■ كتب: حسن حافظ بمداد محبة مصر وتراثها المتنوع والعريق، انطلقت رغبة في نفوس مجموعة من الشباب لتوثيق تراث المدن المصرية، والبداية كانت من القاهرة التي تحظى بتراث تاريخى ضخم ومتنوع، فجاءت مبادرة «سيرة القاهرة»، التي تعمل على توثيق المدينة من خلال الوسائط الجديدة من فيديوهات وجولات في المناطق التاريخية بها، فضلا عن تأليف الكتب وكتابة المقالات المدققة. ◄ نشرت عدة كتب عن معالم المدينة وتراثها أبرزها «بيوت القاهرة» و«خطط القاهرة» ◄ مينا زكي: نعمل على التوعية بتراث الإسكندرية وإقامة متحف سيد درويش بجهود ذاتية ◄ عبد العظيم فهمي: نأمل فى استمرار الحلم وأن تنتشر التجربة بكل المحافظات ◄ محمد حزين: نسعى لافتتاح مكان يضم كل تراث الإسماعيلية عبر جمع المقتنيات الشخصية حققت هذه الفكرة انتشارًا كبيرًا للمبادرة بين الشباب والأجيال المختلفة، فانتقلت التجربة إلى الإسكندرية مع تدشين مجموعة من الشباب ل«سيرة الإسكندرية» مطلع العام الجاري، فيما دشنت مجموعة أخرى «سيرة الإسماعيلية» الشهر الماضي، وكل منهما معنية بتوثيق تاريخ المدينة، والتوعية بتراثها عبر تنظيم فعاليات مختلفة لربط الشباب بتراث مدنهم المنسى، حول هذه التجربة الفريدة كان ل«آخر ساعة»، جولة مع مؤسسى السير الثلاث، للتعمق أكثر فى التجربة التى تلقى زخمًا متواصلًا عبر وسائط التواصل الاجتماعي. البداية مع عبد العظيم فهمي، مؤسس (سيرة القاهرة)، الذى قال ل»آخرساعة»، إن المبادرة تأسست فى سبتمبر 2020، بهدف توثيق تراث المدينة بكافة أشكاله وصوره المتعددة المادية واللامادية، والعمل على خلق مساحة توعية للتعريف بإرث المدينة الضخم، والسعى لربط الناس خاصة من الشباب، بالمكان وتعميق مفهوم الانتماء للمدينة، ومخاطبة الأجيال الجديدة بوسائط حديثة مثل الفيديو؛ لتوفير مساحة تفاعلية إبداعية تربط هذه الأجيال بالمدينة وتاريخها العريق بطبقاته المتعددة. ■ مؤسسو المبادرات الثلاث ◄ قصة ومسيرة وأشار فهمى إلى مغزى استخدام مصطلح «السيرة» كعنوان للمبادرة، بأن معنى «السيرة» متعدد فى التراث ويشمل أشياء كثيرة، فيعنى قصة ومسيرة حياة وتراثا شعبيا، فتعدد المعنى وارتباطه فى الوقت ذاته بمعانى التراث المتعددة، يسمح بشمولية فى تغطية الجوانب المختلفة لتراث المدن، وتابع: «نجحت التجربة وأصبح لها أنشطة مختلفة من تمشيات تراثية فى شوارع القاهرة التاريخية بشكل أسبوعي، وإنتاج أفلام وثائقية، وتنظيم معارض وورش، والمشاركة فى إصدار كتب عن المدينة، وكل ذلك بجهود متطوعين». ويبدو أن «سيرة القاهرة» نجحت فى حفر اسمها فى مصاف المبادرات الشبابية المهمة والمعنية بتراث مدينة بحجم القاهرة خلال السنوات القليلة الماضية، عبر العديد من الفعاليات المهمة، إذ نجحت فى تنظيم العديد من الندوات والفعاليات والأنشطة المختلفة مع مكتبة الإسكندرية فى بيت السناري، والتى تدور حول تراث القاهرة ومعالمها المختلفة، فضلا عن مهرجان السيرة السنوى بالتوازى مع ذكرى تأسيسها، والذى يشهد عادة العديد من الأنشطة والفعاليات والمعارض الفنية، كذلك تعاونت المبادرة مع دار المعارف لإصدار سلسلة من الكتب تحمل اسم «سيرة القاهرة»، لتقديم كتب عن المدينة بشكل تاريخي، وصدر منها كتاب «بيت القاهرة»، و»خطط القاهرة». ◄ اقرأ أيضًا | الإسماعيلية تنهي استعداداتها لانطلاق امتحانات الثانوية العامة ◄ أفلام وثائقية لكن يظل الإنجاز الأهم للمبادرة هو إطلاق سلسلة من الأفلام الوثائقية فى 2021 تحت مسمى (من دروبها العامرة)، والتى تتضمن محاولة لتوثيق أحياء القاهرة القديمة وحواريها، بشكل يناسب الأجيال الجديدة والوسائط التى يقبلون عليها عادة، وأصدرت المبادرة ما يقارب العشرين فيلما، منها أفلام عن أحياء الحلمية والسيوفية والحبانية والمغربلين والحطابة وسوق السلاح، كما شاركت المبادرة بفيلمى «ذاكرة الحجر» و«درب قرمز» فى مهرجان القاهرة للفيلم القصير فى دورتى 2021 و2022. وعن فكرة السير المتعددة للمدن وعدم الاكتفاء بمبادرة واحدة تغطى مصر كلها، قال فهمي: «مصر بلد ثرية فى حضاراتها المتواصلة، التى يمكن تشبيهها بالطبقات المتجاورة والمتراكمة فوق بعضها فى تواصل بديع، ولا يمكن لمبادرة واحدة أن تغطى جميع جوانب التراث الغنى فى مصر، لذا كنا ندرك جيدًا أن قدرتنا لن تستطيع أن تتجاوز القاهرة، فى ذلك الوقت كان هناك مجموعة من النشطاء الشباب يعملون منذ سنوات فى الإسكندرية لتوثيق تراث المدينة وتاريخها ونشر التوعية به، وهو الأمر ذاته فى مدينة الإسماعيلية، وكانت كل مجموعة تعمل بشكل منفصل». وتابع: «مع نجاح فكرة سيرة القاهرة وانتشارها، قررت كل مجموعة أن تقتبس الاسم فظهرت سيرة الإسكندرية وسيرة الإسماعيلية، ورغم أن كل مجموعة تعمل بشكل منفصل فى الأساس، إلا أن روح التعاون لنشر التوعية بقيمة المدن المصرية، وزرع الانتماء لها فى نفوس الشباب، جعل عملية التنسيق والتعاون المشترك أساسية ولا مفر منها، وتجعلنا جميعا نأمل أن الحلم يستمر على نفس النسق، وتستمر التجربة الملهمة وتنتشر على يد نشطاء ومهتمين فى مختلف المحافظات، فأتمنى أن نجد مبادرات شبابية فى كل محافظة فى محافظات الصعيد مثلا». ◄ الجولة تأثير سيرة القاهرة انتقل إلى عروس البحر المتوسط، هنا نلتقى بمينا زكي، الشاب السكندرى العاشق لمدينته وتراثها العريق، والذى دشن مبادرة «الجولة» فى مايو 2017، وهى مجموعة لتنظيم جولات فى المدينة وأبرز معالمها، والتى تحولت بداية من العام الجارى إلى مسمى «سيرة الإسكندرية»، وعن هذا التحول يقول زكى ل«آخر ساعة»: «كانت الفكرة فى الأساس هى تنظيم جولات للتعريف بأشهر المسارات التى تضم معالم الإسكندرية، ومع التوسع وانضمام العديد من الشخصيات ذات الاهتمامات والتخصصات المختلفة، قررنا التحول من مسمى الجولة إلى سيرة الإسكندرية، واستخدمنا نفس مسمى السيرة كما القاهرة، لأن التحول الذى تمر به المبادرة يجعل نشاطها أكبر من مسمى الجولة، مع ضخ دماء جديدة، وهنا كان التواصل مع مؤسس سيرة القاهرة عبد العظيم فهمي، والذى رحب بشدة بالاسم الجديدة لنا، فى إطار من التعاون المشترك». ◄ مشاريع تطوعية وكشف مؤسس «ٍسيرة الإسكندرية»، عن أحد المشاريع التطوعية الكبيرة الذى تشرف عليه المبادرة، والتى تتعلق بتدشين متحف فنان الشعب سيد درويش، فبقايا منزله فى حى كوم الدكة بالإسكندرية، والذى تعرض للإهمال على مدار عقود طويلة، فتواصل مع مالك الأرض التى اشتراها من ورثة سيد درويش، وتم الاتفاق على إحياء المنزل من جديد بجهود أهلية كمتحف يخلد ذكرى فنان الشعب، ويخلد مرحلة من مراحل التوهج الفنى فى مدينة الإسكندرية. وأشار زكى إلى أنه من المتوقع أن يتحول بيت سيد درويش إلى مشروع ثقافى متكامل، يضم متعلقات فنان الشعب ومقتنيات مختلفة يتم جمعها حاليًا من قبل محبيه وأسرته، ولكى يكتب للمشروع الاستمرارية تم تأسيس مؤسسة سيد درويش وهى مؤسسة أهلية غير هادفة للربح لكى تتولى إدارة المتحف مستقبلا، كما نجحت السيرة فى تنسيق الجهود للبدء فى ترميم صهريج ابن النبيه الأثرى وطابية النحاسين الأثرية. ◄ سيرة الإسماعيلية إذا تركنا عروس البحر المتوسط وذهبنا إلى عروس القناة، نجد فى انتظارنا «سيرة الإسماعيلية»، ومؤسسها محمد حزين، الذى يقول إن البداية جاءت عندما وجد أن الكثير من المعلومات التاريخية الخاصة بها لا يعرفها أحد، وتابع: «هنا جاءت الفكرة فى الحديث عن تاريخ مدينة الإسماعيلية وقناة السويس، فأسست صفحة «إسماعيلية أماكن وحكايات»، لأنى وجدت أن كل مكان فى المحافظة يستحق أن تروى قصته التى ترتبط بجزء من تاريخ الإسماعيلية ومصر كلها، فبدأت نشر بوستات وفيديوهات قصيرة عن معالم الإسماعيلية، ثم شاركت فى بعض المهرجانات الرسمية بتنظيم معارض صور عن تاريخ الإسماعيلية وتراثها. حزين قال إن تغيير المسمى إلى «سيرة الإسماعيلية»، خطوة تتواكب مع توسع نشاط المبادرة الأهلية، وأضاف: «نستهدف فى الفترة المقبلة جمع الكتب والمجلات القديمة والصور والمتعلقات المرتبطة بتاريخ الإسماعيلية على أمل افتتاح مكان مخصص لعرض تاريخ المدينة وما يتعلق بتراثها أمام الجمهور مع دعوة كل مهتم للمشاركة بمقتنياته عن المدينة وعرضها، لأن الإسماعيلية للأسف ليس لديها مكان يوثق تاريخها العريق». وأشار حزين إلى أن التعاون بين المبادرات الثلاث سيشمل تنظيم ندوات مشتركة، كذلك تنظيم جولات متبادلة بين المدن الثلاث، القاهرةوالإسكندريةوالإسماعيلية، فضلًا عن تبادل الخبرات فى ما بينها، من جهته أكد عبدالعظيم فهمي، مؤسس سيرة القاهرة، على نفس المعنى قائلا: «نسعى لتدوين تاريخ كل مدينة بكل الوسائل المتاحة، حتى نصل إلى تحقيق حلم تكوين مكتبة لكل مدينة مصرية تضم تراثها بأشكال مختلفة وفى مقدمتها الشكل الرقمى الذى يقبل عليه الشباب حاليا، لذا نتمنى أن تنجح المبادرات الشبابية الثلاث فى هذه التجربة وأن تقدم النموذج لبقية الشباب فى مختلف المحافظات الأخرى، لأن الفكرة الأساسية من هذه الأعمال التطوعية هى الحفاظ على تراث مصر الدولة الغنية بتراثها وتاريخها العريق».