عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الذهب اليوم السبت 23 أغسطس 2025 بالصاغة    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    أبطال فيلم "وتر واحد" يشاركون ويجز تألقه على مسرح العلمين    من جلسات التدليك لمنتجعه الخاص، جيسلين ماكسويل تكشف تفاصيل مثيرة عن علاقتها بإبستين وترامب    مباراة النصر ضد الأهلي مباشر في السوبر السعودي 2025.. الموعد والقنوات والتردد    «الشمس هتغيب قبل المغرب».. كسوف الشمس الكلي يظهر في سماء 9 دول بهذا التوقيت    «عايز أشكره».. آسر ياسين يصعد على المسرح خلال حفل ويجز بمهرجان العلمين.. ما القصة؟    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    تفاصيل قطع المياه لمدة 6 ساعات في المنطقة المحصورة بين الهرم وفيصل بالجيزة    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. حسام حبيب ينفى عودته لشيرين.. 3 أفلام جديدة تقتحم شاشات السينما المصرية تباعا حتى أكتوبر.. إيرادات فيلم درويش تتجاوز ال20 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    "حضورك راقي" 11 صورة لزوجة محمد عواد والجمهور يعلق    رئيس أركان الجيش الهندي يزور الجزائر الأسبوع المقبل    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    بهدف رويز.. باريس سان جيرمان ينجو من فخ أنجيه في الدوري الفرنسي    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    وزير الخارجية الأردني: على إسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة والسماح بإيصال المساعدات    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    العملاق مدحت صالح يبدأ حفله بمهرجان القلعة بأغنية "زى ما هى حبها"    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    الإنتاج الحربي يستهل مشواره بالفوز على راية الرياضي في دوري المحترفين    المستشار القانوني للزمالك يتحدث عن.. التظلم على سحب أرض أكتوبر.. وأنباء التحقيق مع إدارة النادي    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    أول تعليق من النني بعد فوز الجزيرة على الشارقة بالدوري الإماراتي    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار فتوات مصر فى "فتواتٍ وأفندية"
نشر في صوت البلد يوم 22 - 12 - 2010

تاريخيًا صنع الفتوات أمن القاهرة في بعض فترات القرن العشرين في غيبة أو بجانب الأمن النظامي، واجتماعياً هم صناع الجريمة في ذلك الزمن، حيث ظلت سيرة هؤلاء مجهولة رغم أن السينما قدمت بعضها بصورة خيالية عبر روايات الأديب العالمي نجيب محفوظ التي غاصت في أعماق حواري القاهرة وشوارعها، وهو النقص الذي عالجه الإعلامي د.ياسر ثابت في كتاب جديد بعنوان "فتوات وأفندية" صدر حديثًا عن دار صفصافة للنشر بالقاهرة، ويسعى هذا الكتاب إلى استجلاء مظاهر العنف وأشكال الجريمة في مصر في الفترة الممتدة بين أواخر القرن التاسع عشر ونهاية النصف الأول من القرن العشرين.
ويضم الكتاب بين دفتيه جزءًا من السيرة المجهولة لمصر في تلك الفترة المهمة التي تشكل فيها الوعي العام، بعد تجارب مؤلمة ونضال مرير مع قوى الاحتلال تارة، وأعوان تلك القوى تارة أخرى، ويقدم المؤلف قراءة رصينة وموثقة لحكايات وأسماء الفتوات الذين ملأوا الدنيا صخبًا، وكانوا رمزًا للسطوة والهيمنة في الأحياء والمدن على امتداد خارطة المحروسة، وبالأسماء والوقائع نقرأ عن سيرة مجهولة لعدد من فتوات مصر ومنهم - على سبيل المثال لا الحصر- "محمود الحكيم" فتوة حي الكحكيين بالقاهرة القديمة وكان معه شقيقه "عبده الحكيم"، و"خليل بطيخة" فتوة السيدة زينب، و"عفيفي القرد" فتوة حي بولاق أبوالعلا وصاحبه المعلم "أحمد الخشاب"، والمعلم "حسن كسلة" فتوة حي الدرّاسة، إضافة إلى المعلمة "عزيزة الفحلة" وابنها محمد في حي المغربلين.
أما "إبراهيم كروم" فتوة بولاق والسبتية، فلم يكن تفارقه "الحاجة"، وهي الشومة التي اشتهر بها، وكانت وسيلته في فض المعارك وأداته في التحطيب، وقد انضم "إبراهيم كروم" للإخوان المسلمين في أربعينيات القرن العشرين، وقبض عليه عام 1954، ضمن الحملة التي طالت الإخوان بعد حادث محاولة اغتيال عبدالناصر في المنشية. الطريف أن الشيخ حسن البنا، مرشد عام الإخوان، كان يقول عن هذا الفتوة التائب: "لقد كان إبراهيم "فتوة الأشقياء"، فأصبح الآن "فتوة الأتقياء".. هذا، ويفرد المؤلف مساحة مهمة من كتابه لإلقاء الضوء أشهر جرائم الأفندية في تلك الفترة، بدءًا من النصب والاحتيال وانتهاًء بالقتل والتعدي على النفس والممتلكات.
ويعود د. ياسر ثابت إلى الصحف والمجلات والوثائق في تلك الفترة ليستخرج للقارئ نموذجًا نادرًا للحالة الجنائية والاجتماعية لمصر خلال نحو نصف قرن، ويجد القارئ في الكتاب مثلاً قصة "اللص الضرير" محمد الشريف الذي ارتكب سلسلة جرائم سرقة في بلبيس، قبل ضبطه متلبسًا عام 1932، بعد أن خدع الأهالي وأوهمهم بأنه شيخٌ ينتسب إلى الأشراف، ولم يكن أهل المدينة يتصورون أن الرجل الذي يتمتم بالأدعية ويضع على رأسه عمامة كبيرة لص عتيد لديه في صحيفته الجنائية ست سوابق.
يقول المؤلف "وبدا واضحًا أن سنوات الحرب العالمية الأولى كان عنوانها كثرة جرائم القتل والحوادث الجنائية، مع انتشار سلطة الأشقياء والخطرين، وقويت شوكة عصابات السرقة، حتى كان أفراد هذه العصابات يسرقون الحبوب من مخازنها فوق الأسطح ويسرقون المصوغات والنقود، وانضم إليهم بعض الخفراء، ولما كثرت الجنايات وتعددت حوادث السطو، اضطرت وزارة الداخلية إلى نشر بلاغ رسمي أمرت فيه المشايخ والعُمد أن يقدموا إلى مأموري المراكز تقارير وافية كاملة يذكرون فيها أسماء الرجال المشتبه فيهم في دائرة محيطهم، وفي نفس الوقت يلاحظون عن قرب جميع التحركات".
ومن رحم الماضي، يستخرج د. ياسر ثابت حكاية مثيرة للغاية عن الرق في مصر قبل 116 سنة، اشتهرت باسم "محاكمة الباشوات"، وهي القضية التي تشكلت بموجبها محكمة عسكرية في 4‏ سبتمبر 1894‏ لمحاكمة كل من اشترك في الجريمة‏:‏ النخاسين والجواري والباشوات‏.‏ استقطبت المحاكمة اهتمام جميع الأطراف، ومن هؤلاء الزعيم الوطني مصطفى كامل الذي انتقد سرعة إجراءات تلك المحاكمة، فيما أرسلت الصحف المصرية مجموعة من مراسليها إلى قاعة المحكمة لموافاتها بتقرير إخباري يومي عن تطورات المحاكمة.
كما أرسلت "لندن تايمز" و"ذي مانشستر غارديان" صحافيين للتغطية الإخبارية، وكذلك فعلت الصحف الإيطالية والفرنسية. وبدت محاكمة الباشوات فضيحة ذات أبعاد دولية، خاصة أن قائمة المتهمين فيها ضمت رئيس مجلس شورى القوانين وعضوين في المجلس وأحد الأطباء المشهورين، كما يقدم الكتاب قراءةً متأنية في حادثة دنشواي عام 1906، توضح إلى أي مدى ارتبطت مصائر الجلادين بالضحايا، وتحول أركان محكمة دنشواي إلى شخصيات تدفع ثمن الدور الذي لعبته والأحكام الجائرة التي صدرت في تلك القضية.
ويرتبط بهذه الحادثة الخطيرة واقعة أخرى تتعلق بملف أول اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث، ونعني به اغتيال رئيس الوزراء بطرس باشا غالي عام 1910. وبتفصيل دقيق، يتناول الكتاب تلك الحادثة، وملابساتها، ومحاكمة الجاني إبراهيم ناصف الورداني، وكيف تحولت الجريمة إلى مصدر للفتنة والشقاق بين المسلمين والأقباط.
وما بين قصص الفتوات وجرائم الأفندية، يقول د. ياسر ثابت عن الكتاب إنه يقدم "صورة بالألوان الطبيعية لمصر خلال 50 عاماً أو يزيد، مع اقترابٍ أكثر إنسانية من نماذج الجرائم والحوادث التي وقعت وصنعت بدورها مظاهر الخلل الاجتماعي والاقتصادي في وطن كان يرزح تحت الاحتلال، ويدفع ضريبة حربين عالميتين وأزمات اقتصادية واضطرابات سياسية تهب عليه من كل حدبٍ وصوب، وحين تتصفح هذا الكتاب ستنتبه إلى تداخل ما هو اجتماعي بأبعاد سياسية وعوامل اقتصادية. وهذا الأمر طبيعي بحكم تأثر البشر بتلك الجوانب مجتمعة، وتأثيرهم العميق عليها في الوقت نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.