هذه المبادئ , وليس من يرتدي ثوب الثورة الظاهري من اجل المرور من باب الزمن وخلعه مره أخري لارتداء ثوب أخر مناسب لدخول زمن جديد .!! فمن الطفولة العقلية أن يرتمي أي إنسان منتمي للثورة المصرية – ثوره 25 يناير – في أحضان أعداء الثورة بسبب وصول تيار أو شخص غير متفق معه سياسيا إلي قمة السلطة وخاصة إذا كان هذا الشخص أو التيار قد أتي إلي الحكم في ظل انتخابات شعبيه حقيقية . ومن الغباء السياسي أن يستعين أي إنسان منتمي للثورة بالتيار المناهض للثورة والمرتبط - غالبا - فكريا ونفعيا بالنظام السابق من اجل هدم أول لبنه وضعت في بناء الديمقراطية . فمن يريد أن يحقق مطالب الثورة فعليه أن يكمل المشوار , ولكن من له أهداف أخري من الواجب علينا أن نظهر أمرهم , ونوضح أمام الكافة ثنايا ضمائرهم , والتي في الغالب تهدف إلي مصالح شخصيه ومكانه مفقودة بسبب الوضع الجديد . فنحن الآن ليس في مجال هدم لتجربتنا الديمقراطية الوليدة ولكننا في حاله من التقييم والتقويم للمشهد السياسي الآني , فالشعب المصري الواعي هو الضمانة الحقيقة لعدم توحش أي حاكم في المستقبل أو الانحراف بالحكم عن الطريق السوي , وعلينا الآن أن نعطي الفرصة والوقت لتجربتنا أن تكتمل والبعد عن التصيد وإعلاء المصلحة العليا للوطن عن أي خلاف فكري أو سياسي . احمد خليل الجنايني [email protected] Comment *