قالت شبكة “سويس إنفو” التابع لهيئة الإذاعة والتليفزيون السويسرية، إن الإصلاحات الاجتماعية في المنطقة العربية قاصرة حين افتقدت إلى العدالة الاقتصادية، مشيرة إلى أن الاستقرار السياسي، “تكشّف على أنه استقرار وهْمي، لأنه ارتكَز على الخوف والتّخويف وإرهاب الدولة، وليس على المقبولية وشرعية حقوق الإنسان”. وتوقعت “سويس إنفو” في تحليل إخباري لها اليوم، انتقال تداعيات موجة الاحتجاجات الدموية التي تشهدها تونس، إلى بلدان عربية أخرى عدا دول الخليج من بينها مصر وسوريا ولبنان والأردن، “فالأرجُح أن تصيبها العَدوى التونسية قريباً، لأن الأزمات المشابهة تولد محصلات مُشابهة”، بحسبها. وأوضحت الشبكة أن تونس، التي ربما شهدت للمرة الأولى في تاريخها قِيام شاب من خريجي الجامعات بإحراق نفسه، احتجاجاً على البطالة، دفعت نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي وجد نفسه للمرة الأولى مُضطراً إلى القيام بسلسلة خطوات إصلاحية سريعة لوقف تظاهرات الاحتجاج العفوية، التي تنقلت من حي إلى حي كالهشيم في النار.. وأكدت أن “”كل العرب المشارقة يصلّون من أجل ذلك، وقلوبهم تخفِق فخراً وتضامُناً مع الشبان التونسيين الثّائرين”. وفي الجزائر، لم يكُن المشهد مغايِراً. فالتظاهرات الشعبية التي تلوَّنت في الكثير من الأحيان بأعمال العنف الغاضبة، اجتاحت العديد من المدن من دون أي يبدو أن ثمة قوى حزبية منظمة تقِف وراءها، وهذا أمر أخطَر، لأنه يعني أن أحداً (بما في ذلك الأجهزة الأمنية!) لم يعد يسيطر على الشارع، حتى ولو تأكدت التسريبات التي تحدثت عن صراعات بين أجنحة السلطة تمددت إلى الشارع وفقاً لما ذكرته الشبكة. وعن المغرب، قالت ربما يكون حالة استثنائية بسبب المشروع الناجح الذي طبقته الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية لاستئصال الفقر، بيد أن هذا لا يعني خاتمة الأحزان هناك، مشيرة إلى أن السبب المباشر للاضطرابات الشعبية المتوقعة في البلدان العربية، يتجسد في الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية. محذرة من أن المشهد لا ينتهي عند هذا الحد، قائلة “رغم الإنجازات التي حققتها العديد من الدول، خاصة المغرب والجزائر ومصر، في مجال تقليص معدلات البطالة من 20-30 % إلى 10-15 % الآن، إلا أن دخول ملايين الشبان إلى سوق العمل سنوياً، يُهدد بإطاحة هذه الإنجازات، ما لم تُتخذ سريعاً إجراءات متمثلة بتطوير قطاعات الصناعة والزراعة وجعلها أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، والانتقال من توفير الأعمال جديدة الكمية إلى الأعمال النوعية وانتهاج إستراتيجيات جديدة لخلق وظائف ذات قيمة مُضافة وتطوير مناهج التعليم والتدريب المهني”. وأشارت شبكة “سويس إنفو” الإخبارية إلى أنه من المبكر التنبؤ الآن بما ستَؤول إليه الأمور في تونس وما إذا ما كانت ستتحوّل إلى ثورة سياسية تُسفِر عن قيام أول نظام ديمقراطي في الشرق الأوسط العربي .. ومع ذلك، فإن الأيام القليلة التي عاشها العالم العربي مع الانتفاضة التونسية، كافية لطرح السؤال الكبير فيه: هل بدأت الصراعات الاجتماعية – الطبقية تحل مكان النزاعات الأيديولوجية كأولوية في البلدان العربية؟. وقالت الشبكة في تحليلها “ثمة قانون تاريخي رسّخ أقدامه في الشرق الأوسط منذ ألف عام، قِوامه التالي: كلما انتكس المشرق العربي، انتفض المغرب العربي وأمسك بالمبادرة التاريخية، وهذا على كل الأصعدة، الفكرية والفلسفية والسياسية والإستراتيجية، منوهة ببروز الإمام الغزالي وإغلاقه باب الاجتهاد في المشرق ليعلن “تهافت الفلاسفة” وليليه الأشاعرة، برزت في المغرب العربي كوكبة من كِبار المفكرين أمثال ابن رشد وابن خلدون. وعلى الصعيد السياسي – الإستراتيجي، كان المغرب العربي يزود المشرق بأسُس إمبراطوريات عدة، كانت على رأسها الإمبراطورية الفاطمية التي وصلت منه إلى مصر، مُحقِّقة نهضة علمية وفكرية وعمرانية مشهودة. وتساءلت الشبكة “فهل نحن الآن، في القرن الحادي والعشرين على أبواب “تطعيم” مغاربي تاريخي جديد، لمشرق يتهاوى بشدّة منذ نيف ونصف قرن تحت ضربات التفتيت والاحتلال والانحِباس السياسي والفكري والحضاري؟”، ثم استدركت “انتفاضة تونس الشعبية تشي بذلك، فهذه الانتفاضة التي فاجأت الجميع في توقيتها وشكلها وحجمها، قرعت أجراساً صادحة في كل أرجاء المشرق العربي، ناهيك ببقية دول المغرب، مُبشرة بأن فجراً جديداً ربما ينبثِق مجدّداً لكل الشرق الأوسط العربي – الإسلامي، انطلاقا من الشّرارة التونسية”. مختتمة تحليلها بنصيحة للحكومات العربية باتخاذ ” سياسية شجاعة من جانب سائر الحكومات العربية.. فهل هي في وارِد اتِّخاذها؟ .. وتابعت ” من الأفضل لها أن تفعَل، فحين تصبح الأولوية للصراعات الاجتماعية – الطبقية وحين يُصبح رغيف الخبز مغمساً بالدم، لا تعود الشجاعة مجرد صفة أخلاقية مطلوبة، بل تصبح مسألة بقاء أو لا بقاء، وانتفاضة تونس، المؤشر الأول على هذه الحقيقة “.. مواضيع ذات صلة 1. الشبكة العربية : حكومة “بينوشيه العربي” في تونس تقابل الاحتجاجات السلمية بالرصاص الحي 2. تونس تحجب موقع جريدة الأخبار اللبنانية بعد نشرها لوثائق ويكيليكس 3. موسى: القمة الاقتصادية تبحث في يناير المقبل إقامة سكك حديد لربط كل الدول العربية 4. المنظمة العربية تطالب بتحقيق مستقل في استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في تونس 5. الشبكة العربية تدين نشر 9 صحف مصرية إعلانات تحريرية للدعاية للنظام التونسي