عبرت السلطات الجزائرية الجمعة عن فرحتها بنسبة المشاركة التي سجلت في اول انتخابات تشريعية بعد الربيع العربي والتي بلغت 42,9%، معتبرة إياها "ردا على الذين راهنوا على نسبة مشاركة ضعيفة" شبيهة بانتخابات 2007. ومنذ الإعلان في فبراير عن موعد الانتخابات كرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرارا نداءاته للمواطنين للمشاركة "المكثفة" في هذا الاستحقاق "المصيري". وقال في آخر خطاب له الثلاثاء إن "البلاد على أعتاب مرحلة مصيرية لا خيار لنا فيها إلا النجاح". وكان التحدي الأكبر في هذه الانتخابات، بالنسبة للسلطة كما للأحزاب، تعبئة الناخبين للإدلاء بأصواتهم، بالنظر إلى العزوف القياسي الذي شهدته آخر انتخابات تشريعية سنة 2007 بنسبة امتناع عن التصويت بلغت 64%. وشارك أكثر من تسعة ملايين جزائري من بين 21,6 مليون ناخب في الانتخابات لاختيار 462 نائبا في المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب). وكتبت صحيفة المجاهد الحكومية الصادرة الجمعة في نشرة خاصة أن "الفائز الوحيد" في الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس هو "الشعب". وأضافت "إذا كان هناك فائز في هذا اليوم من ربيع الجزائر فهو الشعب" في اشارة الى الربيع العربي الذي أسقط أنظمة احتكرت السلطة منذ عشرات السنين. وتابعت "الشعب استجاب لنداء الوطن (...) ونسبة المشاركة دليل على الحب الذي يوليه الجزائري لبلده". وفي أول رد فعل للمعارضة، حيت جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في البلاد، "المواطنين والناخبين الذي عبروا عن رأيهم بشكل سياسي وسلمي ولم يستجيبوا للنداءات المعادية للتعبير الشعبي والسلمي". وقال الحزب في بيان "نتفهم عزوف الناخبين السلمي الذي سببه سنوات التزوير والشمولية التي تحتقر الحريات وحقوق المواطنين". كما أكد أنه يسجل "نسبة المشاركة الرسمية" ويندد بستخدام "المال الوسخ" في هذه الانتخابات. وكان التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (19 مقعدا في المجلس السابق)، الحزب الثاني في منطقة القبائل، دعا الى مقاطعة الانتخابات. كما دعت الجبهة الإسلامية للانقاذ المحظورة إلى "عدم تزكية السلطة" بالعزوف عن المشاركة في انتخابات العاشر من مايو. وبعد اطمئنان السلطة إلى نسبة المشاركة تتوجه الأنظار اليوم إلى النتيجة التي سيحققها الإسلاميون الذين قالوا مرات عدة إنهم سيشكلون "القوة السياسية الأولى" في البرلمان المقبل. وأظهرت النتائج الأولية التي أعلنتها الأحزاب تقدم حزب جبهة التحرير الوطني متبوعا بالتحالف الاسلامي "تكتل الجزائر الخضراء". وقال عبد الرحمن سعدي رئيس مجلس الشورى في حركة مجتمع السلم، اهم حزب في التكتل، إن "النتائج التي وصلتني لغاية الخامسة صباحا (00:04 تغ) تعطي جبهة التحرير المركز الأول متبوعا بالجزائر الخضراء". وتابع "حصلنا على 13 مقعدا في الجزائر العاصمة في انتظار نهاية وصول التقارير النهائية". وتضم العاصمة 37 مقعدا. إلا أن النتائج النهائية لكن غير الرسمية في منطقة القبائل أعطت التقدم لجبهة القوى الاشتراكية المتجذرة في هذه المنطقة. ففي تيزي وزو عاصمة منطقة القبائل فاز حزب حسين آيت أحمد بسبعة مقاعد من بين خمسة عشر بينما حصل في بجاية على ثمانية مقاعد من بين 12، ما يجعله القوة الأولى في المنطقة بعد عشر سنوات من المقاطعة. وعادة ما كانت تعلن النتائج في صباح اليوم التالي للانتخابات لكن "تعقيد" الحسابات التي تأخذ بعين الاعتبار "النسبة الاجبارية" للنساء التي يفرضها القانون جعلت العملية هذه المرة تأخذ المزيد من الوقت. وفازت جبهة التحرير الوطني، حزب الرئيس بوتفليقة في انتخابات 2007 بأكثرية المقاعد (136 من 389) وجاء التجمع الوطني الديقراطي لرئيس الوزراء أحمد اوحيى في المركز الثاني ب62 مقعدا بينما حصل الإسلاميون على 59 مقعدا. Comment *