تحت عنوان “فتوات وأفندية” صدر كتاب جديد للدكتور ياسر ثابت عن دار صفصافة للنشر. يسعى الكتاب إلى استجلاء مظاهر العنف وأشكال الجريمة في مصر في الفترة الممتدة بين أواخر القرن التاسع عشر ونهاية النصف الأول من القرن العشرين. ويضم الكتاب جزءا من السيرة المجهولة لمصر في تلك الفترة المهمة التي تشكل فيها الوعي العام، بعد تجارب مؤلمة ونضال مرير مع قوى الاحتلال تارة، وأعوان تلك القوى تارة أخرى. يقدم المؤلف قراءة رصينة وموثقة لحكايات وأسماء الفتوات الذين ملأوا الدنيا صخبا، وكانوا رمزاً للسطوة والهيمنة في الأحياء والمدن على امتداد خارطة المحروسة. بالأسماء والوقائع، نقرأ عن سيرة مجهولة لعدد من فتوات مصر، ومنهم – على سبيل المثال لا الحصر- “محمود الحكيم” فتوة حي الكحكيين بالقاهرة القديمة وكان معه شقيقه “عبده الحكيم”، و”خليل بطيخة” فتوة السيدة زينب، و”عفيفي القرد” فتوة حي بولاق أبو العلا وصاحبه المعلم “أحمد الخشاب”، والمعلم “حسن كسلة” فتوة حي الدرّاسة، إضافة إلى المعلمة “عزيزة الفحلة” وابنها محمد في حي المغربلين. أما إبراهيم كروم فتوة بولاق والسبتية، فلم يكن تفارقه “الحاجة”، وهي الشومة التي اشتهر بها، وكانت وسيلته في فض المعارك، وأداته في التحطيب. انضم إبراهيم كروم للإخوان المسلمين في الأربعينيات، وقبض عليه عام 1954، ضمن الحملة التي طالت الإخوان بعد حادث محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية. الطريف أن الشيخ حسن البنا مرشد عام الإخوان كان يقول عن هذا الفتوة التائب: “لقد كان إبراهيم “فتوة الأشقياء”، فأصبح الآن “فتوة الأتقياء”! كما يفرد المؤلف مساحة مهمة من كتابه لإلقاء الضوء على أشهر جرائم الأفندية في تلك الفترة، بدءاً من النصب والاحتيال، وانتهاءً بالقتل والتعدي على النفس والممتلكات.، ويعود د. ياسر ثابت إلى الصحف والمجلات والوثائق في تلك الفترة ليستخرج للقارىء نموذجا نادرا للحالة الجنائية والاجتماعية لمصر خلال نحو نصف قرن، مثل قصة “اللص الضرير” محمد الشريف الذي ارتكب سلسلة جرائم سرقة في بلبيس، قبل ضبطه متلبسا عام 1932، بعد أن خدع الأهالي وأوهمهم بأنه شيخٌ ينتسب إلى الأشراف. يقدم الكتاب قراءة متأنية في حادثة دنشواي عام 1906، توضح إلى أي مدى ارتبطت مصائر الجلادين بالضحايا، وتحول أركان محكمة دنشواي إلى شخصيات تدفع ثمن الدور الذي لعبته . ويرتبط بهذه الحادثة الخطيرة واقعة أخرى تتعلق بملف أول اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث، ونعني به اغتيال رئيس الوزراء بطرس باشا غالي عام 1910. وبتفصيل دقيق، يتناول الكتاب تلك الحادثة، وملابساتها، ومحاكمة الجاني إبراهيم ناصف الورداني، وكيف تحولت الجريمة إلى مصدر للفتنة والشقاق بين المسلمين والأقباط. وما بين قصص الفتوات وجرائم الأفندية، يقول د. ياسر ثابت عن الكتاب إنه يقدم “صورة بالألوان الطبيعية لمصر خلال خمسين عاما أو يزيد، مع اقتراب أكثر إنسانية من نماذج الجرائم والحوادث التي وقعت وصنعت بدورها مظاهر الخلل الاجتماعي والاقتصادي في وطن كان يرزح تحت الاحتلال، ويدفع ضريبة حربين عالميتين وأزمات اقتصادية واضطرابات سياسية تهب عليه من كل حدبٍ وصوب. مواضيع ذات صلة 1. “صفصافة” تعلن في عيدها عن إطلاق سلسلة روائية شهرية 2. أنباء عن وصول وفد إيراني لضم لاعب الزمالك العراقي عماد محمد 3. مصر التي على القهوة .. رويترز ترصد أوجاع المحروسة في 30 عاما من التراجع 4. درس يوجين يونسكو على مسرح روابط 5. مجلس الأمن يفرض عقوبات على الجماعات التي تمارس جرائم جنسية في الصراعات