قالت مجلة "فورين بوليسي" أن جنوب السودان إحدى الأماكن القليلة في العالم التي اتفق فيها الحزبان الأمريكيان منذ عام، ووصفتها المجلة بالمعجزة، وكشفت المجلة في تقرير بعنوان "لوبي الدولة الفاشلة" الدعاية المكثفة لجنوب السودان التي تم استخدام الدين فيها والإعلام واستغل أحد الفنانين – جورج كولوني- الذي تبرع بجزء من ماله لمشروع تجسس بالأقمار الصناعية على الأراضي السودانية. بدأت حركة التمرد في السودان بجورج قرنق الذي تلقى تعليمه في أمريكا وأراد تحويل السودان من سيطرة الأقلية في الشمال إلى ديمقراطية شاملة.. وبدأت هذه الفكرة مع ريب دونالد باين الديمقراطي الأمريكي الأفريقي من ولاية نيوجرسي، وفرانك وولف وهو جمهوري من المحافظين من فرجينيا. زار باين جنوب السودان لأول مرة عام 1989 والتقى هناك بسيلفا كير قائد المتمردين، وبنا قاعدة من أنصار الحركة الشعبية لتحرير السودان في أمريكا، وقد صرح أنهم تمكنوا من الحصول على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذا السبب في استمرار دعم أمريكا للحركة. ورأت المجلة أنه لولا الاهتمام الكبير الذي توليه أمريكا لجنوب السودان لما قامت لها دولة ، ووصفت المجلة هذا الاهتمام بأنه علاقة حب مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ورجحت أن ينتهي إلى الألم والحسرة. وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن جنوب السودان منذ 2005 كانت له ميزانية خاصة والحركة الشعبية اعتادت على النهب لثرائها الشخصي، وتركت المشاريع التنموية في حالة إفلاس، واعترفت حكومة جنوب السودان أن المسؤولين السودانيين سرقوا 4 مليارات دولار من الأموال التي من المفترض أن تذهب إلى تطوير الدولة التي مزقتها الحرب، وأضافت المجلة أن الأسوأ من ذلك هو أن هذه الأموال نهبت تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، الذي وافق على الإشراف على عملية السلام. وقالت المجلة أن أمريكا تقدم دعما عسكريا إلى حركة تحرير السودان في الجنوب يقدر بنحو 300 مليون دولار في السنة من أموال دافعي الضرائب، مع ذلك يبدو أن أمريكا ليس لها استيراتيجية في حث زعماء جنوب السودان للإصلاح. وفي تفسير المجلة لهذه الخصوصية التي يحظى بها جنوب السودان في السياسة الخارجية الأمريكية، تقول المجلة أنه في خضم الواقعية السياسية التي تتسم بها الخارجية الأمريكية نجى جنوب السودان وأصبح قضية لا ترتكز على الأمن القومي مثل اعتمادها على المثالية الأخلاقية، خاصة بعد الإبادة الجماعية في رواندا استحال السودان إلى صرخة لحشد الناشطين الدينيين ودعاة حقوق الإنسان ضد الفظائع التي يرتكبها النظام السوداني. ورأت المجلة أن هذا الاعتقاد السائد حمى الحركة الشعبية لتحرير السودان من غضب أمريكا، على الرغم من الفساد، وأشارت المجلة إلى وجود شبكة من المؤمنين بقضية جنوب السودان في الكونجرس والبيت الأبيض، ومراكز البحوث، ووسائل الإعلام، واستمرت هذه الشبكة المؤثرة من الأصدقاء في التأثير والتفاعل مع الجنوب حتى بعد وفاة جون قرنق عام 2005 . وانتقلت المجلة للحديث عن أكثر شخصيتين مؤثرتين في صياغة السياسة الأمريكية حيال الجنوب السوداني، وهما جون برندرجاست وجايل سميث، الذي شارك في تأسيس مشروع "كفى" ضمن مركز التقدم الأمريكي، ووصفته المجلة بأنه الأكثر تأثيرا من بين أصدقاء الحركة الشعبية في أمريكا، واشتهرت هذه المنظمة باسمها ضد الإبادة الجماعية، وكثيرا ما تكون أبحاثه ومعلوماته متاحة للإعلام الأمريكي الذي يستشهد بها باعتبارها تحليلا موضوعيا غير منحاز، حتى في الوقت الذي تعترف به جنوب السودان بسجلها الفقير في حقوق الإنسان، ونقص الشفافية، تمتليء الأوراق السياسية في مركز كفى بدعوات لاتخاذ إجراءات عقابية حيال الخرطوم وتضامن مع جوبا. وفي العام الماضي دعا برندرجاست و مركز كفى لتسليح جنوب السودان بأسلحة الدفاع الجوي. وقالت "فورين بوليسي" أن مركز كفى أعلن العام الماضي عن فرص عمل لمحلل سياسي سوداني، وتولى أحد المستشارين القانونيين للحركة الشعبية في جنوب السودان هذا المنصب. أما برندرجاست تحول إلى ظاهرة إعلامية، يحاول تجنيد المشاهير وفعل ذلك في قضية السودان من خلال جورج كلوني، الذي زار جوبا ثلاثة مرات في العامين الماضيين للدفاع عن قضية جنوب السودان، واجتمع شخصيا مع كير، واستثمر من ماله الخاص لخدمة الأقمار الصناعية في التجسس علنا على السودان، ولكن الأخبار وكلوني وأقماره الصناعية التي تنشر ما يتم على تخوم جنوب السودان تتجاهل انتهاك الاتفاقات الدولية التي تقوم بها الحركة الشعبية لجنوب السودان. ونقلت المجلة عن اليكس دي وال من أبرز الباحثين في جنوب السودان وأحد مستشاري لجهود وساطة الاتحاد الإفريقي بين السودان وجنوب السودان قوله عن الدعم الأمريكي إنه "يجعلهم متهورين" وأضاف ل"فورين بوليسي" "إنهم يعتقدون أن القواعد لا تجري عليهم" وكان هذا السلوك أكثر وضوحا في إبريل، عندما أبدى مسؤولين أمريكيين وأفارقة صدمتهم من الإدانة العالمية للعمليات العسكرية التي تشنها جنوب السودان. يحدث هذا في الوقت الذي يحرض فيه أنصار جنوب السودان من أعضاء الكونجرس ومنظمات حقوق الإنسان أمريكا لاتخاذ مواقف عدوانية حيال الخرطوم، ودفعه لعزل نظام البشير، وأرسل برندرجاست الشهر الماضي بريدا إلكترونيا للكاتب جاء فيه، إذا كانت أمريكا جادة في تأييدها لجنوب السودان، ستساعد المتمردين، في تلك الحركات الاحتجاجية التي يقودها الطلاب في الخرطوم، وأن يكون صوت الحركة الشعبية عاليا لتغيير النظام السوداني. وأكدت المجلة السياسية الأمريكية على أن الحركة الشعبية مدعومة بقواعدها في أمريكا بغض النظر عن المنتصر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أوباما أو روميني. اتفاق الحزب الجمهوري والديمقراطي على دعم جنوب السودان هو السبب في استمراره بغض النظر عن شخص الرئيس المنتخب وانتمائه منذ 2005 كان للجنوب ميزانية خاصة اعتادت الحركة الشعبية نهبها وتركت المشاريع التنموية مفلسة ... كل ذلك تحت سمع وبصر المجتمع الدولي أمريكا تقدم دعما 300 مليون دولار سنويا لحركة تحرير السودان دون حث قادتها على الإصلاح الدعم الأمريكي المستمر يعتمد على "المثالية الأخلاقية" وليس البراجماتية التي تتسم بها السياسة الأمريكية اللوبي المناصر لجنوب السودان في الكونجرس ومنظمات حقوقية يضغط على أمريكا لاتخاذ مواقف عدوانية من نظام البشير