محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    جامعة قناة السويس تصنف من أفضل 6.5 % جامعة عالميا وفقا لتصنيف CWUR 2024    حالات الحصول على إجازة سنوية لمدة شهر في قانون العمل الجديد    تباين أسعار العملات الاجنبية في بداية تعاملات اليوم الخميس 16 مايو 2024    الكيلو ب 285 جنيها.. تموين جنوب سيناء يوفر لحوم طازجة بأسعار مخفضة    وزير الإسكان: توصيل التيار الكهربائي وتشغيل محطة الصرف الصحي ب«بيت الوطن»    نزع ملكية قطعة الأرض رقم «27س» لإقامة جراج متعدد الطوابق عليها    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «الري»: إعادة تأهيل وتشغيل الممر الملاحي لترعة الإسماعيلية بالتعاون مع «النقل» (تفاصيل)    أستاذ طب وقائي يحذر من زيت الطعام المستعمل: مادة خطيرة تدخل في تبييضه    البحيرة: توريد 188 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    رمزًا للحضارة والتاريخ.. «قصر الصخير» مقر انعقاد القمة العربية ال33    رئيس حكومة سلوفاكيا لا يزال في حالة «خطيرة»    بوتين وشي جين يعتمدان بيانا مشتركا حول تعميق علاقات الشراكة    إعلام فلسطيني: شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف وسط مدينة رفح الفلسطينية    في غياب ميسي.. أورلاندو سيتي يوقف انتصارات إنتر ميامي    أخبار الأهلي: موقف الأهلي من التعاقد مع أحمد حجازي في الصيف    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    قائد مانشستر يونايتد يكشف حقيقة رحيله عن الفريق    جدل الامتحانات.. مرادفات محيرة في اختبار اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية    «مترو الأنفاق» يُعلن انتطام حركة القطارات بالخط الثاني    السجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهمين بحيازة 6 طرب حشيش في الشرقية    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الخميس 16 مايو    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    يسري نصر الله يحكي تاريخ السينما في مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث للأفلام القصيرة    الأحد.. الفنان عمر الشناوي حفيد النجم كمال الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس    «الرعاية الصحية»: حل 100% من الشكاوي التي وردت من المنتفعين بالتأمين    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان مشروع إنشاء مستشفى منفلوط المركزي    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيرات للحوثيين في اليمن    مواعيد مباريات اليوم الخميس 16 مايو 2024 في الدوري المصري والبطولات العالمية    ياسمين عبدالعزيز تنشر صورة مفاجئة: زوجي الجديد    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    تطور جديد في قضية سائق أوبر المتهم بالتحرش بفتاة التجمع    شوبير يكشف موقف محمد صلاح من معسكر المنتخب    طريقة عمل دجاج ال«بينك صوص» في خطوات بسيطة.. «مكونات متوفرة»    تنظيف كبدة الفراخ بمكون سحري.. «هيودي الطعم في حتة تانية»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    محمود عاشور يسجل ظهوره الأول في الدوري السعودي    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة نبيل: عن نساء و"صليبيين" وأنا
نشر في البديل يوم 08 - 05 - 2012

بمنتهى التسطيح والتسخيف طلع علينا الشيخ القرضاوي رئيس الاتحاد العالمى للمسلمين بما أسماه بياناً عن موقف البشرية من الإخوان المسلمين ودعوتهم فقال بما يشبه تقارير الفتوى أن من يرفضون دعوة الإخوان إما القوى التى وصفها ب "الصليبية والصهيونية" ( والمصطلح الأول عفا عليه الزمن وصار يقترب كثيرا من الإصرار على العنصرية والهوس الدينى بالمناسبة مثله مثل الإصرار السلفى على استخدام كلمة " نصارى " كأننا نعيش فى القرن الأول الهجرى ولم يمر الزمن.. إنها قصدية تصنيفية متعصبة هدفها التمييز والإهانة).
يقول القرضاوى أن من القوى الرافضة للإخوان تلك الصليبية والصهيونية ..فجعل مجاميع كاملة من البشر مصنفة على أساس دينها فقط وفى حزمة واحدة مهما كانت اختلافات بين هؤلاء وبعضهم البعض بشأن الإخوان أو غيره من مواضيع . وإلى جانب هؤلاء – بحسب الشيخ المحترم – هناك صنف آخر من البشر يجهلون دعوة الإخوان ويبدو من بيانه أنه أميل إلى التركيز على هؤلاء لاستمالتهم وكسبهم للمعسكر الإخوانى منهجا وحياة وسياسة . أما الفريق الثالث كالطرف الثالث يعنى – فهو وإن لم يسمه إلا أنه من الواضح أنه يزدريه إنسانيا وخُلقيا ودينيا ويشجع على ازدرائه وكراهيته ورفضه وقد وضع هؤلاء فى سلة من يرفضون الإخوان لأن الإخوان بفكرهم يمثلون قيودا على حرص ورغبة ذلك الفريق فى الاستمتاع بالملذات المحرمة التي حددها بلغة قروسطية مرة أخرى مشيرا إلى " الخمر والميسر والنساء " . نسى أن يذكر لحم الخنزير وأنواع اللحوم المسموح بتناولها إسلاميا وغير ذلك .
أنا لا أعرف ماذا يضايق أى إنسان من أن يكون أى إنسان آخر لا يوافقه الرأي ولكن بدون أن يكون هذا المختلف ولو كان شاربا للخمر أو زير نساء عنيفا معتدياً أو منافقا ؟ . لست أدعو إلى شئ وأكره ما يضطرنا إليه المتأسلمون من التزام لغة دفاعية كلما كتبنا لأنها ثبت أنها مهما كانت عاقلة هادئة شارحة فأنها لا تغنى عن شتيمتك وتكفيرك ونعتك ب أحقر الأوصاف وإظهار يقين ذهابك إلى جهنم شيئا . سأحاول أن أتحرر من هذا المسلك الدفاعى لكن " بيان " الشيخ المصرى ذكرنى بجملة مكتوبة بشكل متكرر خطها شباب يبدو سلفيا أو إخوانيا على زجاج لافتات الإعلانات بمحطة ميدان التحرير أى مكان " الثورة " وهى محطة مترو السادات كما نعرفها هنا فى مصر . تقول الجملة المتكررة على كل لافتة بقلم فلوماستر : " كاسيات عاريات فى النار " فى إشارة إلى المحجبات اللواتى يرتدين الملابس الضيقة أو يضعن المساحيق الخ . ورغم أن منظر محجبات يتناقض هدف زيهن مع شكله أو درجة الالتزام به كان تستفزنى ويجلعنى أتأمل طويلا إلا أننى صرت أراها دليل عافية لم يكتمل وحرية منقوصة معتدى عليها وفى حالة تململ وتأرجح كما سبق وكتبت فى مقال بعنوان " هواء غير أسود " من فترة قصيرة . تبدو لى حرية مكبوتة " تنتظر " الفرصة المواتية لمجتمع قامت ثورة لتحريره وإقامة العدل فيه – وضمن أسباب أخرى - نفض القيود وحواجز الشكليات عنه كترجمة ملازمة لورعه .
السؤال للشيخ الجليل وغيره من الناس من خارج طائفة رجال الدين : وماذا يعنيك لو أراد أى إنسان أن يذهب لما تسميه النار ؟ . ما شأنك ؟ . إذا كنت أنا أريد الذهاب للنار لا أظننى سألتفت إلى كلامك أو كلام غيرك وسأركز كل جهودى وطاقتى على مهمة الذهاب إلى النار بسرعة سنوات ضوئية .
هل كل ما سيجعل الناس تذهب إلى النار يا سيدى القرضاوى هو ثالوث الخمر والميسر والنساء ؟. محزن أن تصدق هذا أما أنا فلا أصدقه .
هل المسلمون فى بلاد المسلمين لا يفعلون شيئا ليل نهار سوى التحرك فى دائرة ذلك الثالوث بشغف ورفضهم للإخوان نابع من قلقهم على ممارسة ما تراه أنت رذائل وحيدة أو محققة أسميتها " الخمر والميسر والنساء " ؟ . ألم تطرح على نفسك – وكل من يفكر مثلك هكذا – سؤالاً عما يجب أن نفعله لنتقدم لأننا ضجرنا من الانغلاق فى ثالوثات مخترعة وأقاويل قروسطية وفى خيال ينهشه الخوف من أشياء استنمتم إلى حجم تأثيرها .. تخرجونها كل ليلة علينا كعفاريت ما قبل النوم لكى تلاحقنا الكوابيس ونتعطل عن الشعور بأى جمال أو حقيقة عدا ما ترهبوننا به فقط لتظلوا فى حالة سيطرة تمسكون بلجام غير مرئى على أرواحنا وإنسانيتنا وخيالنا وحقوقنا ؟.
لماذا وضع النساء – أى النوع الإنسانى – موضع استخدام كالأشياء الأخرى وتحديدا الرذائل الإسلامية كالخمر والميسر ؟ .. ما هذه المعانى التحريضية على الكراهية والمضمرة فى سلة كراهيتك وارتعابك الفقهى ؟.
تريدون أن يظل وعى النساء بأنفسهن مبتسرا مشوهاً يستعير وعيكم بهن كأدوات للاستخدام وكمنبع للخطيئة والكبائر لكى تبقيهن يا سيدى الشيخ فى حالة السواد والاعتام والشعور المستمر بذنب لم يرتكبنه لمجرد تصدير اتهامك / اتهامكم الذكورى المستمر لهن أنهن " قد " يرتكبن أو يسمحن بارتكاب ذلك الذنب أو الخطيئة .. خطيئة محتملة وهمية طوال الوقت قد لا تحدث ولكن تتم تهيئة وشحن حالة عدوانية مبالغة فى الهيستيريا الرافضة ومن العنف تجاهها ، ذلك العنف الذى ليس مثلها – مجرد احتمال – بل فى جاهزية واستعداد وفوران وشبه ممارسة فعلية حتى قبل بدء أية" خطيئة " .. لأن العنف هو أشياء كثيرة جدا أبرزها التخويف أو التلويح بالقمع أو بتصعيد درجته ونوعه ، التهديد بسلب بعض أو كل الحقوق مثل حق الثقة فى الآخر/ الأخرى وفرض جزاءات تربوية خاصة بالنوع على البنات دون الذكور فى الأسرة العربية والمسلمة بخاصة .. العنف قد يتجلى فقط فى فرض " الفكرة " .. أيا ما كانت وتسييدها بإصرارعلى الآخرين مهما كان عدم اقتناعهم بها أو بالرغم من معرفتك ( كرب أسرة أو كعضو مجلس شعب أو كرئيس دولة ) بعدم اقتناع أو قبول الآخرين بها .
من الواضح أن الخطيئة مرتبطة فى الذهن الشرقى بالنساء فقط كأنما يفعلنها مع أنفسهن .. تبدأ من لمسة يد أو قبلة وتقود – فى متلازمة دينية واضحة التشدد والانسداد – إلى الزنا .
إن لغتك ولغة أكثر الإخوان وحتى أكثر السلفيين يا سيدى القرضاوى هى لغة تكاد تُحمّل النساء وحدهن كامل المسئولية ليس عن الخطيئة بل عن أية " خطيئة محتملة " لم يتم ارتكابها بعد وربما لن يتم . لغة إنذار وتهديد وإرعاب وإدانة مسبقة مستمرة تجعل الوعى العام لدى النساء والرجال والآن يتم ذلك بالنسبة للأطفال حين ننظر فنرى طفلات صغيرات تم تحجيبهن بمنتهى الاغتصاب لطفولتهن .. كل هؤلاء – أقول – رجال ونساء وأطفال يتم انتهاك وعيهم وحواسهم حين يمشون فى الشارع فلا يجدون سوى النسوة المحجبات أو المنتقبات كأنما لا حق للحواس والأعين فى رؤية شئ آخر ، فى التعرف على المختلف . أفكر طويلا هنا فى أطفال المنتقبات . حين يجدون أمهاتهم يضعن الغطاء الأسود على رءوسهن ووجوههن أسأل نفسى .. حين يكون الأطفال صغارا جدا ألا يخافون أول الأمر ويصيبهم الهلع أن هذه ربما ليست أمهن أم تقنعهم أنها " تلعب لعبة " ما معهم ؟ . إن منظر التغطية الكثيفة الكثيرة المزمن يجعل الروح فى حالة انسداد والخيال يحزن . نعم الخيال " يحزن " . أيضاً الإلحاح على الحواس بمنظر واحد يكرس مفهوما ورؤية واحدة عن ما هية " الفضيلة " والأخلاق بحيث يصاب الإنسان ب " صدمة حضارية " حال رؤيته لذراع أنثى مكشوف لو حدث ذلك .. أو يجعله يتأمل " الفاسقات " اللواتى يكشفن شعورهن – بإعجاب مكتوم – لو حدث وسافر الإنسان لمجتمعات غير إسلامية .
يتم ذكر النساء فى آخر قائمة المعاصى والكبائر الشرعية التى حددها القرضاوى بتحذير وتهديد ممل بل وقاتل فى إضجاره لا يتغير .. وعيد أبدى بكلمة معلقة دائما فى كل كلام .. اللغة تهديدية مهينة تُضمر كلمة " النار " وإن لم تصرح بها دائما. أوكيه . هب أن هناك من يريد أن يدخل النار . ما شأنك ؟ . هل تحل دمه وقتها ؟ . نريد ردا واضحا لأن من يقول بهذا وجب وضع قوانين – وتنفيذها لسجنه.
سيدى الشيخ .. ألم يقل لك أحد أنه ليس كل من يرفض الإخوان فكرا ومنهجا بل ويرفض شعار " الإسلام هو الحل " وأزيد حتى من يرفضون تطبيق الشريعة .. ليسوا منحلين ومنحلات بل منهم المحتمشة والمحجبة والمنتقبة ؟ . يبدو أنك لن تستطيع تصديق هذا ! لكن هذه ليست مشكلتنا فلماذا جعلت نفسك داعية لفصيل هو سياسى فى الحقيقة لأننا لا نغتر بأية فروق غائمة متوهمة بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة المصرى . ألا ترى أن لغتك العتيقة مشبوهة بالتحريض على الآخر .. مثل وصفك السابق " صليبى " أو الوصف السلفى للمسيحيين ب " نصارى ". هذا عنف وليس فقط وقاحة.
ما هذا ؟ . هل تقبل أن يستخدم أحد من تسميهم " الصليببين " لغة مسيئة فيعودون إلى مصطلحات أوائل القرن العشرين الميلادى – وليس لغة القرن الأول الهجرى مثلك ومثل السلفية – فيقولون عنا ما كان المستعمرون والمكتشفون الأوروبيون الأوائل يقولونه عن المسلمين من أنهم " محمديون " والتى تطورت إلى " مسلمانيين " قبل أن تخضع للعصر ومفاهيمه ومسميات الإنسان أو الجماعة الدينية عن نفسها : مسملين . ؟
تريدون يا معشر المتأسلمين والمتشددين والمشايخ أن يحترمكم الغرب " الكافر " الذى فى أدب شكسبير كان يرانا هكذا ..كفارا وكما رآنا مجرمو محاكم التفتيش الإسبانى لكنكم لا تحترمون حتى حق الناس فى أن تستخدموا أوصافهم وأسماءهم لتصفوهم !. سأناقض نفسى قليلا فى هذا المقال . أرتضى كلمة " صهيونية " و" صهيونى " بشئ من الإطلاق الرخو فهذا فى تقديرى صراع تاريخى طويل لن يحل إلا بعودة فلسطين وليس إقامة دولة فلسطينية على بضعة كيلومترات مجاورة لفلسطين . أنا أعترف أن لدى مشكلة مع كل ما هو إسرائيلى وبالطبع لا مشكلة عندى مع أى يهودى . أرى أن كل إسرائيلى – حتى من حركة " السلام الآن " مرشح لأن يأتى يوم يصحو فيه ليجد نفسه صار مثل بطل رواية كافكا " تحول " وقد صار شيئا آخر . فى الرواية هو تحول إلى حشرة . فى الواقع أؤمن أن من يرتضى الاستمرار فى العيش فى فلسطين من الإسرائيليين مرشح لمشروع صهيونى استيطانى وقابل لحمل السلاح ضد الفلسطينيين وهكذا . مع هذا أنا قادرة وأرضى بتسمية الإسرائيلى بما يصف به نفسه ويراه " هويته " أو جنسيته دون أن أسميه ب " الصهيونى " إلى أن يثبت لى العكس.
كلنا لدينا تصنيفاتنا لكننا نرهق بعضنا البعض بها أكثر مما تحتمل الحياة . اعترفت بتصنيفاتى القومية فى الفقرة السابقة لكن أرى أن هذا ليس كثيرا بالنسبة إلى غيرى ممن يصنفون الخضروات وأشكال الجمادات مذكر أم مؤنث بحسب موحياتها " الجنسية " لديهم ولا عندى تصنيفات ضد أحد بسبب حرصه على دخول النار أو حرصه المعاكس على دخول الجنة . القضية كبيرة ومثيرة فعلا فنحن نحب أن نظن فى أنفسنا أننا لا نميز على أساس اللون ونكون هكذا فعلا إلى أن نسأل أنفسنا سؤالا : هل أنا قادرة أو راغبة فى الزواج من مواطن أسود البشرة مثلا ؟ . هنا قد أجد نفسى أتأمل بإعجاب الأوروبية الشقراء تماما وهى بمصاحبة ابنها – ولو كان غير شرعيا – من صديقها أو من زوجها الإفريقى . أو أتأمل الأوروبى الذى يفعل مثلها ويتزوج من إفريقية وهو ما أراه باستمرار حين أسافر . أواجه وقتها ضيق معالمى الروحية والسؤال الأزلى : هل كنت سأحب رجلا أسود لو كان ظهر فى حياتى كفتى أحلامى ؟ . لا أدعى شيئا حين أتذكر " تيموثى " الإفريقى الرقيق الراقى الذى كان معجبا بى فى رحلتى لأمريكا وآخر أفرو أمريكى ولكنه مسلم وظل يدعونى على العشاء وأعتذر . ربما كان ممكنا أن أحب تيموثى لولا أننى كنت أحب إنسانا آخر من غير بلدى أو لغتى وقتها .. ولونه لا يختلف كثيراً عن لون بشرتى .
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.