ظهرت بوادر انتهاء الأزمة السياسية التي تشهدها ألمانيا منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر الماضي، بعدما وافق الحزب الاشتراكي الديمقراطي برئاسة مارتن شولتس، الأحد الماضي، على تشكيل حكومة ائتلافية مع التحالف المسيحي الذي يضم الحزب المسيحي الديمقراطي بقيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والحزب المسيحي الاجتماعي، لتبدأ أمس الإثنين، المفاوضات للاتفاق على تشكيل ائتلاف ليضع خارطة طريق للحكومة المقبلة التي سوف تقود ألمانيا حتي عام 2021. وجاءت نتيجة التصويت داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بأغلبية ضئلية بعد موافقة 56% من مندوبي الحزب، فوافق 362 من أصل 642 في المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في بون، وفي أحسن الأحوال لن ترى الحكومة الجديدة النور قبل منتصف شهر مارس المقبل، أي بعد 6 أشهر من الانتخابات التشريعية الماضية التي لم تفرز أغلبية واضحة داخل مجلس النواب الألماني. من جانبها؛ رحبت ميركل بموافقة الحزب الاشتركي الديمقراطي، وقالت إنها تسعى لتشكيل حكومة مستقرة، وإن الأمر يتعلق بالاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، كما أوضحت أن المحادثات الاستكشافية السابقة ستمثل الأسس الرئيسية لمفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة. وأعلن مارتن شولتس، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن مفاوضات الائتلاف مع تحالف المستشارة ميركل لتشكيل نسخة جديدة من الائتلاف الكبير ستكون شاقة، قائلا: يجب على حزبي التحالف المسيحي أن يتأهبا لحقيقة أن مفاوضات تشكيل الائتلاف ستكون على نفس القدر من مشقة المفاوضات الاستكشافية. ما بعد الموافقة بعد موافقة الحزب الاشتراكي الديمقراطي على تشكيل تحالف كبير مع حزب ميركل، من المتوقع أن يدخل الحزب في مفاوضات طويلة لمحاولة إجراء تعديلات في الاتفاقية الأولية بين الطرفين، التي تواجه معارضة داخلية، خصوصًا من قبل الشباب بزعامة كيفين كونيرت، الذي يرى أن دخول الحزب في حكومة ائتلافية مع ميركل، سيوجه ضربة قاضية للحزب، داعيًا إلى تشكيل حكومة أقلية بزعامة ميركل. وستبدأ مفاوضات تشكيل الائتلاف الكبير في الأيام المقبلة، كما قالت ميركل، وستكون هذه المفاوضات صعبة، مع إصرار العديد من الأصوات في الحزب الاشتراكي على ضرورة تعديل ما تم التوصل إليه من نتائج في المفاوضات الأولية، فيما يرفض التحالف المسيحي فتح الملفات التي تم الاتفاق عليها. وبالرغم من تعهد رئيسة كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان الألماني أندريا نالس، في كلمتها التي ألقتها في المؤتمر، بأنهم سيفاوضون حتى يجبروا الطرف الآخر على تقديم تنازلات، فإن أي تعديلات إضافية على الاتفاقية التي وقعها الطرفان في المحادثات الاستكشافية، قد تؤدي إلى نقاشات كثيرة مع الاتحاد المسيحي. ومن الاقتراحات التي يطالب شباب الحزب الاشتراكي الديمقراطي بتعديلها، القضايا التي تتعلق باللاجئين، وعقود العمل المؤقتة، بالإضافة إلى ملف الصحة، وبعد انتهاء هذه المفاوضات، يجب أن يصوت أعضاء الحزب على اتفاق الائتلاف إذا تم، وبذلك سيكون لأعضاء الحزب الكلمة الحاسمة فيما إذا كان سيتم تجديد التحالف الحكومي لأربع سنوات قادمة أم لا؟، شريطة أن يصوت أكثر من 440 ألف عضو من أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي على اتفاق الائتلاف حتى يتم تشكيل الحكومة. ومن الصعب التكهن بالمدة التي قد تستغرقها المفاوضات، فهي تعتمد في الأساس على مدى سرعة نجاح الطرفين في التوافق على محتوى اتفاق التحالف الكبير، ففي المفاوضات التي تلت انتخابات عام 2013، استغرق الطرفان مدة 3 أشهر حتى الوصول إلى اتفاق نهائي لتشكيل التحالف الكبير.