هاجر حمزة، خالد عبد المنعم من المدهش أن تكون السعودية، وهي أكبر دولة منتجة ومصدرة للنفط في العالم، ضمن الدول العشر الأكثر بؤسًا اقتصاديًّا. حدود الدهشة رسّمها مؤشر بلومبيرج الخاص بمستوى نمط العيش، وعلى القائمة نفسها وضع المؤشر الأمريكي مصر كأسوأ دولة عربية بؤسًا. وحلت مصر والسعودية ضمن المراكز العشرة الأولى في قائمة مؤشر البؤس الاقتصادي لعام 2018، الصادرة عن وكالة بلومبيرج العالمية، وأظهر المؤشر أن ارتفاع الأسعار يمثل خطرًا أشد قوة على الاقتصاد العالمي من البطالة. مؤشر البؤس الاقتصادي، الذي يشمل 66 دولة، يعتمد على مبدأين، يقومان على معرفة حجم التضخم "انخفاض القيمة الشرائية للعملة"، والبطالة، واللذين يحددان بشكل كبير مدى شعور مواطني الدول بجودة الحياة الاقتصادية. واحتلت فنزويلا المرتبة الأولى في القائمة للعام الثاني على التوالي؛ بسبب معدل التضخم الذي تجاوز 13000%، وجاء ضمن القائمة على الترتيب كل من: جنوب إفريقيا، والأرجنتين، ومصر، واليونان، وتركيا، وأوكرانيا، وإسبانيا، والبرازيل، والسعودية في المركز العاشر. ويأتي دخول السعودية قائمة أكثر عشر دول بؤسًا اقتصاديًّا، بقيمة بؤس بلغت 15.4، بعد أن كانت تحتل الترتيب ال 47 في عام 2014، ثم انتقلت عام 2017 إلى المرتبة 14، لتصل إلى ما وصلت إليه عام 2018، وهو ما يشير إلى أن الاقتصاد السعودي، ورغم وعود الاصلاحات التي حملتها رؤية 2030 وما أثارته من جدل، يسير نحو مزيد من الضغط على المواطنين والمقيمين على حد سواء، خاصة من حيث رفع الدعم الحكومي وفرض مزيد من الضرائب المختلفة، كالضريبة الانتقائية وضربية القيمة المضافة وغيرها من الرسوم المتعددة. تنامي معدلات البطالة يعد عاملًا مهمًّا في مؤشر البؤس الاقتصادي، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو مليون شاب سعودي يبحثون عن وظائف، وقد ارتفع معدل البطالة من نحو 11.5% في عام 2015، إلى 12.3% في عام 2016، وبلغ مع نهاية العام الماضي 12.8%. ويقول خبراء اقتصاد إن المؤشر الأمريكي ما هو إلا عبارة عن خليط بين متغيرين اقتصاديين في غاية الأهمية، أولهما معدل التضخم، والثاني معدل البطالة، والسعودية في السنة الأخيرة، ما قبل فرض الضرائب، سواء ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة الانتقائية والتي تمت على المقيمين الأجانب في السعودية، رفعت من معدل التضخم، ففي العام الماضي كان معدل التضخم بالسعودية تقريبًا سالبًا؛ لأن الأسعار كانت تنخفض فيها، ولكن أدى رفع أسعار البنزين وفرض الضرائب إلى التضخم. ويخشى مراقبون أن مؤشر بلومبيرج لم يعكس الآثار السلبية، التي ستسري على الاقتصاد السعودي، والتي قد تفوق ما يحدث الآن، نتيجة لإجراءات رفع القيمة المضافة وأسعار البنزين، الأمر الذي سيهدد الاقتصاد السعودي بما يعرف ب"التضخم الزاحف"، فارتفاع الأسعار حينها لن يقف فقط عند حد السلع المفروض عليها ضريبة القيمة المضافة. الأمر الآخر، والذي من شأنه التأثير في الاقتصاد السعودي، هو ما يعرف في الاقتصاد بظاهرة الركود التضخمي، وهو ما سيحدث نتيجة فرض ضريبة على المقيمين، ما قد يدفعهم لمغادرة السعودية، والبالغ عددهم 11 مليون مقيم، وهو العدد الذي يشكل ثلث الاقتصاد السعودي، ويعتبر قوة طلب فعالة، قد تهدد بانخفاض أسعار العقارات، والطلب على تذاكر شركات الطيران. وفي تقرير للوكالة بلومبيرج نشرته في نوفمبر الماضي أشارت إلى أن التغيير الذي يقوم به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لن يتماشى مع القدرات الاقتصادية للمملكة، وقد يصطدم مع بيئتها الاجتماعية، وكذلك مع الأسرة الحاكمة التي تخشى من تهمشيها مع هذا التغيير. أما مصر التي حلت في المرتبة الرابعة عالميًّا بقيمة بؤس بلغت 41.7، مسجلة تحسنًا مقارنة بالعام الماضي، الذي حلت فيه بالمرتية الثانية، بسبب تراجع معدل التضخم السنوي إلى 17% في يناير الماضي، مقابل 22% في نهاية العام، لا يزال اقتصادها يعتمد بشكل كبير على الديون الداخلية والخارجية، والتي تضاعفت بشكل ملحوظ. ويقول الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة ل"البديل" إنه لا يثق فى هذه النوعية من التقارير الغربية، التى تحمل مؤشرات خاصة بذاتها، ولا تعتمد على دراسة شاملة وموضوعية، وأضاف أنه لا يعني بذلك أن الأوضاع الاقتصادية المصرية وردية. وأعرب الشريف عن أهمية القراءة الموضوعية لمثل هذه التقارير، مؤكدا أنه لا أحد ينكر أن مصر تواجه أزمة اقتصادية، ولكن علينا أن نقرأ الصورة كاملة، ونرى الأوضاع الاستثنائية التي تواجهها البلد في محاربة الإرهاب والنفقات الباهظة على التسليح والعمليات العسكرية المستمرة الآن على بعد كيلومترات من العاصمة. وفيما يتعلق بمعدلات التضخم والبطالة في مصر، يقول الشريف إن هناك تراجعًا في معدل التضخم السنوي بمصر إلى 17% في يناير الماضي، مقابل 22.3% في ديسمبر 2017. بينما تراجع معدل البطالة إلى 11.3% بنهاية الربع الأخير من عام 2017، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري. ويأتي تقرير بولمبرج، الذى اعتبر مصر الأولى عربيًّا فى البؤس الاقتصادي مع قرار لجنة السياسة النقدية، برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري الخميس الماضي، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض إلى 17.75% و18.75% من 18.75% و19.75% على التوالي، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، ليصبح 18.25% من 19.25 %، وسعر الائتمان والخصم إلى 18.25% من 19.25%.