"التقاوي" هي أساس الإنتاج الزراعي في مصر، فهي المسؤول الأول عن جودة المحاصيل وكمياتها المنتجة، وهى إما أن تؤمن للمزارع ربحًا وفيرًا، أو تكبده خسائر طائلة، إلا أن مصر وهي دولة زراعية لا تزال تعتمد على التقاوي المستوردة التي تكلف ميزانية الدولة ما يقرب من 150 مليون دولار سنويًّا، على الرغم من توافر المقومات التي تساعد على إنتاج تقاوي الخضر، كالموقع المتميز، والظروف الجوية المناسبة لزراعة العديد من المحاصيل، وخاصة في الشتاء، وتنوع التربة الكبير بما يسمح بتنوع المحاصيل المنتجة، بجانب توافر الخبرة اللازمة للإنتاج المتميز، وتوافر الأيدي العاملة الماهرة بأسعار مناسبة. وكشف تقرير معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية عن مشروع جديد لتطوير محاصيل الخضر الرئيسية وإنتاج الهجن، ويهدف المشروع إلى إنتاج تقاوي هجن مصرية 100% عالية الجودة لمصلحة المزارع، وتقاوم الأمراض؛ للحفاظ على عدم تلوث البيئة بالمبيدات، والمشروع يقوم بتجميع مصادر وراثية محلية وكذلك من بنوك المصادر الوراثية العالمية؛ لاستخدامها في استنباط الهجن. ومن جانبه أكد الدكتور محمد محمود مدير معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية أن إنتاجنا من التقاوي لا يزيد على 30 % من الأصناف التي تزرع محليًّا، لوجود عوائق تقف حائلاً أمام برامج إنتاج تقاوي الخضراوات داخل مصر، كعدم توافر جينات ومصادر آباء وأمهات السلالات لكل صنف، وللتغلب على ذلك تم توقيع بروتوكول تعاون فيى شهر يونيه الماضي مع معهد الأصول والزهور والخضر الصينى في بكين؛ لإنتاج سلالات من تقاوي الخضراوات والتعاون في التدريب، لافتًا إلى أن الإمكانيات المادية مشكلة تقف أمام نجاح إنتاج تقاوي الخضراوات وتحقيق المستهدف منها، وهو ما يتطلب التدخل من رجال الأعمال لتوفير الدعم اللازم لعملية صناعة التقاوي، وفى هذا الإطار هناك عروض مقدمة من بعض شركات القطاع الخاص لإنتاج التقاوي بالتنسيق مع الوحدات الإنتاجية داخل المعهد، والتي تخضع لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث يتم إعطاء الصنف لشركة واحدة لإنتاجه أو لمجموعة شركات حسب بروتوكول التعاون مع هذه الشركات. وأكد مدير معهد البحوث أن توقيع مصر على الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة (اليوبوف) سوف يسهم بشكل كبير في التعاون مع الشركات العالمية، لإنتاج الآباء والأمهات الخاصة بالسلالات لمحاصيل الخضر، وهناك برنامج تم البدء فيه فعليًّا، لإنتاج تقاوي النباتات الطبية والعطرية، وتم إنتاج صنفين من الكركديه الفاتح والغامق، وهناك أيضًا بروتوكول للتعاون مع الحملة القومية للنهوض بإنتاج تقاوي النباتات الطبية والعطرية بمحافظتي بني سويف والفيوم، وذلك لانتخاب وإكثار بعض التقاوي المطلوبة والمستهدفة مثل البردقوش. ومن جانبه قال الدكتور أشرف عبد الله حامد، بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، إن مصر تستورد حاليًّا معظم احتياجاتها من تقاوي الخضر؛ بسبب صعوبة الإنتاج وخاصة تقاوي الهجين، واتجاه شركات التقاوي للاستيراد؛ لخوفها من تحمل مخاطر الإنتاج، لافتًا إلى أن بعض التقاوي الواردة من الخارج أحيانًا تكون محملة ببعض الآفات والأمراض التي تتسبب في انهيار الإنتاج، وبالتالي الارتفاع الجنوني للأسعار، مشيرًا إلى أن مصر من أولى الدول التي بدأت في سن القوانين التي تعتني بإنتاج التقاوي 1922، وكان موجودًا ذلك في بذرة القطن والفول البلدي، موضحًا أن المعهد يعمل حاليًّا على مشروع قومي لإنتاج تقاوي الخضر محليًّا، وهناك مجموعات عمل تعمل على ذلك من مركز البحوث الزراعية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج التقاوي خلال الأعوام المقبلة؛ للحد من الاستيراد. وأكد حامد أن الشركات العالمية المتخصصة في التقاوي والمتحكمة في أسعارها تقوم بإنتاجها في دول العالم الثالث؛ وذلك لانخفاض تكاليف الإنتاج، ثم تقوم بإعادة بيع تلك التقاوي بأسعار مبالغ فيها لا تتناسب مع تكاليف إنتاجها، لافتًا إلى أن تحرير سعر صرف الجنيه أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار التقاوي المستوردة؛ مما تسبب في زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج، وانعكس ذلك على ارتفاع أسعار المنتج المحلي، مما أدى لضعف منافسة المنتج المصري للتصدير مقارنة بدول الجوار التي تنافسنا في التصدير. وأوضح دكتور البساتين أن هناك بعض التحديات التي تواجه التقاوي المحلية، يجب التصدي لها، كغياب الثقة بين المزارع وأماكن إنتاج البذور المحلية، والتي يجب أن تكون ذات إنتاجية وجودة عاليتين، ومقاومة للأمراض والآفات، وتتحمل الظروف البيئية السائدة، لتوفير العملة الأجنبية التي تنفق على استيراد المبيدات والتقاوي، والحفاظ على البيئة من التلوث بالمبيدات، وإنتاج محصول خالٍ من المبيدات، يصدر بأسعار مرتفعة، ويزيد من دخل المزارعين والمصدرين، وتوفير فرص عمل جديدة في مجال إنتاج التقاوي، وتقليل تكاليف إنتاج الفدان بتوفير التقاوي بأسعار مخفضة، توفر المحصول طوال السنة للسوق المحلي والأجنبي.